أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فليحة حسن - حرية ام ماذا....؟














المزيد.....

حرية ام ماذا....؟


فليحة حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3431 - 2011 / 7 / 19 - 20:11
المحور: الادب والفن
    



في إحدى اللقاءات التي أجرتها معي إذاعة الغدير مؤخراً سألني المذيع سؤالا استغربت لما جاء فيه من طرح، وهو ِلمَ لم اترك الوطن أسوة بالشعراء الذين رحلوا بمجرد أن ُطبعت دواوينهم وعرفتهم الأوساط الأدبية ؟
والعجيب في هذا السؤال إن طارحه قد آمن برحيل المثقف عن وطنه ، وتعامل مع ذلك الأمر كحالة صحيحة ، والبقاء حسب طرحه هو شواذ تلك القاعدة ،
وهذا عائد ربما لفهم الرحيل عن الوطن بمعنى الحصول على الحرية ، الحرية التي تعني " الاستقلالية من القيود " تلك القيود المتمثلة بالعادات الاجتماعية ،الشرائع الدينية والقوانين والوضعية ،والتخلص من قيود وتبعات المجتمع التي تكبل المثقف وتحاول أن تضغط على جماح فكره ومن ثم تحدُّ من سعة افقه ،فينعكس كل ذلك سلباً على إبداعه وينأى بعيداً عن سبل العالمية ؛
متناسياً إن الرحيل إذا كان يعني من جانب ما حرية فهو من جانب آخر يعني اغتراب ،ولا اعتقد بان المبدع بحاجة الى غربة أخرى تضاف الى شعوره بالاغتراب وهو الذي يعاني من اغتراب مزمن ورّثه إياه إبداعه ،
ومن قال إن للمجتمعات الأخرى قوانين يمكن خرقها من قبل المواطن اللاجئ إليها متى ما شاء حتى وان كان مبدعاً ؟
وبما إن تطبيق النظام تحضر، فالمبدع أولى الناس بالتحضر ومن وثم هو أول من يتوجب عليه تطبيق النظام ،من هنا تبدو لنا الحرية المطلقة التي ينشدها المبدع في كتاباته أسطورة لا يمكن تطبيقها على الأرض، وتنأى أن تكون واقعاً يعاش خارج الوطن أو داخله ، إذ إن الحرية يجب أن تحدّها أمور ابسطها الفهم لها في الممارسة ،والاعتراف بحرية الآخر ، وإلا فأن ما أراه حرية قد ُيفهم على انه فوضى و قد يراه الآخر استهتاراً بالمجتمع وقيمه ،
وحين ينظر مبدع ما الى الخارج على انه جواز سفر الى عالمية منشودة ومبتغاة وان أفاقه كثيراً ما تتسع كلّما حلّق ونأى الى سماوات آخر فليس في هذا صواب كبير ، إذ ليس كلّ من رحل عن وطنه بحثاً عن المجد حصل عليه ،
وليس من السهولة بمكان أن نصحو صباحاً ونحزم أمتعتنا ونقص جذورنا ونودع بلادنا بنظرة وداع أخيرة ثم نرتقي أيما طائرة ونحلّق بعيداً ولا تبقى أروحنا تجهش بالبكاء لحظة مرور أيما ذكرى عابرة ؟
فليس البكاء على فراق الأحبة والأوطان عادة نسوية ، إذ إن دمعة الشاعر اقرب إليه من بسمته ،
و إي مجد يمكن أن تمنّ به علينا بلاد الآخرين حتى لو رزحنا تحت تلال غربتها طويلاً ؟
وهل هذا المجد هدية أم استحقاق ؟
فإذا كان استحقاقاً أفليس الأولى بالمبدع أن يحصده في وطنه الذي ُخلق من طينته وأسراره ؟
وإذا كان هديه فالهدية لا تخلو من نية أو قصد مشكوك فيه، والأمثلة على ذلك كثيرة،
نعم ليس الحرية التي نحلم بها دوماً هي حرية تقع خارج حدود مدننا بل يجيب أن نعمل على جعلها مقترنة بالمكان الذي ولدنا فيه ،
بمعنى أن نعمل على صناعة أرضية صالحة لها بعيداً عن الغربة والاغتراب و التشضي في دروب البرد واللهاث وراء سراب لن يوجد، فليس كل الراحلين الى البعيد اقتربوا من أحلامهم ،
نعم إن أحلامنا كبيرة وطموحاتنا لاتحد لكن الحلم الذي لا يصلح للتطبيق في بلدي لا يستحق مني عناء التفكير به ،
إذن هي دعوة لنبذ الغربة وتحقيق حلم حرية منشودة في وطن يستحق من مبدعه أولاً أن يرتقي به الى مصاف المدن المتطورة ،
وإلا ما معنى أن تكون مبدعاً تحمل عقلاً ناضجاً وأفكاراً نيرة وقدرة على الخلق وتترك وطنك أسير عقول فارقت التفكير الى الاسترخاء والتكاسل الذي يجعل من ذلك المسكين وطننا ينام نومة أبدية بحجة عدم قدرة مبدعيه على التواصل مع الآخرين.



#فليحة_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اجهاض
- مثقفو الداخل والخارج ؛
- شاعر أم نبات طبيعي...؟
- ماذا لوكنت وزيراً للثقافة...؟
- حتى لاتمزق اللوحات
- رحيم الغالبي... لن اتذكرك ميتاً أبدا ً!
- هل القراءة تحتضر.....؟
- الشاعر والملك
- المساواتية
- حالة خاصة
- الثقافة والمثاقفة
- جغرافية النص ....أينها؟
- المرأة والشعر
- من يصنع من...؟
- لماذا.... المابعد ؟
- لاعالمية بالمصادفة ؛
- لا كونية عند استيعاب الكون ؛
- عنوانات
- مهرجانات
- الذاتية


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فليحة حسن - حرية ام ماذا....؟