أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - التعصب















المزيد.....

التعصب


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3417 - 2011 / 7 / 5 - 18:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ينتج عن الأحادية الفكرية التعصب ، فظهرت الأصوليات الدينية ، التى ترى كل منها أنها الفئة المؤمنة ، وغيرها الفئة الضالة . وأنها الممثلة لحزب الله وغيرها أتباع حزب الشيطان . وهذه التقسيمات نتيجة لإيمانها بالمطلق ومعادتها للنسبى . ويؤمن الأصوليون بالثبات ضد قانون التغير . رغم أن التغير أشبه بالقطار المندفع الذى لايرى الحشرات ولا الأعشاب على قضبانه . وإيمانهم بالمطلق أدى بهم إلى معاداتهم لقانون السببية ، رغم أنه مع النسبية ، كانا من العوامل الرئيسية فى تقدم بعض الشعوب ورقيها .
هذا التعصب أدى إلى حدوث عدة جرائم. مثل الانحياز للعرق، الذى تسبب فى حروب عالمية . ومثل معاداة العلم ، فاختيار نوع الجنين و لون البشرة حرام . والاستنساخ حرام ، رغم فوائده الكثيرة وأهمها التوصل إلى ( مصنع ) لإنتاج قطع غيار للجسد . وليس للمطلقة والأرملة حق استخدام الأشعة للتأكد من خلو الرحم من الحمل بديلا عن النص ، رغم أنّ الغاية واحدة وهى ضمان عدم اختلاط الأنساب . فالعلم الحديث هنا مع النزعة الإنسانية.
يتلازم مع معاداة العلم الإدعاء أنّ الاكتشافات العلمية وردتْ فى النصوص القديمة . وقد ترتّب على هذا أنّ الشعوب المؤمنة بالأحادية والمتعصبة لفكر واحد ، لم تنتج فلسفة ولا أدبًا ولا علمًا . وهى تستهلك تكنولوجيا الشعوب الرافضة للتعصب ، عن إيمان بأنّ ( الكفرة ) المنتجين المؤمنين بالعلم وبالعقل مسخّرون لخدمة المنغلقين . أما جريمة التعصب الثالثة ، فهى اغتيال كل مختلف مع الفكر الأحادى : إما اغتيال الثقافة القومية للشعب والمتجسدة فى أنساق قيمه ، كما يفعل الأصوليون فى مصر . أو التصفية الجسدية .
أعتقد أنّ أخطرأشكال التعصب هما التعصب للعرق والتعصب للدين. والتعصب للعرق بدأ مع الأنظمة الاجتماعية التى لم تعرف مفهوم (الدولة) ذات الحدود المستقرة كما كان الوضع فى مصرالقديمة. أما فى الجزيرة العربية فقد انتشر مفهوم القبيلة والفخذ والبطن. لذلك حدث أول انشقاق عقب وفاة الرسول فى سقيفة بنى ساعدة. كان أبطاله القحطانيون والعدنانيون حول من هو خليفة الرسول. أيكون من الأنصارأم من المهاجرين. وتحوّل الخلاف إلى مرحلة أنّ كل فريق يود تصفية الفريق الآخر، وانتهى بأنْ أمسك المهاجرون بسعد بن عبادة ((وأوسعوه ضربًا حتى أوشك أنْ يموت. وفى اليوم التالى تمت البيعة لأبى بكر دون أنْ يحضر البيعة على بن أبى طالب وسعد بن عبادة الذى رُمى فى عهد عمر بسهم مسموم وقيل أنّ الجن قد قتلته)) (الخلافة الإسلامية- المستشارمحمد سعيد العشماوى- ص112) ويرى أ. العشماوى أنّ الخلافة الأموية عربية بدوية تعالت بالعنصرالعربى مما أدى إلى قيام تعادل مقابل بالعناصرغيرالعربية ، فكانت الخلافة العباسية. وأكد أول خليفة عباسى على صلة القرابة بين النبى وبين بنى العباس ، بما يعنى أنّ السبب الأول للخلافة هو قرابة الخلفاء للنبى. وبدأ العباسيون حكمهم بنبش قبورالأمويين ثم القضاء على من بقى منهم فى مذبحة فظيعة. وكان أبوالعباس قد أمّن كبارالأمويين ودعاهم إلى مأدبة عشاء. وهنا يشترك الشعراء فى التحريض على القتل فيقول الشاعرسديف للخليفة العباسى ((لايغرنك ما ترى من رجال/ إنّ تحت الضلوع داءً دويًا/ فضع السيف وارفع السوط حتى/ لاترى فوق وجهها أمويا)) فصدرأمرالخليفة بضربهم حتى الموت. وكان يأكل طعامه وهو يسمع أنينهم حتى لفظوا الأنفاس جميعًا. بعد ذلك بدأ العباسيون فى تصفية بعضهم البعض (المصدرالسابق- ص158- 161) وعن التعصب للعرق قال الإمام أبوحنيفة ((ليس أحد من العرب كفؤا لقريش. كما ليس أحد من غيرالعرب كفؤا للعرب)) وما ذكره أبوحنيفة هو إعادة صياغة لحديث نبوى عن الرسول محمد الذى قال ((لاتكون العرب كفؤًا لقريش ، والموالى لايكونون كفؤًا للعرب)) ( شمس الدين السرخسى (أحد أئمة الفقه الحنفى) فى (المبسوط) المجلد الثالث – ص24- نقلا من جانبى عن أ. خليل عبدالكريم من كتابه "الجذورالتاريخية للشريعة الإسلامية" – سينا للنشرعام 1990ص16) ويصل التعصب للعرق إلى درجة أنْ يقول سفيان الثورى ((اذا نكح (= الزواج) المولى (= غيرالعربى) العربية يُفسخ النكاح)) وقد أيده أحمد بن حنبل فى ذلك (عبدالمتعال الصعيدى- المجددون فى الاسلام- هيئة قصورالثقافة 2007 ص 96) وما قاله الثورى صاغه العرب الذين غزوا مصروأكلوا من خيراتها فى هذا المثل العربى المعبرعن رفضهم زواج الفتاة العربية من المصرى ((يأكلها التمساح ولايأخدها الفلاح)) كما عبّرت اللغة العربية عن هذا التعصب العنصرى ومن أمثلة ذلك كلمة عجم. وفى شرحه لها ذكرالإمام محمد بن أبوبكرالرازى أنّ العجم ضد العرب. والعجماء البهيمة والمرأة (حتى العربية) عجماء. ومثل كلمة (علج) ومعناها الواحد من الكفاروالجمع علوج (مختارالصحاح- المطبعة الأميرية بمصرعام 1911 ص 440 ، 474).
أما عن التعصب للدين فإنّ الأمثلة كثيرة منها اغتيال على بن أبى طالب بفتوى الخوارج بإهداردمه. واستخدموا القرآن لتبرير جريمتهم فقالوا إنه هو الذى أنزل الله فيه الآية 204 من سورة البقرة. وقالوا عن قاتله عبدالرحمن بن ملجم إنه هو الذى أنزل الله فى شأنه الآية رقم 207 من ذات السورة (المستشارالعشماوى- مصرسابق ص 117) والحجاج بن يوسف الثقفى قتل معبد الجهنى لأنّ الأخيرقال بالقدر ومثله كان غيلان بن غيلان الدمشقى الذى أمرهشام بن عبدالملك بقطع يديه ورجليه وصلبه حتى مات (عبدالمتعال الصعيدى- المصدرالسابق ص 71، 72) ويرجع أ. عبدالمتعال الصعيدى التعصب إلى أنّ ثقافة أهل السنة ثقافة إسلامية خالصة وأنهم نفروا من الثقافات الأجنبية لأنها دخيلة على الإسلام ولاقيمة لها. مثل الثقافة اليونانية والفارسية والهندية. وأنّ هذا الموقف من العلوم الجديدة أدى إلى الإخفاق فى إصلاح الحكم. وأنهم خلطوا بين السياسة والدين (75، 67) وذكرأنه فى القرن الرابع الهجرى العاشرالميلادى كانت الدول الإسلامية تتطاحن على المُلك وتسوق رعاياها سوق الأنعام .أما الفرق الدينية فلم تهتم بمعاناة الجماهير. وإنما إهتمت بالخلافات المذهبية التى وصلتْ إلى حد التقاتل بين السنة والشيعة. كما شهد هذا القرن صراعًا عنصريًا ((فهذه دولة عباسية فارسية وهذه تركية. وهذه عربية. فصارالانقسام بين هذه العناصرإلى غايته فصارت دولها تتقاتل على المُلك وتنسى أنه يجمعها دين واحد. وقد ضاعت فى هذا فكرة الدولة الواحدة للمسلمين)) (150، 151) ووصل التعصب إلى درجة أنّ المسلمين كانوا يقتلون المسلمين الموحدين مثلهم مثلما حدث أثناء القتال بين معاوية وعلى بن أبى طالب. وعن الخلاف بين الشافعية والحنابلة ((حكى بعض المؤرخين أنّ الحنابلة بنوا مسجدًا ببغداد ، فإذا مرّ بهم شافعى ضربوه حتى يموت)) (د. محمد نورفرحات- البحث عن العقل ص 77) والتعصب هوالذى دفع إمام المتقين على رضى الله عنه أنْ يأمربحرق (الزنادقة) كما روى البخارى . والتعصب هوالذى جعل ابن عباس يختلف مع على لأنه كان يرى قتلهم وليس حرقهم. (د. نورفرحات- ص 42) .
أعتقد أنّ التعصب العرقى والدينى لايوجد ولاينمو إلاّ فى مناخ معادى طارد للعلوم الإنسانية وفى مقدمتها الفلسفة. لذلك لم تكن مصادفة أنْ يأمرأكثرمن خليفة إسلامى بحرق كتب الفلسفة كما حدث مع كتب ابن رشد. ولم تكن مصادفة أنْ يكون مصيربعض الفلاسفة التعذيب والقتل كما حدث مع الحلاج وابن المقفع والسهرودردى. والدرس هو أنّ أنظمة الاستبداد ضد الفلسفة. لذلك لم تكن مصادفة أنْ يأمر وزيرالتعليم الضابط كمال الدين حسين بإلغاء مادة الفلسفة فى عهد الضابط عبدالناصر. ولم تكن مصادفة إغتيال فرج فوده ومحاولة إغتيال نجيب محفوظ . لذلك كان د. فؤاد زكريا على حق عندما رأى أنّ صفة الطاعة هى أسوأ علاقة يمكن أنْ تربط محكومًا بحاكم وكتب ((كل الكوارث التى لحقت بالعالم الإسلامى والعالم العربى على يد الحكومات العسكرية أو (ثورات الضباط) إنما ترجع الى أنّ العسكريين يقيمون فى ميدان السياسة علاقات مع المحكومين توازى علاقات الضباط بالجندى. وأخشى أنْ أقول أنّ الدعوة إلى الحكومة الدينية هى الوجه الآخرلهذا النمط من الحكم . فكلا النوعين حكم سلطوى . لايرتكز على العقل والإقناع والنقد. وكل ما فى الأمرأنّ الحكم العسكرى يرتكزعلى سلطة القوة والبندقية. والحكم الدينى يرتكزعلى سلطة الإيمان والمنبر. واذا كانت أقطارعربية خضعت لحكم النسرفإنّ حكم النسرهذا هوخيرتمهيد لحكم العمامة)) (الصحوة الإسلامية فى الميزان- ص 32 ، 33) .
*****



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضباط يوليو والموقف من دولة الحداثة
- التعليم الأزهرى والاعتقال فى كهوف الماضى
- الشعريواجه الدكتاتورالمحتمى بعرش السلطة
- عندما يكون البشر مثلثات متطابقة
- معبررفح وأمن مصرالقومى
- حقوق الإنسان والعقوبات البدنية
- إنقاذ الأمة المصرية من حرب أهلية دينية
- الإفراج عن كاميليا أم الإفراج عن العقل المصرى
- الانتقال من الاستبداد السياسى إلى الطغيان باسم الدين
- الكتابة واحترام عقل القارىء
- هل إعدام القتلة والمُفسدين هو الحل ؟
- إرادة الشعوب جمرة نارتحت رماد الاستبداد
- هل الرئيس المخلوع وأسرته فوق القانون ؟
- المستشارطارق البشرى بين المؤرخ والداعية الإسلامى
- حمام - قصة قصيرة
- شتاء الحرية وسقوط أوراق التوت
- مبارة عصرية فى شد الحبل بين الحرية والاستبداد
- إقصاء المختلف يبدأ بالكلمة وينتهى بالقنبلة
- الدكتورجمال حمدان والبكباشى عبدالناصر
- الاعتدال والتطرف فى ميزان المرجعية الدينية


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - التعصب