أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد باليزيد - أزمة من؟ أزمة ماذا؟















المزيد.....

أزمة من؟ أزمة ماذا؟


محمد باليزيد

الحوار المتمدن-العدد: 3696 - 2012 / 4 / 12 - 14:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بعد مقالي:"الأزمة الدائمة"، لم أكتب شيئا عن الأزمة الاقتصادية التي تسود منذ سنوات ويتخبط ويكتوي بنارها العديد من الشعوب منها، وليس على رأسها، شعوب أوربية. لم أعد أكتب، ليس لأنه "لم يعد هناك ما يقال"، كلا. فما دامت هناك شعوب تكتوي بنار هذه الأزمة فعلى الأقلام، وغيرها من وسائل النضال ضد "أزمة/تأزيم البرجوازية" للوضع الاقتصادي أن لا تتوقف عن الحركة والبحث والفعل. منذ ذلك الحين وإلى الآن والبرجوازية لا تردد سوى خطابا واحدا وحيدا وكأنما تريد، بكثرة الترديد، أن تجعل الأمر عاديا مستساغا.
يومه 11/04/2012، فاجأني خبر ورد في "يورو نيوز" بشكل مقتطف: "بلدية إسبانية ترى أن الحل لأزمة ديونها هو الاستثمار في المخدرات فتطرح الأمر على استفتاء ويقبل المشروع" !!! (1)
أزمة من وأزمة ماذا؟
"أزمة من؟" هذا السؤال أعتقد أن المقصود منه واضح وقد ورد بعض من الجواب عنه في المقالين: "الأزمة الدائمة" و " التقاعد والرأسمالية المتطورة ". باختصار، في هذا الجانب نستطيع أن نقول: لا أحد يمكن أن يعترض على فكرة أنه "كلما تطور نظام اقتصادي ما، سواء رأسمالي أو ذو مواصفات أخرى، (يجب) كلما اقترب ذلك النظام من تلبية كامل احتياجات كل الفئات الاجتماعية ما دمنا لم نعد، هذا ما يروج له على الأقل، في عصر القنانة الذي يكد فيه أناس من أجل آخرين لا تهمهم تعاسة عبيدهم."
سوف لن نتطرق هنا إلى حال الشعوب "المتخلفة"، في أفريقيا وآسيا وأمريكا، [ذلك أن أزمة هذه الشعوب "خارج" إطار الأزمة التي نناقش الآن، أزمة الرأسمالية في الدول المتقدمة بالذات]. وإنما إلى الشعوب التي تعيش الرأسمالية كما خططت لها بنفسها [وليس كما فرضتها عليها قوى استعمارية أوأبناك دولية] وكما نظَّر لها منظرو ذلك النظام "الأكفاء". نحن هنا بصدد الأزمة في المجتمعات الأوربية (وكذا الو.م.أ) التي وصلت من درجة الرقي مستوى عال جدا.
المجتمعات الغربية تقدمت على بعدين: البعد الأول اقتصادي/تكنولوجي حيث أن قوى الإنتاج فيها ووسائل وطرق الإنتاج في مرحلة تخطت بكثير مرحلة العجز عن تأمين حاجيات المجتمع. والبعد الثاني سياسيا/اجتماعيا حيث أصبحت القرارات، على كل الأصعدة، تُتخذ عبر ميكانيزمات الديمقراطية التي لا تترك، نظريا على الأقل، أي هامش للابتعاد عن المصلحة العامة. فمن أين يأتي الخلل، في مجتمعات كهذه، بحيث تنحرف "ميكانيزمات الإنتاج والتوزيع" إلى الدرجة التي تهدد معها بزعزعة كل البنيان الاجتماعي، أولا اقتصاديا ثم سياسيا/اجتماعيا؟ إن نقطة استفهام واحدة غير كافية هنا ! كيف تصل مجتمعات كهذه إلى ما وصلت إليه حيث طوابير من يطلبون وجبات الغذاء تزداد يوما بعد يوم أمام المطاعم الخيرية ويزداد عدد الذين لا يرضون بأن يصبحوا متسولين، بعد أن كانوا مواطنين ذوي كرامة وشغل وراتب، فيقررون إنهاء حياتهم "بكل بساطة"؟؟ هي أسئلة كثيرة ومستفزة لدرجة أن الأجوبة الصحيحة عليها لن تأتي من أي قلم ولكن من هبة الشعوب لاسترجاع كرامتها، ليس هبة مناوشات من أجل أن تتخلى البرجوازية الغربية لمواطنيها عن بعض فتات نتائج التقدم التكنولوجي واستغلال العالم الثالث، هذا قد مضى عصره، والمطلوب الآن أن تهب الشعوب الأوربية من أجل إعادة النظر في كل قيمها ونظمها الاقتصادية والاجتماعية.
"أزمة ماذا؟" السؤال هنا نقصد به: هل هي أزمة اقتصاد أم أزمة شيء آخر غير الاقتصاد؟ ما يروج له صباح مساء أن الأزمة محض اقتصادية وأن الخلل، بالإضافة إلى هذا، في موضع محدد [نظام المال والأبناك والقروض] من "النظام الاقتصادي" وليس كل النظام. لكن مظاهر عدة، وليس الخبر الوجيز الذي أشرت إليه في بداية المقال بخصوص البلدية الإسبانية سوى قطرة من فيض، مظاهر عدة من الواقع تنبئ بعكس ذلك:
_ إن تزايد نسبة المُقدِمين على الانتحار، في اليونان على الخصوص، بسبب الضيق المالي، دون أن يؤدي هذا إلى هبة الشعوب الأوربية جمعاء استنكارا للظروف والسياسات التي تدفع بمواطنين شرفاء إلى إنهاء حياتهم، إن هذا الواقع لدليل ساطع على أن ما كانت تدعيه الشعوب الأوربية من "الاعتراف والاهتمام بكرامة الفرد الإنسان" إلى درجة التقديس، ليس سوى من باب الأحلام والمتمنيات التي كانت تحلم بها تلك الشعوب وأنها لم تبن بعد ذلك "البناء الإنساني" وربما لم تشرع بعد في بناءه. قيم المجتمعات الأوربية إذن كشف ضعفها وعدم رسوخها على أرض الواقع الامتحان الأول على أرض الواقع. (إن كان فعلا الأول ونستطيع أن نعتبره الأول إذا أهملنا تجاهل المجتمعات الأوربية لمحن شعوب أخرى كفلسطين وشعوبا أفريقية)
_ لقد صوتت أغلبية مواطني البلدية المذكورة (2) على تبني مشروع الاستثمار في المخدرات من أجل تجاوز أزمة ديون البلدية. لأوضح أولا ما يعنيه المشروع: إنه كراء سبع هكتارات لجمعية مستهلكي الحشيش لتزرع فيه النبتة التي يستخرج منها الحشيش لفائدة أعضائها (الجمعية). قال (Josep Maria Insausti)، مستشار في الجماعة مدافعا عن المشروع: "الجماعة تعيش صعوبات بسبب الأزمة. والآن يطلبون منا أن نؤدي الديون بسرعة مستحيلة بالنسبة لقرية صغيرة كقريتنا." كراء الأراضي لإنتاج الحشيش سوف يمنحها سعرا أكثر عشر مرات على الأقل من سعر كرائها لأجل إنتاج العنب أو الزيتون.
الديون، الديون! من هو هذا الغول [الديون] الذي يجري وراء هذه الشعوب، التي لم تعد تؤمن بخرافاتنا [الغول] ويدفعها إلى التخلي عن كل قيمها وقبل ذلك عن كل عقلها ومنطقها؟
كثيرا ما سمعنا عن حرب الاتحاد الأوربي ضد المخدرات وعن تعاونه، في هذا المجال، مع دول جنوب المتوسط، فماذا سيكون موقف هذه "الإمبراطورية العظيمة" إزاء قرية منها استخدمت الديمقراطية للخروج عن المسلمات الجماعية؟ نستطيع أن نشبه القرية هنا، ما دامت قد اتفقت على رأيها وبكل إرادتها، نشبهها بشخص واحد، في مجتمع، انحرف سلوكه فأصبح يتعاطى المخدرات أو يأتي بسلوكات غير مقبولة. التعاطي الصحيح مع هذه الظاهرة يكون على مستويين: المستوى الأول قريب المدة وهو كف ضرر هذا الشخص بالمجتمع وبنفسه من خلال إيقاف فعله إن اقتضى الحال بسجنه. المستوى الثاني بعيد المدى وهو النظر إلى هذا الشخص من خلال الظروف التي "دفعته" إلى هذا الانحراف وتصحيح الظروف من أجل أن لا يظهر، مستقبلا، أفراد مثل هذا.
لكن الاتحاد الأوربي يعرف جيدا أن الظروف، التي دفعت بكثير من ذوي الكرامة إلى إنهاء حياتهم حفاظا على كرامتهم، هي التي دفعت بهذه القرية إلى هذا النوع من "التخلي عن الكرامة" للخروج من قيود [غول ما] مرابي يدق الباب صباح مساء مطالبا بنقوده.
الاتحاد الأوربي، كنظام كلي، هو نفسه هذا النظام وذاك الغول والمرابي. فكيف سيعالج المسألة في بعدها الأعمق؟! إن الكلمة اليوم هي كلمة الاتحاد الأوربي كشعوب، هذه الشعوب التي بدأت الهلوسة [اعتبار مشروع المخدرات مشروعا منتجا] وقد تفوتها الفرصة ما لم تتحرك بسرعة لإنقاذ، ليس كرامتها فقط، بل حياتها.



1) البلدية هي بلدية القرية " catalan de Rasquera "
2) بالنسبة لي هذا القرار غريب إلى درجة أنه، وأنا أكتب هذا المقال، شككت في نفسي ما من لحظة إن كنت فعلا سمعت الخبرجيدا أم أن خطأ ما في السمع، جعلني أفهم ما لم يقال؟ فاضطررت إلى فتح الإنترنيت للتأكد من وجود الخبر.




#محمد_باليزيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بحث عن رفاق فريق بحث في الاقتصاد
- مفهوم الشيوخ للاقتصاد(*)
- وجه آخر للسيادة
- المؤشرات الاجتماعية الاقتصادية(4)
- المؤشرات الاجتماعية الاقتصادية(3)
- المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية(2)
- المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية(1)
- السبحة والوزارة وموقعهما في الحوار بين الإسلاميين والعلمانيي ...
- إيران بعد العرا˷˷˷˷˷˷˷ ...
- أوراق اعتماد لأمريكا!
- اللامساواة الاقتصادية وطرق قياسها(2)
- الأزمة الدائمة
- حذار من أمركة الثورة!
- اللامساواة الاقتصادية وطرق قياسها.
- اليهود والمصالحة مع تاريخهم
- لا تهرموا
- حروف الجر، مسألة لغوية
- قبل الدستور
- لا عدالة لا تنمية..
- نعم لتعديل/تغيير الدستور ولكن،


المزيد.....




- حركة من ماكرون مع رئيسة وزراء إيطاليا تلتقطها الكاميرا ورد ف ...
- -حماقة-.. أسلوب رد إيران على تهديد ترامب بـ-قتل- خامنئي يشعل ...
- روسيا.. اكتشاف فريد من نوعه لآثار أسنان ثدييات قديمة على عظا ...
- القهوة والسكر.. كيف تؤثر إضافاتك على فوائد مشروبك المفضل؟
- تأثير كبت البكاء على صحة الرجال
- نتنياهو حصل على موافقة ترامب الضمنية قبل الهجوم على إيران
- علماء: انبعاثات البلازما من أقوى توهجين شمسيين في يونيو لن ت ...
- مقتل شخص وإصابة 17 آخرين في هجوم روسي على مدينة أوديسا جنوب ...
- وزير مصري سابق يكشف عن خطوات استباقية اتخذتها مصر لتفادي تدا ...
- الجيش الإسرائيلي يهاجم مواقع عسكرية -حساسة- تابعة للحرس الثو ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد باليزيد - أزمة من؟ أزمة ماذا؟