أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - خلدون جاويد - - لتذهب الثقافة الى الشيطان - ! ...















المزيد.....

- لتذهب الثقافة الى الشيطان - ! ...


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 3338 - 2011 / 4 / 16 - 01:09
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    




أعطى جان بول سارتر، تطبيقا لمنهج حرية الفكر الوجودي، حق الخيار للجندي الفرنسي مابين الوقوف الى جانب الاُم المريضة " الصغرى" او الذهاب الى الدفاع عن "الاُم الكبرى " فرنسا في زمن الحرب . لكن جرى اختطاف الدكتور زيفاكو من حياته الخاصة والذهاب به الى الحرب والدفاع عن الوطن ، وذلك من منظور المختطفين تطبيق للضرورة التاريخية وحاجة الجرحى في سوح القتال الى طبيب . أما لدى والد نيكوس كازنتزاكي فالأمر ذاتي يعتمد الإحساس بالوطنية الصرفة والحقة والنابعة بضمير حي . الوطن والثقافة ، كازنتزاكيا ً ، هما أرقى وسامين يتحلى بهما المرء ، ولذا ثبّتَ نيكوس عن أبيه مايشبه الوصية التاريخية العظيمة التي جعلت منه عملاقا في عالم الفكر والواقع .
قال الوالد كازانتزاكي " ستطول الثورة في كريت . سأعود الى هناك . لا أستطيع ان اترك رفاقي المسيحيين هناك بينما انا اتنزه في البساتين . انني أرى جدك في نومي كل يوم . وهو يوبخني يجب علي ان اذهب . ولكن في الوقت نفسه يجب ان لاتضيع وقتك . اريدك ان تصبح رجلا . هل فهمت : ـ رجل ـ هذا يعني أن تكون مفيدا لوطنك . من المؤسف انك ولدت للدراسة وليس للسلاح . ولكن لسوء الحظ ليس في اليد حيلة . هذا طريقك فاسلكه . أتفهم ؟ ثقف نفسك لكي تساعد كريت في الحصول على حريتها . فليكن هذا هدفك . والاّ فلتذهب الثقافة الى الشيطان . انا لا اريدك ان تصبح معلما او راهبا او سليمان الحكيم . فليكن هذا واضحا ً. لقد اتخذت قراري وعليك ان تتخذ قرارك . ان لم تستطع مساعدة كريت بالسلاح او الحروف فالافضل ان تضطجع وتموت . " ص 93 من المذكرات .
وما أعظم نيكوس كازانتزاكي الذي يربط بين الثقافي و الواقعي بأن يسبغ على الاول أقياما روحية ويترجمها الى فعل ويستقي من ذلك عبرة للمُجايـِلين والقادمين . وهذه العملية أي الربط والمواءمة أوالتكوين والصيرورة سمّـِـها ماشئت ، هي أسمى من قراءة ألف كتاب في سعة معرفية هائلة لكن مغرضة ! وغير تطبيقية . والمغرضون في هذا الزمان كثار .. قال كاتبنا الأشم في " تقرير الى غريكو " : ص 103 الجزء الأول "أتذكر الكابتن الكريتي ، ذلك الراعي الذي يعبق بروث الماعز والفحول . كان قد عاد لتوه من الحرب حين تلقى ثناءً مطبوعا على رق بحروف كبيرة حمراء وسوداء من " الإخوة الكريتية " في أثينا . كانت تهنئة على أعماله الباسلة تصفه بالبطل .
فسأل المراسل محتدا : " ماهذه الورقة ؟ هل تطاول ماعزي على حقل أحدهم من جديد ؟ هل عليّ أن أدفع تعويضا عن الأضرار ؟ " . وفتح المراسل الثناء بفرح وقرأه بصوت مرتفع .
ـ قله بلغة عادية لكي أفهم .
يعني أنك بطل . ان وطنك يرسل لك هذا الثناء وتستطيع أن تحفظه لاولادك ومد الكابتن يده الضخمة : " هاته " . وامسك بالرق ومزقه اربا ثم ألقاه في النار تحت وعاء الحليب . " رح وقل لهم انني لم احارب لكي أتلقى قطعة من الورق ، لقد قاتلت لكي اصنع تاريخا " .
وهناك للأسف الشديد اُناس يتفانون في الدفاع عن الباطل لمكافأة او انهم يمارسون شتى انواع الوغدنة من أجل الاقتراب من المال العام او لنيل قبضة من رماد الدنيا . أما رؤوسهم الممتلئة بالسعة المعرفية فتلك لاتـُـنجي حتى العالـِـم منهم من أن يدجّل للرؤساء والحكومات بقصد الحظوة والتقرب وتبوأ المناصب .. والسوق يعج بهؤلاء السوقيين محليا وقوميا وعالميا . تلك خاصة بشرية موجودة وظاهرة كابحة للعدالة وتكافئ الفرص وحرمان الجيل الصاعد من شق طريقه وهذا العامل المُعيق هو المؤدي الى الخراب والصراع التناحري في المنعطفات .
الرقي الروحاني الكازانتزاكي عتبة كؤود على الديدان أعلاه ولذا لايدرك الدوني مكان السامي والداني منزلة القاصي . قال نيكوس العظيم في ص 224 من المذكرات ، الجزء الثاني :" .. عند رؤية شجرة مزهرة او بطل أو امرأة أو نجمة الصبح نطلق "آه" لاشيء غيرها يمكن أن يتلائم مع غبطتنا . وعند تحليل هذه الآه نتمنى لو نعيدها الى فكر وفن لكي نمنحها للبشر وننقذها من فنائنا الشخصي ...". "ولكن للأسف ، ليست هناك طريقة اخرى لنقل هذه الآه ـ الجزء الوحيد من الخلود فينا ـ الى البشر . الكلمات ! الكلمات ! لم يكن لدي ، واأسفاه ، خلاص آخر . اذ لا سلطة لي على شيء الاّ على ستة وعشرين جنديا مقداما ، على الحروف الستة والعشرين . قلت لنفسي ساُعلن نفيرا عاما واعد جيشا واقاتل ضد الموت " .
كم من أديب متقوقع عازف عن الكتابة . كم من فنان ذاتي لايرى الأ همومه الشخصية . كم من ناشط في مجالات اجتماعية عدة بمجرد الإسم واللقب . الحروف الستة او الثمانية والعشرون أغنى كنز وأقوى جيش في العالم . بالحروف تلك تلونَ أديم الأرض وانقلب آلاف المرات عبر التاريخ .. انها اللغة التي ولدت أعاظم المفكرين والادباء والعلماء وكل مبدعي جماليات الحياة . أما ذلك المتكلس وحيدا وبعيدا عن مجريات العصر اللآهبة ولا هم له سوى ذاته او فئته او طائفته ، فانه لايرى كم من الفاعلية والتفعيل في 26 حرفا فيما اذا وسـّعَ من حدقة رؤيته للعالم اعني أن يرى من نوافذ انتماءآت انسانية متعددة . ان النظر من نافذة واحدة الى العالم او منظار واحد هو كعب أخيل الأديب وهو انكفاءته وسقطته التاريخية . اذا اردت الخلود كن أديبا كونيا اي اعشق العالم أجمع وكل بني البشر بلا استثناء وادع ُ الى السلام ناضل من أجله . وحتى الخلود ذاته لايعني شيئا أمام احترام الذات انه الوسام الوحيد الذي يتحلى به الأديب . ما أروع الشاعر العراقي الخالد أحمد الصافي النجفي القائل " حسبي بزاويتي عن الدنيا غنى ً ... فأنا بزاويتي وفيّ العالم ُ " . ولو نفعّل الجانب الثاني من البيت الشعري لانتهينا الى روعة أن العالم الكامن في ذواتنا ليس في حالة سكونية بل بمناجاة وتآخ ٍ ودفاع عن المظلومين والمحرومين في هذا العالم . والغنى هو ليس العزلة بل غنى احترام الذات وتفعيل ذلك بالوقوف الصلب والصلد مع قضايا العصر التحررية العادلة .

********
15/4/2011

توْق ٌ أخير ٌ :

قال الشاعر أحمد الصافي النجفي وهو يشكل من الحروف كل هذا الغنى:

" تجمعت الأحزاب في ّ جميعها
فمن كل ّ حزب ٍ خيرُ ماعنده عندي " .

قال الشاعر العظيم محمود درويش :

" عن الورود ادافعْ
شوقا الى شفتيك ِ
وعن تراب الشوارعْ
خوفا على قدميك ِ ".

قال شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري :

" لكنّ بي جنفا ً عن وعي فلسفة ٍ
تقضي بأن البرايا صُنـّـِفتْ رُتـَبا
وان من حكمة ان يجتني الرطبا
فردٌ بجهد إلوف تعلك الكربا " .

وختاما لاتحزن ! لاتحزن اذا كنت مدقعا فأنت أغنى أغنياء الأرض لو كنت تركت إرثا عظيما للأجيال كما ترك هؤلاء الأفذاذ والعشرات بل المئآت منهم . انهم شموع في طريق الإنسانية .
لتذهب الثقافة الى الشيطان إن لم ترتسم فرحا وحرية وابتسامات على شفاه الناس ، شفاه البشرية جمعاء .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملك البحرين ما أجمله ! ...
- السوريون يزلزلون الأرض ...
- وقفة على النيل ...
- هل أنت كازنتزاكيّ النزعة ؟...
- دمشق لم ترتعبْ حكّامها ارتعبوا ...
- قالوا بأنك َ عن قريب ٍ تُخلَعُ ! ...
- تَخْتِخ ْ ورَبْرُبْ ! ...
- قصيدة الى البطلة سهير الأتاسي ...
- مَنْ لمْ يُطِحْ بالعرش ِ ليس بشاعر ِ
- الثقافة ظهير الإنتفاضة السورية ...
- قصيدة سخرية للقذافي وعنه ...
- نزهة مع أصدقائي الموتى في كوبنهاغن
- ليبيا جوهرة على جبين الكون ...
- قصيدة الى الرئيس - الخَرَنْكَعي ...- !...
- - كل من يطالب له بعمل قالوا شيوعي ... !- ...
- إنحناءة في حضرة الإمام علي ...
- ليبيا العروسُ على الضفاف تحوم ُ ...
- سبعة اُدباء لايدخلون -الجنّة- ! ...
- الرقطاء بثينة شعبان ؟ أم بثينة ثعبان ؟
- ياجعفر الصادق لايصدقون ! ...


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - خلدون جاويد - - لتذهب الثقافة الى الشيطان - ! ...