أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (2-2)














المزيد.....

الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (2-2)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3892 - 2012 / 10 / 26 - 06:45
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



كانت مجاورةُ الصين لروسيا واعتمادُ سياستِها الوطنية في العشرينيات على التحالفِ مع الاتحاد السوفيتي وتشجيع الأخير ومساندته لنمو الحركة الشيوعية المماثلة، وضخامةُ فقرِ الشعب الصيني وظروف التخلف الإقطاعية المروعة، كلها جعلتْ من استيرادِ النموذجِ السوفيتي ممكنا ومؤثرا، وهكذا فإن بدايات الحركةِ الوطنية الصينية البرجوازية المنبثقةِ من تياراتٍ متقاربةٍ راحت تتباينُ بين مؤيدين لروسيا ومؤيدين للغرب، بين طريقِي رأسماليةِ الدولة الشمولية والرأسمالية الحرة الديمقراطية، ويعبرُ وعي ماو عن هذا النقلِ الحَرفي للتجربةِ الروسية في الفترةِ التأسيسية، وفي كتابهِ المُستعرَض المُحَلل هنا وهو(في التناقض)، يعرضُ أشكالَ التناقضِ في الطبيعةِ والمجتمع ثم يأتي لتحديد التناقضات في المجتمع:
(إن التَّناقضات المختلفة من حيث طبيعتها لا يمكن أن تُحلّ إلا بطرائق مختلفة طبيعيا. مثال ذلك أن التَّناقض بين البروليتاريا والبرجوازيّة يُحلّ بطريقة الثَّورة الاشتراكيَّة، والتَّناقض بين جماهير الشَّعب الغفيرة والنِّظام الإقطاعيّ يحل بطريقة الثَّورة الديموقراطية، والتَّناقضُ بين المستعمرات والإمبرياليّة يُحللا بطريقةِ الحرب الوطنية الثَّوريّة، والتَّناقض بين الطبقة العاملة وطبقة الفلاحين في المجتمع الاشتراكي يُحللا بطريقةِ جعلِ الزراعةِ جماعية ومكننتها، والتَّناقضُ داخل الحزب الشيوعيّ يُحل بطريقة النقد والنقد الذاتي، والتَّناقض بين المجتمع والطَّبيعة يحل بطريقة تطوير القوى المنتجة)، في التناقض.
إن التناقضَ الرئيسيَّ في العالم وقت كتابة تلك السطور من قبل ماو هو التناقضُ الذي لا يُحللهُ بين هيمنةِ الدول الغربية على العالم وبين حركاتِ تحرر الشعوب، في إطارِ نمو التشكيلة الرأسمالية العالمية، بين طرفيها المهيمن المتقدم والطرفِ المتخلف المصارع من أجل التحرر ومقاربة تطور الدول الغربية.
أي أن التشكيلةَ الرأسماليةَ هي السائدةُ في عملياتِ الصراع المتعددةِ حسب مستوى التطور الاقتصادي- الاجتماعي للدول، لكن هذا يتطلبُ من ماو وعيا تاريخيا بنمو التشكيلةِ الرأسماليةِ التي استغرقتْ عدة قرون، وهو لم يضعْ هذا بعين الاعتبار، بل هو يلغيه وينحصرُ في الداخل الوطني الصيني ومن ثم يفرضُ صيغتَه الايديولوجية. فالارادةُ الذاتيةُ تلغي العلومَ والقوانينَ الموضوعيةَ للتطور.
حين يقرأ التجربةَ الرأسمالية الغربية يُلخصهَا في عدة سطور، ويؤكدُ تجاوزهَا. في حين ان التناقضَ الرئيسي للبشرية بين الرأسمالية العالمية وشعوب العالم النامي سيظلُ هو التناقضُ الرئيسي في القرنين العشرين والحادي والعشرين، على مستوى الكرة الأرضية، أي التناقض بين الرأسمالية الغربية المتطورة والرأسمالية الشرقية المتخلفة النامية، فلكل مستوى من البشرية تناقضاته الداخلية التاريخية المُعَبرة عن وضعهِ وتطور بناه الانتاجية، فالتناقضُ الرئيسي في الغرب بين البرجوازيةِ والعمال يكتسبُ صفتَهُ هذه من تطورِ القوى الانتاجية الهائل، فيما أن هذا المستوى من الإنتاجِ غير موجودٍ في الشرق، والتناقضُ الرئيسي في الكثير من دوله هو التناقضُ بين بناه التقليديةِ الإقطاعية والقوى الحديثة الطامحة الى تجاوزه.
أي أن قوى الشرق التحديثية تطمحُ الى الصعود الى مستوى الغرب وهي تصارعُهُ في آن.
لكن هذه الرؤيةَ الموضوعيةَ غير ممكنةٍ لدى لينين وماو، بل هما يطرحان تجاوز ذلك والقفز نحو الاشتراكية لكون الدكتاتورية غائرة في الوعي والتنظيم والشخص، وفهمُ التشكيلةِ الرأسمالية وانقسامها غيرُ مستوعبَين في تفكيرهما.
ونظرا لأن ماو تعصبَ لهذه الفكرة فإن هذه الصيغةَ تنبثقُ من وعي شمولي يتحول لجيشٍ ويكررُ الاكتساحَ لكل قوى مغايرة له، ولهذا فإن حل التناقضات كافة يحدثُ بواسطةِ العنف الشامل.
ولهذا يحددُ حلَّ التناقضات حسب إرادته الذاتية، فالحلولُ السابقةُ الذكرِ في عبارتهِ المعروضة أعلاه، تتحولُ لجملةٍ من الحروب، فهي تغدو معاركَ إلغاء ضد البرجوازية الوطنية(حزب الكومينتاج) مُعيدا المثل الروسي نفسه في ظروفٍ مختلفة، وهي ظروف النضال الوطني الديمقراطي، فيقفز للثورة الاشتراكية المفترضة كما يقول، لتتحول لمؤسساتٍ رأسمالية حكومية مهيمنة.
في ظلِ شروط غيابِ الانتاج الرأسمالي المتطور والعمال كطبقة واسعة متطورة وعدم وجود ثورة اشتراكية إلا في وهمهِ الايديولوجي، فإن الرأسماليةَ الحكومية الشمولية تضربُ قوى منتجة وبشرية كثيرة، وتظللا عقودا دولة فقيرة ريفية حتى يتم تنحية وعيه السياسي عن الصين.
إن جميع الجوانب الفلاحية والثقافية الخاصة والمعبرة عن قطاعات ديمقراطية اجتماعية تجرى تصفيتها في روسيا ويعيد ماو نسخَهَا، فيتم ضرب قوى الفلاحين المتوسطين والأغنياء، وهو ما رفضه بوخارين الزعيم السوفيتي داعيا الى التدرج فيعتبره ماو خلال كتابه هذا خائنا حيث يُعدم، وهكذا فإن ماكينةَ الدكتاتورية الشخصية لرموز الاتحاد السوفيتي والصين تشتركُ في وضعِ أسس نظامِ الدكتاتورية في كل من البلدين، وتكلسُ رأسماليةَ الدولة في هياكل بيروقراطية جامدة، ولكن التحولات وضرب جمود ماو في سبعينيات القرن العشرين والتوجه للاقتصاد الرأسمالي والتنوع فيه مع هيمنة البيروقراطية العسكرية والسياسية على مجريات الاقتصاد المتنوع الذي خلق أصحاب ملايين ومئات الملايين من العمال الشديدي الفقر هو أمرٌ يغيرُ جوانبَ من الماوية ولا يلغيها ولا يخلق الاشتراكية.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (1-2)
- الفرديةُ الحرةُ المفقودة
- المحور الإيراني - السوري يطحن بعنف
- الماوية وولاية الفقيهِ (2-2)
- الماويةُ وولايةُ الفقيهِ (1-2)
- قوى توحيديةٌ بين المعسكرين
- تجاوزُ التطرفِ المحافظ
- الأزماتُ والتحولاتُ
- التوحيدُ والتطورُ السياسي (2- 2)
- التوحيدُ والتطورُ السياسي
- سذاجةٌ سياسيةٌ
- البيروقراطية والديمقراطية
- انتهى زمنُ العمالِ الآليين
- كيف تلاشتْ النصوصُ الحكيمة؟
- صراعٌ طائفيٌّ متخلفٌ
- الإخوانُ والرأسمالية الحرة
- الطائفية وتدهور الثقافة
- صراعٌ طائفي إقليمي
- التطورُ الاقتصادي السياسي في الخليج
- الأجهزة والتجارة


المزيد.....




- م.م.ن.ص// 138 سنة مضت والوضع يعيدنا لما مضى..
- ربيع کوردستان، تلاحم المأساة والهبات الثورية
- لماذا لا يثق العمال بقوتهم؟ حركة سلم الرواتب نموذجا
- الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل، مسرحية إجرامية عُرضتْ فوق ...
- سياسيون بحزب العمال البريطاني يدعون لتعجيل موعد الانتخابات ا ...
- بمناسبة اليوم العالمي للسلامة في أماكن العمل
- حزب العمال البريطاني يدعو لانتخابات تشريعية بعد تفوقه في الم ...
- خسائر كبيرة للمحافظين في انتخابات المجالس المحلية وموقف حزب ...
- أول فوز انتخابي لحزب العمال البريطاني قبل صدور نتائج مصيرية ...
- سوناك يترنح ..حزب العمال يسقط المحافظين في بلاكبول ساوث


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالله خليفة - الوعي الفكري عند ماوتسي تونغ (2-2)