أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - مخاوف














المزيد.....

مخاوف


ميثم سلمان
كاتب

(Maitham Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 3271 - 2011 / 2 / 8 - 13:27
المحور: الادب والفن
    


مخاوف


قصة قصيرة

عندما يهبط الساطور على جسد الخروف ينفصل الراء ليقفز الخوف إلى رأسه.
تكرر هذا المشهد أمامه منذ أن أنيطت له مهمة شراء اللحم للمطعم الذي يعمل فيه. مشهد يثير رعبه. يتجمد صامتا، يراقب صرامة القصاب وهو يقطع شرائح اللحم بسكينه الطويلة.
يهيمن عليه هاجس انفلات الساطور من يد الجزار ليستقر في رأسه.
عند خروجه من محل القصابة يتمتم: "الحمد لله، لقد نجوت اليوم بأعجوبة!.. لكن ماذا عن الغد؟ كيف امحي منه الدماء والمخاوف؟".
في ساعة تقترب من الفجر قليلاً فز مذعورا من نومه، يتصبب فزعاً أثر كابوس مزعج. رأى فيه السماء تمطر سكاكين، والأرض تنز من جلدها خناجر، وهو يزفر أمواسا. تحسس وسادته ببطء للتأكد من أنه يحلم.

احتمال أول
قرر أن يكون جزارا كي يقضي على مخاوفه من مشهد تقطيع اللحم.
كان يضغط على مقبض الساطور بقوة، وينزله على جثة الخروف المسلوخة بكل قسوة. كما لو كان ينتقم لأعوامه التي أهلكها الذعر. تختزل ملامحه هذه الفرحة بابتسامة خفيفة، لم يدرك أحدا من الواقفين على عتبة المحل سرها ألا رجل في الثلاثين يرمقه بوجل ويرقب إيغال السكين في شرائح اللحم.
يفضح ذاك الرجل رعبه عندما يرتفع الساطور لينهال على الأشلاء. أنتبه القصاب لارتجاف زبونه، ارتعاش أيقظ مخاوفه القديمة. أيقن حدسه هذا عندما رآه يجهز المحل المجاور ليبيع اللحم فيه كما فعل هو للقضاء على رعبه.
أخذ الزبائن يتبخرون يوماً بعد آخر ليفاجئ بأنهم جميعاً قد امتهنوا القصابة. تحول كل ركن في المدينة إلى محل جزارة: المستشفى، المدرسة، دائرة البريد، الكهرباء، الماء...
لم يسلم أي حيوان في المدينة من الذبح، فانقرضت الخراف والكلاب والقطط والطيور والأسماك والزواحف. جفت المدينة من جميع أنواع اللحوم وأصيب السكان بهستريا حادة لإدمانهم الذبح والتشريح والتقطيع. خرجت الحشود ملوحة بسكاكينها لجز لحم الهواء علها تهدأ قليلاً من سورتها. تصارعوا فيما بينهم على ملكية الهواء. فقطع كل منهم الآخر.
كان هو من القلة الناجية اللذين فروا من المدينة تاركين الأزقة مزروعة بصنارات تعليق الأشلاء، والنهر غارقاً بالدماء. حتى الهواء تمزق تماماً. وعلى ارتفاع بسيط اكتظت الأرواح مشكلة سماء مغبرة.

احتمال ثان

قرر أن يكون جزارا كي يقضي على مخاوفه من مشهد تقطيع اللحم.
أطمئن لذلك عدة أيام لكون الساطور يحتل يده، حيث يحركه في أي اتجاه يريد. لكن هناك في المجزرة التي يتبضع منها أشلاء الخرفان المسلوخة اكتشف أن حشائش مخاوفه نابتة في داخله وتنمو بسرعة هائلة كلما وجد من يستفزها، لتلتف حول رقبته كأفعى.
في المجزرة الكبيرة وجد خرافاً معلقة من أطرافها بصنارات تصطف على سكة متحركة وملتصقة بالسقف.
استأنف الهلع نهشه في رأسه. حدث نفسه: " حتماً سأكون معلقاً كهذه الأشلاء يوما ما".
خرج لفوره هاربا من ذاك المشهد المروع. لا يوجد حلا غير شراء تلك المجزرة، تمتم. باع محله وبيته ومصوغات زوجته الذهبية، واستدان بعض المال ليشتري المجزرة الكبيرة، كي يجتث مخاوفه للأبد.
حدث له ما أراد وكانت سعادته غامرة حينما تعرش على كرسي الإدارة. يأمر وينهي كل قصابي المدينة. ولكونه صار من الأعيان أخذ يحضر جلسات الإنس التي يقيمها كبير الأعيان. لم يصدق نفسه وهو يجلس قريباً من الكبير ويستنشق ذات الهواء المحيط به.
في إحدى الأماسي شهد حادثة بعثت الحياة في مخاوفه من جديد عندما أمتعض الكبير من أحد الأعيان وصب جام غضبه عليه على هيئة سيف بتار أنزله بقسوة على رقبة ذاك الرجل المشاكس.
بدأ رحلة القضاء على مخاوفه الجديدة بترتيب خطة الخلاص من الكبير. فاتح باقي الأعيان الذين شجعوه ورشحوه لتولي مهمة الإطاحة بالكبير.
تحقق ما أراد له وأصبح هو الكبير ليستقبله سكان المدينة بالهتاف والتصفيق. تنفس الصعداء وهو يتسلط على منابع الخوف حيث لا يوجد من يجرأ بعد الآن على إثارة الخوف في داخله. ولم يصدق بأن شعور الخوف سينبت مجدداً في جسده، إلا حين سماعه رعداً رهيباً يصطحب برقاً يمزق جسد الفضاء. أضطرب وأرتجف عند ملامسة قوة الرعد برج المدينة لتهدمه. بدا له البرق كسكين عظيمة تمسكها السماء.
صرخ بصفوف الحاشية التي تحيطه: " كيف تجرأ السماء على أيقاظ الخوف في داخلي. سأقضي عليها". عندها أمر أن توجه جميع الصواريخ صوب السماء.
كانت الصواريخ تنطلق للأعلى، والسماء ترعد، والخوف يلفع كامل جسده.

احتمال ثالث
قرر أن .......
........
............
..................



#ميثم_سلمان (هاشتاغ)       Maitham_Salman#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جلد الوقت
- أسئلة الغاز
- قشور بحجم الوطن (رواية 8)
- قشور بحجم الوطن (رواية 7)
- قشور بحجم الوطن ( رواية 4-5-6)
- قشور بحجم الوطن (رواية 3)
- قشور بحجم الوطن (رواية 2)
- قشور بحجم الوطن (رواية1)
- غرائبية معقولة
- نصوص
- نص
- قنينة صور
- القراصنة مازالوا هناك
- قصص قصيرة جدا
- تقديس الأشخاص عند المسلمين
- قصة قصيرة
- قصص قصيرة جداً
- ارق ازلي
- انحياز الفضائية العراقية
- حلول تنتج مشاكل


المزيد.....




- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - مخاوف