عبد الحكيم عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 3695 - 2012 / 4 / 11 - 18:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السلام عليكم: كثيرا ما نسمع ان البعض بعد ان كان مؤمنا بالله وملتزم بدينه التزام تام ويقوم بعبادته على اكمل وجه ثم مايلبث حتى تحول اكثر من 180 درجه بأتجاه انكار وجود الله انكارا تاما ومطلقا ويعلل هذا التحول انه ماشعر بوجود الله وما شعر بتأثيره وما شعر بحمايته وانه ماحصل على ماكان علماء الدين يمنون الانفس بأن من يؤمن بالله ويعبده حق عبادته سيلقى خيرا في حياته قبل اخرته ولكنه ما لقي ماوعدوه به بل يراى بام عينه من يكفر بالله ويرتكب الخطايا والاثام كيف يعيش في بحبوحة من العيش اذا لم نقل في رغد العيش ونه لايعاني المؤمنين الا ضنك العيش وتسلط الاخرين عليهم من ظلم وغير ذالك وكل ما تقدم دفعهم الى الشعور بانه لا وجود لما يزعم الاخرين فما هو السبب في هذا التحول.
اعتقد ان سبب ذالك التركيبة الفكرية للانسان والتي لاتؤمن ولا توقن بالغيبيات فان التركيبه الفكرية للانسان لاتؤمن الا بالملموسات والمحسوسات والمنظورات ولاتؤمن ألابالادلة الواضحة الجلية وتتفاوت هذه التركيبه من شخص لااخر فتجدها عند البعض مرتفعه وعند البعض الاخر متدنيه فبعضهم قد يؤمن بالغيبيات والبعض الاخر لايؤمن بها الا بعد الاتيات بالدلائل المحسوسة على صدقها والتي تدعم وجودها والتي اصطلح على تسميتها في الكتب السماوية بالايات ولذلك نجد ان الله ايد بعض رسله بالمعاجز والايات بمعنى بالدلائل لاقناع البشر بمصداقية ما أتوا به أو بما ارسله لااجله ورغم تسلح بعض الرسل والانبياء بتلك الدلائل الا ان البعض لم يؤمن بها ولم يؤمن بدعوتهم كما في قوله تعالى: ومَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ... وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ/ وما يوكد لنا عن هذه النوعية من التركيبه الفكريه للبشر هو طلبهم من الرسل والانبياء ان يأتوا بادلة تثبت صحة ما يدعون وكما في قوله تعالى :قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ/ ولذلك نجد ان من الرسل والانبياء الذين لم يأتوا باية او معاجز ماتبعهم من البشر الا قليل ومنهم النبي نوح رغم محاولاته في اقناع اهل قريته بالايمان بدعوته والتي يوضح النبي نوح مدى الجهد الذي بذله في اقناعهم بما يدعوهم اليه ولكنه لم يفلح في دعوته مما اضظره الى ان يصاب باليأس وهذه الايات توضح لنا مدى الجهد الذي بذله النبي نوح في دعوته وتوضح لنا مدى الاحباط واليأس الذي احاط بدعوته وكل ذالك لان الله ما أيده بالدلائل على صدق دعوته:قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ,أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ,يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ,قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا ,فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَارًا ,وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ,ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ,ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ,فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ,يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا ,وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا //كل هذه الاياة اعلاه من سورة نوح تبين محاولات النبي نوح وبكل الوسائل والاساليب وما افلح في اقناع قومه للايمان بدعوته ونلاحظ في القادم من الايات انه حاول تحريك عقولهم بجعلهم يتفكرون فيما يشير عليهم به علهم يؤمنون بدعوته ولكنه لم يفلح لانه ما امتلك معاجز او دلائل او ايات.وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ,وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ,أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ,وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا //ومحاولته بجعلهم يتفكرون ويعملون العقل لم تفلح ونلاحظ في الايات التاليه اعلان النبي نوح عجزه وألياس الذي اصابه والذي طلب من الله اعفاءه من المهمه وطلب من الله للتدخل ليفنى هولاء القوم الذين لايعقلون ولا يعملون العقل ولا يتفكرون بخلق السماوات والارض.قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَارًا ,وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا ,وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ,وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا // مما تقدم نعلم ان البشر لايؤمنون ما لم تطرح عليهم الايات والدلائل الملموسه والمحسوسه والمنظوره فلذلك ارسل الله بعص رسله وايدهم بالمعجزات ومنهم النبي موسى والعصا واليد التي تتحول من اللون الاسود الى اللون الابيض الناصع البياض وارسل مع النبي عيسى ايات وهي قدرته على اجياء الموتى وشفاء المرضى وفي العراق عند الشيعه لايحظى الامام الذي لايمتلك(التشوير) بالاهتمام مثل مايحظى غيره ممن يمتلكون هذه المقدره ويطلقون على الامام الي مايشور ( ابو الخرق) ومن هذا النمط التفكري او التركيه الفكريه يوجد الكثير وخاصة الذين يرجون من عبادتهم الفائدة الانية في الدنيا وعندما لايحصلون عليها يصبح لديهم الاعتقاد بعدم وجود الله هو الاوثق فينصرفون عن عبادته ويتوجهون الى نكران وجوده وهولاء وصفهم الله في كتابه بقوله:وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ / ومنهم من لايؤمن بالله الا بعد ان يقترب منهم العذاب كما في قوم يونس(ذا النون) اي صاحب الحوت والذي يأس ايضا من ان يقنع اهل قريته بقبول دعوته ولما عجز عن دعوتهم اشتكى منهم الى الله فأبلغه الله ان يبلغ قومه ان العذاب قادم اليهم وامره الله ان يبتعد عن القوم حتى لايصاب بالاذي ولكنه بعد ان مرة مهلة العذاب عاد الى قريته ليرى حالها ولما وجد انهم ما اصابهم شيئ رحل عنهم غاضبا ولم يكن يعلم انه امنوا بعد ان رأوا ايات العذاب قادمة اليهم وتذرعوا الى الله ان يرفع عنهم العذاب فرفعه الله وكما في قوله تعالى:وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ / بمعنى بمجرد ان يرتفع الضر عن البعض منهم يعود الى ما كان عليه من نكران لوجود الله واعتقد ان السبب الكامن وراء تحول البعض عن الايمان بوجود الله الى انكار عدم وجوده ماهو الا اختلاف التركيبة الفكريه وتباينها بين البعض منهم
#عبد_الحكيم_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟