أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - أصبح لدينا رئيس سابق!















المزيد.....

أصبح لدينا رئيس سابق!


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3274 - 2011 / 2 / 11 - 23:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


لا توجد كلمات في الدنيا يمكنها أن تصف روعة الحدث أو تعبر عن مشاعر المصريين في هذه اللحظة، مثلما عبرت نقطة من دماء شهيد أو مصاب.. اليوم أخيرا حظي الشهداء بلفتة احترام.. في البيان الثالث للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.. أدى المتحدث باسم المجلس التحية العسكرية بعدما حيا أرواح الشهداء.. للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثة عقود يلقى أبناء المصريين احتراما يستحقونه من مسئول.. ففي عهد الطاغية، تغول الاستبداد وتوحش وتعاظم جنون العظمة، حتى لم يعد أصغر خدم الطاغية يرى في أبناء شعبه بشرًا يستحقون الاحترام.. فلتهنأ أرواح شهدائنا في جنة الخلد.. ولتبرد قلوب أهلهم.. دماؤهم لم تذهب هدرًا.. فقد حررت مصر .. وأعادت الكرامة إلى 85 مليون مصري... ففي الحوادث الناتجة عن الفساد ضاعت دماء المئات سدى، ولم يكلف الطاغية نفسه مجرد كلمة عزاء يوجهها لأهالي ألف ومائتي ضحية في حادث العبارة المشئوم، ولا 550 ضحية في حادث الدويقة، ولا 400 قتيل في حادث قطار الصعيد، ولا أرواح شهداء مسرح بني سويف، أو غيرها من حوادث راح ضحيتها مصريون، من دون مساءلة حقيقية لمسئول، أو كلمة عزاء من نيرون مصر غير المأسوف على رحيله.
للمرة الأولى في تاريخ مصر منذ وحد مينا القطرين المصريين في دولة مركزية واحدة قبل نحو سبعة آلاف عام، يصبح لدينا في مصر رئيس سابق.. وربما يدخل الطاغية التاريخ من هذا الباب.. فهو أول رئيس سابق في مصر.. وعلى أية حال، ففي أبواب التاريخ متسع للجميع؛ وكما أن هناك أبواب للعظماء.. لا شك أن طاغيتنا سيجد بابا يدخل منه كما دخل نيرون وهتلر وموسوليني وشاوشيسكو وسوهارتو وشاه إيران على سبيل المثال.

ولم يكن اندلاع الثورة المصرية ـ في حد ذاته ـ مفاجئا .. فالكثيرون كانوا يتوقعون اندلاعها، ولكن ليس بمثل هذه السرعة.. وفي مقال لي نشر أواخر ديسمبر الماضي بعنوان "كل ما تهل البشاير من يناير" كتبت : ” الثورات في التاريخ، تبدو لمعاصريها مفاجئة، كما لو أنها تحدث بين يوم وليلة، بيد أن المؤرخين سرعان ما يعثرون بسهولة لاحقا على إرهاصات كانت تنبئ بقيام الثورة. ونحن ـ في عالمنا العربي ـ تختمر في أرحام أمتنا ثورات مقبلة، أسبابها واضحة، وإرهاصاتها لا تخطئها العين، غير أن البعض ما زال يفضل أن تفاجئه الأحداث!"
وهي ثورة سوف يؤكد المؤرخون لاحقا إنها لم تندلع فجأة.. وإنما هي بذرة غرسها الأجداد منذ وقفة عرابي أمام الخديو توفيق يرفض فيها اعتبار المصريين عبيدا يرثهم الحكام، ثم رواها الآباء دمًا وتضحيات طوال نحو مائة وثلاثين عاما إلى أن اشتد عودها في جيل أبنائنا، فصانوها وتعهدوها بالعناية إلى أن قارب قطف الثمار.
وعندما خرجت مع شباب مصر منذ اليوم الأول للثورة، وانطلقنا من منطقة "نهيا" الشعبية حتى ميدان التحرير؛ لم أستطع أن أمنع دموعي وأنا أرى الجموع من مختلف الانتماءات الفكرية والمستويات الاجتماعية والثقافية تعيد لي ذكرى انتفاضة يناير الشعبية عام 1977. وبعد نحو ثلاثة كيلومترات بدأت أشعر بالتعب، وتحسرت على نفسي، فها قد جاء اليوم الذي أسير فيه في آخر صفوف المظاهرة.. وبعد فترة أشفقت على أبنائنا من قيادات المظاهرة الذين كانوا يضطرون لإبطاء سرعة سيرهم احتراما لقدراتنا نحن الأكبر سنا.. وبعدها لم تعد الصحة تسمح سوى بالسير دون ترديد الهتافات.. يومها شعرت أنني لم أعد أتمنى شيئًا آخر في هذه الدنيا.. فها قد رأيت بعيني اليوم الذي تمنيت أن أراه منذ أكثر من ثلاثة عقود. ومع مرور أيام الثورة، تمتزج في داخلي الفرحة بالثورة مع الإشفاق من احتمالات تعرضها للقمع، ومع سقوط الشهداء يزداد الهلع من أن تضيع دماؤهم سدى، وبعد أن ألقى الطاغية المخلوع خطابه الأول، بدأت تظهر دعاوى خبيثة للتهدئة، ومنحه فرصة لتحقيق وعوده، كما لو أن ثلاثة عقود لم تكن كافية ليتعلم فيها احترام المصريين واحترام العهود.. وفي الحقيقة لم يكن هناك أسخف من هذه الدعوات، فلم نسمع أو نقرأ في التاريخ عن ثورة تتوقف في منتصف الطريق، أو ثوار يأخذون استراحة، ويسلمون أعناقهم وأحلامهم لطاغية دأب على خداعهم ومعاملتهم بمنتهى الوحشية والإجرام طوال ثلاثين عامًا.
والغريب أيضًا، أن البعض تعاطف مع قول الديكتاتور أنه سيموت على أرض هذا الوطن، جاهلين أو متناسين أنه في الحقيقة لا يستطيع أن يذهب إلى كثير من بلدان العالم، حيث يسمح القانون الدولي لأي ناشط في هذه البلدان بأن يطلب محاكمته بتهمة "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية" وهي جرائم ثابتة وموثقة على الأقل في الأسبوعين الأخيرين على الأقل، وتفضحها دماء الشهداء العزل الذين قتلهم رجاله بالرصاص الحي، أو صور السيارات التي تدهس المتظاهرين العزل بدم بارد.. لم يكن يستطيع أن يذهب إلى معظم بلدان العالم الموقعة على هذه المادة من مواد القانون الدولي.
كنت قد شعرت بإجهاد شديد بعد سبعة عشر يوما بلغ متوسط ساعات النوم فيها لايتجاوز الساعتين، وقررت العودة إلى البيت، حتى لا أعيق أبنائي في الميدان، فينشغلون بحالتي الصحية وأصبح عالة عليهم.. في طريقي للعودة كنت أفكر في أن هذه لعلها أول ثورة في التاريخ تحمل هذا الكم من خفة الظل.. قابلت شابا يقص شعره وشاربه بطريقة تجعله شبيها بهتلر، ويحمل لافتة تقول "هتلر انتحر .. You can do It!".. فكرت أن أحمل في الغد لافتة تقول: "أرحل أريد أن أنام" على غرار لافتات رفعها شباب مثل "ارحل إيدي وجعتني".. أو "إرحل عايز أحلق شعري" أو "إرحل مراتي وحشتني".. وما أن دخلت منزلي، وأدرت زر التليفزيون حتى شاهدت نائبه يعلن تنحيه.. يا الله! أخيرًا ذهب الطاغية! وبالصورة التي تليق به تمامًا.
اليوم تحولت الانتفاضة الشعبية المصرية إلى ثورة شعبية حقيقية.. واليوم يحق للمصريين أن يفرحوا ويحتفلوا ما شاءوا.. على ألا ينسوا أن غدا تبدأ مهمة البناء.. وأن أول المهام المحلة هي حماية الثورة من سارقي الثورات.. البشارة كانت من قرار شباب ميدان التحرير، الذين ذهبوا إلى محطة المترو المسماة باسم الطاغية، ليشطبوا الاسم ويطلقوا عليها اسم "محطة الشهداء".
المجد والخلود لشهداء الوطن.. فلتهنأوا بجنة الخلود.. دماءكم لن تذهب هدرًا.
ما أعظمك يا شعب..ما أروعك يا وطن!



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- .. وللتحرير ميدان
- ما أعظمك يا شعب.. ما أروعك يا وطن
- تونس تحيي ذكرى انتفاضة يناير المصرية
- نظام تونس يعيد ترتيب أوراقه
- احذروا سارقي ثورات الشعوب
- مطلوب دروع بشرية لحماية الكنائس
- السكوت عار وخيانة
- كل ما تهل البشاير من يناير
- ميزان الحسنات الكئيب
- البرادعي.. والثقافة المنسية
- في بيتنا أمل
- لماذا..؟
- جنازة عسكرية لشهداء العيد
- تأملات مصرية غير كروية
- العربة والحصان.. أو فقه الأولويات 2-2
- العربة والحصان.. أو فقه الأولويات 1-2
- مصداقية البديل.. أعز ما تملك
- إلا أزهار البساتين!
- احذروا.. إنهم يحرفون البوصلة! مسميات ثورية بنكهة المارينز
- انتبهوا.. إنهم يسرقون الحلم!


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - أصبح لدينا رئيس سابق!