أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - تكريم الدكتور محمد مكية في حياته (1-2)















المزيد.....

تكريم الدكتور محمد مكية في حياته (1-2)


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3663 - 2012 / 3 / 10 - 15:07
المحور: الادب والفن
    


نظراً للخدمات الجليلة التي قدّمها الدكتور محمد مكية على الصعيد المعماري والفكري والثقافي للعراق بوجه خاص، ولبقية دول العالم بشكل عام فقد ارتأت جمعية الأكاديميين العراقيين في المملكة المتحدة أن تنظِّم حفلاً خاصاً لتكريم الدكتور مكية بمنحه وسام الجمعية تقديراً لمجمل إنجازاته العلمية والثقافية التي حققها على مدار عمره الطويل الذي يزيد على عمر الدولة العراقية الحديثة بسبع سنوات! وقد أدار حفل التكريم الأستاذ غانم جواد.

تكريم المبدعين العراقيين
دأبت جمعية الأكاديميين العراقيين منذ تأسيسها عام 1994 على تكريم المبدعين العراقيين في مختلف حقول العلم والمعرفة، وقد أكد القائمون على الجمعية غير مرة بأن المبدع العراقي يجب أن يشهد هذا التكريم في حياته، وليس بعد مماته. قال الدكتور سعدي النجّار، رئيس الجمعية في كلمته الترحيبية: (أن الجمعية تكرِّم اليوم علماً من أعلام العراق، وقمة من قممه السامقة لما قدَّمهُ طوال مسيرته الإبداعية الطويلة التي تجاوزت الخمسين عاماً من مشاريع وتصاميم معمارية عديدة، هذا إضافة إلى إنجازاته البحثية والعلمية والثقافية). كما افتخر النجّار بكونه ابناً باراً للمحلة البغدادية المشهورة (صبابيغ الآل) التي وُلِد فيها الدكتور مكية، وهي ذات المحلة العريقة التي أنجبت الباشا نوري السعيد، والدكتور مصطفى جواد، والفنان سليم البصري وغيرهم من أعلام العراق المعروفين.

فضاء العائلة الحميم
تحدثت السيدة هند مكية عن والدها ضمن السياق العائلي الذي يخوض في أدق التفاصيل المنزلية. وقد أشارت إلى خصال والدها وعاداته وطقوسه اليومية، وتشعبت منها إلى أكلاته المفضلة، ونوعية الرقصات التي كان يؤديها، والبلدان التي سافر إليها سائحاً مستجِّماً أو باحثاً في شأن من شؤونه المعمارية الكثيرة. كما عززت حديثها بعدد من الصور النادرة التي تجمع بين والدها وبين أفراد أسرته الكبيرة وأصدقائه الكثر الذين يتوزعون في عدد غير قليل من بلدان المعمورة.

الحلم المُجهَض
قدّم الدكتور عبد الرزاق العيسى، المستشار الثقافي العراقي بلندن، مداخلة طويلة نسبياً عن مشروع إنشاء جامعة الكوفة، الحلم الذي أجهضه النظام الاستبدادي السابق، لكنه رأى النور بعد غياب الدكتاتورية. قال العيسى أن تكريم عالِمنا الجليل الدكتور مكية ليس فقط لأنه معماري كبير، وإنما لكونه وطنياً كبيراً، كما أشار الأستاذ غانم جواد في معرض تقديمه، وهذه الخصلة الوطنية هي التي جذبت له الكثير من العراقيين وحفَّزتهم على الالتفاف حوله. شغل العيسى منصب رئيس جامعة الكوفة لمدة خمس سنوات بين عامي 2006 و 2011 وقد ألّف كتاباً عن الجامعة المذكورة. وكان يعرف جيداً أن الدكتور مكية كان يحلم ببناء صرح عمراني لجامعة الكوفة غير أن هذا المشروع وئد من قبِل رموز النظام السابق، لكن جزءاً من هذا الحلم قد تحقق حينما تم إنشاء جامعة الكوفة ابتداءً من عام 2006 حيث أفادوا من تصاميم الدكتور مكية وأفكاره ورؤاه. وعلى الرغم من خسارة جزء كبير من مساحة الأراضي التي كانت مقررة لمشروع الجامعة، إلاّ أن القائمين على المشروع استطاعوا أن يقتنصوا ربع المساحة ويخصصوها لجامعة الكوفة حالياً. إن بناء جامعة أو استحداث مؤسسة علمية في الفرات الأوسط كان، ولا يزال، شغلاً شاغلاً للعديد من الوطنيين المخلصين لوطنهم والذين يفكرون بالتنمية البشرية والاجتماعية ويسعون لنشر المراكز العلمية في مختلف أنحاء العراق. توقف العيسى عند المحاولة الأولى لتأسيس الجامعة من قبِل الشيخ محمد رضا الشبيبي، وكان مشروعه مشابهاً لمشروع الدكتور مكية، لكنه ظل قيد الفكرة القائمة التي لم تنفّذ. أما المحاولة الثانية فكانت من قبِل السيد محمد الحيدري عام 1955، فيما أخذت المحاولة الثالثة شكل مدرسة تُعنى بالحوزة العلمية وقد أسس هذه المدرسة الشيخ محمد رضا مظفّر. وذكر العيسى بأن هذه المدرسة كانت منتدى نشر في عام 1936 وعلى ضوئها أنشأت كلية الفقه عام 1957، غير أن هذه المحاولة بقيت على حالها ككلية تُعنى بالحوزة العلمية واللغة العربية تحديداً. أما المحاولة الرابعة فكانت لمؤسسها الدكتور محمد مكية عام 1965، لكنها أجهضت في عام 1968.
يؤكد العيسى بأن الدكتور مكية كان يطمح إلى بناء مجتمع معرفي يمتد من سومر إلى بابل. إذ أخذ بنظر الاعتبار مسألة الهجرة إلى بغداد في أواخر خمسينات وبداية ستينات القرن الماضي حيث هاجر أعداد كبيرة من الناس إلى بغداد لأسباب اقتصادية واجتماعية وعلمية، لذلك بدأ يفكر بإنشاء مؤسسة علمية تُعنى بالتنمية البشرية لكي تستقطب الناس وتحافظ على التوازن السكاني الذي يحدّ من نسبة رحيل السكان في الأقل. أشار العيسى إلى أن التعليم الأهلي لم يلقَ عناية الدولة في العراق الذي كان يركِّز مثل بعض الدول على التعليم الحكومي، غير أن الدكتور مكية اقترح أن يكون التعليم الأهلي مساعداً للتعليم الحكومي ومؤازراً له في نهوض المجتمع العراقي. ذكر العيسى بأن الجامعة المستنصرية استمدت وجودها من المدرسة المستنصرية، وأن جامعة البصرة استمدت وجودها من مدرسة البصرة، وأن جامعة الكوفة، بحسب تفكير مكية، يجب أن تكون امتداداً لعلي بن أبي طالب (ع) من ناحية، كما أن موقع النجف الجغرافي مهم جداً لأنه يربط جميع أنحاء العراق من جهة، وكذلك جميع أنحاء العربي والإسلامي من جهة أخرى. أشار العيسى بأن فكرة تأسيس جامعة الكوفة كانت للدكتور محمد مكية، فهو صاحب الفكرة ورئيس الجمعية التي كانت تتألف بادئ الأمر من أربعة أشخاص ثم أصبحت الجمعية لاحقاً تتألف من 26 شخصاً. إن الجهة الداعمة لهذا المشروع هي الحوزة العلمية، وقد ذكر العيسى في كتابه الذي ألّفه عن الجامعة بأن السيد محسن الحكيم هو الداعم الأساسي للمشروع، لكن الدكتور مكية صحّح له وقال له بأن الدكتور مهدي الحكيم كان الداعم الأساسي للمشروع إضافة إلى كبار رجال الأعمال وأناس أثرياء عديدين بضمنهم الحاج محمد كاظم مكية الذي تبرّع بقطعة مساحتها (2500 م) و (50) ألف دينار عراقي آنذاك. كما تبرع بعض الكسبة والفقراء بقطع أراضي صغيرة بغية إنشاء هذا الصرح الثقافي الكبير. لم يقتصر المتبرعون على فئة محددة أو مذهب معين كما كان هذا التصور سائداً عند بعض الأكاديميين والسياسيين، فالمتبرعون كانوا من مختلف القوميات والأديان والطوائف، والمشروع لم يكن طائفياً على الإطلاق. قدم العيسى كشفاً بأسماء المؤسسين والمتبرعين وجلهم من التجار والأكاديميين والأطباء والمهندسين والمهنيين غير أن هذا المشروع وئد عام 1968. والسبب معروف لأن العيسى أورد نص الحوار الذي دار بين مكية وصالح مهدي عماش في مكتب خاص بوازرة الداخلية آنذاك وقد طرح عليه السؤال التالي: (لماذا كل أعضاء الجمعية من الشيعة)؟ فأيقن في قرارة نفسه بأن المشروع سيوأد قريباً وهذا ما حدث بالفعل عام 1969. وتحت ضغوط لم يوضحها العيسى قال بأن جامعة الكوفة الحكومية أنشأت في عام 1978، وكانت نواتها كلية الطب آنذاك، بينما أسست كلية الفقه في عام 1957 وأصبحت جامعة الكوفة، ولكنها وئدت عام 1991 وألغيت تماماً. غير بعض مقتنيات جامعة الكوفة قد أعيدت في عامي 2004 و 2005. لم تسمح السلطات آنذاك بتأسيس جامعة أهلية في كربلاء، بينما سمحت بذلك في بغداد والموصل والبصرة. وكنوع من الوفاء للمساهمين في مشروع جامعة الكوفة قامت الجامعة بتكريمهم في يوم 4/1/2010 وهذا اليوم له مدلوله الخاص وهو يوم دخول الإمام علي إلى الكوفة حيث تم تكريم (14) شخصية من مؤسسي جامعة الكوفة وأحدهم هو الدكتور محمد مكية، كما سميت قاعة باسمه في يوم 4/10/2010 حيث قام العيسى بإرسال قرص مدمج يتضمن مراسيم التكريم للدكتور مكية، أطال الله في عمره.
وردت إلى منظمي حفل التكريم أكثر من كلمة ورسالة تحية إلى الدكتور مكية بهذه المناسبة الاحتفائية. ونظراً لأهمية هذه الكلمات سنأخذ منها بعض المقتطفات التي قرأتها الدكتورة عالية الحمداني. يقول الدكتور طارق الخضيري: (اتسمت علاقتنا بالتقدير والاحترام المتبادل واستمرت لفترة قاربت نصف القرن عرفتُ خلالها الكثير عن خصاله كمعماري مثقف وكمواطن إنساني النزعة). وفيما يتعلق بنزوعة العمراني الذي يضع البيئة المحلية في صلب اهتماماته الرئيسية يضيف الخضيري قائلاً: (يصعب عليّ أن آتي بشيء جديد لا يعرفه الفنان والمعمار والمثقف العراقي عن الدكتور مكية فزملاؤه وطلابه عرفوا الكثير عن اهتماماته في التراث المعماري والعمراني ذو العلاقة بالهوية البيئية وبالأخص الإسلامية منها). ويختتم الخضيري رسالته بالقول: ( يعتبر الدكتور مكية من رواد النهضة العمرانية الحديثة في العراق وله اليد الطولى في تهيئة أجواء ملائمة للقاء المثقفين العراقيين والعرب سواء من خلال نشراته أو الفعاليات التي كانت تقام في ديوان الكوفة). كما ذكّر الخضيري بالاهتمامات الأخرى للدكتور مكية من بينها الإشراف على الأطاريح الجامعية لطلبة الدراسات العليا وكذلك انغماسه في عضوية لجنة (جائزة الآغا خان للعمارة) التي أطلقت عام 1977 وتبلغ قيمة جائزتها (500.000) ألف دولار أميركي وهي أكبر جائزة للعمارة في العالم.
أما المتحدث الخامس في حفل التكريم فكان الدكتور عبد الرحيم حسن، المختص في الفيزياء أولاً ولديه شهادة ماجستير في الفلسفة ثانياً حيث ابتدأ حديثه بآي من الذكر الحكيم: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون). ثم ختم قائمة استشهاداته ببيت شعري شديد الدلالة للمتنبي الذي قال: (وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام)
استذكر الدكتور حسن أول افتتاح لديوان الكوفة حينما كانت سلطة النظام السابق في عز جبروتها، لكن الكوفة شقّت طريقها (وصارت واحة للعراقيين في جدب المنافي ارتاح لها مَنْ سكن هذه البلاد أو مرّ بها مَنْ كان على رحيل إلى بلاد أخرى فتزوّد منها بالماء العذب). إن الرؤية المتسامحة التي يتوفر عليها الدكتور مكية هي التي ( سمحت للعراقيين من مختلف الاتجاهات لإقامة ندواتهم في جوٍ ودي وحضورٍ جماعيٍ شامل مع بقية إخوانهم العراقيين) وبمرور الزمن كانت مخالب الوحش المستبد في بغداد تتضاءل كل يوم فتتقلّم بالمقابل المخالب الأمنية التي كانت مبثوثة في العواصم الأوروبية الأمر الذي أدّى إلى عودة الثقة إلى النفوس العراقية التي كانت مذعورة طوال سنوات الاستبداد والدكتاتورية حيث التأمت من جديد مختلف أطياف الشعب تحت خيمة الكوفة التي كانت تتسع لكل القوميات والأديان والمذاهب العراقية فاستحقت عن جدارة لقب (أثينا الشرق) التي تضم بين دفتيها وهج الثقافة وألق الإبداع والحوار.
لابد من الإشارة إلى أن العنوان الذي اختارة د. عبد الرحيم حسن عن (فلسفة العمارة عند الدكتور مكية) هو عنوان كبير جداً لا تنفع معه الحوارات الصحفية حتى وإن كانت عميقة وشديدة التركيز، ذلك لأنها تظل تدور في فلك السؤال والجواب الذي لا يغنينا عن الأدوات البحثية التي تغوص في عدد من المحاور العويصة التي تناقش إشكالية المزاوجة بين ما هو تراثي من جهة وحداثي من جهة أخرى. اعتمد حسن في مداخلته الطويلة على المقابلات الصحفية التي أجريت مع الدكتور مكية بضمنها المقابلة الطويلة التي أجراها هو بنفسه والمنشورة عام 1987 إضافة إلى المقالات والدراسات التي كتبها مكية على مدى خمسين عاماً وتوصل من خلالها إلى بعض النتائج المُرْضية التي تسلّط الضوء على فلسفة العمارة عند مكية. كما حرص الدكتور حسن على الإشارة إلى الجهد الكبير الذي بذله الدكتور عبد الحسين الهنداوي الذي جمع هذه المقابلات ودرسها دراسة علمية عميقة وكوّن منها في نهاية الأمر كتابه المعنوّن (الدكتور محمد مكية والعمران المعاصر)، لكن الغريب في الأمر أن هذا الكتاب لم يرَ النور لحد الآن علماً بأن الدكتور حسن قد راجعه بنفسه ووضع اللمسات الأخيرة عليه فيما يخص تهيئته للطبع، ولكن الكتاب ظل حبيس الأدراج وكان حَرياً بمكية، الشخص المُكرّم، أن ينشر هذا الكتاب على نفقته الخاصة ويضيفه إلى رصيد كتبه القليلة التي لا تتناسب مع شهرته الكبيرة وذيوعه الإعلامي الواسع الذي طبق الآفاق. يؤكد الدكتور حسن بأن همّ مكية لا يقتصر على تصميم المساجد والعمارات والمباني الفردية، وإنما يتعداه إلى هاجس أكبر وهو تخطيط المدن الكبيرة مثل إعادة إعمار بغداد أو العراق برمته حتى وإن كان هذا الهاجس راكساً في إطار التمنيات شبه المستحيلة خصوصاً وأنه يقف على مشارف المئة عام ويوشك أن يطوي القرن الأول من حياته. لعل أبرز النتائج التي توصل إليها الدكتور حسن بواسطة غربلة هذه الحوارات والدراسات الكثيرة بأن هاجس مكيّة ينصب على (إنشاء معمار جديد لا يقطع الصلة مع الماضي، ويحترم البيئة المحلية وينسجم مع خصائصها ومع إنسانها). إن ثلاثية (الماضي والبيئة والإنسان) تتكرر كثيراً في أطاريح مكية وكان يفترض بالمشتركين بالفلم الوثائقي أن يتخذوا من هذه الثلاثية محاور أساسية في أحاديثهم عن الفلسفة المعمارية عند مكية دون أن يغفلوا مزاوجته بين ما هو تراثي ومعاصر، ولا ينسوا من إفادته من الخط العربي، الكوفي تحديداً، ومن الريازة الأندلسية، والفضاءات المفتوحة التي تتعلق بالزمان والمكان، وتحترم الإنسان وتمجده، وتحقق له الطمأنينة والهدوء وراحة البال. ركز الدكتور حسن على معمار البيئة الفقيرة عند الدكتور مكية وعدّ هذا النمط استجابة لظروف الحياة التلقائية والبسيطة التي تتفاعل مع الأرض والسماء وما ينجم عنهما من ضوء وظل ينطويان على معطيات جمالية شديدة التأثير على هذا الكائن البشري سواء أكان ثرياً أم فقيراً. ففي المجتمعات التقليدية بحسب صاحب المداخلة يتجاور الغني مع الفقير، والباب العالي مع الباب الصغير المحمّل بخبرات طويلة. إن أخشى ما يخشاه مكية هو النمو العشوائي للمدن العربية المعاصرة التي يحاصر إنسانها ضجيج السيارات، وصخب المكننة الحديثة التي تحتاج كل شيء تقريباً. إن غياب المقاييس العمرانية في المدينة الحديثة هو الذي وصل بالهندسة المعمارية إلى هذا (المستوى الصناعي والميكانيكي) وجعل الإنسان يشعر بالضآلة أمام هذه التكوينات الإسمنتية الشاهقة. لا شك في أن الإنسان يحّن إلى البراءة القديمة، وبساطة المنحى العمراني حينما كانت المئذنة أعلى نقطة في سماء المدينة، وأن الإنسان لا يبني داراً أعلى من بيت جاره كي لا يتسبب في الإشراف عليه، وإحراجه، وتحديد حركة نسائه وفتياته داخل إطار البيت لأنه محكوم بوازع أخلاقي، وقيم متوارثة لا تنتهك حرمة الجيران، ولا تتجاوز على حقوقهم الاجتماعية المعروفة. كما توقف الدكتور حسن عند مشروع جامعة الكوفة، وهو مشروع حُلُمي أشرنا إليه في متن هذه التغطية، ولكن شكل البناء وتصاميم سوقه المتخيلة (بأروقة وأعمدة ورؤيا تحمل سمات الصحراء وتمد يداً إلى الفضاء المطلق). يختتم الدكتور حسن مداخلته بالقول بأن مكية قد شغل منصب رئيس جمعية الفنانين التشكيليين وكان صاحب ذوق رفيع ورؤية فنية جمالية حتى وإن لم يكن موهوباً في هذا المضمار الفني، ولكنه كان شديد الملاحظة فيما يتعلق بسعي الفنانين التشكيليين للتعبير عن البيئة والتراث في أعمالهم الفنية في خمسينات القرن. أشار الدكتور حسن بأن مكية كان (جامعاً للتحف والمخطوطات والكتب النادرة واللوحات الفنية). وتوقف بعض الوقت عند (سلايدات) لوحات الفنان الاسكتلندي ديفيد روبيرتس التي صوّر فيها رحلته الكاملة من القاهرة إلى القدس في منتصف القرن التاسع عشر، وقد استعار هذه السلايدات من الدكتور محمد مكية صاحب الهوايات والانشغالات المتعددة، ونشرها على غلاف المجلة التي كان يحرر فيها القسم الثقافي. تفادى الدكتور حسن الإطراء الشخصي لأن مكية لا يميل إلى التهويل والتضخيم وعبادة الأفراد، بل أنه لا يحب حتى مراسيم التكريم، لأنه يريد أن يكون التكريم على شكل (تشييد متحف أو كلية أو خزينة للفن المعماري تستفيد منها الأجيال القادمة).



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استذكار العالم عبد الجبار عبدالله (الجزء الثاني)
- استذكار العالم عبد الجبار عبدالله (الجزء الأول)
- السخرية السوداء واللغة المبطنة في روايات الداودي
- الرهان اليساري والعلماني لا يزال قائما
- التوجّهات الجديدة في الاقتصاد العراقي. . . إشكالية التنمية و ...
- دور كفاءآت المهجر في تطوير التعليم العالي في العراق
- إشكالية تطوّر العملية السياسية وتأخّر الإعمار في العراق(ج1)
- مهرجان ريندانس السينمائي الدولي يحتفي بالفكر الأميركي الثوري ...
- أدب السجون في العراق: جدار بين ظلمتين مثالاً
- تريّيف المدينة العراقية
- الدكتور حميد الهاشمي يتحدث عن -عجلة المدنية وعصا العشائرية-
- المبالغة والغرور
- تحيّة لدار الشؤون الثقافية العامة
- الروائي زهير الجزائري في أمسية ثقافية بلندن (3)
- إلى السيد نوري المالكي، رئيس مجلس الوزراء المحترم
- شركة الناصر للطيران
- الأحزاب الدينية والسينما العراقية
- الشخصية المنشطرة وتعزيز الأمكنة الافتراضية
- الحقوق المائية
- رواتب البرلمانيين العراقيين


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - تكريم الدكتور محمد مكية في حياته (1-2)