ليبيا.. انقلاب عسكري أم حرب أهلية؟

عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 3681 - 2012 / 3 / 28 - 22:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بعد مرور أكثر من عام على نهاية حكم القذافي وتولي المجلس إدارة شئون البلاد بات من المؤكد أن هذا المجلس فشل بكل جدارة وامتياز،باعتراف صريح من عضو المجلس الوطني الانتقالي الليبي فتحي البعجة، الذي قال إن المجلس فشل في إدارة الملفات الأمنية والعسكرية والسياسية والسيطرة على مرافق حيوية في البلاد رغم مرور أشهر على سقوط النظام السابق.
وأضاف البعجة إن هناك ثلاثة تحديات أمنية وعسكرية واقتصادية تواجه عمل المجلس قبل مائة يوم من انتخاب المؤتمر الوطني، مستبعدا تحقيق المهام التي لم يتمكن من تحقيقها في السابق خلال هذه المدة، وهى بسط الأمن وإعادة بناء الجيش الوطني.
البداية كانت في بنغازي، باعتصام ميدان الشجرة، لتحديد مسار الثورة،ثم اقتحام للمجلس الوطني الانتقالي ،الذي اظهر أن هناك مطالب مشروعة للمعترضين والمحتجين بدءاٌ من حقوق الجرحى والمفقودين إلى مسالة وصول أزلام النظام ومتسلقي النظام إلى سدة الحكم.
وما تبع ذلك من احتجاجات واعتراضات في كل مكان من ليبيا ليست مبتورة عن المشهد السياسي الليبي، وصدور قانون الانتخابات الذي أصدره المجلس الانتقالي ولم يكن يحمل طموحات الشعب والثورة، ثم تعديله.
الأداء السياسي للمجلس الذي ضل يرتسم بالارتباك والتخبط وهي السمة الغالبة على سياسات وقرارات المجلس الوطني الانتقالي.
وتتابعت الأحداث بعد ذلك بإعلان مجموعة من السياسيين الليبيين عن تأسيس "مجلس إقليم برقة الانتقالي" برئاسة أحمد الزبير السنوسي، في خطوة باتجاه إعلان الفيدرالية في المنطقة الشرقية.
وعقد السياسيون مؤتمراً في مدينة بنغازي، لمناقشة النظام الفيدرالي كخيار للنظام الإداري في ليبيا الجديدة، أعلنوا فيه أن نظام الاتحاد الفيدرالي يُعد خياراً لإقليم برقة، في إطار دولة ليبية مدنية ودستورية تكون شريعتها الإسلام.
ورد الفعل المتسرع من رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل،وتهديده باستخدام القوة لمنع ما وصفه بتقسيم البلاد. حسب اعتقاده،وهذا ما نفاه أحمد الزبير السنوسي، الرئيس الانتقالي للمجلس الأعلى لمنطقة برقة ، كما نفى وقوف جهات أجنبية وراء العملية، وقال إن سبب الإعلان عن الإقليم في برقة هو ضعف أداء المجلس الانتقالي.
وتوالت بعد ذلك الاحداث التي تدل دلالة واضحة على فشل المجلس الانتقالي في إدارة الملفات الأمنية والعسكرية والسياسية والسيطرة على مرافق حيوية في البلاد، وأظهرت بوضوح ضعف الأداء السياسي للمجلس، والحكومة المؤقتة، الذي ظل يرتسم بالارتباك والتخبط وهي السمة الغالبة على سياساته وقراراته
وهنا عينة من الفوضى وعدم السيطرة على الأمور، وتعريض البلاد لأخطار أمنية لا تحمد عقباها.

خبر اول..

تعرضت سيارات تابعة لوزارة الداخلية لإطلاق نار وتهديد من قبل كتيبة الجالط في منطقة جارف بمدينة سرت أثناء عودة السيارات باتجاه مدينة مصراته بعد أن رافقت موكب السادة رئيس المجلس الانتقالي ورئيس الحكومة وبعض الوزراء بالحكومة الانتقالية وقد نتج عن الهجوم جرح أحد أفراد وزارة الداخلية بجروح خفيفة...

خبر ثان...

أغلقت مجموعة ليبية مسلحة تابعة لثوار بلدة أمساعد الحدودية مع مصر المنفذ البري حتى إشعار آخر. وقالت مصادر إن أهالي البلدة يطالبون وزارتي الداخلية والدفاع بتولي زمام الأمور في الحدود. ويقول ثوار إن عناصر محسوبة على الداخلية تورطت في التهريب ما تطلب التدخل وإقفال المعبر...

خبر ثالث..

قال موظف في فندق فاخر في العاصمة الليبية طرابلس إن أفراد ميليشيا مسلحين اقتحموا فندق المملوك لأتراك وأطلقوا أعيرة نارية في الهواء واحتجزوا مديره التركي في نزاع على فاتورة لم تدفع قيمتها مما يبرز استمرار الاضطرابات في البلاد
وقال الموظف الذي طلب عدم نشر اسمه إنه لم تقع إصابات في هذه الواقعة التي حدثت في فندق ريكسوس الفاخر حيث كانت حكومة القذافي تجبر الصحفيين الأجانب الذين يزورون طرابلس على الإقامة فيه خلال انتفاضة العام الماضي.
وبدأت المشكلة في وقت متأخر يوم السبت عندما فقد عضو في كتيبة من بلدة الزنتان بغرب ليبيا أعصابه بعد أن طلب منه مغادرة الفندق بسبب عدم دفعه قيمة فاتورة تعود إلى سبتمبر.وقال الموظف بينما كان يشير إلى فجوة أحدثتها رصاصة في سقف منطقة الاستقبال بالفندق "أطلق النار مرتين في الهواء وحطم أواني زهور في البهو. بعد ذلك اقتحم رجاله المكان."بعد ذلك انطلق أفراد الميليشيا داخل سياراتهم وأخذوا مدير الفندق، الذي قال بعد الافراج عنه، إنه تعرض للاختطاف والضرب من قبل المسلحين، أدى إلى إلحاق الضرر بأذنه اليمنى التي فقد السمع فيها، كما أصيب بجراح في ركبتيه!!...

خبر رابع..
تمكنت القوات الحكومية صباح يوم الجمعة من تحرير الدكتور صالح العقاب مدير إدارة مصلحة الآثار الليبية بعد اختطافه أمس الأول على يد مليشية مسلحة. وقال العقاب في اتصال هاتفي بقورينا الجديدة: إن عملية الاختطاف هي انعكاس للمشاكل التي تدور حول إدارة المصلحة. ورفض العقاب اتهام أي شخص بعينه في عملية الاختطاف.

خبر خامس..

غادر الوفد الليبي الذي أجرى مفاوضات في موريتانيا بشأن تسليم عبد الله السنوسي مدير المخابرات في النظام السابق، للسلطات الليبية الجديدة، غادر نواكشوط وعاد إلى ليبيا بدون السنوسي. لكن متحدث باسم الحكومة الليبية قال إنه من المتوقع تسليمه قريبا. وقال ناصر المانع المتحدث باسم الحكومة للصحفيين قبل الصعود إلى الطائرة في نواكشوط مساء يوم الأربعاء..

خبر سادس..

تعرضت الناشطه السياسية والصحافية /شريفة الفسي للخطف مع تلقيها عدة تهديدات بالقتل في الأيام السابقة.. بعد اختفائها يوم السبت الماضي الموافق 24/3/2012 تم العثور عليها اليوم الأحد الموافق 25/3/2012 بمركز شرطة البركة وهي في حالة سيئة وانهيار عصبي تام.. وقد ذكر أمر مركز البركة بأنه تم إحضارها من قبل تشكيل عسكري مجهول.. وتم إبلاغ أسرتها لأستلامها غير أن عدد من الناشطين المتضامنين معها والمقربين منها أصروا علي ضرورة عرضها علي طبيب مختص وذلك للتأكد من ملابسات الحادثة.. وعملية الاعتداء عليها قبل تسليمها إلي ذويها..
هذا وقد قرر زملاؤها الناشطون السياسيون والصحافيون والاعلاميون في مدينة بنغازي لا قامت وقفه احتجاجية للتنديد لما يتعرض الناشطين من تهديدات و اعتداءات.

مسك الختام..


الأنباء القادمة من مدينة سبها ، تؤكد وقوع 12 قتيلا وأكثر من عشرين جريحا في اشتباكات قبلية عنيفة جرت يوم الاثنين للسيطرة على عاصمة الجنوب بحسب قناة الجزيرة. ولا زال التوتر يسود المدينة. كما وردت إلينا أنباء عن توتر أمني في مدينة ترهونة والعاصمة طرابلس...
المجلس الوطني الانتقالي، وحكومة الكيب، يتحملان المسؤولية الكاملة عما يجري في ليبيا كونهم من يدير العملية السياسية في البلاد.

الجميع شارك في الثورة والجميع يريد اقتسام ريع الثورة، والجميع أيضا يتهم الجميع بأنه كان من أعوان القذافي كلما تعلق الأمر بالصراع للحصول على امتيازات سياسية أو مالية أو غير ذلك. إذن الجميع يرفض الاعتراف بشرعية الآخر
ما هو حل هذه المعضلة الصعبة؟و ما هي السيناريوهات المتوقعة في ليبيا؟

السيناريو الأول..

انقلاب عسكري تقوده مجموعات من بقايا الجيش الليبي، وكتائب وسرايا الثوار بحجة التمرد والتذمر من غياب الديمقراطية أو اختلالها. و أن الفوضى السائدة قد تضعف اللحمة الوطنية وتفضي إلى تفكيك هياكل الدولة وتعرض البلاد للتقسيم. وهذا الخطاب يبرز دوماً في لحظات التأزم السياسي، وغالباً ما يفضي إلى العودة للاستبداد والقمع باسم تحصين المجتمع من التآكل والانهيار

يهدف إلى:

إصلاح وتسديد المسارات الديمقراطية المتأزمة والقاصرة.

احتفاظ المؤسسة العسكرية بدور ضابط وموجه في القرار السياسي.
اضطلاع المؤسسة العسكرية برعاية وحماية التجربة الديمقراطية.
إن هذا التحدي هو المطروح حالياً في الحالة الليبية،
وهو ما يخشاه الجميع،لأنه لا يمكن للانقلاب العسكري التي جربه الشعب الليبي في عام 1969 أن يكون خياراً ناجعاً لإنقاذ المأزق الحالي، بل هو مظهر الإخفاق الواضح في بناء مؤسسات دستورية وتنظيمية تحول دون تدخل المغامرين العسكريين في ثوب المخلصين الزائفين.

السيناريو الثاني..

تدخل دولي شامل، وهي مهمة تقع في المقام الأول على عاتق الأمم المتحدة، بالتعاون مع المنظمات الدولية.
إن تخلي المجتمع الدولي عن ليبيا في الفترة الحالية خطأ مأسوي و خطأ قاتل، كما قال محمود جبريل، لأنها في حالة فراغ سياسي وأمني، والفراغ لن يبقى كما هو ، فربما ينتشر التطرف في أي لحظة.

وأنا لا اوافقه بالكامل في تحليله، فاعتقادي ربما أن الغرب يعرقل إقامة الدولة في ليبيا وإقامة نظام ديمقراطي فيها،والإبقاء على النظام السابق ولكن بأشكال جديدة، لأنه لا يرغب في قيام نظام جديد يعبر عن إرادة شعبه.وأتمنى أن أكون مخطئا في تحليلي!

السيناريو الثالث..

هو مناوشات واشتباكات ومعارك في غرب البلاد، أو أن مطلب النظام الاتحادي الفدرالي، قد يؤدي إلى إعلان انفصال إقليم برقة،عن باقي البلاد،وهذا بدوره قد يؤدي إلى قيام حرب أهلية في ليبيا. وهذا ما يخشاه الجميع..

#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات