أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت شاكر محمود - العراق بين هلالين















المزيد.....

العراق بين هلالين


جودت شاكر محمود
()


الحوار المتمدن-العدد: 2461 - 2008 / 11 / 10 - 09:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثيرا ما نشاهد بعض المتحاورون أو المتحدثون يرفعون أيديهم مظهرين سبابتهم والأصابع الوسطى مؤشرين بها وقائلين بين مزدوجين، وذلك حين يرد ذكر بعض المصطلحات أو المفاهيم التي يكونون غير راغبين بإظهار تأييدهم أو موافقتهم عليها لكونها غير دقيقة أو يشكون بصحتها أو أنها تحتمل الكثير من معاني والتفسيرات. وهذه الظاهرة تسمى بعملية تعليق الحكم، أي إن المتحدث لا يصدر حكمه على هذا المفهوم ويؤجله إلى حين آخر لعدم قناعته أو لوجود اعتراض ما.
وتعليق الحكم يعتبر من مبادئ الفلسفة الظاهراتيةPhenomenology والتي جاء بها إدموند هوسرلHusserl(1859-1938)، وهو أول من تحدث عن مفهوم تعليق الحكم.
وتعليق الحكم من وجهة نظره تعني وضع العالم بين قوسين أو وضعه خارج الواقع أو الميدان أو أخراجه عن دائرة الاهتمام أو التفكير. ويعني ذلك عدم الحديث عن الظاهرة المادية وإزاحتها جانبا وعدم التعرض لها أو إصدار حكم عليها في الوقت الراهن وذلك لأسباب قد ترتبط بالظاهرة ذاتها أو بموقف الفرد منها.
كما ويعني تعليق الحكم أيضاً( قلب النظرة) من الخارج إلى الداخل، ورفض رؤية الظواهر في المكان بل رؤيتها في الزمان خاصة وإن الظاهرات نشأت أساساً كتحليل للشعور الداخلي بالزمان.
وتعليق الحكم لا يعني الإيمان بوجود " الشيء في ذاته" إنما هو العودة إلى الأشياء ذاتها. ومحاولة حل التعارض بين الظاهرة موضوع الفعل النظري والشيء في ذاته موضوع الفعل العلمي.
وهوسرل جاء بمنهج التوقف عن إصدار الحكم أو وضع بعض عناصر الموضوع أو المعطى بين قوسينBracketing-Off واستبعادها من التأمل والانصراف بالوعي إلى الماهية الخالصة...حيث يضع كل ما لا يجمعه أي ارتباط بالوعي الخاص بين قوسين، ويستبعده عن تأمله بحيث لا يتبقى من الموضوع إلا ما يهم الذات.
ولكن ليس هذا هو موضوع بحثنا. لقد أبتلى العراق وعلى مر التاريخ بظواهر ما أنزل الله بها من سلطان، ومن بينها الغزو والاحتلال. فقد كان مسرحاً لمختلف الأجناس والأقوام وعلى مر التاريخ منذُ أول نشوءه والى فترة تكون وبناء الدولة الوطنية الحديثة، واستمر ولحد ألآن. فقد كانت بلاد الرافدين أو ما سميت ببلاد ما بين النهرين نهبا لأقوام ودول شتى منها هجرات مسالمة كانت تبحث عن مراكز للاستيطان والاستقرار وأخرى غزوات هدفها الاحتلال والسيطرة وسبيلها العنف والقوة والتدمير، بالرغم من إن الكثير من باحثينا ومؤرخينا أكدوا فقط على الهجرات التي جاءت من الجنوب والجنوب الغربي، في حين هناك أقوام ومجتمعات كان لها التأثير الكبير والواضح على الشعوب التي سكنت هذا الموقع الجغرافي، جاءت من الشرق والجنوب الشرقي ومن الغرب والشمال ومن البحر أي من الجنوب عبر الخليج. ولكن الباحثين لم يتعرضوا بالبحث عن تلك الأقوام وإنما كان التركيز فقط على الأقوام التي جاءت من الجزيرة العربية، أو من الهضبة الشرقية فقط. في حين أن العراق الحالي هو خليط متجانس من عدد من الأعراق والأجناس والقوميات. حتى الكرد لم يكونوا قومية واحدة. ونتيجة لذلك فقد تعرض العراق وفي الكثير من الفترات التاريخية إلى التجزئة والتقسيم نتيجة لهذه العوامل وغيرها الكثير. ولكنه كان يعود فتى قويا قادراً على البناء وصد ودحر كل المعتدين والطامعين. ولكن ما حدث بعد 9-4-2003 شيء قد لا يمكن وصفه لأسباب كثيرة، إضافة إلى كونه قد لا يكون الأخير. فهو عدوان مخطط له من قوى تختلف عن كل ما مر به العراق سابقا لأسباب وعوامل عديدة وقد يكون أهمها هو استخدام هذه القوى الغازية للعلم وفي كافة المجالات وليس فقط في المجال التكنولوجي وتجربتها لأحدث الأسلحة، فضلا عن عزفها على الاختلافات والأطماع التي يتميز بها بعض الأفراد الذين يحاولون أن يصنفوا أنفسهم بأنهم من بناءه أو من نسيجه أو ضمن تشكيلة هذا الشعب... لذا نستطيع أن نقول:
الاحتلال وما أدراك ما الاحتلال
الخيانة وما أدراك ما الخيانة
العمالة وما أدراك ما العمالة
ثلاثية: الموت والمذلة والمهانة

فالمظهر العام للعراق ومنذُ الاحتلال والى ألان هو حالة من الفوضى، كما إن الملامح العامة لمستقبله غير واضحة. لا ندري ماذا يريد هذا المحتل، وماذا يريدون من جاءوا مع المحتل. فهناك أجندات عديدة، واغلبها أجندات بعيدة عن هذا الشعب العراقي ومصالحه، حيث تخدم مصالح قوى خارجية إلى جانب بعضها يخدم قوى قومية عنصرية وأخرى طائفية ظلامية، هدفها وسعيها الأوحد تكوين كانتونات أو إمارات صغيرة أو ما أصطلح عليه أقاليم تحكمها هي ومن ثم أحفادها مستقبلا، لتكون كانتونات وراثية، وكما هو موجود في العديد من إمارات أو دول الخليج العربي. خاصة بعد الفشل الأمريكي في بناء نموذج لدولة العولمة الجديدة والذي تتحكم به الامبريالية الاحتكارية العالمية، مما أستدعى استلام السفير (بريمر) لشؤون العراق بعد فشل (غارنر) ومستشاريه في بناء النموذج الأمريكي لدولة العولمة.
إذ بعد فترة من الاحتلال ظهرت دعوات إلى تأسيس ما يسمى بإقليم الوسط والجنوب، أو إقليم الوسط وإقليم الجنوب مثلما أرادت الأحزاب التي تحكم البصرة في سعيها لجعل البصرة مع محافظتي ذي قار وميسان إقليم خاص لوحدهما، أو جعل البصرة إقليم لوحدها وذلك بالتعاون مع دولة عربية مجاورة. ترافق ذلك مع تحذير بعض دول جوار العراق من هلال شيعي تسعى بعض القوى إلى تأسيسه. واستمر الصراع واستمرت الأطروحات عن الكيفية التي سوف يقوم عليها هذا الهلال الشيعي الذي يروم هؤلاء إنشاءه في الوسط والجنوب.
ولكن بعد فترة وليست بالقصيرة فاجأنا حكام إقليم كردستان وجاء من يدعو إلى توسيع إقليم كردستان والسعي للسيطرة على الكثير من الأراضي العراقية ذات الطابع العربي أو التركماني، وعندما نتكلم بهذه الصيغ البذيئة، فإننا نتكلم بصيغ وأطروحات هؤلاء الانفصاليون والساعون إلى تقسيم العراق وتجزئته إلى دويلات وكانتونات عنصرية وطائفية وليست أطروحاتنا نحنُ. وكم كانت المفاجأة كبيرة حينما عرضت علينا حكومة إقليم كردستان خريطتها الجديدة والتي هي عبارة عن هلال آخر غير الهلال الشيعي وشبيه به وهو الهلال الكردي. والذي يمتد من شمال (ميسان) مرورا بشمال (ديالى) إلى شرق محافظة صلاح الدين(تكريت) مع اقتطاع شرق وشمال (الموصل) إلى الحدود السورية. وبذلك أصبح العراق محاطا بهلالين الأول من الجنوب ولآخر في شمال. مما يعني ذلك ووفق ما يطرحه (هوسرل) وفي ضوء ما يسمى بتعليق الحكم فان الحكم على وجود العراق وكونه دولة لها وجود شيء يجب التريث فيه قبل أطلاق الأحكام على وجوده من عدمه، والتوقف عن التبجح بالتحرير والديمقراطية والحرية والعهد الجديد التي جلبها هؤلاء إلى العراق. فحينما يكون العراق بين "هلالين " أو مصطلح العراق بين مزدوجين، فأن الحكم على كل ما يجري فيه يجب أن يؤجل وذلك للشك بوجوده وعدم القدرة على رؤيته في المكان، وإنما فقط يكون وجوده في الزمان أي في التاريخ. فنقول كان هنا عراق.
ومن وجهة نظري هو شيء صحيح وواقعي حيث لا وجود للعراق كدولة مستقلة لها تاريخها العريق والموغل في القدم، وإنما ما يوجد ألان هو دولة محتلة يحكمها زمرة من العملاء جاءت بهم المخابرات الأمريكية ومثيلاتها من الدول الأخرى غير مؤهلين والذين يفتقدون لأبسط وأول شيء من مقومات الفرد العراقي وهو الوطنية العراقية. تصوروا أحد مستشاري وزير الداخلية هو جندي هارب ليس لديه شهادة المتوسطة كان يعمل في استراليا بائع في سوبر ماركت، فإذا كان هذا مستشارا في وزارة مهمة لها ارتباط بمصائر الشعب العراقي فلنقرأ على العراق السلام.
أذن حينما نعلق الحكم على وجود العراق ونضعه بين هلالين، فكيف لنا أن نصدر القوانين ونوقع الاتفاقات والمعاهدات ونتيقن بصحتها. ونتبجح بوجود دولة وحكومة وبرلمان وووو.....، أسماء ليس لنا سوى ألفاظها أما حقيقتها فهي خارج المكان ما يعني ليس لها وجود سوى بمخيلتنا، فهي بين هلالين أو مزدوجين، فحينما يكون العام أو الكل يشك بوجوده فأن الجزء كذلك ليس له وجود أو يشك بوجوده. وأخيرا نقول إن كل ما ترتب على الاحتلال وجرائمه وجرائم أعوانه من قوانين واتفاقات وإجراءات هي باطله ويجب أن نعلق الحكم على وجودها نتيجة لعدم وجود العراق كدولة مستقلة. ولكن لن نعلق جرائم هؤلاء وإنما سوف نعلق الحكم لحين انتصار هذا الشعب، وسوف يقفون أمام الشعب بمحكمته العادلة ليقتص منهم نتيجة لجرائمهم. وإن غداً لناظرهِ لقريب.



#جودت_شاكر_محمود (هاشتاغ)       #          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخرجوا من ظلام قواقعكم إلى النور
- بصمةُ العار
- رحيلُ الروح
- صور من زمن الاحتلال
- رحيل الروح
- الاكتئاب تشخيص وعلاج(3)
- ..........
- مَنْ الأخير ؟
- الاكتئاب تشخيص وعلاج(2)
- البصرةُ حبيبتي
- الحقيقة بين الجواهري ونوري باشا السعيد
- الاكتئاب تشخيص وعلاج(1)
- غربةُ الذات
- طرق وأساليب العلاج النفسي (4)
- لكِ أنتِ
- طرق وأساليب أخرى في العلاج النفسي(3)
- طرق وأساليب أخرى في العلاج النفسي (2)
- لنعمل على زيادة مساحة اتفاقنا ولنقلل من حيز اختلافنا
- طرق وأساليب أخرى في العلاج النفسي(1)
- العلاج والإرشاد النفسي: المدخل الإنساني (4)


المزيد.....




- ما العقبات التي تواجه نقل المساعدات إلى غزة عبر الرصيف الأمر ...
- دار نشر بريطانية تقدم دفوعها في دعوى الأمير هاري
- أصغر أبناء ترمب سينصب والده في المؤتمر الجمهوري
- بلينكن يؤكد مجددا معارضة واشنطن أي تهجير قسري للفلسطينيين من ...
- نتانياهو: آمل أن أتمكن أنا وبايدن من تجاوز خلافاتنا
- بسبب منطاد -التجسس-.. واشنطن تضيف كيانات صينية إلى اللائحة ا ...
- سناتور جمهوري: أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات في طريقها إل ...
- Ulefone تعلن عن هاتف مصفّح بقدرات تصوير ممتازة
- الدفاع الجوي الروسي يعترض طائرة مسيرة في ضواحي موسكو
- حركة -النجباء- العراقية ردا على استهداف صرح ثقافي وإعلامي له ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت شاكر محمود - العراق بين هلالين