أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - ملحمة الفيسبوك















المزيد.....

ملحمة الفيسبوك


ميثم سلمان
كاتب

(Maitham Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 3318 - 2011 / 3 / 27 - 15:40
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

أنكيدو:
تحية طيبة، هل أنت حقا الملك العظيم كلكامش( ذلك الذي ملأ اسمه البلدان بالرعب) أم أحد أحفاده؟ هل مازلت حيا؟ أين أنت الآن؟ ما رقم هاتفك؟ أريد معانقتك يا خلي وصاحبي. كل الحب.
كلكامش:
وهل أنت حقا صديقي الصغير أنكيدو؟ هل أخرفتي الشيخوخة، أم أن هول حزني عليك قد فطر الأرض لتخرج منها؟
نعم أنا (كلكامش الكامل الحول والقوة) (يا صاحبي وخلي الذي أحببته حبا جما)، (وانحنيت كما انحنى على امرأة). كيف عدت إلى الحياة بعد أن أرسلوك (إلى البيت الذي لا يرجع منه من دخله، إلى الطريق الذي لا رجعة لسالكه)؟
كلي شوق لضمك إلى صدري. تخنقني العبرات وأنا ألقن رفيقي لينقر كلماتي. أعيش حاليا في بلاد الأرز، بمنزل للعجزة، مشلولا ووحيدا. ليس هناك من يصدق أني (كلكامش الأزهى بين الأبطال).
لقد نحت عليك يا حبيبي (نواح الثكلى)، وبرقعتك (كالعروس) ورحت (ازأر حولك كالأسد)، ونتفت شعري ورميته على الأرض، عندما (طواك ظلام الليل) ولم تعد( تسمعني).
ملاحظة: لا أعرف رقم هاتف هذه الدار، سأسألهم غدا. حتى ذلك الحين أرجو أن تستمر بالمراسلة خلال هذا الاختراع. في أنتظارك يا حبيبي.
أنكيدو:
الحبيب كلكامش، لهي من أعجب العجائب أن تكون حيا. قرأت كلماتك والدموع تغمر (جسمي الذي كنت تلمسه يوم كان قلبك تعمره الأفراح). شكرا للفيسبوك الذي دلني عليك، يا له من اختراع عظيم! عبارة عن شبكة هائلة من الصداقات، لكن أين هي من أسطورة صداقتنا!
يا خلي، سآتي إليك مع أول طيارة ذاهبة إلى لبنان، جسدي يرتعش الآن وأنا أكتب لك. أعرف أنك بكيت ونحت علي، وصنعت لي تمثالا. قرأت نص ملحمتنا التي كتبها الكاهن البابلي طبق سين-ليفي-أونني، وأعرف أن (مصير البشر) أدركك عندما سرقت منك الأفعى عشبة الخلود. سأسهر هذه الليلة منتظرا الرد فلا تحرقني على جمر الانتظار يا حبيبي. أرجو أن تضع بعض صورك في صفحتك. قبلاتي.
كلكامش:
حبيبي أنكيدو، عندما (تجمد الدود على) وجهك، أفزعني (الموت حتى همت على وجهي في الصحارى) (قاصدا أبي أوتو-نبشتم، باحثا عن الحياة)، لكن الأفعى اللعينة سرقت عشبة الخلود، وراحت تخرج لي طوال طريق العودة لتسخر مني. فتربصت لها وقذفتها بخنجري. تمكنت منها، وأخرجت النبتة من بطنها وكانت منقوعة بالسم. فلم تعد ترجع الشباب لكنها تبقي آكلها حيا إلى الأبد. رجعت إلى مدينتي ولم أخبر أحدا بقتلي للأفعى اللص.
في العام السادس والعشرين بعد المائة من حكمي زل لساني في لحظة ثمالة، ووشي غلام بسر خلودي إلى ابني أور- ننكال الذي كان ينتظر موتي للاستيلاء على تاج الملك. فتآمر علي مع قائد الحرس لقتلي. هربت متنكرا بزي امرأة، وجبت الصحاري والجبال لينتهي بي المطاف في هذه الدار.
آه يا عشيقي! لكم أحن لعرش أوروك! فالحياة خواء بلا سلطة، ولا طعم للخلود بدونها. ماذا عنك يا خلي؟ كيف خرجت من عالم الأموات؟ كيف تعيش حاليا؟
أنكيدو:
صديقي الأوحد، بعد أن واريتني الثرى بقيت تحت التراب عدة قرون. ثم صرت أحد أتباع الإله سموقان (أله الماشية) الذي أشفق علي وحولني إلى تيس ليخرجني من العالم السفلي. ملكني رعاة من كل الأعراق والأجناس، عاملوني بكل قسوة ووحشية. مرة ركلني راع غنم جلف ساخرا مني، فتدحرجت مثل كرة وضربت صخرة. لكن قوة الضربة أرجعتني إلى صورتي الأولى. هجم علي الراعي واللذين معه لنحري بسيوفهم. هربت وبقيت أتنقل من مدينة إلى أخرى متجرعا عيشة الذل والقمع حتى هجرت الوطن متوجها إلى مدينة دمشق ومن هناك هاجرت إلى السويد.
عملت في مهن كثيرة وآخرها مهنة القصابة. كما تعرف أن لي خبرة بذلك. هل تذكر عندما قطعت فخذ الثور السماوي الأيمن وقذفته بوجه عشتار. آه، كم أحن لتلك المغامرات المجنونة!
جمعت بعض المال وفتحت محلا لحسابي أسميته: ملحمة أنكيدو للحم الحلال.
كلكامش:
صديقي العزيز، لقد فرحت كثيرا لأخبار نجاحاتك العملية لكن أهالني وأحزنني أنك تهزأ من ملحمتي بتسميتك دكانك الصغير بهذا الاسم. أرى أنه لا يخلو من استخفاف. كما هو معروف أن اسمك مرتبط بتاريخي. فلا أريد للعامة أن يسخروا من أسطورتي، والظن أن الملحمة منسوبة إليك. وأنت تدرك جيدا أنها بمجملها تخصني لسردها انتصاراتي وأمجادي. أرجوك يا صديقي أن تغير الاسم وسأكون شاكرا.
أنكيدو:
عزيزي كلكامش، إن تسمية دكاني بهذا الاسم لا يعني الهزأ والسخرية إطلاقا، بل التفاخر. إن هذا الدكان هو كل ما لدي ومن حقي تسميته بما شئت من أسماء. عسى أن تسامحني يا كلكامش لعدم تغييره.
كلكامش:
العزيز أنكيدو، أطلب منك ثانية باسم صداقتنا المنقطعة النظير أن تغير الاسم، أو على الأقل إضافة اسمي على لائحة الدكان، حتى ولو كان بخط صغير تحت اسمك. سأعطيك جزاء ذلك ختم الملك الذي مازلت أحتفظ به.
لا أريد التذكير بأفضالي عليك يا أنكيدو، فلولاي لما كانت حتى ضرورة لخلقك. إن الملحمة هي عزائي الوحيد في هذه الحياة حيث تعتريني بهجة قصوى لسماع تمجيد بطولاتي. أنكيدو:
أخشى أني لا أستطيع تحقيق طلبك. إنك استحوذت على كل الأضواء والمجد والشهرة بوضع اسمك على بطولات ما كنت لتنجزها لولاي، والآن تنافسني على اسم لدكان بسيط، كفاك جشعا ودلالا يا كلكامش. هل نسيت أني كنت أسير أمامك (وإن من يسير في الطليعة يحمي صاحبه).
عن أي بطولات تتحدث يا رجل؟ هل تريدني التذكير بأنك خفت من الوحش خمبابا. كل ما فعلته هو تقطيع بعض أشجار الأرز و(من بعد ذلك، غططت في نوم عميق ولم تستيقظ) فخاطبتك: (إلى متى ستظل نائما)؟ لولا إن الإله شمش أهاج عليه الرياح العاتية لما تمكنت منه، بعدها عزمت على أن تبقي عليه، لكني أنا من حرضتك على قتله. لقد كتمت غيضي كل هذه القرون حرصا على نقاوة صداقتنا، فلا تضطرني لفضح المستور.
كلكامش:
عجبي لما أسمع! يبدو أنك قد تغيرت كثيرا. أنا أطلب منك راجيا وأنت ترفض! كيف يكون هذا وأنا الملك الأعظم؟! كيف تخاطبني بهذه الطريقة؟ كيف تجاسرت على أن تعيرني بنومي بعد تقطيع الأشجار؟ هل نسيت أن كل ما أفعله هو بأمر الآلهة؟ يا لشقائي بسماع هذا الكلام من خلي الأوحد.
أقولها لك مرة أخرى يا أنكيدو أن فضلي عليك جما، وبطولاتي وأمجادي لا تحصى، (أنا الذي قبضت على الثور الذي نزل من السماء وقتلته وغلبت حارس الغابة وقهرت خمبابا) وحصلت على عشبة الخلود.
أنكيدو:
لا. لم أنس واقعة الثور، لكن أنت من أصابه داء النسيان، فنسيت مسكي لذيل الثور السماوي بقوة كي تتمكن من قتله، وأنت تعرف جيدا أن مسك ذيل ثور بهذا الحجم وتجرع رشقات الروث لهي البطولة بعينها. كل ما فعلته حينها هو غرس حسامك مابين السنام والقرنين. ثم رحت تغني مع المغنيات بغرور عن زهوك ومجدك ناسيا فضلي.
نعم لولاك لما خلقت. لكن هل نسيت السبب؟ ألم يخلقوني لأوقف طغيانك؟ لأنك كنت (متسلط على الناس كالثور الوحشي). فأنت لم تترك (ابناً طليقا لأبيه)، و(لم تنقطع مظالمك عن الناس ليل نهار)، ولم تترك (عذراء لأمها ولا ابنة المقاتل ولا خطيبة البطل)، وكنت تدخل على العرائس قبل أزواجهن.
تتبجح بحصولك على نبتة الخلود متجاهلا حقيقة فشلك في أول اختبار أخضعك له أوتو-نبشتم لتنام وأنت ما تزال (قاعداً)، ولم تستيقظ إلا في اليوم السابع. لولا أن العجوز زوجة الشيخ رقت لحالك متوسلة زوجها ليدلك على العشبة، لما حصلت عليها، يا كسول. ثم هملتها عندما رحت تغسل ساقيك بماء البئر البارد كأي مراهقة مدللة لتأتي الأفعى وتسرقها منك.
إن ما يتجدد فيك ليس الحياة بل روح الأفعى وسمها، والتعطش للسلطة، والفتك بالناس.
(أنت! ما أنت إلا الموقد الذي تخمد ناره في البرد). (أنت كالباب الخلفي لا يصد ريحاً ولا عاصفة). ألا تبا لك من نفاج!
كلكامش:
أنكيدو الضئيل، كيف تحدثني بهذه الطريقة يا جحش، فهل نسيت أصلك وأين ولدت؟ يا من ولد في البراري، (يا أنكيدو إن أمك ظبية وأبوك حمار الوحش، وقد ربيت على رضاع لبن الحمر الوحشية). أيها النتن، القذر. يا من كان (يكسو جسمه الشعر الكث وشعر رأسه كشعر المرأة، ونمت فروع شعر رأسه جدائل كشعر نصابا (آلهة الحبوب والغلال)، لا يعرف الناس ولا البلاد، ويلبس لباساً مثل سموقان ومع الظباء يأكل العشب ويتدافع مع الوحش عند مساقي الماء ويسر قلبه مع الحيوان عند موارد الماء).
يا صاحب البغي شمخة التي علمتك كيف تعيش كالبشر. هل نسيت، أيها التيس، أنني أنا من أجلسك على كرسي الشرف؟ لو كنت أعرف أنك ستتفوه بهذه البذاءات (لرفعت فأسي وحطمتك) عندما لاقيتك (في موضع سوق البلاد).
أنكيدو:
إلام تظل بهذه الغطرسة والجبروت الفارغ يا ابن البقرة؟ هلا تبت إلى ربك وطلبت المغفرة على جرائمك الكبيرة! اللعنة عليك وعلى كل ظالم.
سأحذفك من قائمة أصدقائي، فلا يشرف صفحتي أن تكون فيها حشرة سامة مثلك، بل أني سأحذف حسابي على الفيسبوك لأنه أوصلني إليك أيها النذل. سحقا لك وللفيسبوك!
كلكامش:
إلى أسينو*، أنت ما أنت؟ (أنت قير يلوث من يحمله)، (أنت نعل يقرص قدم منتعله)، (أنت قربة تبلل حاملها). لو كنت أمامي لحطمت هذا الجهاز اللعين على رأسك وحذفتك من الوجود يا كيزرو*.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل العبارات الواردة بين الأقواس مأخوذة من كتاب (ملحمة كلكامش وقصص أخرى عن كلكامش والطوفان) لأستاذ السومريات طه باقر.
* أسينو: المخصي باللغة السومرية. *كيزور: الشاب ذو الشعر المجعد، شعر اصطناعي يلبسه العاهرون الذكور.



#ميثم_سلمان (هاشتاغ)       Maitham_Salman#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجرد لعبة
- مدينة العكازات
- مخاوف
- جلد الوقت
- أسئلة الغاز
- قشور بحجم الوطن (رواية 8)
- قشور بحجم الوطن (رواية 7)
- قشور بحجم الوطن ( رواية 4-5-6)
- قشور بحجم الوطن (رواية 3)
- قشور بحجم الوطن (رواية 2)
- قشور بحجم الوطن (رواية1)
- غرائبية معقولة
- نصوص
- نص
- قنينة صور
- القراصنة مازالوا هناك
- قصص قصيرة جدا
- تقديس الأشخاص عند المسلمين
- قصة قصيرة
- قصص قصيرة جداً


المزيد.....




- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...
- بعد ضجة واسعة على خلفية واقعة -الطلاق 11 مرة-.. عالم أزهري ي ...
- الفيلم الكويتي -شهر زي العسل- يتصدر مشاهدات 41 دولة
- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...
- تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...
- وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب ...
- “أفلام تحبس الأنفاس” الرعب والاكشن مع تردد قناة أم بي سي 2 m ...
- فنان يحول خيمة النزوح إلى مرسم
- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - ملحمة الفيسبوك