أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - قطط و أحلام














المزيد.....

قطط و أحلام


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3653 - 2012 / 2 / 29 - 18:40
المحور: الادب والفن
    


لم أشاهدْ هذه الليلة أيةَ قطةٍ على السياج الخارجي ، تُرى أين ذهبتْ القططُ، ورغم أن أيامَنا الحالية هي بقايا من شهر شباط لكنني لم أسمع خلافاتٍ محتدمةً بين القطط ، تُرى هل عرضَ لهذه القطط حلمي الذي حلمت به الليلة البارحة فاستخدمت ما يُشاع عن قدراتها والتحقت هناك مع تلك القطط التي رأيتها في الحلم ، ربما، لأن القطط مخلوقات يدور حولها الكثير من الحديث وتلك العلاقة المريبة بينها وبين عالم الجن و أرواحها السبع وعيونها اللاصفة في الظلام كأنها شرارات متحركة يتحدثُ عنها العجائز الذين تقاعدوا منذ زمن بعيد ولم يعد بإمكانهم معاصرة الأحداث واكتفوا بالانشغال بأحاديث عن السعلاة والجن وقدرات القطط السرية وكذلك يتحدث الأطفال للأطفال عن ذلك بحماس كبير وقد اختلطت الصور في أذهانهم عجائزَ و أطفالاً ، حتى باتت القطط بين أمرين لا ثالث لهما أما قطط يحبها الأطفال السُذج لأنها لم تبرز بعد مخالبها من أغمادها وراحت تغمض عينيها عن سماجتهم و أما قطط تهابها ذاكرة العجائز المعطوبة،لاعتقادهم أن لا مبرر لأثارةِ الأرواح السبعة التي تسكنها وكنت حريصا على مراقبة القطط وسلوكها المشوب برائحة مؤامرة ما ، فوجدت بعد مراقبة طويلة أنها في الليل تختلف عما هي عليه في النهار، ما يهمني من ذلك هو بماذا أنفق هذا الوقت بلا قطط أراقبها ؟ وتمنيت أنها كانت أكثر واقعية مع نفسها ولم تصدق تلك الأباطيل والهلاوس في أحلامي إذا افترضت أنها قد تجنبتني وهجرت بيتي وفضلت الابتعاد لأجل ذلك فأنا شخصيا لا أصدق أحلامي واعمد إلى تجاهل الكثير منها، رغم أنها أحلامٌ مشروعة وواقعية ولا تتطلب الكثير هكذا كانت أفكاري مرتبكة وغير مرتبه وأنا أجلس على أرجوحة الحديقة الحديدية ، كان دماغي فارغا من أية فكرة أو أشباهها إلا من صورة لسياج بيتنا وهو يفتقر بشدة لوجود القطط التي كانت صائلة ً جائلةً بالأمس، تجعله سياجا حيا بالصورة والصوت عندما تهرُّ على بعضها وتمارس تلك العادات القططية من مثل المواء الحواري بين ذكرين أساءا فهم بعضهما أو بين ذكر و أنثى غير مقتنعة بعرض الذكر أو لونه أو كثافة شاربه ، أقول ربما و أتساءل أين ذهبت تلك القطط، ربما فعلت ذلك لأنها كائن ليلي مثل الأحلام تماما ، فهي قطط نائمة لا غير خلال معظم النهار وفي الليل الذي نهرب منه جميعاً إلى النوم لها شأن آخر ربما تقتات على الأحلام، لا نعلم ، ربما هذا هو سر ولعها بالظلام، الأحلام والقطط يملآن ليلنا ، ننام ونصحو فنجد القطط تموء بوداعة و الأحلام لا أثر لها ، هل أكلتها القطط؟ ربما ! ،شيء آخر تجدر ملاحظته وهو أن القطط تتواجد بكثرة في مناطق الفقراء الحالمين ،ذلك أن مناطقهم هي أكثر حقول الأحلام ثراءً وهي تطوف على أسطح منازلهم وفي غرفهم وهم نائمون لذلك ربما تقتات هذه القطط على الأحلام المنفلتة من رؤوس الحالمين ليلا دون أن يشعروا ، ذلك يفسر اختفائها المفاجئ لأن موسما ً من الأحلام السمينة تجتاح مخيلة الفقراء في بلادنا هذه الأيام و إذا صح الحدسُ و إنها تلتهمُ الأحلامَ ليلاً فقد تأكد لي أن سبباً وجيهاً وراء اختفائها هذه الأيام،و إنها ربما هي القطط ذاتها التي رأيتها تزدحمُ في الحلم وعندما خلدت إلى النوم وتوغلتُ في عوالمه رأيت الرجل ذاته لليلةِ الثانية يجلسُ على كرسيٍِّ من الطراز الفيكتوري ، رجلٌ خمسيني لا يلوح لي منه غير قفاه وصلعةٍ كنت قد رأيت مثيلتها في مكان ما ، أين يا ربي؟ أين ؟... ربما في محل الحلاقة إذ كان كثير من الناس ينتظرون دورهم لجزّ رؤوسهم عفواً أسأت التعبير أقصد حلق رؤوسهم نعم تذكرت هذه الصلعة رأيتها في دكان الحلاق ، نعم ..نعم إنها صلعةُ قاطع الرؤوس ،أوه أقصد حالق الرؤوس ورأيت الكثير من القطط تزدحم أمامه وتموء بتذلل وتهز ذيولها بتلك الحركة التي تعبر عن أمل ما في الحصول على شيء من يد الرجل ووددتُ لو أنني أعرف ما بين يديه وما الذي يقدمه لها لكنه بإشارة من يده التي قاربت أن تفقأ عيني في الحلم أيقظني فرحتُ أتفرس في سقف الغرفة التي تضم سريري وكان الوقتُ يقارب العاشرة َ صباحا وضعت قدمي في نعالي الجلدي وخرجت إلى حديقتي الصغيرة وكان طبيعيا أن لا أجد أثرا للقطط في هذا الوقت لأنها ستكون نائمة بعد ليل حافل ورحت أفكر بمغزى اختفاء القطط في الواقع ووجودها بكثافة في الحلم تزدحم أمام الرجل الذي كان يلقي لها بشيء ما من الإناء الذي بين يديه وتلبستني رغبة ملحة في معرفة ما يجري ، ملأت كوب الشاي الحار ورحتُ أتلذذ برشفات متقطعة وسريعة لعلي أهتدي لمغزى حلمي المتكرر ولكن دون جدوى ، ورغم أنني أصبت بهلعٍ شديد واستيقظت مرتعباً من حلم الليلة البارحة إلا أنني وجدتُ نفسي أتوق لمعرفة سر هذا الرجل المتكرر في أحلامي حتى كدتُ أظن أنه هو الحقيقة وأنا الوهم وهكذا عبأت نفسي برغبة مستطلعة ونمتُ نوما هادئا ً لا أحلامَ فيه إلى درجة إحساسي بالضجر من انتظاري للرجل الأصلع وراودتني فكرة الصحو غير أنه حضر أمامي فجأة مع جمع من القطط التي بدت سمينه وهو يطعمها من إنائه وأحسستُ أنه يريدني أن أرى ما في الإناء ويا للهول مما رأيت ، كان الإناءُ مملوءا بكل أحلامي التي حلمت بتحقيقها ولم تتحقق كان قد قطعها أشلاءً وبدت من لحم ودم وكأنني رأيتُ لحمَ بعضها يرف مثل لحم خروفٍ مسلوخ ٍ تواً وهو يلقي بها للقطط الجائعة المتلمظة وينظر إلي ويضحك ولما حاولت أن أعترض على ما يجري كان مستعدا فأخرج مسدسا و أطلق النار علي دون تردد فصرخت وكنت أضع يدي على قلبي ولما فتحت عيني وجدتُ من يكلمني وبيده قدح الماء وحبة الدواء وكان عرقُ غزيرٌ يتصبب فوق جبيني وفي لحظةٍ بعدها وبعدما هدأت أوصالي سمعت عراك هرين كبيرين في وضح النهار وكأن القطط تأكدت من أنني لا أشكل خطرا على مصالحها بعد أن أطلق الرجل الخمسيني الأصلع الرصاص على قلبي و إن أحلامي أُكلت ولم أعد أملك منها شيئا، ربما كان ذلك ما تحاشاه كبار السن المتقاعدون لكي لا يثيروا أرواحها السبعة وفضلوا أن يتحدثوا دائما عن قدراتها السرية وعلاقتها باختفاء الأحلام.



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرةٌ إنطباعيةٌ
- رجع قريب
- الشبيه
- يوم إستثنائي-قصة قصبرة
- طفوّ قصة قصيرة
- غنِّ يا حمام النخل
- يوميات طفل الحلم
- درب قصيدة
- سلاماً أيها الوطنُ المباحُ
- أيام صائد الفئران
- ربيع الكونكريت
- رياح الوجد-قصيدة
- رنين بعيد
- سمت الرؤى-قصيدة
- صيدالأرانب-قصة قصيرة
- عللاني بما مضى -قصيدة
- نزيهة ُ حبيبتي - قصة قصيرة
- `ذاكرة خريف
- أيها القمر
- قَتَلة- قصة قصيره


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - قطط و أحلام