أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر حسين - أيكون ، حقا ، هو طيفها ؟0














المزيد.....

أيكون ، حقا ، هو طيفها ؟0


جابر حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3745 - 2012 / 6 / 1 - 17:47
المحور: الادب والفن
    


---------------------------
قبل أسبوع واحد من الآن ، هناك ، في الخلاء البعيد حيث ذهبت لقضاء بعضا من شئون عملي . في أقصي جنوب الولاية ، ولاية سنار المتاخمة لولاية أعالي النيل بدولة الجنوب الوليدة وولاية النيل الأزرق حين تمظهرات الحرب " الأهلية " لا تزال تتري في الولاية والناس ! والوقت ، هو وقت الناس الآن ، بدايات الخريف اللعين ، التي توقفت سحائبه أعلي السماء ، فوق الناس والأشياء والكائنات كلها ، ولم تعد بمطر يأتي في الناس مدرارا خيرا ! يقول الخريف ، أنه لن يهطل في الناس هذا العام ، فقد تعود – هكذا يقول – أن يكون بينهم في مناخات الحرية ، حين لا توجد آليات وأدوات القمع ، فأما الحرية وأما هذا " اليباس " والجفاف و ... سوء الحال حيث تكون سحائبه رهقا وعنتا في الناس و ... حزنا ! هواء بارد – ذلك الصباح – وريح ناعسة تتجول ، بخجل صفيق في أرجاء المدينة ، يااااه ، يدعونها " مدينة " ، لكنها " قرية " كبيرة لم تتجاسر – بعد – لتغدوا صبية في المدائن ... لربما ، هم يدللونها حين يدعونها بالمدينة ! تنام باكرا ، مثل دجاجها وقططها و ... دوابها ، صحبة جارتها الصغيرة التي يسمونها " محبوبة " ، ولم أري منها أيا من صفات المحبوبة ، وكم سألتهم عن أصل التسمية ولماذا ينعتونها بلغة المحبين والعشاق وسط هذا الخلاء الفج ، فما ظفرت منهم إلا بحيرتي و ... دهشتي تلازمني ، فظللت ، في دواخلي ، ساخرا منهم ومنها ، أبتسم بسخرية لها ثم أذهب عنها عند مروري بها ، غاديا أو رائحا ، فالطريق من حيث أقيم وإلي عاصمة الولاية لابد يمر بها ، لكأنها تقسر الناس قسرا أن ينادونها ، كلما مروا بها مجبرين : " محبوبة " !
كنت قد صحوت – كعادتي – باكرا ذلك الصباح ، قبل أن يبدأ مؤذن الجامع المتاخم لسكني في أول الأذان ! نظفت أسناني ، والفجر بدأ لي أنه لايزال في نعاس الكسل الصباحي وتعب الرهق اليومي جراء سعي المعايش الخشن :
" يهد السواعد
يفت المواجد
صراع المعايش
غوايش ... غوايش !".
أستحممت ثم جلست إلي سريري أقرأ في " جدارية " درويش التي ترافقني أينما وليت وجهي . في وسط ذلك الظلام وسكونه اللزج الذي بدأ لتوه ينضوء عنه بعض عتمته لكي يستقبل ضوء الصباح ، فجأة ، أنتبهت : فإذا هي أمامي ، تحيط بها هالة ضوء مشع ، واقفة في مواجهتي بفستانها الكحلي و ... تمد إلي ساعديها وتبتسم ! هي بذاتها حبيبتي الجميلة " السوسنة " ، بملامحها الملائكية التي تمنحني الفرح وتملأ علي روحي ومخيلتي ببهاء طلعتها الوسيمة ! كنت قد فقدت صحبتها ، كانت قد هجرتني ، بأسباب لا أزال أراها صغيرة ليست بذات شأن لتفسد علاقة حب عفية و كبيرة ، وأستعصمت بصمت دبق وهي في هجري ، فأوردتني الحزن والكآبة والشجن المعذب ! بأدلتها تلك النظرات الحري و ... الإبتسام ، فإذا بها تناديني و ... تلوح بيديها وتقول : " تعاااااااال " ! بدأت ، بخطو بطئ ، بثقة ورجاء وأمل كثير ، أخذت أخطو صوبها ، مادا ذراعاي إليها ، وقلبي قد صار شراعا ونافذة مشرعة ، بدأت أقترب كثير إليها و ... أقترب ، لم يكن أمامي من ملامح الدنيا كلها سواها ووجها ! عندما بدأت أشرع في أحتضانها – فجأة – أهتز مني جسدي كله وأرتعش ، رعشات كثيرات متتاليات ثم ذهبت هالة الضوء كلها التي كانت تحيط بها من أمامي ثم حلت ظلمة الليل الحالكة وعتمته أمامي ، لوحة مرعبة ، مليئة بالحسرة والوجع معلقة أمامي !فتحت عيناي ، علي سعتهما ، و ... أنتبهت ! لم تكن " السوسنة " أمامي الآن ، لكني رأيت – بدلا عنها – طائرا صغيرا أبيض في مدي رؤيتي ، يصفق بجناحيه ، لكأنه يودعني ، ويبدأ يذهب عني ، هو الأبيض يذهب الآن في السواد ، في الظلام المحيط ! وجدت نفسي – ويالهول نفسي – مرميا علي وجهي في الخلاء الواقع في مابين برجي الأتصالات الهوائية الضخمة ، ذلك الخلاء الكائن في مدخل المدينة ، وأضواء الصباح بدأت تتسلل ببطء كثير إلي وجه البلة وجسدها ! نهضت من فوري أنفض عن ملابسي ما تعلق بها من التراب وأهرول صوب مسكني ! سمعت المؤذن ينادي في الناس لصلاة الفجر ، وبعضهم يسرع الخطي ليلحق بها ، بينما أنا ، تسرع بي خطاي – وبي دهشة المفجوع جراء تلك الحادثة العجيبة – إلي مسكني ، ولست أدري – بعد – كيف حلت بي " سوسنتي " ذلك الفجر الباكر ، وكيف ذهبت في البعيد ... أيكون ذلك ، حقا ، طيفها ؟



#جابر_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنظر إلي الحداثة من حولي فأتذكره جبرا !0
- للنساء وجوها في الحب !
- و ... عادت السوسنة !0
- بنات الأراضي !
- جسدان و ... نذهب في الندي !
- بركة ساكن و ... تمزيق الأقنعة !
- جسدان في حلم اللذة !
- حنا مينه ، أين أنت الآن ؟
- لماذا قتلت جمانة حداد شهرزاد ؟
- - الوردة في مشارقها - ، في تجليات دلالها و ... أناشيدها !
- حلم الجسد زهور الحبيبة !0
- أتحاد الكتاب السودانيين ينعي البروفيسور عالم الاثار خضر عبد ...
- نقد* أنهض الحزب و ... الوطن !
- الأحزان هي التي غيبتنا !
- كنت الجسد إليها !
- ليلة أرتدي القمر السواد !0
- وهل حاذرتهن النساء يا أمي ؟
- وجع الرحيل ياوردي !0
- راهن السودان في رؤية داعية الحقوق صالح محمود !0
- مقال في وجه أمام جائر يؤدي بكاتبه لبيوت الأشباح * !0


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر حسين - أيكون ، حقا ، هو طيفها ؟0