الثورة والسلاحف

سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 3422 - 2011 / 7 / 10 - 05:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    

في جمعة تصحيح المسار بمصر، حاول البعض تحريفها ، من خلال شق الصف في الميادين، كما أن الحكومة التي وصلت للحكم على أكتاف الثورة .. ابتعدت عن الثورة .. وفى خطاب بدا في مقدمته انه دفاع عن عدم التواجد مع الثوار في ميادين الحرية .. يقدم رئيس الوزراء بنودا تحوى كل المتناقضات قدمت بعبارات عامة .. ووعود تحوى كلمات مثل "تكليف" "وطلب " وغير ذلك من كلمات لايمكن الاعتماد عليها لصياغة رؤيا إستراتيجية للبناء .. والواقع ان تفكيك الخطاب قد يصل بنا إلى فهم ان الحكومة مازالت تتمسك باستراتيجيات قديمة .. وبعبارة أكثر بساطة أن الخطاب بشكله الحالي يعبر عن حكومة روتينية .. منفصلة تماما عن الفعل الثوري .. القيادات التي فيها لم تشارك في الثورة .. لذا فلا شيء يقدمونه .. مجرد بنود لمحاولات أصلاح .. وهنا يكمن موطن التوتر بين الحكومة والثورة .. توتر سمح بوجود مسافة شك، فسياسات الإصلاح تقدم في الأوقات العادية .. وتتجه نحو أماكن فيها خلل .. بينما الثورة تطلب اجتثاث .. أي الحفر حول الشجرة الميتة وانتزاعها من جذورها الفاسدة .. تمهيدا لإصلاح الأرض لزرع شجرة جديدة وارفة تؤتى أكلها .. حكومة شرف تحاول تقديم إصلاحات ، في بؤر فاسدة، تملك القدرة على ابتلاع أي عملية إصلاح، وتحويلها لعملية فساد، بينما الثورة تطلب ان تكون المبادرات هدفها التغير الشامل في كل نواحي الحياة .. تغير يكون محوره الإنسان .. والتركيز على البعد التنموي والحريات السياسية . ومعاقبة المفسدين وتحقيق العدالة الاجتماعية.. تلك العدالة التي هي مطلب كل ثورة في التاريخ .. المطالبة بالعدالة الاجتماعية، في ميادين التحرير بشكل جماعي تعنى ثورة على القهر والإحباط ، وملحمة نضال .. وكل ملاحم النضال تعلمنا قيمة الحياة .. وهؤلاء الذين يعقدون الأمور، بهدف الإفشال – حتى ولو بدون قصد - يرتكبون الآثام في حق الأوطان، ولا يشعرون بقيمة الحياة، لأنهم يجهلون قيمتها.
الثورة لتستكمل مسيرتها، وتحقق مطالبها في وقت قياسي ، ينبغي ان تكون لها حكومة ثورية لا حكومة سلاحف ، حكومة تمتلكها روح المبادرة ، ولا تعجزها تهتك التردد .. وإذا كان الثوار يرددون ان وزارة الداخلية أسس البلاء ، فهم محقين .. فمعمل التفريغ الذي تم أنشاؤه في عصور سابقة مازال ينتج نفس الأشخاص بنفس المواصفات، يواجهون العصر الجديد بمفاهيم عصر متخلف .. وهنا تكمن أسس البلاء ، وليس هناك أكثر بشاعة للناس في عصر ثورة ، مثل بشاعة الخوف من أقسام الشرطة ورجال الأمن .
وأنا لست مع الدعاوى الطالبة بإضعاف وزارة الداخلية .. وسحب القوة منها .. فوزارات الداخلية في الأمم المتقدمة قوية جدا .. لكن لها أخلاقياتها، وقيمها وضوابطها ..كما تم دمج ضباطها وقيادتها وأجهزتها بالثورة المعرفية .. فالمجرم لا يقدم لمحاكمة باعتراف انتزع بتعذيب .. أو يقبض عليه ويسجن بدون حكم بناء على وشاية .. بل يقدم للمحاكمة من خلال أدلة علمية جمعت بصبر وتأنى .. ويعامل طول الوقت بشكل إنساني .. لا ككلب أجرب .. لذا فالقوة المطلوب سحبها من وزارة الداخلية، هي القوة الغاشمة والعمياء والمتخلفة، والقوة المطلوب تقديمها ودعمها ، هي القوة المعرفية .. وهذه القوة لن تنجح في وزارة الداخلية في مصر ، وضباطها وأجهزتها الحالية موجودة .. فقد تربوا على الشتم والبصق والتعذيب ، ولم يتربوا أمام أجهزة المعامل للبحث والفحص، وجمع الأدلة بتأني .. وحتى لو تربوا على كل ذلك ، فهم بحاجة لقوة قمع لا يملكها سوى الضمير .. وذيل الكلب حتى لو ربطته بخشبة لن يعتدل .. لذا فالثورة في المعرفة تحتاج لثورة مماثلة في الأخلاق والضمير .. وبدون ذلك ستظل ثورتنا أحادية الجانب .. عرجاء لن تقفز بطريقة طبيعية للمستقبل.

#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات