أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - دلور ميقري - واحة للحرية اسمها ركن الدين














المزيد.....

واحة للحرية اسمها ركن الدين


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3371 - 2011 / 5 / 20 - 18:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في قلب دمشق، القديمة، وحيثما وجّهتَ بصركَ ناحية الشمال، فإنه سيحط فوق جبلها العصيّ، الحالق. ثمة، من الممكن رؤية حيّ الأكراد، العريق؛ الذي غلبَ عليه اسم " ركن الدين " منذ نهاية خمسينيات القرن المنصرم. هناك، تستلقي بوداعة دور أهالي الحيّ، والمتماهية مع صخور جبل قاسيون المهيب؛ الجبل الأسطوريّ، المُتداول القداسة منذ زمن الخليقة، بحسَب اعتقاد المؤمنين: كانَ على أبينا، آدم، أن يلمّ أحزانه في أحد كهوف الجبل؛ وكان على ابنه القتيل، هابيل، أن يُضرّج بدمه في كهف آخر، مجاور؛ ومن كهف إلى كهف، تتوالى أسماء الأنبياء والملائكة؛ من إبراهيم إلى جبريل.

وإذا كانَ مؤمنو الكرد، البسطاء، قد أيقنوا دوماً بأنّ مدينتهم، اورفه، الواقعة إلى الشمال من الحاضرة الحلبية، هيَ مسقط رأس أبي الأنبياء، فلا غروَ أن تكون دمشق، بدورها، سليلة هذه القداسة؛ حتى أنهم ما زالوا إلى زمننا الحاضر يطلقون عليها لقبَ " شام شريف ". ويخبرنا الشاعرُ والمتنوّر البارز، جكَر خوين، في مذكراته الشخصية، عن اعتقادٍ كرديّ، طريفٍ، بأنّ الشامَ هوَ فردوسُ الله، الموعود، وإليه يُجتبى صفوته عند حلول يوم القيامة. ويستطرد الشاعرُ بالقول، أنّ شيوخ الكرد اعتادوا على دعوة رعيّتهم للهجرة إلى الشام، الشريف، لكي يحظون بقيامة الله وجنته. المفردة الأخيرة، كانت دائماً هي توأم دمشق: غوطة غناءٌ، تتباهى بغابات كثيفة من الأشجار المثمرة؛ نهرٌ دافق، أسماه الأغريق القدماءُ بنهر الذهب، نظراً لعذوبة مياهه وصفائها؛ طقسٌ معتدل، يغلبُ عليه ريح الجبال القريبة، كما ونسيم البوادي البعيدة.

وأبعدَ من أساطير الأقدمين، كان للكرد موعدٌ آخر، حقّ، مع التاريخ الدمشقي. إنّ عاصمة بني أميّة، التي حملت ياسمينها حتى جنائن الأندلس، كانت بعد ذلك بخمسة قرون قد أضحت حاضرة بني أيوب، الكرد. من هنا، انطلق صلاح الدين في حملة تحرير البلاد المقدسة؛ وإلى هنا، سيق أعظمُ ملوك أوروبة كأسرى مكبلين السلاسل الحديدية. ولكنّ هذا السلطان، الفريد، لم يُصبح أسطورة في المشرق والغرب بسبب انتصاراته وحسب. بل إنّ أخلاقه النبيلة، تواضعه وتسامحه تحديداً، هما من رسّخا أسطورته هذه. فلا عجبَ، إذن، أن يصبح ضريحُ صلاح الدين، في قلب دمشق القديمة، مزاراً أثيراً لدى السياح الغربيين، المعجبين بسيرة صاحبه. أما اسم سلطاننا، فإنه أضحى أيضاً على كلّ لسان في المدينة؛ طالما أنه متواشجٌ مع اسم أهمّ أحيائها: الصالحية. ثمة، وأينما جلتَ بعينيكَ، ستجدُ آثار صلاح الدين وأخلافه؛ من مدارس ومكتبات ومساجد ودور حديث وخانقاهات وقيساريات وحمامات ومقامات. هناك، إلى الشرق، يقومُ الحيّ المجاور؛ الذي ارتبط باسمه وتأسيسه مع اسم ومآثر بني أيوب: صالحية الأكراد. ولم يكن بالمستغرب، والحالة كذلك، أن يُستهلّ عمران صالحية الأكراد بمقام " ركن الدين "؛ أحد قادة صلاح الدين، المشهورين بالعلم كما وبالمقدرة العسكرية. وهو المقام، على أيّ حال، الذي قدّرَ له أن يُمسي نعتاً لحيّ الأكراد هذا، كما سبق ونوهنا في مبتدأ القول.

كم هوَ رائعٌ، اليومَ، أن يُضحي واحة ً للحرية، هذا الحيّ الدمشقيّ، التليدُ العراقة. كم هيَ بليغة، وعالية، صرخاتُ أحرار حيّ ركن الدين، المُتهادية من سفوح قاسيون وحتى مشارف الغوطة وبردى. أجل، إنها أصواتٌ هادرة تصدى في كلّ أحياء دمشق، في يوم آخر للغضب السوريّ؛ في جمعة أخرى للثورة: جمعة الحرية / آزادي.
ولِمَ العجَبَ؛ ألم يكن حيّ الأكراد، منذ زمن العثمانيين، إحدى بؤر الثورة على الولاة، الطغاة؟ ألم يكن شمدين آغا، زعيم الحيّ، أحد قادة العامية الشامية؛ التي أسسها ثوار الشام عام 1830، كبديل عن سلطة الوالي العثماني، سليم باشا، المندثرة، بعد مقتله على أيديهم؟ أليسَ أحد أحفاد الآغا نفسه، عبد الرحمن باشا اليوسف، وكان آخر أمراء الحجّ في السلطنة، قد اختاره الملك فيصل ليكون رئيساً لمجلس النواب؟
وفي زمن الإنتداب الفرنسيّ؛ ألم تروى تربة ميسلون بدم وزير الدفاع السوريّ، يوسف العظمة، الكرديّ الدمشقيّ؟ وعندما اقتحمَ الجنرال غورو، الفاتح الاستعماريّ، مقامَ صلاح الدين ليهزأ بذكراه؛ ألم يتعاون أبطال حيّ الأكراد مع أبطال حوران، في محاولة اغتيال هذا الجنرال المتغطرس؟ وفي معركة المسيفرة، الشهيرة، أما كانَ العديدُ من شهداء كرد دمشق متعانقين مع شهداء درعا؟
درعا.. درعااااا، عارُ البعث وحفرة سقوطه، الأبديّ؛ درعا، التي تنهض اليومَ من موتها، أكثر حياة وخلوداً، لكي تصرخ بصوت 23 مليون طفل وامرأة وشاب وشيخ ورجل: آزادي، آزادي.. حرية، حرية.
من القامشلي إلى حوران، الشعب السوري مابينهان. ومن عامودا؛ من الدرباسية؛ من الحسكة؛ من ديريك؛ من سري كاني؛ من كوباني؛ من عفرين؛ من شيخ مقصود الحلبي ؛ من جبل الزاوية الأدلبي؛ من حيّ البرازية الحموي؛ من جبل الأكراد باللاذقية؛ من حيّ الأكراد في تلكلخ؛ ومن حيّ الأكراد في دمشق.. آزادي، آزادي.. حرية، حرية.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طريق تل أبيب عبر تل كلخ
- السيّدة الأولى تنصح سيادته
- مواطن سوري عادي، جداً
- خالي يا خالي
- المعارضحالجية
- حميرُ الإعلام وخنازير الفنّ
- أهم شخصية في سورية
- لا عزاء لأيتام بن لادن
- عن قائد جيش سوريائيل
- النظام السوري وتفجير مراكش
- أقدم زبون للمحكمة الدولية
- الرئيس القرد يحرر البلد
- آخر خطاب لمسيلمة الكذاب
- ....المقاومة الإسلامية
- ارحل يا حمّار
- يوم الأسير السوري
- سيادته يوجّه الإعلامَ للإصلاح
- سيادته يأمر الشبيحة بتطبيق الإصلاح
- الواد طالع لأبوه
- طير وفرقع يا بشار


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - دلور ميقري - واحة للحرية اسمها ركن الدين