أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جودت شاكر محمود - حرية الإرادة والحتمية في السلوك الإنساني















المزيد.....



حرية الإرادة والحتمية في السلوك الإنساني


جودت شاكر محمود
()


الحوار المتمدن-العدد: 3520 - 2011 / 10 / 19 - 15:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حرية الإرادة والحتمية واحدة من المواضيع الدائر عليها الكثير من الجدل بين علماء النفس والفلاسفة، ومنذُ وجود هذا الكائن على هذه الأرض، ولا يزال قائما إلى هذه اللحظة، وسوف يستمر هذا الجدال إلى ما بقى هذا الكائن متواجداً ويحظى بفرصة العيش على هذا الكوكب. أن مسألة "الإرادة الحرة" مقابل "الحتمية" هي واحدة من أقدم وأهم المشكلات العويصة التي تعرضت لها الفلسفة، ومن ثم باقي العلوم، بالدراسة والبحث. وقبل أن نسترسل بموضوعنا علينا أن نعرف ما المقصود بالحتمية وبالإرادة الحرة أو حرية الإرادة.
الحتمية Determinism هي واحدة من المفاهيم الرئيسية التي يتم استخدامها من قبل قسم من الفلاسفة لرفض وجود الإرادة الحرة للفرد. والحتمية هي النظرية أو وجهة النظر التي تقول إن سبب كل عمل يقوم به الإنسان وبالكامل هو نتيجة الأحداث السابقة، وليس عن طريق ممارسته لإرادته، أي هناك سبب ما لكل حدث أو ظاهرة (نتيجة). يقول لابلاس( Laplace) ترتبط الأحداث الحالية بأخرى سابقة، من حيث المبدأ، وأن لا شيء يمكن أن يحدث من دون السبب الذي ينتجه. كذلك اينشتاين(Einstein) فانه يؤكد على العلاقة السببية الصارمة، مع عدم وجود خيارات حرة، فتعليقه الموجز(الله لا يلعب النرد بالكون). ويتم تعريف الحتمية باسم "مبدأ السببية الشاملة ". وهي في الواقع اسم لفئة كاملة من النظريات التي لديها ميزة مشتركة، هي، أن هناك سبب ونتيجة يمكننا أن نفسر بهما جميع الظواهر الموجودة في الوجود المادي والاجتماعي والنفسي، والسبب دائما يسبق النتيجة. على سبيل المثال هناك: الحتمية المادية physical determinism، والحتمية النفسية psychological determinism، والحتمية المنطقية logical determinism ، والحتمية العقلانية rational determinism.
كما أن الحتمية هي أطروحة فلسفية وعقيدة تهدف إلى تصميم الأحداث وفقا لمسبباتها، حيث أن كل حدث هو نتيجة حتمية لأسباب أو عوامل أو متغيرات سابقة عليه، والتي لا يمكن أن نصل إلى هذه النتيجة بدونها. أي لا شيء يمكن أن يحدث أو يوجد في هذا الوجود من ظواهر(نتيجة) دون وجود سلسلة متصلة من الأسباب، وبضمنها خيارات الإنسان الفرد أو مجموع الأفراد. وبذلك فان حرية الاختيار وهم يعيشه هذا الكائن.
كما إنها مذهب علمي يشير إلى أن جميع الحوادث في الطبيعة تجري وفقا لقوانين الطبيعة ذاتها. حيث إن مبدأ في الميكانيكا الكلاسيكية يوضح أن قيم المتغيرات الديناميكية للنظام والقوى المؤثرة على النظام في وقت معين، تحدد وبالضبط قيم المتغيرات في أي وقت لاحق. وهي تُطبق على الأخلاق وعلم النفس. والحتمية عادة ما تنطوي على الحرمان من الإرادة الحرة ونفيها. وهناك خلط أحيانا بين الحتمية مع الأقدار والإيمان بالقضاء والقدر. وهي الموقف الذي يسمى أيضا أحيانا بـ"القدرية"، وهذا الاعتقاد أساسه أن الأحداث يتم تحديدها مسبقا وقبل وقوعها، من قبل قوى أخرى، فكل شيء يحدث من أحداث لا مفر منها. ولذلك فإن جميع أفعالنا محددة سلفا. وليس هناك إرادة حرة أو مسؤولية أخلاقية ولا يوجد مفراً منها. والقضاء والقدر كثيرا ما يرتبط بالفكر الديني "وما يصيبكم إلا ما كتب الله لكم". والقضاء والقدر هو شكل ضعيف من الحتمية. فمصطلح لا جديد تحت الشمس، أي لا شيء جديد يمكن أن يأتي إلى حيز الوجود، كل شيء موجود وانتهت عملية الخلق أو التطور، سمها ما شأت. هذا الفكر له آثار جذرية وبعيدة المدى على العلوم والأخلاق والدين والسياسة. وكل جوانب الحياة المادية والعلمية والثقافية والاجتماعية والنفسية. حيث أن كل الأحداث في المستقبل غير قابلة للتغير. وان حرية الإنسان مجرد وهم لا غير.
هناك درجات وأنواع مختلفة من نظريات أو وجهات نظر تتبنى مبدأ حتمية، وقد يكون بعدد العلوم أو الظواهر الأساسية في هذا الكون. وكل رأي مفاده أن ما يحدث في هذا الكون هو بسبب مجموعة من المسببات. وهذه المسببات تنقسم إلى أسباب خارجية، أو أسباب داخلية، وليس للإنسان سلطان عليها. وهناك أنواع مختلفة من الحتمية منها: الفلسفية أو الدينية أو العلمية. ولكننا نستطيع استعراض بعض تلك الأنواع هنا، وهي:
الحتمية الفلسفيةPHILOSOPHICAL DETERMINISM تستند على النظرية السببية الكلية. وهذا الاعتقاد يشير إلى أن كل شيء في الكون بما في ذلك جميع أفعال البشر وخياراتهم، محددة سببيا ومن الممكن التنبؤ بها من الناحية النظرية، ونحن فقط بحاجة إلى معرفة تأثير المسببات. والخيار الأخلاقي وهم، وهو نتيجة لجهلنا بتلك المسببات. ونتيجة لذلك نحن لا يمكن أن نكون مسئولين أخلاقيا عن أفعالنا، فهي مصممة سببيا وليس نتيجة لخيارنا الذاتي أو الأخلاقي.
أما الحتمية الماديةPhysical determinism والتي تعود أصولها إلى ذرية كل من ديموقريطس ووكريتيوس، وهي النظرية التي تؤكد أن التفاعل الإنساني لا يتم إلا وفق العلاقات البيولوجية، والكيميائية والكيانات الفيزيائية، وهذا أمر كان أساساً لصياغة البيولوجيا الاجتماعية الحديثة وعلم النفس العصبي. وأن جميع العمليات المادية يتم تحديدها وفق القوانين المادية. وجميع أفعال وتفكير ومشاعر الناس هي عمليات ذات أساس مادي، وتتحدد وفق قوانين المادة.
أما الحتمية التاريخية HISTORICAL DETERMINISM والتي كثيرا ما يشار إلى مؤسسها كارل ماركسKarl Marx وفلسفته في التاريخ والتي تدعو إلى أن جميع الأحداث الحالية للإنسانية حصراً يتم تحديدها وفق الظروف السابقة ذاتها. حيث أن الناس تتصرف دائما بنفس الطريقة. كما إنها منهج في تفسير التاريخ، وفق مبادئ المادية التاريخية. وفي المقابل يمكننا تفسير مسألة الإرادة الحرة في مقابل هذه الحتمية، وذلك من خلال ما هو معروف باسم "نظرية الرجل العظيم" في مقابل "نظرية قوى تاريخية" في التاريخ.
وكذلك هناك الحتمية الاقتصادية Economic determinism والتي هي مذهب يميل إلى تحديد العوامل الاقتصادية. كما انه موقف فلسفي ونظري، وهو الأكثر شيوعا، وترتبط بأحد قوانين الفكر الماركسي، التي تؤكد أن الظواهر الاجتماعية لها جذورها في علاقات الإنتاج. ووفقا لهذا المبدأ فأن علاقات الإنتاج تشكل القاعدة التي تقوم عليها الحياة السياسية والقانونية والاجتماعية والثقافية لأي مجتمع.
الحتمية البيئية Environmental determinism
هو الاعتقاد بأن البيئة (وأبرزها العوامل المادية مثل التضاريس والمناخ) هي التي تحدد أنماط الثقافة البشرية والتنمية الاجتماعية. وفق الحتمية البيئية نعتقد أن هذه العوامل البيئية والمناخية والجغرافية وحدها هي المسئولة عن الثقافات الإنسانية والقرارات الفردية و / أو الظروف الاجتماعية وعمليا أي تأثير على التنمية الثقافية. والحجة الرئيسية للحتمية البيئية تنص على أن الخصائص البيئية لمنطقة ما مثل المناخ أو التضاريس سيكون له تأثير كبير على التوقعات النفسية لسكانها. ونرى هذه النظرة لدى ابن خلدون(1332-1406) باعتباره واحدا من مؤيدي الحتمية البيئية الأولى، وأوضح أن سبب اسوداد جلد الإنسان هو بسبب المناخ الحار وخاصة المنطقة الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء. بالرغم من وجود بذور لوجهة النظر هذه في التراث القديم لدى أفلاطون وأرسطو. ومن ثم أحياها (تشارلز دارون Charles Darwin). على سبيل المثال: يقال أن المناطق المدارية كانت أقل تطورا من خطوط العرض العليا بسبب الطقس الدافئ هناك وبشكل مستمر بما يجعل من السهل البقاء على قيد الحياة، وبالتالي، فأن الناس الذين يعيشون هناك لا يعملون بجهد لضمان بقائهم على قيد الحياة. ومثال آخر على الحتمية البيئية يمكن أن نشير إلى النظرية القائلة بأن المجتمعات التي تعيش داخل الجزر ذات سمات ثقافية فريدة، وذلك فقط بسبب عزلتهم عن المجتمعات القارية.
الحتمية الإلهيةDIVINE DETERMINISM ويتم تفسير السلوك وفق مسبب خارجي هو القوة أو القدرة الإلهية التي حددت مسبقا كل شيء وجعلت له سببا. فنحن مخلوقات جبلت وتحدد مصيرها ومستقبلها بفضل قدرة الله. وما لنا سوى الطاعة والاستسلام لقدرنا المحتم. فالله هو القدير العليم. يمكن للمرء التعبير عن هذه الحتمية مجازا بالقول أن هناك كتاب قد خطت سطوره يحمل كل ما يحدث لنا، وان كل ما هو مكتوب سيحدث بالفعل، أو أن المستقبل موجود بالفعل في عقل مَنْ خط سطور هذا الكتاب وهو الله. وهو ما يسمى الإيمان بالقضاء والقدر. وفقا لمصير الشخص الذي حدده القدر تتم الأحداث المهمة في حياة الفرد. ولكن الإيمان بالحتمية ليست بنفس الإيمان بالقضاء والقدر. كما أن الإيمان بالقضاء والقدر، يقول لك بأن مصيرك ثابت مهما تفعل.
الحتمية العلميةSCIENTIFIC DETERMINISM العلم يتميز بالآلية، وهو يستند إلى السببية الكلية. فالعلم يخبرنا بان لكل فعل أو حدث مادي سبب مادي كامن خلفه ويمكننا معرفته. ويمكن أن نعزي بداية هذه السلسلة السببية إلى لحظة الانفجار الكبير. وإذا ما نظرنا إلى العقل فانه ناتج عن نشاط مادي يتم وفق نبضات الدماغ الكيميائية، وبناءا على ذلك فأن أفكارنا وقراراتنا محددة مسبقا. ويمكن أن نستكشف أسباب السلوك البشري من خلال فروع العلم المختلفة والتي هي، مثل: علم النفس، علم الاجتماع، علم وظائف الأعضاء، وعلم الإنسان. كما أن هناك انتظام في الطريقة التي تتصرف بها الطبيعة وذلك وفقا لقوانين علمية التي تُمكننا من معرفة كيف ستتصرف الأشياء. ومثال على ذلك: قانون نيوتن للجاذبية. ويمكننا أن نشير إلى إن الحتمية العلمية تؤكد على:
• المستقبل يتحدد من خلال الحاضر.
• المستقبل لا يمكن التنبؤ به دون معرفة الحاضر بشكل دقيق.
• المعرفة الكاملة والدقيقة للحاضر تمكننا من معرفة الماضي.
• للوصول إلى الوضع الراهن هناك سلسلة سببية واحدة(من الأحداث والمواقف) بدايتها في الماضي السحيق، وتصل وبدون حدود إلى المستقبل البعيد.
ولكن هذه الحتمية لا يمكنها الوفاء بتعهداتها في التنبؤ بالمستقبل وإعادة بناء الماضي، وذلك وفقا للنظرية التقليدية. حيث هناك في الطبيعة ما يسمى بالاضمحلال الإشعاعي الذي يؤدي إلى عدم استقرار طاقة النشطة من النيوترونات والبروتونات في نواة الذرة المشعة.
ووفقا لنظرية الفوضى ليس هناك استقرار أو تكرار أي استنساخ قوانين التطور في كل مرة. كما أن عدم دقة قوانين التطور والتعقيد في هذه القوانين إلى جانب الفوضى حيث أن في بعض الأحيان الاختلاف الصغيرة جداً في بيانات الظاهرة الأولي، أي صغيرة جدا بحيث لا يمكن ملاحظتها، تنتج اختلافات كبيرة وغير متوقعة في الظاهرة. كلها مسببات تؤدي إلى عدم القدرة على التنبؤ وفق الحتمية العلمية. أنه ليس من الواضح أن قوانين الفيزياء هي حتمية تماما، وعما إذا كانت أو لم تكن، فليس من الواضح أن هذا من شأنه أن يضر بالإرادة الحرة.
كما أن الفيزياء الحديثة تخبرنا أن سلوك الجسيمات على مستوى الكم ليست حتمية، ولكنها تعتمد على قوانين الاحتمالات.
في حين أن الحتمية النفسية psychological determinism هي الأسس والمبادئ التي تستند عليها بعض نظريات علم النفس في دراستها وتفسيرها للسلوك البشري. وبما أن أدعياء الحتمية يقولون أن طبيعة هذا الكون محكومة ببعض القوانين العلمية الكلية، حيث أن كل حدث يسببه سببا معينا يكون قد سبقه، أذن فأن أفعال الإنسان ليست استثناءاً عن ذلك. والكثير من نظريات علم النفس تتبنى الحتمية بدلا من الإرادة الحرة.
وفقا لهذه الحتمية النفسية، فأن كل السلوك البشري، والأفكار والمشاعر هي نتيجة حتمية للقوانين النفسية المعقدة التي تصف علاقات السبب والنتيجة في سلوك الإنسان. وهكذا يمكننا نظريا التنبؤ بجميع القرارات والإجراءات والسلوكيات والمشاعر التي يمكن أن نتخذها. علما بأن هناك العديد من العوامل التي تؤثر على سلوك الإنسان، مثل: الوراثةHereditary، المجتمعSociety ، الثقافة Culture، البيئةEnvironment.
وضمن هذا الاتجاه فأن هناك من الذين يعتقدون في حتمية الاعتقاد بأن كل السلوك الإنساني يتم تحديده من قبل قوى خارجية، في حين هناك من يعتقد بكونه يتحدد وفق قوى داخلية تعمل على الشخص. والمثال على القوة الخارجية أن الآباء يقدمون مكافأة لنوع معين من السلوك، وحرمان نوع آخر من السلوك من تلك المكافأة، وبالتالي يتم التشجيع على المزيد من ذلك السلوك الذي تم مكافئه. في حين أن أصحاب القوى الداخلية والتي هي متمثلة بالهرمونات والجينات الوراثية والغرائز، فإنهم يعزون أسباب السلوك إلى هذه العوامل.
فالمنهج البيولوجي الحيوي يعتقد أن السلوك يتحدد بواسطة جملة من العوامل ذات الارتباط بالكائن الحي. كالصفات والجينات والهرمونات والغدد الصماء والتأثيرات الكيميائية الحيوية والأنشطة الكهربائية في المخ، إضافة إلى شذوذ الصفات الوراثية. كما أن هناك من حدد السلوك بالمحددات التكوينية للفرد(نمط بنية الجسم) فأنظمة الشخص الداخلية هي التي تحدد سلوك هذا الشخص. وفي ما يتعلق بالاضطرابات العقلية فان هذا النهج ينص على انه ليس خطأ المرضى بان يكونوا مرضى. قبل أن يضع علم الأحياء لهم شروطاً معينة، والتي لا يمكن السيطرة عليها إلا بالتلاعب ببيولوجياتهم الخاصة. وقد ثبت هذا، إلى حد ما، كمعرفة أن اضطرابات مثل الفصام وهو نتيجة لمستويات عالية من الدوبامين في الدماغ.
كذلك أن الحتمية النفسية تعتبر هي الأساس العلمي لنظرية التحليل النفسي والتي تشير إلى إن الحالة النفسية الداخلية للفرد هي التي تتسبب في السلوك البشري مثل الرغبات والحاجات. فقد أعتقد (فرويد) أيضاً بقوة في الحتمية، وأشار إلى أن الحرية هي مجرد وهم، وإلى أننا غير مدركين للأسباب لاشعورية التي تحرك مشاعرنا وسلوكياتنا.
وافترض بان الناس تدفعهم رغبات عارمة لكسب المتعة أو اللذة والمحافظة على الذات Self-Preservation وطاقة هذه الغريزة أطلق عليها مصطلحLibido وهي تتجه إلى التكاثر والبقاء على الحياة. وطبقاً لفرويد، فأن ظاهرة بديهية وتافهة مثل دعوة شخص ما باسم شخص آخر هو نتيجة أسباب مؤكدة في منظومة دافعية الشخص. وأن زلات اللسان الفرويدية هي أخطاء عفوية لكنها مدفوعة بدوافع تكشف رغبات الشخص الحقيقية. ووجهة النظر هذه تسمى بالمدرسة السيكوديناميك Psychodynamic والتي تعتقد بأن الأنظمة الداخلية مثل آليات الدفاع التي تُقرر طريقة تصرف الناس كبالغين. والمنهج السيكوديناميكي بالرغم من انه حتمي أساساً، إلا انه يعتقد من إن هناك إمكانية لحرية الإرادة. فقد صرح (فرويد) بأن التحليل النفسي مستند على الاعتقاد بأن الناس يُمكن أَن يُغيروا سلوكهم. كما أن هناك أطراف أخرى ضمن وجهة النظر هذه قدمت جملة من التفسيرات للسلوك الإنساني.
أما الحتمية السلوكية، فيعتقد السلوكيون وبقوة بالحتمية السلوكيةbehavioral determinism. أنهم يؤمنون بأن التنبؤ الدقيق بالسلوك البشري ممكن إذا كان من الممكن معرفة المواقف التحفيزية الحالية للفرد، وخاصة إذا كان هناك تاريخ من التكيفات معروفة لدينا. إذ يقول(سكنرSkinner) أن السلوك محدد بالمؤثرات أو الأحداث البيئية، وبان البشر يميلون لتكرار السلوك الذي تمت مكافئته. وذكر (سكنر) بان الإرادة الحرة هي مجرد وهم. في حين يقلل سكنر من العوامل الداخلية التي لا يمكن ملاحظتها ويتبنى هذه الحتمية الخارجية، والتي تشير إلى أن سلوك الأفراد هو نتيجة لأسباب ومؤثرات البيئية الخارجية.
كما يعتقد (إيفان بافلوفIVAN PAVLOV) أن الانعكاسات المشروطة ذهنيا يمكن أن تفسر سلوك الناس. في حين أن سكنر Skinner يستند في نظريته إلى (تكييف الوسيلي) والذي يقوم على فكرة أن التعلم هو وظيفة للتغيير في السلوك العلني، والتغييرات في السلوك هي نتيجة لاستجابة الفرد للأحداث (منبهات) التي تحدث في البيئة. والاستجابة تنتج نتيجة لذلك.
بالرغم من أن هناك الكثير من وجهات النظر التي برزت وتفرعت عن وجهات النظر هذه والتي هي البيولوجية والتحليلية والسلوكية. وهي كلها تدور حول أن حتمية السلوك أسبابها أما داخليا أو خارجيا وليس للفرد سيطرة عليها. وتبعا لذلك فان الفرد لا يمكن أن يكون مسئولا عن جيناته أو بيئته. وبناءً على هذا الشرط البسيط، فمن المؤكد أنه لا يمكن أن يترتب على ذلك الفرد منطقيا أن يكون مسئولا عن سلوكه.
وطالما كانت الحتمية النفسية نظرية تفسر السلوك البشري، وبأنه نتيجة للعوامل الداخلية أو الخارجية الثابتة والمحددة. وبالتالي فأن البشر ليس لديهم إرادة حرة حقيقية أو مسألة أخلاقية نتيجة لممارستهم سلوكا ما. وهناك العديد من الآراء الداعمة لهذا الاعتقاد وتفسر السلوك الإنساني استنادا له، كما عرضنا سابقا. في حين هناك من يعتقد بأن سلوكنا هو تحت سيطرتنا وان سلوكنا لا يمكن رده إلى أي عوامل داخلية أو خارجية. إذ لا يمكن للفرد أن يكون مسئولا عن جيناته أو بيئته، ومن المؤكد أنه لا يمكن أن يترتب على ذلك منطقيا في أن يكون الأفراد مسئولين عن سلوكهم. لذا جاءت وجهة النظر الرافضة والمعاكسة للحتمية. والتي هي حرية الإرادة.
فعند الرجوع إلى الفيزياء الكوانتية quantum physics التي تحتوي على عنصر من اللاحتميةindeterminism. والتي تفترض مبدأ عدم اليقين المادي غير القابل للاختزال. والى جانب ذلك بعض مصطلحات الفلسفة الحديثة والتي منها كما هو معروف مبدأ الاحتمالات البديلةprinciple of alternative possibilities (PAP). وهو مقولة هاري فرانكفورت Harry Frankfurt الشهيرة والتي تنص على أن: " لا يكون الشخص مسئولاً أخلاقيا عن ما يفعله، إلا إذا كان بإمكانه أن يفعل غير ذلك" وهذا المبدأ قاد الكثيرين إلى الدخول في جدل ونقاش لا زال مستمرا.
أذن هل يمكننا الإجابة على الأسئلة التالية:
هل للبشر إرادة حرة ؟ هل هم حقا مسئولين عن أفعالهم ؟
هل امتلك حرية اختيار التعبير عن مشاعري، أفكاري، معتقداتي ؟
وهل املك حرية اختيار عملي ؟ بل اختيار مصيري؟
هذه الأسئلة كانت ولا تزال مطروحة على طاولة النقاش طوال تاريخ الفلسفة والعلم والدين، ولكن في القرن الحادي والعشرين أصبحت أكثر حدة، وبارزة وبشكل واضح أكثر من أي وقت مضى. في الواقع، هذا كله نتيجة لاستخدام العنف القوة من قبل العديد من الأطراف في عالمنا اليوم. دفع ذلك باتجاه بروز صراعات فكرية حول مفهوم الإرادة الحرة والمتمثلة بشعارات مثل الديمقراطية، وحرية التعبير، وحرية التنظيم السياسي، وحرية أنشاء جمعيات المجتمع المدني، وحقوق الإنسان، ووو.
ولكن أولاً ما المقصود بحرية الإرادة ؟
هناك تعاريف مختلفة لحرية الإرادة، وقد أدى ذلك الاختلاف إلى صعوبة في تطبيقها على السلوك البشري. فالإرادة الحرة مفهوم هام، ليس فقط في مجال الفلسفة، ولكن أيضا في العلوم الفيزيائية، وعلم النفس، والعلوم الدينية. ومع ذلك، فأن كل هؤلاء يتشاركون في هذا المفهوم.
فمصطلح الحرية قد يكون أكثر صعوبة على الفهم. واحد الأسباب الرئيسية لذلك، هو أنها تعني أشياء مختلفة لأناس مختلفين. فالحرية هي الانفكاك من القيود التي تحد من حرية تحركنا، تفكيرنا، تعلمنا، ممارستنا لسلوك ما، لإبداء الرأي أو الفكر أو وجهات النظر. أما الإرادة الحرة هي القدرة على الاختيار من عدد من البدائل الممكنة المطروحة أمامنا في موقف محدد. أن ممارسة الإرادة الحرة يتكون من اتخاذ خيارات من بين مجموعة من الحقائق، خالية من الإكراه والضغط. في حين أن الحرية هي التحرر من القهر والقيود، والفعل حراً إذا كان ما نقوم به وفقا للمنظومة العقلية والمعرفية وبإرادتنا ودون تدخل عوامل أخرى.
الإرادة الحرة تثير تساؤل حول قدرة الإنسان في ممارسة السيطرة على العوامل العقلانية والغير عقلانية في تصرفاتنا وقراراتنا وخياراتنا. وتناول هذه المسألة يتطلب منا فهم العلاقة بين الحرية والحالة التي نحن عليها أو التي نرغب بالوصول إليها، وتحديد ما إذا كانت القوانين الطبيعة هي حتمية سببية أم لا. أن المواقف الفلسفية المختلفة التي اتُخذت تختلف بشأن ما إذا كانت كافة الأحداث يتم تحديدها من خلال الحتمية أم لا،(الحتمية مقابل اللاحتمية). وأيضا ما إذا كان يمكن أن تتعايش الحرية مع الحتمية أم لا. مقابل هؤلاء، هناك الذين يجادلون بان العمليات في الكون ذات طابع حتمي. وهذا يجعلها حتمية صلبة لا يمكن بل من المستحيل أن تتواجد أو تتعايش مع حرية الإرادة.
فإذا كان كل شيء وفقا للحتمية له سبب واضح ومؤكد، ففي هذه الحالة فان حرية الإرادة تعتبر شيء عشوائي. ولكن قليل جداً من الناس من يناقش أو يتبنى مثل هذا الموقف المتطرف. كما أن هناك من يعتقد بأن للحتمية تأثير على العالم الطبيعي ولكن ليس على البشر. وفي هذه الحالة هناك العديد من النتائج التي تُركت لا إجابات لها. كما تدعم الحجج الأخلاقية حرية الإرادة أيضا. ولكي نتوقع المسئولة الأخلاقية، يجب أن نتقبل مفهوم واحد لحرية الإرادة. فإذا تم تحديد سلوك الفرد من قبل قوة خارجة عن الفرد عندئذ لا يمكن أن يكون الفرد مسئولا عن أفعاله، أي لا يتحمل مسئولية أفعاله، وهنا لا مجال لما يسمى بالأخلاق والقيم. على أية حال، فان قوانيننا تصر على أن البالغين عندهم مسؤوليةُ فرديةُ عن أعمالهم، ولذا ضمنياً المجتمع يدعم حرية الإرادة.
كما أن الإرادة الحرة تتحقق بوجود شرطين من أربعة شروط يمكن ملاحظتها في الإرادة الحرة. من هذه الشروط: الناس لديهم سيطرة على أفعالهم. ليس هناك ضغط أو أكراه من قبل أي شيء أو أي شخص عليهم. الناس هي التي تختار تصرفاتها وتسلك وفقها. السيطرة الكاملة والطوعية والمتعمدة.
والمثال على الإيمان أو الاعتقاد بالإرادة الحرة في علم النفس، علم النفس الوجودي Existentialist Psychology وعلم النفس الإنسانيHumanistic psychology. فالإنسانيون في صالح الإرادة الحرة لأنهم يعتقدون أن البشر ليسوا مصممون على التصرف بطريقة معينة. لذا جاءت وجهة النظر الإنسانية والتي يمثلها علم النفس الإنساني، والذي هو احد التيارات النفسية التي تتبنى فلسفة الإرادة الحرة. فهؤلاء يعتقدون بان الناس لديهم القدرة على التصرف وبطريقة معينة وفقا لإرادتهم. وهي بذلك مؤيدة لحرية الإرادة، فهي تعتقد بان الأفراد لديهم إرادة حرة. وأشار كلا من ماسلو وروجرز Maslow and Rogersبان سلوك الأفراد تحت رحمة قوى خارجية هو فكرة خاطئة، وذلك لكون الناس عندهم إرادة حرة تمكنهم من اختيار الطريقة التي يرغبون التصرف وفقها. ووفقا لماسلو (1950) نحن جميعا نسعى لتحقيق الذات، وأننا نتحرك وفقا للإرادة الحرة. كما استند (روجرز) في العلاج المتمركز حول العميل على فكرة أن الأفراد لديهم إرادة حرة يتمكنون من التصرف في ضوءها. وكما هو معروف فان المعالج هو شخص ميسر وله دور في مساعدة المريض على ممارسة حرية الإرادة وزيادة الفوائد المترتبة عليها في الحياة. ويعتقد (روجرز) بان حرية أفعالنا تتم داخل هذا الإطار. وفيما يتعلق بالمرض العقلي، فهو نتيجة لعدم قدرة المرضى على تقبل أنفسهم أو الآخرين الذين من حولهم. كما إن وجهة النظر الإنسانية تعتقد أن المرض هو بسبب حرية الإرادة والقرارات الشخصية. في حين أن حالة السلوك وفق المنهج الحتمي هو آلي للغاية، ويكون من المستحيل دحض الافتراضات المحددات للسلوك.
وقد حاولت الفلسفة أن تقدم لنا بعض الإجابات حول حريتنا وهل هي واقع أم وهم. فقد أشار سقراط إلى أن المعرفة حرية، والجهل عبودية. يقول دانيال دينيت Daniel C. Dennett عن الحرية الإنسانية بأنها " ليس وهماً؛ هي ظاهرةُ موضوعيةُ، مُتميزةٌ عن كل الشروط الحيوية الأخرى وجدت فقط في نوع واحد " من الكائنات وهو الإنسان. في حين هناك من يضع قيود على حرية الناس بدعاوي كثيرة منها أن الله حدد حرية الإنسان. فإذا كان هذا صحيحا فكيف نكون أحراراً.
فإذا كان البشر لا يملكون الإرادة الحرة أي القدرة على اختيار، فان جميع الإجراءات والأخلاق والقيم الدينية، في ضوء هذا المنحى هي شيء تافه لا معنى له. فهنا يتساوى السارق والشخص المُتصدق، فكلهم مجبر على ذلك السلوك، ليس لهم القدرة على المقاومة أو الامتناع عن القيام بما يفعلون.
كما أننا لدينا تصور ذاتي مستمد اغلبه من تجاربنا الشخصية. نحن نرغب بان نكون عقلانيين، واعين اجتماعيين، أخلاقيين. ولكن هناك من يصورنا بأننا كائنات تعيش تحت رحمة العديد من الجبابرة والطغاة التي تتحكم بنا وتسيرنا وفقا لطبيعتها وكأننا فئران تجارب، أنها تفقدنا حريتنا وإنسانيتنا، تلك هي الحتمية بكل أنواعها. فالباحث البريطاني روجر سميث يشير إلى إن البشرية ترتبط ارتباطا وثيقا بفكرة المصير ومفهوم الحرية. (ويضيف) "حريتنا ليست مجرد حرية الاختيار والتصرف بطريقة مختلفة، وإنما هو أيضا حرية التفكير والاعتقاد بشكل مختلف، ورؤية العالم بطريقة مختلفة، ولمعرفة تكويناته المختلفة وأن نصفها بكلمات مختلفة". الحرية تشير إلى غياب القيود، والقدرة على الوقوف وحيدا وبدون سندا.
في حين هناك من يؤمن بوجود حرية الإرادة جنبا إلى جنب مع الحتمية، ومتوافقة مع بعضها البعض. فهنا يشير إيدلمان Edelman G. (1992)إلى أن"... أي إنسان لديه درجة من الإرادة الحرة. أن الحرية ليست جذرية، ولكن، إنما تقلصت من قبل عدد من الأحداث الداخلية والخارجية والقيود ". وقد تم الطعن في حقيقة الحتمية من أقرب الفلاسفة، وهذا ما يمكن ملاحظته لدى أبيقور Epicurus ووكريتيوس Lucretius، إلى جانب النظريات الفيزيائية والتي منها نظرية ميكانيكا الكم quantum mechanics ، والتي تفترض مبدأ عدم اليقين المادي غير القابل للاختزال. وكذلك نظرية الفوضى، والتي تشير إلى أن أحداثا صغيرة لا يمكن حتى ملاحظتها يمكن أن تحدث تأثيرات كبيرة غير متوقعة. هذه الحتمية تسمى بالحتمية الناعمة أو اللينة.وتسمى في علم النفس بالحتمية التبادلية.
الحتمية الناعمة(اللينة) SOFT DETERMINISM
هي النظرية التي تحدد أن سلوك الإنسان بالكامل هو نتيجة للإجراءات التي اتخذتها الأحداث السببية، ولكن الإرادة الحرة عند الإنسان موجود على النحو المحدد وبالقدرة على التصرف وفقا لطبيعة الشخص (الذي يتشكل بفعل عوامل خارجية مثل المجتمع والتربية وأخرى داخلية مثل الوراثة والقوى النفسية الأخرى). الحتمية أللينة(الناعمة) تجادل بان سلوك الأفراد يتقيد بالبيئة، ولكن فقط إلى حد معين، فان بعض من السلوك معقد أكثر من البعض الآخر. وعنصر حرية الإرادة في كل سلوك موجود، ولكن يمكن أن تسيطر علية أحياناً قوة خارجية. فقد دعا (وليم جيمس William James) إلى هذا النهج والذي هو وسط بين الرأيين المتقابلين.
أما مسألة إلى أي مدى لدينا حرية إرادة فهذا سؤال فلسفي أكثر منه علمي، لان كل المعتقدات يمكن دحضها. علما بأن كل علماء النفس تتفق على أن السلوك يصنع، ولكن إلى أي مدى تؤثر فيه البيولوجيا، أو البيئة أو التجارب السابقة.
الحتمية لينة هو الرأي القائل بأن حرية الإنسان ومسؤوليته الأخلاقية بعيدة كل البعد عن كونهما يتعارضان مع الحتمية. الحرية تتعارض مع الإيمان بالقضاء والقدر، ولكن ليس مع الحتمية. وتخضع جميع الإجراءات بالكامل لأسباب ولكن هناك نوعين من الأسباب، هما :
أسباب داخلية: والتي تؤدي إلى اتخاذ إجراءات طوعية وفقا للإرادة الحرة. وفقا لرغبة الفرد. والمثال على ذلك رغبة الفرد بالسفر إلى مكان آخر خارج وطنه.
وأسباب خارجية: وهي اتخاذ الفرد إجراء ما، نتيجة للإكراه والفرض خلافا لرغباته. ومثال على ذلك مغادرة الفرد لوطنه خوفا وهروبا من القتل أو السجن. الحرية هي تصرف يتم وفقا لطبيعة الشخص والذي تحدده عوامل خارجية مثل التعليم، والوراثة، والمسؤولية الأخلاقية
التي قد يحسبها المرء، إلى جانب قدرات الفرد الفكرية والمعرفية ورغباته وميوله. وبذلك فان أفعال الفرد وحرية اختياره هي أيضا متوافقة مع المسؤولية الأخلاقية. فحينما يقوم الشخص بفعل نتيجة لضغط أو إكراه خارجي فهو غير مسئول عن تصرفاته، ولكن حينما يتصرف وفقا لرغباته هو فانه مسئول عن تلك التصرفات. فالحتمية اللينة Soft Determinismتوافق على أنه يتم تحديد كافة أعمالنا، ومع ذلك، فإن هناك فرقا بين اختيار (المهاتما غاندي) للصيام، وسجننا لشخص من دون طعام. في كلتا الحالتين، يتم تحديد الإجراءات، فالشخص في السجن لا يمكن له أن يفعل خلاف ذلك. أما السبب الذي فرض إجراءات غاندي كان سببا داخليا، حيث كان الرجل مؤمن بان هناك ظروف خارجية تستوجب ذلك. فالحتمية إذن هي:
• هزيمة للذات الإنسانية.
• سلوك غير عقلاني.
• تؤدي إلى تدمير المسئولية الأخلاقية للإنسان.
• تجعل العقاب والمكافأة أمر لا معنى له.
• تؤدي إلى هلاك الإنسان واستسلامه لقضائه.
• تؤدي بالمشاعر والعواطف الإنسانية إلى العدمية.
• انعدام الحاجة للخبرة والتجربة الإنسانية والمعرفة المتراكمة له. حيث أن معرفتي بالنتائج والمسببات لن تمنع عني قدري المحتوم.
• قد تتعارض مع الإيمان ببعض الأوامر الإلهية.
• تنفي جهود الإنسان والإنسانية في التطور وبناء الحضارة الإنسانية.
أن وجود الإرادة الحرة معناه أننا قادرون على القيام بأفعالنا طوعا. وأننا قررنا أن نتصرف اليوم خلافا لسلوكنا يوم أمس. ونحن أحرار في تقرير مصائرنا وفي تغير العالم. فالخطوة الأولى للحرية هي بالتحرر من قيود الجهل والخرافة والسيطرة على المشاعر والعواطف السلبية التي تمنعنا من الإمساك بمصيرنا الإنساني وأن نقرره. فالحرية هي وعي الضرورة consciousness of necessity . فالضرورة هي معرفة مسبقة، في حين أن الحتمية،عجز. أما الحرية هي إمكانيات، بدائل، مسؤولية.
لذا الإرادة الحرة هي شعور ذاتي، ومعظم الناس يعتقدون أن لديهم هذا الشعور بالإرادة الحرة ويدعمون ذلك. في حين يشير(سكنر) إلى أن مثل هذا القول: بأن الإرادة الحرة شعور ذاتي هو مجرد وهم. والسبب في ذلك هو أننا غالبا ما نجهل تاريخنا تعزيزاتنا الماضية. فهناك سلسلة من التعزيزات السلبية والايجابية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن. فنحن ليس وليدي اللحظة هذه. أما أولئك الذين يؤمنون بحرية الإرادة فان الأمور لديهم معقدة أكثر قليلا. فهم يتفقون على أن العوامل الخارجية والداخلية موجودة. إلا أن الناس لديهم إرادة حرة في اختيار سلوكهم. ويمكن تلخيص حجج حرية الإرادة أو الحتمية وفق بعض الأسئلة، منها هذا السؤال:
هل يمكن أن يكون سلوك الشخص مختلفا في حالات معينة إذا ما أراد ذلك ؟
وأولئك الذين يؤمنون بالحتمية يقولون: (لا). بينما أولئك الذين يعتقدون في حرية الإرادة سوف يقولون: (نعم).
أما في علم النفس فان هناك وجهات نظر عديدة حول الاعتقاد بالحتمية اللينة. منها نظرية التعلم الاجتماعيSocial Learning وعلم النفس المعرفي Cognitive psychology. أن نظرية التعلم الاجتماعي تشير إلى قدرة الفرد على اكتساب أو تعلم استجابات أو أنماط سلوكية جديدة من خلال المواقف والأطر الاجتماعية التي يعيش ضمنها. وهناك مصادر رئيسية ثلاثة تقوم عليها هذه النظرية هي: المتغيرات الذاتية(الشخصية) والمتغيرات البيئية، والسلوك. وهي بذلك تشكل نظاما متشابكا من التأثيرات المتبادلة والمتفاعلة. ويتم تحليل السلوك على أسس الحتمية التبادلية Reciprocal Determinism.
فعالم النفس (باندورا) Bandura وهو من السلوكيون الجدد من المؤمنين بالحتمية التبادلية، وأشار إلى إن هناك خلل في منهج السكينريين(أي المؤمنين بمنهج سكنر). فإذا كانت أفعال الناس تتقرر فقط بالمكافآت والعقوبات الخارجية، فان الناس سيكونون مثل دورات الطقس والتي يتغير اتجاهها وبشكل ثابت لكي يتوافق مع نزوات أو أهواء الآخرين. وذكر باندورا أن للناس أهداف بعيدة المدى، تسعى جاهدة لتحقيقها بدلا من أتباع الآخرين. وننتقد (سكنر) حينما ركز فقط على مجموعة واحدة من المؤثرات هي التي تحدد سلوكنا، وهي البيئة الخارجية ولكن سلوكنا يتحدد أيضا بيئتنا الداخلية. هناك عدد من المحددات المتعددة المختلفة من السلوك تجاهلها (سكنر) وبشكل كبير.
بالرغم من الحتمية في علم النفس، إلا انه في الواقع يمكن أن يوصف (علم النفس) بالاحتمالية. فنظرية الفوضى وتأثير الفراشة خير مثال على ذلك، حينما يتم تطبيقها على ظواهر علم النفس.
الحرية متأصلة في نفوس البشرية ولقد جُبلت عليها. وان الحتمية الأولى والأساسية في الإنسان هي الحرية. الحرية هي عملية التعلم والاكتساب، فكلما نتعلم أكثر نكتسب حرية أكثر. فمن خلال التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة أو المدرسة أو المجتمع نتعلم كيف نتكلم، كيف نصغي لما يقوله الآخرون، نتعلم كيف نفكر، كيف نكتب، نجادل، ونناقش، كيف نفرح ونخاف ونغضب. فبدون القدرة على التعلم هذه والتي هي الحرية الأولى، وفي ذات الوقت هي الضرورة الأولى، لما كنا أُناس وبهذا الشكل والمحتوى الحضاري والمعرفي.
يقولFelt James أن الشعور المشترك الذي لدينا جميعا بأننا أحرار في عملية صنع قراراتنا. وذلك عندما نقول "أنا فعلت هذا " أو "أنا أعلم أنني قد اخترت ذلك". ولا احد يشعر أننا نتصرف بدافع الضرورة طوال الوقت. وإن التأثيرات الخارجية لا تسبب قراراتي الداخلية. أنا حر في تجاهل تلك التأثيرات. والخيارات هي إبداعاتي الخاصة بي، وأنا أتأثر بها، ولكن ليس لها أي تأثير على الأسباب خارجية.
نحن نتعرض للكثير من الضغوط أو المعوقات أو المسببات التي خلقنا لنجدها في بيئة تحيط بنا من كل مكان، بالإضافة إلى أننا نرى بعضها كجزء من تكويننا البيولوجي، هاهي الجاذبية تمنعنا من الطيران في الفضاء إلى جانب تكويننا الفلسجي، ولكن حينما نعرف ونفهم تلك العوائق البيئية والفلسجية ونستطيع تجاوزها من خلال العلم والتعلم والذي هو الخطوة الأولى للتفكير والاكتشاف والابتكار وهكذا دوليك.
لو كنا ومنذ لحظة ولادتنا الأولى، مقيدين، لا نستطيع الحراك، فهل نتعلم الجلوس والقيام والمشي والركض. فالحرية جزء من التكوين الإنساني والذي يسهم في نموه وتطوره. وإلا لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن. من ثورة في المعرفة والتكنولوجيا وخاصة تكنولوجيا الاتصالات والتواصل بين البشر في هذا الكوكب. إذن الحرية هي القدرة على ممارسة الفعل(العمل). والفعل خالق ومطور لهذا الإنسان.
لو لم تكن هناك حرية لكانت البشرية نسخة واحدة متكررة، بالرغم من المسببات الجينية الوراثية أو البيئة الاجتماعية والثقافية. ولكن هناك حرية تتم من خلال الوعي بالضرورة. أي معرفة وفهم تلك المسببات والانطلاق منها عبر التفكير الأخلاق لتجاوزها والفكاك منها. حرية الإنسان في قدرته على تجاور الحتمية البيولوجية(الداخلية) والحتمية البيئية(الخارجية). ولكن هل كل الجنس البشري يمتلك هذه القدرة (الضرورة) من الحرية؟ فان الإجابة نعم ولكن الاختلاف في قدرة كل فرد في التعامل أو الاستفادة من هذه الحرية والعمل في ضوءها وتسخيرها إلى ما يطور نضجه ونموه إلى أفضل الخصائص الإنسانية أو يعوق ذلك النمو أو يحرفه باتجاه آخر هو يختاره وبذاته أو نتيجة لضغوط اجتماعية ثقافية.
فالإنسان يمكنه من ممارسة حريته بشكل تعسفي أو فوضوي عشوائي، ويمكنه الفعل عكس ذلك. فمن خلال فعل الحرية قد نتجاوز التوقعات التي يضعها الآخرون لنا أو التي نضعها نحن لأنفسنا. فليس هناك أنماط سلوكية من الحرية جاهزة يمكن اكتسابها ولجوء إليها لكي نكون أحرارا في إنسانيتنا.
كل فرد لديه حرية إرادة في أن يكسب عيشه من العمل الحر الذي يختاره والغير مؤذي له أو للآخرين في المجتمع، أو من خلال القيام بفعل السرقة من الآخرين، أو ببيع مواد مضرة للناس، أو أن يكون مرتزقا في إحدى المنظمات التي تمارس القتل. انه هنا يمارس فعل أو سلوك إرادي من خلال عملية الاختيار الحر. وبالرغم من أن هذا الاختيار قد يكون محدد ببعض الظروف، وانه يبقى في ضوء طبيعة ما يحمله من رغبات وأفكار وقيم وتقييمات لذاته وللآخرين والتحيزات والأفكار مسبقة، ولكن يبقى فعل الاختيار هذا من الفرد والإنسان الحر.
كما يجب الاعتراف بأن هناك حدودا واضحة لحرية الإرادة. فنحن لن نتمكن من التحليق بنجاح أو التنفس تحت الماء إلا إذا كانت هناك وسائل مساعدة المتاحة لنا، مثل طائرة أو جهاز التنفس للغواصين. إلى جانب ذلك يجب أن توجد قوانين في المجتمع مكتوبة تمنعنا من التصرف غير الأخلاقي. فالمسؤولية الأخلاقية تحافظ على وجود الأخلاق، في حين أن الأخلاق تفترض الإرادة الحرة.
كل شيء يخضع للسببية هذا شيء لا يمكن الجدال فيه، ولكن حينما نتعرف على الأسباب التي تسبق الفعل وعلى النتائج التي تأتي بعده. فأن ذلك يمكننا من الاختيار بين بدائل ذلك الفعل أو السلوك، ونسلك الأفضل منها. وبذلك نحن نتجاوز الحتمية السببية. فالعلم هو من يكسب الإنسان حريته. وليس الغرور أو التعصب أو الجهل والعمى. إن وجود الإرادة الحرة يعني أننا قادرون على الفعل طوعا، وأننا قد قررنا أن نتصرف بشكل مختلف عما يجب أن نفعله.
أن التعارض الواضح بين الإرادة الحرة والحتمية يأتي أساسا من سوء فهم حول معنى "الإرادة الحرة" وعلاقتها مع الحتمية. أن فلسفة الإرادة الحرة هي قدرة أفراد عقلانيين على اختيار مسار العمل من بين عدد من البدائل المختلفة. الإرادة الحرة ليست القدرة على القيام بكل ما نريد القيام به.
أن الوعي هو الحافز من أجل الحرية، لتغيير مصيرنا. الوعي هو الذي يقودنا إلى الحرية ينقلنا إلى الحقائق. على مستوى واعي نحن على بينة في جزء صغير فقط من المعلومات التي لدينا عن كيفية معالجة أدمغتنا للمعلومات في كل لحظة. في حين نحن ندرك باستمرار التغيرات الحادة في حالاتنا المزاجية، والأفكار والتصورات والسلوك، في حين نحن غافلون لحالة الدماغ التي تنتج هذه التغيرات. في الواقع أن الصلات السببية بين قراراتي وأعمالي هي شرط لعملي الحر. فمن الخطأ أن نتصور أن الحرية تتطلب أن أعمالي لا يكون لها سبب، أو أنها لا يمكن التنبؤ بها أو شرحها. ونحن كثيرا ما نخلط بين السببية والتقييد. بحيث نعتقد أن السبب هو شيء أو كأنه شخص يهددنا أو يجعلنا نفعل شيئا ونحن غير راغبين بذلك، وننسى أن للسببية آليات هي في الواقع أساس قدرتنا على العمل بحرية.
أن التقدم السريع لعدد من التخصصات التجريبية، ولا سيما علم النفس العصبي وعلم الوراثة، تحاول زعزعة إيماننا بوجود الإرادة الحرة والمسؤولية الأخلاقية. إلا إن عمق وقوة إدراكنا وقوة حدسنا بان هناك إرادة حرة ومسئولية أخلاقية على تصرفاتنا نحملها ونؤمن بها إلى حد الآن. كانت الجدار الواقي لمعظمنا ضد إنكار الإرادة الحرة. الحياة المعاصرة تؤكد على استقلالية الشخص، لذا كانت فكرة الإرادة الحرة قضية فلسفية تتميز بأهميتها في العصر الحديث.
لماذا نكلف أنفسنا عناء ارتداء حزام الأمان. إذا كان مقدر علينا أن نموت في حادث سير. العمل الإنساني عبارة عن سلسلة لانهائية من الأسباب السابقة والنتائج اللاحقة، سلسلة من الحرية والضرورة وفق القانون الجدلي، فالحرية تنفي الضرورة، وتأتي الضرورة لاحقا، لتنفي تلك الحرية وهكذا دواليك. فسلوكنا هو سلسلة من الحرية والضرورة المستمرة. وفقا لإيمان الإرادة الحرة ليس هناك ما يجبرنا على اتخاذ خياراتنا، أحيانا نشعر بأننا نتصرف بحرية، وأحيانا نشعر أن بعض القوى تفرض علينا. وهكذا فإننا نعيش في الكون مرتبطين بالضرورة فهناك حتمية محدودة وحرية محدودة. حرية الإرادة هي سمة من سمات التجربة الإنسانية. نحن على هذه الأرض نعيش حياتنا اليومية. كل منا له طريقته الخاصة في فهم الأشياء. كل منا له حقائقه الخاصة. وكثيرا ما نتكلم بنسبية الحقيقة، وهناك حقائق نسبية صغيرة. كل منا له مرشحه الخاص لتحليل الأشياء والأحداث والأفكار. ونحن ندرك المفاهيم والحقائق طبقا لاعتقاداتنا وآرائنا الشخصية. وكلنا لدية حقائق صغيرة نسبيه نؤمن بها. أن هذه الاختلافات الفردية الصغيرة كثيرا ما تمنعنا من رؤية الصورة المشتركة الكبيرة لوجودنا.
حتى العوامل أو المسببات الطبيعية(قوانين الطبيعة) يمكن للإنسان من خلال حرية الإرادة تجاوزها وتطويعها، مثال على ذلك: الإنسان لا يمكنه أن يطير، كما لا يمكنه أن يتجاوز الجاذبية والغلاف الجوي المحيط بالأرض انه محكوم بهذه القوانين إلى جانب قوانين فسلجية أخرى تتعلق بتكوينه، ولكنه من خلال حرية التفكير ومن خلال منظومة علمية معرفية( والتي هي عبارة مراحل مترابطة من التعلم والتفكير والتجريب) استطاع أن يبتكر أو يخترع ما يستطيع به أن يقوض تأثير تلك العوامل، وان يكسر تلك الحتمية التي فرضت عليه وذلك من خلال وعيه بضرورة التعلم والتجريب والتفكير العلمي. وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك حتى في المجال النفسي. يقولGe Moore 1992: إذا كانت لدينا حرية الإرادة، فإنها يجب أن تكون حقيقة، بمعنى ما، في بعض الأحيان يمكننا أن نفعل ما لم نفعله. وإذا كان لكل شيء سبب، فانه يجب أن يكون حقيقي، بمعنى ما، بأننا لا يمكن أبدا أن نفعل، ما نحن لم نفعله.
وأخيراً، وفي رأيي المتواضع جداً (اعتقد أني اكتب هنا من واقع حريتي وإرادتي الحرة والخاصة).



#جودت_شاكر_محمود (هاشتاغ)       #          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نفكر ؟
- نحنُ والأنظمة النفسية القسريّة
- لماذا العنف ؟ كيف يصبح الناس فجأة أكثر عنفا ؟
- سياسي الألفية الثالثة
- اتفاق أَنصاف الرِجالْ
- غزة والأصنام
- قولٌ في الميزان
- أنا والعراق والدجال
- حذاء ولكن !!!!!
- تكريم عراقي
- الثورية على الطريقة العراقية
- رحلةٌ مع نون
- إبحار
- محمد الهاشمي وحلم الوهم
- أنتِ النصف الآخر
- البصرة بين الإقليم والجيب العميل
- العراق بين هلالين
- أخرجوا من ظلام قواقعكم إلى النور
- بصمةُ العار
- رحيلُ الروح


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جودت شاكر محمود - حرية الإرادة والحتمية في السلوك الإنساني