أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت شاكر محمود - حذاء ولكن !!!!!















المزيد.....

حذاء ولكن !!!!!


جودت شاكر محمود
()


الحوار المتمدن-العدد: 2502 - 2008 / 12 / 21 - 03:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد الحادثة التي تعرض لها (جورج بوش) على يدي الشاب العراقي " منتظر الزيدي " تصاعدت أصوات مؤيدة له وأخرى تبدي اعتراضها، وهذا شيء طبيعي فلكل قاعدة شواذ(نشاز) ولكل قافلة(......).
حقيقة لا ادري هل من اختلف مع منتظر هو اختلافه مع منتظر الإنسان، أم هو اختلافه كان بسبب استخدامه للحذاء كوسيلة للتعبير عن احتجاجه. وهنا أتذكر ما يقول " فردريك أنجلز " (لا يمكن أن نطلب من امة مضطهدة أن تتصرف بلياقة). فالمضطهدون تصرفاتهم لا تحكمها قوانين المتسيدين والمتسببين باضطهادهم. وأتساءل هل ضرب محتل وقاتل بحذاء جريمة لا تغتفر في حين ضياع وطن وقتل وتشريد شعب كما يقولون قضية فيها نظر. كما إن مجاميع الشباب المثقف والتي تعيش هموم وطنها وأمتها اليوم نراها تعبر عن ذلك احتجاجها بطرق أكثر تعقيدا ومن خلال منظومة من الاتجاهات والسلوكيات اعقد بكثير من الاتجاهات الوطنية التقليدية التي كانت تمارسها الأجيال السابقة. حقيقة أنا مؤمن بالقول:
( من لا وطن له لا شرف له )
هذه حقيقة عرفتها من الغربة. وقد يكون الكثيرين من هؤلاء الذين يصدحون بتصريحاتهم حول "منتظر" أو حول الوضع بالعراق قد عاشوا الغربة ومآسيها أكثر مني أنا الفقير لله.
ولقد وقفت أمام هذه الكتابات والتصريحات كثيرا، ولكني عدت وبعد تفكير كي انظر إلى هذه الأمور من وجهة نظر سيكولوجية، أي ماذا يمكن أن يقول علماء النفس فيها، فهي ظاهرة سلوكية إنسانية، لذا كيف نستطيع تفسير ما ظهر من سلوك من قبل "منتظر"، ولماذا كان رد الآخرين كان بهذا الشكل إن كانوا مؤيدين له أو معترضين.
في أدبيات علم النفس هناك ما يسمى بعملية(التنافر المعرفيCognitive Dissonance)، والتي جاء بها ليون فستنجرLeon Festinger ، والتي جاءت لتعلل سلوك الأفراد عندما يحملون في داخلهم معتقدات أو قيم أو أفكار أو آراء وهي ذات طبيعة متناقضة في آن واحد. ولماذا يسلكون بطرق متناقضة مع تلك المعتقدات والأفكار والمواقف والآراء التي يحملونها ؟
إن التنافر المعرفي موقف يظهر فيه صراع بين المعتقدات والأفكار والتوقعات والتي تحمل قيمتين متناقضتين. فهو موقف يتضمن معلومات وأفكار وأراء تتناقض مع المعلومات والمواقف والآراء التي يمتلكها الأفراد ويعيشها.
و"فستنجر" ينطلق من إن الإزعاج وانعدام التناسق والنشاز لها وقع سيء علينا. فهي تحدث حالة توتر لدى الكائن الحي. وبذلك تصبح لدى الفرد قوة دافعة من اجل خفض أو تقليل أو إزالة ذلك التوتر أو التنافر، مما يؤدي إلى تحفيز الشخص للقيام بعمل ما يستبعد به حالة الإزعاج والتنافر التي يشعر بها أو يعيشها.
ولتوضيح ذلك فهناك المثال الذي طالما عبر فيه (فستنجر) عن وجهة نظره فالشخص الذي يمارس التدخين وبكثرة يوميا، وحينما يتعرف على أن التدخين يسبب السرطان فان هذا الشخص يشعر بتنافر يؤدي به إلى حدوث صراع معرفي في البنى الإدراكية التي يحملها، لذا فهو يسعى إلى ممارسة عدد من الخيارات السلوكية لخفض هذا التوتر أو التنافر، فهو أما يسعى لتغيير سلوكه بترك التدخين كليا أو أن يقلل منها، ولكن حينما لم يستطع تغيير سلوكه هذا فانه يتخذ سلوكا آخرا، وهذا السلوك يتجسد أما أن يقوم برفض التعرض أو قراءة المقالات أو المثيرات التي لها علاقة بموضوع الأضرار التي يسببها التدخين وبذلك يفرض تعتيما عليها، أو قد يتوجه للبحث عن مقالات تنتقد تلك البحوث التي تربط بين التدخين وإحداثه لبعض الأمراض ومنها السرطان، والتي توفر له عينات عن أشخاص بلغوا سنوات من العمر الطويلة بالرغم من تعاطيهم التدخين لكنهم لم يصابوا بالسرطان، وبذلك فهو لا يشعر بالقلق من ممارسة التدخين حينما يقرأ هذه البحوث ويطلع عليها. أو يقوم باختيار نوع جيد من أنواع التبغ من أجل تدخينه أو أنه يقوم بتدخين ما يسمى بالشيشة( النركيله). أو قد يقنع نفسه بان التدخين سلوك هام وضروري يدل على المدنية والتحضر. مما يؤدي إلى خفيض حدة الضغوط التي يسببها التنافر لديه. وهذه النظرية تشير إلى إن الإنسان كائن يسعى للتبرير، فهو بسلوكه هذا يبدو عقلانيا أمام ذاته وأمام الآخرين.
وحينما تكون دافعية خفض التوتر الحاصل نتيجة للصراع بسبب التنافر المعرفي لدى الفرد، لذا فانه ينساق وراء تشويه الواقع من اجل استعادة توازنه. وهذه نوع من أنواع الحيل الدفاعية التي أشار إليها (فرويد)، والتي يمارسها الفرد من اجل تحصين ذاته ضد الشعور بالقلق من خلال عملية الإسقاط، فهو يسقط كل المساوئ إلى من سبب له هذا التوتر وعدم التوازن. وقد وظفت هذه النظرية لتغيير اتجاهات وآراء الأفراد وخاصة في عملية غسل أدمغة المعارضين لبعض الأنظمة السياسية. فحينما يكون ثمة تعارض بين ما يطلب من الفرد عمله وما يعتقد إن عليه ممارسته يحدث التنافر. وهذا ما عايشته أنا في فترة الحكم السابق من بعض مدعي الشيوعية، حينما غُيرت توجهاتهم ومعتقداتهم السياسية ونظموا إلى صفوف حزب البعث فكانوا أشد قسوة على رفاقهم السابقين من البعثيين أنفسهم وكانوا يرفضوا كلمة مستقل.
لذا فقد وجد "فستنجر" انه كلما كان التهديد لعدم الخضوع اقل، أو الثواب للخضوع اقل، كان التنافر اكبر، أي أنه كلما كان المبرر الذي يقتنع به الفرد في تبرير فعل ما صغيرا أو ليس مهما، زاد التغير في آراءه وأفكاره لينعكس ذلك على السلوك أو الفعل الذي قام به. وحينما تكون أفكار فرد ما ليست على اتفاق مع أفكار المجموعة التي ينتمي إليها فان ذلك يحدث لديه تنافر معرفي، مما يتطلب ذلك منه القيام بعملية تبرير لمعتقداته وآراءه وأفكاره وذلك من خلال تسفيه كل ما يتعارض معها من أفكار ومعتقدات وممارسات وآراء.
وهذا اخطر ما في الأمر حينما تكون ما يقدم صغير وبسيط ولكن تكون التنازلات اكبر واكب وهو ما نلاحظه في الشؤون السياسية التي تعيشها المنطقة العربية، فنحن نقدم تنازلات وهي تمس الكثير من مواقفنا وحقوقنا من اجل أشياء تافهة وهناك الكثير من الشواهد وما يحدث في فلسطين والعراق المثال الأكبر على ذلك.
فنحن كثيرا ما نتجنب التعرض للأفكار والمعلومات التي تتناقض مع الأفكار والمعلومات التي نمتلكها ونختزنها في البنى المعرفية الخاصة بنا. ولكن عندما لا نستطيع تجنب تلك المعلومات التي تثير التنافر لدينا أي التي لا تدعم مواقفنا فإننا نقف موقف عدائيا من تلك المعلومات مقللين من صحتها والعمل على تحريفها وتشويهها والعمل على تأويلها لتلائم وجهة نظرنا. وهنا أقول قد يترك بعض القراء متابعة قراءة هذا الموضوع الذي قد لا يتوافق مع آراءهم وتوجهاتهم.

ولتفسير ما حدث حينما ألقى منتظر الزيدي حذاءه على جورج بوش، فهناك جانبين لهذا التفسير:
الأول: هو ما يتعلق بـ (منتظر الزيدي)، فهذا الشاب ونتيجة لما يحمله من قيم وطنية وإنسانية اتجاه شعبه ووطنه ورغبته بان يسود السلام والخير والأمان في جميع ربوعه وبين فئاته وخاصة المحرومة منها، وإيمانه وعمله من اجل ذلك، إلى جانب ما يسمع وما يروج إليه من قبل دعاة الحرية والديمقراطية والحياة الجديدة التي وعد بها الاحتلال ورموزه بتحقيقها لهذا الشعب، ولكن هذا كله مخالف ومتناقض مع ما تعرض ويتعرض له الشعب العراقي من قتل وتدمير وجوع ومرض وهتك للعرض وللقيم والأخلاق وبحور الدماء التي سالت منذ أول يوم لبدء العدوان على هذا الوطن وما زالت ولحد الآن. هذا التنافر الذي شعر به وعايشه "منتظر" والذي هو بين ما يحمله ويؤمن به وبين ما يعيش هذا الوطن ويشهده كل يوم من قتل وسفك للدماء. هذا التناقض بين من يدعي الوطنية والماركسية والإيمان بالقيم الدينية الإسلامية والقومية، وبين من يصرحون به وما يكتبونه من دعاة الثقافة والوطنية، وبين تمجيدهم للاحتلال واصطفافهم إلى جانبه ومساعدته ودعوتهم له باحتلال الوطن، كل ذلك احدث لديه ولدينا كلنا صراع، هذا الصراع اوجد لدى "منتظر" تنافر معرفي بين ما يحمله ويسمعه من هؤلاء وبين ما يحدث في الواقع اليومي وما يؤمن به من قيم إنسانية سامية، فكان لابد له من أن يعمل على خفض لهذا التوتر أو الصراع، وخاصة وهو يعايش كل يوم مآسي هذا الشعب والوطن. لذا جاء عمله هذا تعبيراً بسيطاً ولكنه كان مجلجلاً مشحون وممتلئ بالرموز والقيم الوطنية والإنسانية والسياسية ليهز قلاع المحتل وأذنابه الخانعين، وللرد ولو بشيء بسيط على الأفعال الجسام التي قام بها هذا المجرم ومن كان قبله ومن لف لفه وتعاون معه، هذا الصراع(التنافر) الذي عاشه "منتظر" كان لابد له من إن يعبر عنه بالموقف الذي رأيناه ولكن لو كان غير "منتظر" وما يمتلك من مشاعر وطنية وإنسانية، أي لو كان من ضعاف النفوس ومن الذين باعوا وطنيتهم لكان يمجد بهذا النازي الجديد ويقبل أحذيته كما يفعل الكثيرون. فقد كانت هذه اللحظة من الذكاء والرمزية والتي استطاعت أن تختزل ظلم دام منذ عام 1990 عندما فرض الحصار على هذا الشعب العظيم، لتعبر عن كل ذلك في ثوان معدودة ولكنها كبيرة وعظيمة بمعانيها ورموزها. وكم تمنيت أن أكون أنا من يفعل ذلك وقد افعل أكثرُ منها. فهي لحظة من الصراع يعيشها الفرد ولكن أهم ما فيها هي كيف يتصرف هل يستمر بخداع الذات تلفيق الأفكار والمعلومات وتحريفها وتشويها لكي يستمر على ما هو عليه أم يثور عليها ويظهر سلوكه الحقيقي المعبر عما يحمله من قيم ومبادئ واتجاهات إنسانية قد لا يمتلكها كل من حاول الإساءة إلى " منتظر".
ومن الجانب الثاني فأن هذا العمل افرز نوعين من الأفراد فهناك أشخاص توحدوا مع هذا السلوك وكأنه سلوكهم لكونه يتطابق ما يحملونه من قيم ومشاعر وأفكار وما يسعون إلى تحقيقه، لذا كان سلوكهم طبيعي ينسجم مع مصلحة الوطن والإنسان العراقي والشعب العربي والإنسان في أي مكان في هذا العالم. وبذلك كان سلوكه متسق مع مشاعر الإنسان في كل مكان حتى مع الإنسان الذي يعيش في المجتمع الأمريكي ذاته. والسبب هو العداء للنظام الامبريالي، ونتيجة للمآسي التي تعرضت لها البشرية في كل مكان وعلى مدى التاريخ الإنساني. فكان سلوكهم طبيعي جداً ومتفق مع كل القيم والمبادئ السامية التي تؤمن بها الإنسانية جمعاء.
ولكن في الجانب الآخر كان هناك من وقف موقفا رافضا ومستنكرا لهذا السلوك بدعاوي كثيرة منها عدم قدرة المواطن العراقي على استخدام الحرية والديمقراطية، ولكونه هذا المجرم ضيف عزيز، إلى إن انتهى بهؤلاء بإلصاق الكثير من النعوت والصفات البذيئة والتي كان الأحرى بهم أن يتقبلوا هذا الحدث لأنه تعبير عن الحرية والديمقراطية التي يبشرون بها. ولكن سلوكياتهم كانت تعبر عن شعورهم بالصراع والقلق والتوتر والذي أدى لحدوث تنافر معرفي لديهم وذلك نتيجة للتعارض والتناقض بين مواقفهم الموالية لكل ما حدث ويحدث داخل العراق وإيمانهم بان المحتل الأمريكي جاء لنصرتهم وهو النموذج الجيد والذي يحلمون به، وياللاسف ظهر هذا السلوك شائن من بعض المتمركسين الخائبين الذين ربطوا مصيرهم بالمحتل الأمريكي. كما أن هذا السلوك هو تعبير يرتبط بمصالح هؤلاء الشخصية والذاتية وما وفر لهم هذا المحتل من مزايا قد لا يحلموا بها في أحلامهم لذا فقد ارتبط وجودهم بهذا المحتل دون أن يعيروا أي اهتمام لهذا الشعب وما يتعرض له من مآسي وويلات نتيجة لممارسات هذا الاحتلال كما لا يعيروا أي اهتمام بما يدعون بها كذبا من وطنية وديمقراطية وأفكار إنسانية واشتراكية وليبرالية وماركسية. لذا جاء سلوك " منتظر الزيدي" مثيراً أجج حالة التناقض والقلق التي يعشونها، والتي أساسها تناقض كامن في أغوار وعيهم وحالاتهم اللاشعورية وبين ممارساتهم الحالية والتي تتعارض مع كل ما يحمله هذا المجتمع من قيم وطنية وأخلاق إنسانية، لذا فان سلوكهم لابد من أن يكون هو الهجوم على منتظر الزيدي والتشهير به بأقبح الكلمات كي يعيدوا لذواتهم حالة التوازن والاطمئنان التي فقدوها نتيجة لمقارنتهم بين سلوك منتظر وسلوكهم وما يؤمنون به من ولاء للمحتل في حين هم فقدوا مبادئهم وأخلاقهم وقيمهم، علما بان الفعل الذي قام به "منتظر" كبير وعظيم جدا هم لا يستطيعوا القيام ولن يقوموا به لذا فهم يختفون خلف مواقف تشعرهم بنوع من التوازن الكاذب والمثل العراقي واضح في ذلك (الماينوش* العنب بيده يقول حامض ما أريده). كما إن هذا الموقف الذي قام به منتظر يذكرهم بمواقفهم قبل أن يسقطوا في مزابل العمالة والولاء للمحتل وهذا بحد ذاته مثيرا للقلق والصراع المعرفي لديهم. وبذلك فان سلوك كل الأطراف كان طبيعيا بالنسبة لتكويناتهم الشخصية ودوافعهم وهذا ليس بالمستغرب.
إن هؤلاء المنبطحين الأذلاء يتصارع داخلهم معتقدين متناقضين منطقيا وحينما لا يتوفر لديهم الدليل الذي يسند اعتقاداتهم هذه ويبررها، لذا ليس هناك من موقف لهم سوى الهجوم والتشويه والرفض لكونهم لا يستطيعوا الرقي إلى هذا العمل الكبير والجريء. في حين كان لهم هذا العمل فرصة للتشدق بالحرية التي جلبوها على الدبابات الأمريكية.
إن عملية تسفيه وتشويه للموقف الآخر هي إحدى الطرق لحل هذا التنافر. فالتنافر فعلا دافعيا، وهو يقود عموما لمزيد من الفعالية للتخلص من التنافر، وقد تكون الفعالية في بعض الأحيان هي تدمير من يكون سببا وراء إحداث هذا التنافر، وقد يصل إلى القتل. فلو سمع احد معلومات تناقض معتقداته فانه يرفضها وحين يكون هناك من يؤمن بها فانه يسعى لتشويه موقف ذلك الشخص والهجوم عليهم من اجل أن يبقي ذاته بعيدة عن الصراع الذي يعتمر داخل ذاته. وخاصة عندما يكون هؤلاء عديمو الثقة بالمواقف التي يتخذونها أو الآراء والمبادئ التي يؤمنون بها أو قد يؤمنون إن مواقفهم هذه خاطئة وغير صحيحة في حين يقبع الصواب في الأفكار والسلوكيات المقابلة. وان المجتمع أو الثقافة التي يعيشون فيه ترفض ما يقومون به أو يمارسونه، وخاصة عندما يكون ذلك يؤدي إلى أثارة ذلك التنافر كبير.
فقد أصبحت حرب احتلال وتدمير العراق، حرب حرية العراق. ومن يدافع عن وطنه وشعبه وعرضه أو يقتل في سبيله هو إرهابي وصدامي. وهذا نمط من أنماط التفكير الأعوج والتي يمارسها الإنسان بشكل عام ويتبناه بعض العراقيين اليوم بشكل خاص.
فمنذُ فجر التاريخ وفي كل حروب العالم ومعاركه فان كل طرف يسمي من يقتل منه شهيدا في حين يسمى من يقتل من الطرف الآخر قتيل أو مجرم أو معتدي. وهذه هي سنة الكون والمجتمع. ولكن حينما ينعت أبن الوطن أو الشعب المعتدى عليه والمُحتل لوطنه بان من يقتل من أبناء وطنه وهو يدافع عن هذا الوطن بالإرهابي والمجرم والصدامي والسافل.... ووووو..... والكثير من المصطلحات التي تمتلئ بها قواميس العهر التي يمتلكونها. وحينما يسمي الاحتلال تحرير وتمزيق الوطن حرية وديمقراطية، والقاتل صديق ومحرر. هنا يجب التوقف وإشغال الفكر والعقل والتساؤل (هل هؤلاء من أبناء هذا البلد الجريح ؟)أي (هل هم عراقيون أم لا ؟). هذا تساؤل مشروع. وحقيقة هذا الكلام يوجه إلى (أيتام بوش) وعمتهم (رايس). والى كل من حاول الإساءة إلى منتظر العراق والطعن بنواياه . أقول إن ما نقوله أو نفعله هو تعبير عن إسقاطاتنا النفسية والسلوكية التي نحاول إسقاطها على الآخرين، والمثل العربي يقول (رمتني بدائها ونسلت).
وأخيرا فان الموقف الذي فاجأنا به منتظر الزيدي يحمل رموز ودلالات عميقة لا يمكن فصل مكوناته عن الموقف العام الذي حدث فيه الفعل، فهناك البعد النفسي والسياسي والأخلاقي والوطني والإنساني، فهو ليس حذاء قد ضرب به شخص وإنما يجب النظر نظرة شمولية لهذا الحدث. وان جميع عقول هؤلاء الذين كثيرا ما صدعوا رؤوسنا بمصطلحات (الدال والمدلول)، لم يستطيعوا استيعاب هذا الموقف بكل متغيراته، فكان همهم الأول هو خفض التنافر الذي حدث لديهم وذلك من خلال رفض الحدث والقائم به، في حين كانت فرصة لهم لإبراز ولائهم لسيدهم وولي نعمتهم فاستغلوها على أكمل وجه. ولكني أقول لهم:
لقد حمل منتظر وجع العراق... فليكن العراق اليوم الحضن الذي يلم وجع منتظر.
"سلمت يا أبا الغيرة"

ـــــــــــ
*كلمة ما ينوش هي كلمة عراقية شعبية معناها أي ما يستطيع أن يمسك.




#جودت_شاكر_محمود (هاشتاغ)       #          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكريم عراقي
- الثورية على الطريقة العراقية
- رحلةٌ مع نون
- إبحار
- محمد الهاشمي وحلم الوهم
- أنتِ النصف الآخر
- البصرة بين الإقليم والجيب العميل
- العراق بين هلالين
- أخرجوا من ظلام قواقعكم إلى النور
- بصمةُ العار
- رحيلُ الروح
- صور من زمن الاحتلال
- رحيل الروح
- الاكتئاب تشخيص وعلاج(3)
- ..........
- مَنْ الأخير ؟
- الاكتئاب تشخيص وعلاج(2)
- البصرةُ حبيبتي
- الحقيقة بين الجواهري ونوري باشا السعيد
- الاكتئاب تشخيص وعلاج(1)


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت شاكر محمود - حذاء ولكن !!!!!