أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - غرائبية معقولة














المزيد.....

غرائبية معقولة


ميثم سلمان
كاتب

(Maitham Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 2485 - 2008 / 12 / 4 - 02:49
المحور: الادب والفن
    



الخيال المحض حلق لأقصى مداه منذ الأساطير والملاحم والكتب المقدسة والحكايات الشعبية وغيرها من المنتجات الثقافية العاملة على الترهيب والإمتاع والإثارة والقص والتبجيل والتخليد ؛ مواصلاً صراعه ضد رياضيات الطبيعة وأبجدياتها المنطقية في الإنتاج الفني باختلاف آفاقه و تجنيساته ، سيما السردي منه ، مستلهماً صور عوالمه من واقعنا الذي يضاهي التخيل أحيانا . عليه يكون الخيال السحري والخرافي والأسطوري والفانتازي قديم بدأ مذ راود الحلم الإنسان وراودته رغبة التأثير على الآخرين لشتى المآرب .
كما أن هذا النوع من التخيل متاح لأي إنسان وسهل تعاطيه والغوص في ثناياه ؛ فأين الإثارة إذن ، بسرد حكايات اللامعقول ونحن نعيش حياة تصدمنا بغرابة تفوق ما نتخيله إدهاشا ؟ وبالأخص الخيال الوحشي كون واقعنا العربي عامر بكل أنواع الكوابيس المرعبة ، حيث الوحشية إيغال في التخيل .
لا أدعو بالمقابل لاستنساخ الواقع كما هو، وتحنيط مقطع منه ولصقه ضمن إطار القصة القصيرة . فسرد حكاية تحدث مرارا ، هو أيضا ، يفتقر للإثارة . ما اعنيه هو أن الحكاية المؤثرة ـ برأيي ـ هي ما يخلقه الخيال من وهم يوازي الواقع . ندركه لكنه ليس واقعا يمشي على أرضنا المألوفة ؛ ولا هو سحرا يطير بين سحب المخيلة . هو وهماً يتأرجح بين الحقيقة والحلم ، بين الممكن والمستحيل ، بين الواقع والسحر . غرابة هذا الوهم تتأتى من ندرته . هو غريب لكنه معقول ؛ نادرا ما يحدث بيد انه علمياً ليس عصي الحدوث . ويثير الحيرة بإمكانية وقوعه . حيرة تقترب من الاندهاش . لو صدقه المتلقي بلا شكوك يكون واقعا مألوفا، وإن لم يصدقه يصبح حلما أو خرافة أو أسطورة أو كابوسا . فموت شخصا ما ليس خبرا مثيرا ، لكن لو مات ذاك الشخص ضحكا صار مثار دهشة واستغراب بل حتى شك من قابلية حدوث الموت من الضحك ، وهنا مكمن الغرابة . أما إن عاود الميت ضحكه بعد ثلاث أيام من دفنه ورجع لأهلة بكفنه وهو يضحك عليهم ، يكون هذا سحرا بلا شك ، حينها تحلق الحكاية إلى منطقه الخيال المحض وتغدوا أشبه بالخرافة .
القصة المدهشة تبنى على وهم يندرج ضمن واقع غريب ، كونه غير مألوف . هي من الخيال وليست سحرية لأنها غير مستحيلة ، كما أنها ليست واقعا مسحورا لأنها بعيدة عن الخرافة . إنها حكاية الغرابة المعقولة . والوهم في هذه القصة لا يسد مجرى تيار الأنثيالات الذهنية وتلاطم الصور السحرية في رأس الشخصية . فهذا الوهم لا يتقاطع مع تيار الوعي والحلم .
يجب أن لا تقف الدهشة عند هذا الحد بل تتعداه إلى مشاكسة الذهن من خلال أفكار الشخصية . فالنص الذي لا يحمل رؤية مجددة للعالم يُستهلك بسرعة ويتلاشى . فضلا على ضرورة تهذيب وتأنيق وسيلة التقديم أو الكلمات ، فهي الطبق الذي نقدم به نصوصنا . فيجب صقلها بهاجس الشعر الذي يطرد المفاصل السردية التقليدية كونها موجودة "فطريا" في ذهن المتلقي . القصة القصيرة الآن لا تكتفي بصوت واحد للروي ، حيث تعدد مناظير السرد وتداخلها يصعد من منسوب قيمتها الفنية . ولا يكفيها شكل فني فريد بل هي دائمة التجريب والتشكل . هي حساء خضار يُبدأ طهيه في رأس القاص ، الذي يشبه القدر ، ويكتمل إعداده في رأس المتلقي الذي يتحول من فم إلى قدر عند إعادة إنتاج النص . قصة لها مذاق يشبه ملامح طاهيها ، مذاق يجب أن يستفز جميع الحواس الشعورية والعقلية .

ميثم سلمان
ادمنتون 2008



#ميثم_سلمان (هاشتاغ)       Maitham_Salman#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصوص
- نص
- قنينة صور
- القراصنة مازالوا هناك
- قصص قصيرة جدا
- تقديس الأشخاص عند المسلمين
- قصة قصيرة
- قصص قصيرة جداً
- ارق ازلي
- انحياز الفضائية العراقية
- حلول تنتج مشاكل
- نحو حوارً متمدن
- الاربعاء الاسود
- فيصل القاسم وحكايات جدته العجوز
- امطار العراق
- قائمة الأ ئتلاف تسيء للمرجعية


المزيد.....




- المتحف البريطاني والمتحف المصري الكبير: مواجهة ناعمة في سرد ...
- مليشيات الثقافة العربية: عن -الكولونيل بن داود- و-أبو شباب- ...
- مليشيات الثقافة العربية: عن -الكولونيل بن داود- و-أبو شباب- ...
- شيرين أحمد طارق.. فنانون تألقّوا في افتتاح المتحف المصري الك ...
- بين المال والسياسة.. رؤساء أميركيون سابقون -يتذكرون-
- ثقافة السلام بالقوة
- هل غياب العقل شرط للحب؟
- الجوائز العربية.. والثقافة التي تضيء أفق المستقبل
- كوينتن تارانتينو يعود إلى التمثيل بدور رئيسي
- لونُ اللّونِ الأبيض


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميثم سلمان - غرائبية معقولة