أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد باليزيد - الفقر، الظاهرة والمؤشرات (2)















المزيد.....



الفقر، الظاهرة والمؤشرات (2)


محمد باليزيد

الحوار المتمدن-العدد: 3744 - 2012 / 5 / 31 - 19:29
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


©©) المؤشرات:
ملاحظة أولية: نظرا لأن موقع الحوار المتمدن لا يحمل الصور والصيغ الرياضياتية، فالمرجو من القارئ العزيز تحميل المقال كاملا من الرابط:
http://www.4shared.com/file/kVOg8ADz/__2.html
تهتم كل المقاربات التي تهدف القضاء على الفقر بمسألة قياس الفقر. فدون معرفة حدة الفقر، المناطق التي تشكو منه أكثر من غيرها، الفئات العمرية أو الجنسية أو الإثنية المعرضة له أكثر من غيرها، .... تطوره والعوامل المؤثرة في ذلك، دون معرفة كل هذا لا تستطيع أية مقاربة التحكم في فعلها قصد محاربة الفقر(8).
تنقسم المقاربات، المهتمة بقياس الفقر، إلى فئتين. الأولى مرتبطة بالنظريات الاقتصادية المسماة نفعية والثانية غير معتمدة على هذه النظرية.
أ‌) مؤشرات المقاربات المرتبطة بالنفعية:
_ بما أن "الانتفاع" الذي يحصل عليه فرد ما مرتبط حتما بما يستهلكه من "خيرات"، كيفما كانت طريقة الاستهلاك، فرفاه/سعادة [welfar bien-être] هذا الفرد مرتبط حتما بقدر ما يستهلك. ولقياس مجمل الاستهلاك ليس هناك طريقة أنجع من تحويل كل "المستهلكات" (سكن، ملابس، خدمات...) إلى "مقدار" قابل للمقارنة والإضافة وغير ذلك، وليس هناك من مقدار يمكنه لعب هذا الدور غير الثمن. ولهذا تنعت هذه المقاربة أحيانا ب"النقدية".كما أن هناك اتجاه يذهب مباشرة إلى منبع القدرة على دفع هذا الثمن، إنه الدخل.
لكن بعد قياس استهلاك، أو بعد التعرف على دخل، كل "وحدة إحصائية" يبقى السؤال: ما هو المقدار الذي يعتبر مَن دونَه فقيرا ومن فوقَه ليس كذلك؟ إنه السؤال حول عتبة الفقر.
هناك نوعان من العتبات لا ثالث لهما، العتبة المطلقة والعتبة النسبية. فالعتبة المطلقة هي مقدار من "الاستهلاك" لا يمكن للفرد أن يحيى بمستوى أدنى منه. وغالبا ما يحدد هذا المقدار بالمنهجية التالية: يحدد القدر اللازم من التغذية للفرد على أساس "الحاجة البيولوجية"، أي الكمية اللازمة من كيلو غرامات الطاقة الغذائية (les kilos calories) حسب الظروف المناخية وعمر الفرد وغيره. ثم يضاف إلى هذا القدر قدر آخر، يناسبه، لتلبية الحاجيات غير الغذائية مثل اللباس والسكن...
وجهة نظرنا أن مقاربة العتبة المطلقة هذه تتخللها هفوات منها:
_ أولا، أن حصر الحاجيات الغذائية للفرد في الحاجيات البيولوجية يعني حصر الإنسان في "الظرف الحيواني". بغل عليه أن لا يستهلك أكثر من الطاقة التي تتطلبها عضلاته لجر الأثقال أو حملها.
_ ثانيا أن تقدير المقدار الكافي للحاجيات الأخرى لا بد وأن يعتمد على ظروف اجتماعية وتاريخية معينة. وهنا نجد أنفسنا، دون أن نشعر، نلجأ إلى مقادير نسبية وليست مطلقة. فتصبح العتبة التي أردناها مطلقة محسوبة اعتمادا على معطيات نسبية.
لكل ما سبق نرى أن . العتبة النسبية، في هذا المجال، أصدق تعبيرا وأدق معنى.
تحسب العتبة النسبية، وغالبا ما يكون المقدار هو الدخل، على أساس دخل نسبة معينة من المجتمع كما يلي:
قبل ذلك أرى أنه علينا أن نحل مسألة بسيطة: إذا كان فرد واحد يعيش منفردا بدخل معين (س مثلا)، فإن أسرة تتكون من خمسة أفراد، الأبوين وثلاثة أطفال، ودخلهم يساوي (س*5)، يعيشون من دون شك في مستوى رفاه أعلى من مستوى الفرد السابق. لحل هذا الإشكال استُعمِل ما يسمى ب"سلم التكافؤ" (l’échelle d’équivalence). فكيف يستعمل هذا السلم؟ الصيغة المستعملة من طرف منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) هي:

حيث (a) هو عدد البالغين في الأسرة و(c) عدد الأطفال. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الوحدة الإحصائية هي الفرد وليس الأسرة. أي أنه في الحالة السابقة
باستعمال هذا السلم سيكون الدخل المكافئ لكل فرد من هذه الأسرة إذن هو: . هذه الأسرة ستحسب إذن خمسة أفراد يعيشون ب كدخل وليس فرد. أما الدخل الذي سيمكن هذه الأسرة من العيش في مستوى رفاه ذلك الشخص فهو طبعا .
لنرجع الآن إلى مسألة تحديد العتبة النسبية. تحصى دخول كل الأسر وتحول، عبر سلم التكافؤ إلى الدخل المكافئ. فالأسرة السالفة الذكر إذا كان دخلها الإجمالي هو (R) مثلا فإن هذه الأسرة تعتبر 5 أفراد تعيش بمستوى الدخل المكافئ لكل فرد.
يحدد الدخل الذي يعيش نصف المجتمع دونه والنصف الآخر بدخل فوقه "الدخل المُنَصِف للمجتمع" (le revenu médian). من هنا تحدد العتبة التي غالبا ما تكون نصف هذا الدخل (نصف المنصف la demi médiane) . غير أنه الآن هناك من يحدد هذه العتبة في 60% مثل (Eurostat) أو (statistique Canada).
بعد إحصاء الدخول وتحديد عتبة الفقر، يمكن الآن حساب المؤشرات.
a) أول المؤشرات وأبسطها هو "نسبة الفقر" بالإنجليزية (headcount ratio) (ومن هنا الحرف H):
حيث n هو العدد الإجمالي لساكنة البلد و q هو عدد فقراء البلد، أي الذين يعيشون بدخل تحت العتبة.
"نسبة الفقر" هذا (المؤشر) رغم أهميته، إلا أنه لا يعطينا سوى معلومة واحدة ولا يفيدنا في معرفة الكثير من أبعاد الظاهرة منها مثلا حدة الفقر أو التفاوت بين هؤلاء الفقراء أنفسهم. لكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذا "النقص" لا يخص فقط هذا المؤشر. فاختزال ظاهرة متعددة الأبعاد في عدد (مؤشر) واحد لابد وأن يفقدها الكثير من إشاراتها.
b) تجاوزا ل"نقص" عدم حساسية المؤشر H للفرق بين الفقراء ودرجة فقر كل منهم، ركب الإحصائيون مؤشرا آخر لعلهم يتجاوزون هذه الصعوبة، إنه المؤشر I (بالإنجليزية (income gap)) :
بحيث عجز الدخل بالنسبة للفقير (i).
z هو الدخل الممثل لعتبة الفقر.
هو دخل الفرد رقم i
q عدد الفقراء
إيجابية هذا المؤشر هي أن كل فقير "يساهم" في المؤشر حسب حدة فقره . لكن هل يعطي فكرة عن نسبة الفقراء إلى مجموع الساكنة؟
لنأخذ مجتمعين و بحيث: و و بالإضافة إلى فرضية أن الفقراء في المجتمعين لهم نفس عجز الدخل أي:
بهذه المعطيات سنجد: رغم أن
يجب أن نشير إلى أن هذه الحسابات صحيحة على أساس مجتمعين مختلفين وليس مجتمع واحد تطور من الحالة 1 إلى الحالة 2.
يقول (ANGELES SOLIZ) (9): "المؤشر I له نقص عدم حساسيته اتجاه عدد الفقراء (ولم يقل نسبتهم) في المجتمع. فقد يتضاعف عدد الفقراء دون أن يتغير متوسط "عجز دخلهم" (مقارنة مع العتبة) (ولن يتغير المؤشر)."
لنحلل هذا القول: في المثال الذي حللنا من قبل غيرنا من نسبة الفقراء، دون أن نغير عددهم، وكانت النتيجة أن المؤشر I بقي ثابتا. الآن علينا أن نهتم فقط بالعدد. لنأخذ مجتمعا في زمنين بحيث:
و الفرضية التي وضع (SOLIZ) هي أن " دون أن يتغير متوسط عجز دخلهم " أي أن
ولأن فبقاء I ثابتة يعني أن:
يفتَرض الشرط أي عدم تغير العتبة. وهذا الشرط غير وارد في قولة (SOLIZ). نستنتج أن هذه القولة (énoncé) غير مضبوطة، ربما أن (SOLIZ) ربما يستضمر في تحليله عتبة مطلقة. وسنحاول في الهامش (17) أن نرى الشروط التي تبقى معها العتبة (النسبية) ثابتة في الشروط التي حددها (SOLIZ).

c) مؤشر سين (Amartya Sen)
سعيا منه لبناء مؤشر أكثر دقة وحساسية اتجاه عدد من أبعاد الظاهرة، اقترح (Amartya Sen) شروطا لا بد من توفرها في كل مؤشر:
_ أكسيوم الرتابة (Axiome de Monotonie): كل انخفاض لدخل شخص تحت خط الفقر لا بد وأن يؤدي إلى ارتفاع مؤشر الفقر.
_ أكسيوم التحويل (Axiome de Transfert): كل تحويل للدخل لشخص تحت خط الفقر نحو شخص أغنى منه لا بد وأن يؤدي إلى ارتفاع مؤشر الفقر. ويضيف (SOLIZ): هذان الأكسيومان يضمران أكسيوما ثالثا وهو:
_ أكسيوم (Axiome de focus): ارتفاع دخل شخص فوق خط الفقر لا يؤثر على مؤشر الفقر. هذا الأكسيوم، يقول (SOLIZ)، مأخوذ من (Zheng(1997)).
لنناقش أولا الأكسيوم الثالث، المستضمر حسب (SOLIZ) في الأكسيومين الأولين: إن ارتفاع دخل شخص فوق خط الفقر يؤدي بالضرورة إلى تغير (في الغالب ارتفاع) لمستوى خط الفقر إذا كانت هذه العتبة عتبة نسبية. وهذا بالضرورة سيغير مؤشر الفقر، نحو الارتفاع لأن عجز كل فقير سيزداد. فالأكسيوم الثالث إذن غير صحيح إلا في حالة عتبة للفقر مطلقة. لكن (SOLIZ) لا يوضح منذ البداية بأنه يعمل بعتبة مطلقة.
المؤشر المقترح من طرف (Sen) هو:

يأخذ هذا المؤشر القيمة (q/n) إذا كان دخل كل فقير هو 0. ولا يأخذ القيمة 1 إلا إذا كان دخل كل فرد في المجتمع منعدما !!(10)
إضافة ضرورية لشرح هذا المؤشر قبل نقاشه، هي أن الفقراء مرتبون من الأكثر فقرا (الفقير رقم 1)، تصاعديا، حتى الأقل فقرا (الفقير رقم q).
_ لماذا 2؟ فقط من أجل أن تكون قيمة S في الحالة القصوى (q/n) وليس (q/2n).
_ لماذا الحد (q+1-i)؟ كلما صغرت (i) كنا بصدد فقير أشد فقرا، كلما كبر الحد (q+1-i). نحن هنا إذن بصدد توزين (pondération) إضافي. وما دام المؤشر I يحمل التوزين ، فهل هذا التوزين الإضافي يحل مشكلة؟ وهل نحن في حاجة إليه أصلا؟
هذا التوزين هو الذي يضمن لنا تحقق الأكسيومين الأول والثاني في نفس الوقت. فالأكسيوم الأول بديهي. ذلك أن ارتفاع عجز دخل كل فقير يرفع من (S). أما الأكسيوم الثاني فالبرهنة على موافقة (S) له هي كالتالي:
لنفترض أن دخل الفقير رقم (i) انخفض بالمقدار (a) لصالح الفقير رقم (j).
أي أن الفقير رقم (i) أفقر من الفقير رقم (j).
هذا التحويل يمكن أن يؤدي إلى حالة من الحالتين:
_ الأولى هي أن يبقى المستفيد من التحويل، رغم ارتفاع دخله، تحت خط الفقر.
_ الثانية هي أن يتجاوز المستفيد خط الفقر. وعلينا أن ندرس الحالتين.
أولا: هذه الحالة كذلك ستؤدي حتما إلى حالة من الحالتين: _ فإما أن يكون هذا التحويل صغيرا بحيث لا يؤثر في ترتيب جميع الفقراء. _ وإما أن يتجاوز حجمه ذلك فيتغير ترتيب بعض الفقراء.
_ الحالة الأولى ضمن الأولى:
الحدود في (S) الخاصة بهذين الشخصين ستتغير كما يلي:

المؤشر (S) إذن يكبر بالمقدار . إذن (S) يحقق الأكسيوم. في حين (I) لا يحقق هذا الأكسيوم. يمكن البرهنة على ذلك بنفس الطريقة.
_الحالة الثانية، حسب ترتيب الفقراء، ستتكون من حالتين. وسندرسها في فقرة مؤشر تون.

d) مؤشر (Thon (1979)).
لاحظ (Thon) [ما يزال الكلام مقتطفا من SOLIZ] أن أكسيوم التحويل يمكن صياغة صيغتين منه، سمى الأولى "أكسيوم التحويل الضعيف" والثانية "أكسيوم التحويل القوي". صفة الضعف والقوة مرتبطة بالأكسيوم وليس بالتحويل.
_ أكسيوم التحويل الضعيف (Axiome faible de transfert).
كل تحويل تراجعي (11) حيث يبقى المستفيد تحت خط الفقر يزيد (هذا التحويل) من مؤشر الفقر.
_ أكسيوم التحويل القوي (Axiome forte de transfert).
في جميع الحالات يجب أن يؤدي التحويل التراجعي إلى زيادة مؤشر الفقر.
ثم لاحظ (Thon) أن مؤشر (Sen) يحقق فقط الأكسيوم الضعيف ولا يحقق الأكسيوم القوي. ذلك أنه إذا أدى التحويل إلى أن يتجاوز المستفيد خط الفقر، فإن أول نتيجة على المؤشر، هي أن عدد الفقراء (q) سينقص (بواحد على الأقل). وهذا سيؤدي إلى نقصان المؤشر (S).
لنتأكد من ذلك:
€) لنفترض أن التحويل التراجعي حصل بين الفقيرين رقم (q-1) و (q) بالقدر المالي (a) وأن المستفيد تجاوز خط الفقر.ومع افتراض أن عتبة الفقر لم تتغير، وهذا الافتراض على ما يبدو يستضمره (SOLIZ) في كل بحثه ربما يعمل بعتبة مطلقة. ومع افتراض كذلك أن دخل الفقراء الآخرين وترتيب كل الفقراء لم يتغير. سيتحول المؤشر (S) من القدر:

إلى القدر:

بضرب طرفي المتساويتين في نفس العدد (بالنسبة لكل متساوية) ثم بطرح متساوية من أخرى سنحصل على:

. ثم:


يمكن أن نعتبر (q) كبيرة نسبيا بحيث يمكن اعتبار (q) و(q-1) جد متقاربين فنحصل على المتساوية:
أو

وبما أن التحويل ساعد المستفيد على تخطي عتبة الفقر فإذن نستنتج أن
مؤشر الفقر كبر مما يعني أنه، في هذه الحالة، مؤشر سين يحقق الأكسيوم القوي.
€€) لنفترض الآن أن التحويل حصل من الفقير رقم (i) نحو الفقير رقم (q) مع البقاء على ترتيب الفقراء كما هو. سنحصل على ودائما
€€€) لنأخذ الآن الحالة العامة حيث:
_ تم التحويل، بالقدر (a) من الفقير رقم (j) نحو الفقير رقم (k).
_ المستفيد من التحويل، الفقير رقم (k)، تجاوز خط الفقر.
_ الفقير رقم (j) صار ترقيمه (i) بحيث:
بهذا سيكون التغيير الحاصل في الترتيب هو كالتالي:

الفقراء المرتبون، قبل التحويل، ما بين (i) و (j-1) ستزداد رتبتهم ب1، وهكذا. هذا التغيير في الترتيب يعني أن:


سوف نكتب من (S) فقط الحدود التي سيطرأ عليها تغيير :



بعد التحويل سنحصل على:



ثم:


استنتاج أن الفرق سالب أم موجب، انطلاقا من هذه المعادلة يستلزم برنامجا رياضياتيا. لذا سنترك الخوض في هذه المسألة لمن يستطيعه مشكورا.


كي يحقق مؤشر سين "أكسيوم التحويل القوي" اقترح (Thon) تحسينه ليحصل على المؤشر المسمى باسمه، (L’indice de Thon) والذي صيغته كما يلي:


وبنفس الافتراضات التي افترضنا للتأكد من أن مؤشر سين يحقق "أكسيوم التحويل القوي" سنعمل لكي نتأكد من أن (Thon) فعلا أتى بالحل:
الحالة الأولى من الأولى:
قبل التحويل المؤشر هو:

بعد التحويل حسب الشروط العامة التي طبقنا على (S)، أي:

سنحصل على:

هل الفرق سالب أم موجب؟ نفس الملاحظة كما بالنسبة لمعرفة إشارة .

e) مؤشر الفقر القابل للتجزيء، مؤشر (Foster, Greer et Thorbecke)
لقد لاحظ الإحصائيون الثلاثة (Foster, Greer et Thorbecke) ضرورة تفييء المجتمع إلى فئات، حسب المناطق أو السن....، وحساب مؤشر الفقر لكل فئة ثم بعد ذلك حساب كيف يساهم فقر كل فئة (مؤشرها) في مؤشر الفقر للمجتمع ككل. هذه الضرورة نابعة من ضرورة "عزل" الفئات قصد استهدافها بالكيفية المناسبة عند إنزال برامج محاربة الفقر على أرض الواقع. وقد لاحظ هؤلاء الباحثون أن المؤشرات السابقة لا تستجيب لهذه الضرورة.
لقد قدم الباحثون أكسيومين (اثنين) على كل مؤشر أن يحققهما كي يستجيب للضرورة السابقة. هذان الأكسيومان هما:
_ أكسيوم (Axiome de consistance aux sous-groupes):
مؤشر فقر مجتمع مفيأ إلى عدة فئات (m مثلا) لا بد أن يكبر إذا ما زاد فقر ولو فئة واحدة مع بقاء فقر الفئات الأخرى ثابتا.
محتوى هذا الأكسيوم يشبه محتوى أكسيوم الرتابة (Monotonie) مع فرق أن الأخير(الرتابة) يهتم بالأفراد في حين الأول يهتم بالمجموعات. أكيد أن الأكسيوم الذي يهتم بالمجموعات هو الذي يشمل الآخر وليس العكس.
_ أكسيوم التجزيء (Axiome de décomposition):
مساهمة المؤشر الخاص بكل فئة في المؤشر الكلي يجب أن تتناسب مع مساهمة هذه الفئة، عدديا، في المجتمع.
مع
مؤشر فقر الفئة رقم (j) و مؤشر فقر المجتمع ككل. فاقترحوا مجموعة المؤشرات المعروفة بمجموعة (FGT)والتي هي كالتالي:


بالقيمة نحصل على المؤشر (H)، أي نسبة الفقر. وبالقيمة نحصل على المؤشر (I) العجز المتوسط لدخل الفقر ويسمى مؤشر عمق الفقر (profondeur de la pauvreté). وبالقيمة نحصل على المؤشر ( ) المسمى مؤشر حدة الفقر (sévérité de la pauvreté). كلما ارتفعت قيمة الباراميتر(le paramètre) () كلما كان التركيز على الأشد فقرا.
فلنتأكد من تحقيق هذه المؤشرات لللأكسيومين:
لنأخذ مجتمعا مفيأ إلى فئتين مثلا.

المجموعة عدد الساكنة عدد الفقراء عتبة الفقر
G1 n1 q1 z1
G2 n2 q2 z2
المجموع n q z
Z طبعا ليس مجموعا وإنما متوسط.
المؤشرات الجزئية ستكون كالتالي:
و
جمعهما موزونين بنسبة كل فئة في المجتمع هو:
ستعطينا:

كي نجمع هذين الحدين في صيغة واحدة نحتاج إلى تحقق الشرط فتكون النتيجة هي:
ماذا يعني الشرط، ،؟ يعني أننا حين نسعى إلى تحديد الفقراء في مجموعة من المجموعات فإننا نأخذ العتبة المحددة على صعيد المجتمع ككل وليس عتبة لكل مجموعة. وهذا أمر مرغوب.
لقد بُحث عن (I) لتجاوز نقص (H) ثم عن (S) لتجاوز نقص (I) ثم عن (T) لتجاوز نقص (S). وفي الأخير كانت النتيجة هي تبني مجموعة المؤشرات الثلاثة. لماذا لم يتم التوصل إلى مؤشر واحد لتجاوز عيوب كل المؤشرات السابقة؟ الجواب في نظري هو، كما سبق وأن أشرت، أن مؤشرا واحدا كيف ما كان سوف يعجز عن إبراز كل أبعاد الظاهرة في آن واحد. النتيجة؟ المؤشرات ليست سوى (H) مع و (I) مع ثم ( ) لقياس حدة الفقر.
ب‌) مؤشرات المقاربة غير النفعية:
لقد سبق أن أشرت في المقالات الأربع "المؤشرات الاقتصادية الاجتماعية" إلى العديد من هذه المؤشرات. ومنها على سبيل المثال مؤشر التنمية البشرية (IDH) ومؤشر الفقر البشري (IPH) الذين يعتمدهما برنامج الأمم المتحدة للتنمية (PNUD) وجهات أخرى وكذا المؤشر (BIP40) المعتمد في فرنسا خاصة من طرف المنظمات غير الحكومية.
هنا، في هذا المقال، سأحاول التركيز على مقاربة جديدة لمناقشتها. هذه المقاربة هي، كما أشرت سابقا، بناء المؤشرات عبر درجة تلبية الحاجيات الأساسية. (DEGRE DE SATISFACTION DES BESOINS ESSENTIELS (DSBE))(12)
تعريف الفقر من طرف الوثيقة: "حسب هذه المقاربة، ما ينقص شخصا ما، أو أسرة ما، كي لا يعتبر فقيرا، ليس هو "الانتفاع" (l’utilité) (13)، ولا "المهارات والكفاءات أو القدرات" (les habiletés ou les capacités humaines) (14)، وإنما مجموعة صغيرة من الحاجيات المتعارف عليها كضرورية، في هذا المجتمع، للعيش حياة كريمة."
هذه المقاربة طُبِّقت لأول مرة في النيجر، وفي تقديمها، أي تقديم المبررات الداعية إلى البحث عن مقاربة جديدة، تقول الوثيقة:
"لقد تبين أن الأبحاث (والإحصائيات) القديمة المتجهة نحو ميزانية الأسر، دخلها ومصاريفها، تكلف مالا ووقتا كبيرين، الشيء الذي يؤخر تدخل الفاعلين السياسيين."
"هذه المنهجية [نعتناها أحيانا بالمقاربة] تسعى إلى دمج إيجابيات كلا من المنهجيتين الكمية والكيفية (qualitatives et quantitatives) من أجل فهم وتحديد الفقر وكذا تحديد طريقة القضاء على الفقر المتناسبة أكثر وتطلعات الساكنة المعنية."
"إنها طريقة جديدة لا تحمل أي تحديد مسبق للفقر، طريقة تشاركية حيث الساكنة المستجوبة هي نفسها من يحدد مؤشرات الفقر."
وبعد ذلك بعدة صفحات تضيف الوثيقة: "..... هكذا، يمكن اعتبار هذه المنهجية مقاربة ديمقراطية تأخذ بعين الاعتبار رأي الفقراء [بالذات]."
كيفية تحديد المؤشرات:
جمع المعطيات: في البداية، تحدد "عينات مثالية"، ممثلة للجهات والفئات الاجتماعية والاقتصادية. (ص48) المطلوب من هذه العينات أن تحدد لائحة، مؤقتة، للحاجيات الأساسية(15). بعد هذا، تعرض هذه اللائحة على كل الساكنة مصحوب، كل عنصر فيها، بالأسئلة التالية:
_ هل تعتبر هذه الحاجة أساسية لا يمكن العيش، حياة كريمة، دونها؟
_ في حالة الجواب بنعم، هل تلبى أسرتك حاجتها هذه؟
_ في حالة الجواب بلا، السؤال : ما هو القدر الضروري من المال الذي يُمَكِّنك ، سنويا، من تلبية هده الحاجة؟
تحليل المعطيات المحصل عليها:
*) أولا تحديد اللائحة النهائية للحاجيات الأساسية: تعتبر حاجة أساسية الحاجة التي حازت على تأكيد أكثر من 50% من المستجوبين عليها.
**) ثانيا حساب "مدى تلبية" (le score composite de DSBE) (16) كل أسرة للحاجيات الأساسية.
***) تحديد عتبة الفقر.
****) إنشاء خريطة الفقر (établir le profil de pauvreté).
**) حساب مدى التلبية لدى كل أسرة (le score composite de DSBE):
- تعتبر فقط الحاجيات التي قبلت من طرف أكثر من 50% من المستجوبين.
- تُوَزَّن كل حاجة بوزن هو نسبة الساكنة التي اعتبرتها حاجة أساسية. فمثلا إذا كانت نسبة الساكنة التي اعتبرت هذه الحاجة أساسية هي 90% فوزنها هو (0,90). يحتسب هذا المدى بالصيغة التالية:
حيث:
هو وزن (poids) الحاجة (i)
إذا صرح رب الأسرة بأن أسرته تتوفر على/تلبى هذه الحاجة و في حالة العكس.
عدد الحاجيات المعتبرة أساسية.
لنوضح هذا عبر الجدول التالي كمثال:
مثال احتساب "مدى التلبية" (le score) لأسرة معينة:




الحاجيات المؤكدة من طرف أكثر من 50% نسبة المستجوبين المؤكدين هذه الحاجة وزن هذه الحاجة وضع الأسرة بالنسبة لهذه الحاجة مدى الاستجابة

الحاجة رقم 1 90% 0,90 1 0,90
الحاجة 2 75% 0,75 0 0
الحاجة 3 80% 0,80 1 0,80
.......... ............ ............. ........... ..........
المجموع (للأسرة)







تجدر الإشارة إلى أن الحاجة الأساسية الغير قابلة للتطبيق على أسرة ما، تسقط من الحساب فيما يخص هذه الأسرة. مثلا قدرة شراء المستلزمات الدراسية بالنسبة لأسرة لا أطفال لها في سن التمدرس.
***) عتبة الفقر:
لقد حددت بعض الدراسات السابقة (Davies et Smith, 1998 مثلا)، المعتمدة هذه المقاربة (DSBE)، حددت عتبة الفقر في عدم تلبية حاجة واحدة فقط من الحاجيات المؤكدة من طرف 50% على الأقل. وقد لاحظنا، تقول الوثيقة، أن هذا يمكن أن يكون صحيحا/دقيقا، إذا غطت الدراسة مجالا جد منسجم وضيق شيئا ما بحيث تعريف/تحديد "الحاجيات الأساسية" يكون أقل تأرجحا. ذلك أنه كلما كانت اللائحة (لائحة الحاجيات الأساسية) طويلة وكلما كان المجال أقل تجانسا، كلما ازدادت احتمالات أسرة ما (كل أسرة) كي تعتبر فقيرة، دون أن تكون فقيرة فعلا.
لكل هذه الاعتبارات، تضيف الوثيقة، يمكن اعتبار كل أسرة تلبي أكثر من 80% من الحاجيات غير فقيرة (Mack et Lansley, 1985). إذن فكل أسرة يقل مدى تلبيتها عن 80% تعتبر فقيرة.
****) إنشاء خريطة الفقر:
تجميع معطيات الخانة الأخيرة من الجدول السابق، الخاص بكل أسرة، هو ما يعطينا بالضبط خريطة الفقر. فنسبة الفقر هي نسبة الذين يقل مدى تلبيتهم عن العتبة 80%. وتجدر الإشارة إلى أن وحدة الإحصاء هي الفرد وليس الأسرة. لذا يجب تحويل الأسر إلى أفراد عبر سلم التكافؤ.
كما يمكننا استغلال هذه المعطيات من أجل معرفة الفئات المجتمعية أو المناطق الأكثر تعرضا للفقر وكذا مساهمة كل فئة في مؤشر فقر المجتمع وذلك بحساب مجموعة المؤشرات( ) انطلاقا من معطيات الجداول. ... إلخ
أما الفئة الأشد فقرا، أو التي تعيش فقرا حادا، حسب تعريف هذه الوثيقة، فهي بكل بساطة 50% الأكثر فقرا من بين الفقراء.
*****) حساب المؤشرات ( ) في المقاربة (DSBE).
نعلم أنه في المقاربة (النقدية مثلا) تحسب المؤشرات ( ) بواسطة المقادير . حيث هو عتبة الفقر و هو دخل الفقير رقم .
ما يملأ مكان الدخل هنا هو "مدى تلبية" الفقير للحاجيات. أما عتبة الفقر في هذه المقاربة فهي مقدار من هذا، 80% مثلا.
وما جاء في الوثيقة بهذا الصدد هو:
"إذا كان المجتمع مفيأ إلى فئات، فإن مساهمة الفئة (j) في المؤشر الكلي للفقر في المجتمع هي كما يلي:
و
[نلاحظ هنا بعض الخلط، فاعتمادا على الصيغة ، فإن مساهمة الفئة (j) في الفقر الكلي هي وليس ]
بحيث:
هو المساهمة العددية للفئة (j) في المجتمع.
مؤشر فقر الفئة (j) الخاص. وهو، بالنسبة للمؤشر (H حيث )، عدد فقراء هذه الفئة مقسوم على عدد أفرادها.
مؤشر الفقر للمجتمع ككل.
كذلك يمكن حساب فقر فئة معينة مقارنة مع فقر المجتمع ككل، أنها مساهمة هذه الفئة في فقر المجتمع مقسومة على مساهمتها العددية. أي:
أي فإذا كان هذا المقدار أكبر من واحد (أو أصغر من واحد) فهذا يعني أن هذه الفئة تعاني الفقر أكثر (أو أقل) من كل المجتمع."
[هنا كذلك يجب بعض التصحيح: فبدل القول " أنها مساهمة هذه الفئة في فقر المجتمع مقسومة على مساهمتها العددية " يجب القول "إنها نسبة فقر هذه الفئة مقسوم على نسبة فقر المجتمع ككل بكل بساطة"]

بعد هذه المقدمة سوف نتابع إطلالتنا على ما تقدمه الوثيقة من مؤشرات.
*) مؤشر مدى تلبية الحاجيات حسب المناطق:
قدمت الوثيقة هذا المؤشر في مبيان سنحوله إلى جدول:


المنطقة البدو
الرحل البدو
المستقرون المدن الثانوية مدينة
نيامي المجموع:
النيجر
مدى تلبية
الحاجيات 60% 67% 79% 79% 69%

تضيف الوثيقة: "هذه النتائج تترجم كذلك درجة الفقر حسب المناطق." نتساءل كيف؟ هل يمكن استخراج درجة فقر المناطق من هذا الجدول؟ نعتقد أن لا. ذلك أن هذه المؤشرات هي مجرد معدلات. فإذا أخنا مثلا مدينة نيامي أو المدن الثانوية أكيد أن نسبة مهمة من ساكنتها يتجاوز "مدى تلبيتها الحاجيات" 80%. لكن خريطة ذلك لا يمكن استخراجها من المعدل. وكل ما نستطيع استنتاجه من هذا الجدول هو أن البدو الرحل أكثر فقرا من البدو المستقرين وهؤلاء بدورهم أكثر فقرا من المدن.
لنرى جدول الساكنة.


المنطقة البدو
الرحل البدو
المستقرون المدن الثانوية مدينة
نيامي المجموع:
النيجر
عدد الساكنة 52 877 1 228 501 153 977 80 241 1 515 596
نسبتهم إلى
المجوع 3,9% 81,5 % 10,16 % 5,30 % %100

نلاحظ أن ضرب مؤشرات المناطق في نسبة سكانها (إلى المجموع) ثم جمع هذه الأعداد يعطينا بالضبط مؤشر التلبية في كل النيجر. مما يعني أنه، بهذه المقادير (مدى تلبية الحاجيات، التي هي "المقابل" للفقر تقريبا) تحقق ما يطلبه أكسيوم التجزيء. فإذا رمزنا إلى (مدى تلبية الحاجيات) ب (SC) مثلا فإننا نستنتج من الجدولين السابقين أن:
لكن (SC) ليس مؤشر فقر.

**) مؤشر الفقر حسب المناطق:


المنطقة البدو
الرحل البدو
المستقرون المدن الثانوية مدينة
نيامي المجموع:
النيجر
مؤشر نسبة الفقر

87,5 % 73,7 % 49,6 % 46,3 % 70,3 %

نفس الملاحظة السابقة كما بالنسبة لجدول مدي تلبية الحاجيات. أي أن هذا الجدول يحقق:

***) لم تتطرق الوثيقة إلى ( ) لا بالقيمة ولا بالقيمة . ولم تعط أي جدول أو مبيان يستند إلى المؤشرين.

©©©) مناقشة مقاربة درجة تلبية الحاجيات الأساسية: (DSBE)
أ‌) أول مسألة يمكن ملاحظتها على المقاربة هي استعمال القيمتين 0 و1 فقط حين حساب "مدي التلبية" (le score). وقد يكون لهذا أثر كبير على دقة المعطيات، ذلك أن شخصا يلبي حاجة ما بدرجة حتى 90%، إذا لم يترك له خيار في الجواب سوى 0 و1 قد يختار 0، دون أن نستطيع القول أن جوابه اعتباطي أوغير منطقي.
ب‌) النقطة المهمة في ملاحظتنا على هذه المقاربة هي "منهجية" تحديد الفقر. لنأخذ تعريف المقاربة للفقر أولا، تقول الوثيقة: "ما ينقص شخصا ما، أو أسرة ما، كي لا يعتبر فقيرا، ليس هو "الانتفاع" (l’utilité) ، ولا "المهارات والكفاءات أو القدرات" (les habiletés ou les capacités humaines) ، وإنما مجموعة صغيرة من الحاجيات المتعارف عليها كضرورية، في هذا المجتمع، للعيش حياة كريمة."
فأولا هذه المقاربة تريد أن تسلك طريقا جديدا، ليس فقط في كيفية قياس الفقر، وإنما كذلك في تحديد مفهوم الفقر. فما الفرق بين طرح هذه المقاربة والمقاربات الأخرى؟ المقاربات غير النفعية، التي أتت لتضيف قيمة ما لِما أتت به المقاربات النفعية تكلمت على أن ما ينقص الفقير هي "المهارات والكفاءات أو القدرات" التي تمكن الشخص المعني من الوصول إلى حاجياته. فالإضافة هنا تكمن في أن المقاربات السابقة عليها تهتم فقط بتلبية الحاجيات دون أن يهمها "وسيلة" ذلك. بينما المقاربة الجديدة أرادت أن تقول بأن الشخص، أيُّ شخص، كي يحقق كرامته، لا بد وأن "يحققها عبر كفاءاته وقدراته ومؤهلاته". وأن تلبية الحاجيات، عبر المساعدة الاجتماعية مثلا، الذي يعتبر "تحقيقا لحياة لائقة" في المقاربة النفعية، لا يعتبر (تلبية الحاجيات هذا) سبيلا لتحقيق الكرامة. انطلاقا من هذه المقارنة نستطيع أن نفهم أن مقاربة " درجة تلبية الحاجيات الأساسية" أتت، في هذا البعد من المسألة، لترجع بنا خطوة إلى الوراء. فهي تعتبر فقيرا،فقط، من لا يلبي حاجيات معترف عليها، في محيطه، كحاجيات أساسية. أما من يلبي هذه الحاجيات فلا يهمنا كيف لباها.
ذاك من حيث تعريف الفقر، أما من حيث تحديده؟
المسألة الثانية، والجوهرية كذلك، في المقاربة هي مسألة تحديد الفقر. فإذا كانت المقاربات السابقة، نفعية أو غير نفعية، تحدد مسبقا حاجيات أو كفاءات وتحدد العتبة التي يجب أن لا يقل عليها مستوى فرد ما، فإن الجديد الذي أتت به هذه المقاربة، سعيا منها لتكون أكثر ديمقراطية، هو أنه ليس من حق الباحث، هيئة أو فردا، أن يضع نفسه مكان الساكنة ويقول لهم هذه الحاجة ضرورية لكم وهذه لا. نحن هنا في الحقيقة إزاء مبدأ ديمقراطي راق جدا. فمن يستطيع أن يقول لا للديمقراطية؟ لكن الديمقراطية يمكن أن تتحول إلى فخ. هل يمكن للجاهل أن يعرف جهله؟ هذا بالضبط هو السؤال الذي كان على المقاربة الجديدة أن تجيب عنه قبل طرحها لمنهجيتها الجديدة في تحديد الفقر. نعم، قد يقول قائل، تأييدا لهذه المنهجية: "إن تحديد الفقر في النيجر، مثلا، يجب أن يحدد على أساس النيجر وليس على أساس الدانمرك." وهذا هو جوهر المقاربة الجديدة. صحيح لكن ليس بالمطلق. فأخذ هذا المبدأ بالمطلق قد يفضي بنا إلى نتيجة أن مستوى الفقر في النيجر هو تقريبا مثيله في الولايات المتحدة أو ألمانيا. فمتوسط الحاجيات التي يشعر النيجيريون أنهم لم يلبوها قد يكون (المتوسط) هو نفسه أو أقل لدى الأمريكيين حين تختفي من نتائج البحث أسماء الحاجيات كوجبة العشاء أو السيارة ولا يبقى سوى الأرقام.
ت‌) السؤال الثاني الذي يُوجه إلى المستجوب، الذي يجيب بأنه لا يتمكن من تلبية حاجة ما، هو: " ما هو القدر الضروري من المال الذي سيُمَكِّنك ، سنويا، من تلبية هذه الحاجة؟" يبدو أننا هنا لا نبحث عن الظروف والحيثيات التي تُمَكن الشخص من كسب "القدر الكافي" الذي يمكنه من تلبية حاجياته، وإنما فقط عن هذا القدر، وكأننا إن أتينا بهذا القدر "صدقة" من الأمم المتحدة سينتهي الفقر إلى الأبد.
إن هذه المقاربة أصلح لبناء مؤشر "فقر المفهوم"
أكثر مما هي صالحة لبناء مفهوم الفقر.



1) افتح الرابط (Pauvreté wekipedia )
2) أما فيما يخص مصداقية الأرقام (الأرقام فقط) فيقول الفيلسوف (Thomas Pogge) بأن طرق قياس البنك الدولي للظاهرة مشكوك فيها وأنه، لو تم اعتماد طرق أنسب، لاكتشفنا أن الظاهرة أعمق بكثير. (افتح الرابط)
3) (Est-il possible d’estimer le montant d’argent qu’il faudrait à un ménage pauvre pour atteindre ce minimum requis ? Si oui, quelle est sa fréquence d’achat au cours d’une année ?)
انظر وثيقة برنامج الأمم المتحدة للتنمية (PNUD) الخاصة بمحاولة تطبيق مقاربة "درجة تلبية الحاجيات الأساسية" في النيجر
(LE DEGRE DE SATISFACTION DES BESOINS ESSENTIELS (DSBE))
افتح الرابط: (DSBE)

4) (La pauvreté au Maroc(≈2004) TOUHAMI ABDELKHALEK)
5) Les Formes élémentaires de la pauvreté par Serge Paugam, PUF, Paris, mars 2005
6) (la pauvreté ;wikipédia)
7) لا بد أن أشير إلى أن مصطلح "أزمة" لا يجب المرور عليه مر الكرام، وإذا كان المجال هنا لا يتسع للخوض المعمق في المسألة فعلى القارئ العودة إلى ما كتب عن الأزمة وهو كثير ، وضمنه بعض مقالاتي في موقع "الحوار المتمدن":
(أ) التقاعد والرأسمالية المتطورة
ب) الأزمة الدائمة
ج) أزمة من، أزمة ماذا؟
8) سيلاحظ القارئ هنا أننا نساير المقاربات التي لا تعطي أهمية كثيرة للأسباب البنيوية للفقر، هذه المسايرة فقط من أجل مناقشة الجانب المتعلق بالمؤشرات في هذه المقاربات.
9) Indices de pauvreté :Théorie et application empirique : ANGELES SOLIZ, Luis Alejandro :Juin 1999
‘’Cependant, l’indice I a l’inconvénient d’être insensible au nombre de personnes qui vivent en pauvreté. En effet, la quantité d’individus en pauvreté pourrait doubler dans une période donné sans que le déficit moyen de revenu des pauvres change’’
10) هكذا يقول (SOLIZ): يأخذ مؤشر سين القيمة واحد إذا كان دخل كل فرد في المجتمع منعدما، يساوي صفر.في نظرنا، نعتقد أنه في هذه الحالة لا يمكن حساب هذا المؤشر. ذلك أن عتبة الفقر لا يمكن بالإطلاق تحديدها. حيث كل المجتمع في مستوى واحد ولا وجود لدخل نصف المجتمع تحته والباقي فوقه. وحتى إذا تجاوزنا هذه المشكلة وأخذنا عتبة الفقر في صفر( ) فلنر ما ستعطيه الحسابات:

المشكلة الثانية: ما هو عدد الفقراء (q) ؟ لنعتبر أن ونكمل الحساب:

لنذكر القارئ أن جمع متتالية الأعداد من 1 إلى q هو:
سنجد بأن إذا استطعنا أن نعتبر فإن وليس 1.
11) يقصد بالتحويل التراجعي (transfert régressif) كل تحويل دخل من شخص إلى آخر أغنى منه.
12) نشير إلى أن كل المقتطفات في هذه الفقرة مأخوذة من المرجع الإلكتروني السابق الذكر: (DSBE)
13) كما هو الأمر بالنسبة للمقاربات النفعية
14) كما هو الأمر بالنسبة للمقاربات غير النفعية
15) لم تحدد الوثيقة الطريقة التي بها ستفرز اللائحة التي ستقدم في الاستجواب لكل الساكنة. وكان من الممكن مثلا تحديد عتبة 10% أو 5%. أي أنه لا يدرج في اللائحة المؤقتة للحاجيات الأولية إلا الحاجيات التي عبر عنها أكثر من 10%. ذلك أن ترك الأمر مفتوحا يعني إدراج الحاجة ولو عبر عنها شخص واحد فقط من العينة.
16) ترجمت مصطلح (Score) بكلمة "مدى" لعل هذا يكون أقرب إلى المعنى.
17) ما دام سوليز لم يتكلم عن نسبة الفقراء وإنما تكلم فقط عن عددهم، فإن أبسط حالة تستجيب لشروطه هي:

و أي أن المجتمع "تمدد" فقط دون تغير في ظروفه: كل فرد أصبح فردين في نفس الظروف المعيشية. في هذه الحالة ستبقى عتبة الفقر (نصف المنصف) هي نفسها.
لنرتب أفراد المجتمع من الأقل دخلا حتى الأكثر دخلا.



الشكل الأول يمثل الحالة والشكل الثاني يمثل الحالة . فنستنتج بسهولة، دون تحليل رياضياتي، أن . لكن في حالة أخرى غير تضاعف (n) بالتمام، فإن التحليل الرياضياتي لحل المسألة لا غنى عنه.



#محمد_باليزيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفقر، الظاهرة والمؤشرات(1)
- التبشير والعلم
- أزمة من؟ أزمة ماذا؟
- بحث عن رفاق فريق بحث في الاقتصاد
- مفهوم الشيوخ للاقتصاد(*)
- وجه آخر للسيادة
- المؤشرات الاجتماعية الاقتصادية(4)
- المؤشرات الاجتماعية الاقتصادية(3)
- المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية(2)
- المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية(1)
- السبحة والوزارة وموقعهما في الحوار بين الإسلاميين والعلمانيي ...
- إيران بعد العرا˷˷˷˷˷˷˷ ...
- أوراق اعتماد لأمريكا!
- اللامساواة الاقتصادية وطرق قياسها(2)
- الأزمة الدائمة
- حذار من أمركة الثورة!
- اللامساواة الاقتصادية وطرق قياسها.
- اليهود والمصالحة مع تاريخهم
- لا تهرموا
- حروف الجر، مسألة لغوية


المزيد.....




- مسؤول يتحدث عن مشروع ضخم للحبوب الروسية في الإمارات
- سناتور روسي: القوى الاقتصادية الجديدة ستغير الوضع الجيوسياسي ...
- -روساتوم- تسجل إيرادات قياسية في 2023
- شركات عالمية تتنافس على 30 مشروعا للطاقة في العراق.. ما أهمي ...
- تويوتا تحقق مستويات إنتاج ومبيعات قياسية
- الين بأدنى مستوى في 34 عاما وبنك اليابان المركزي يتدخل
- دراسة تحدد سلعة التصدير الرئيسية من الهند إلى روسيا
- شركة تعدين روسية عملاقة تنقل بعض إنتاجها إلى الصين
- شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة
- اشتريه وأنت مغمض وعلى ضمنتي!!.. مواصفات ومميزات هاتفRealme ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد باليزيد - الفقر، الظاهرة والمؤشرات (2)