أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - ما زلتُ أنتظر الرحيل














المزيد.....

ما زلتُ أنتظر الرحيل


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3186 - 2010 / 11 / 15 - 16:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قد تأتيني بطاقة للرحيل وللسفر حين يتقدم بي العمر أكثر وحين أصبح غير قادرٍ على تحمل السفر, أو قد تأتيني دعوة من (عزرائيل) ليأخذني في آخر رحلة حيث يذهب الأحياء ولا يعودون.

وقد أركب المرجيحة حين أصبحُ في سن لا يسمح لي فيها, وقد تأتيني سيارة تدهسني بدل أن تحملني وأنا على الطريق أنتظر.

لي ما يقرب ربعُ قرنٍ وأنا أشتم رائحة السعادة من غير أن تلمس قلبي, ولي أكثر من ربع قرنٍ وأنا أنتظر على الطريق علما أن كل الذين جاءوا بعدي قد أخذوا دورهم ونصيبهم من الحياة , حتى حينما اذهب لشراء الخبز أقف على دوري وأنا محترم جدا من غير أن أنطق بكلمة واحدة وكل الذين يجيئون من بعدي يأخذون مكاني وهم يرفعون بأصواتهم إلا أنا أبقى في الانتظار أنتظر أن يعطيني أحدهم خبزه ولكن بدون جدوى علما أن يأكلون خبزي وخبز أولادي دون أن أعترض ودون أن أقول كلمة واحدة, وفي محطة النقليات أصطف مع الناس لأصعد في الباص وكل الذين يأتون بعدي يصعدون قبلي ولا أحد يسمح لي بأن أصعد لآخذ المكان الذي من المفترض أن أجلس به أو الذي أستحقه عن جدارة بدون توصية من أحد أو واسطة من رجل واصل, وفي أي مكان أقف على الدور بكل انتظام وهدوء ولكن لا أحد يحترم النظام كما أحترمه أنا ولا أحد يعطيني خبزه كما أعطيه أنا .

واليوم منذ الفجر وأنا أنتظر,وجاء الظهر وجاء المساءُ وأنا ما زلتُ أنتظر, والناس يمرون من جواري مودعين وملوحين بأيديهم لي من قريب ومن بعيد وهم يصيحون بأصواتهم(مع ألسلامه) والطائرات كانت تقلع من المطار وتهبط دون أن أركب واحدة منها والكل ذهب إلى سفره حيث يعتقدُ أنه سيجدُ ضالته,وجميع المسافرين يعرفون متى يذهبوا ومتى يعودوا من سفرهم إلا أنا فما زلتُ إلى اليوم لا أعرف متى سأذهبُ ولا أعرفُ متى سأعود ...والكل ذهبَ بخياله إلى منبع وجوده, والمسافرون يسافرون بأجسادهم وبأرواحهم ويعودون من السفر وأنا ما زلتُ على الطريق أنتظر الرحيل أو ساعة الإقلاع والسفر, وما زلتُ على الطريق أنتظر أن تمر قافلتي ومرت الدقائق والساعات وما زلت أنتظر وكل الذين كانوا معي على نفس الطريق مرت القوافل التي ينتظرونها وصعدوا فيها وكل الذين جاءوا من بعدي ذهبوا أيضا وعادوا وأنا وحدي ما زلتْ أنتظر وما زالت الرياح تهبُ علينا من كل الاتجاهات وما زالت التحديات قائمة بيني وبين الشمس وبين الريح وبين المطر, وارتديت وأنا في ساحة الانتظار ملابس التحدي وخلعتُ ملابس التحدي ومن ثم عدتُ وارتديتها من جديد وما زلتُ أنتظر أن تأتيني سيارة السفر أو الإسعاف أو الجنازة لتأخذني إلى حيث أريد أن اذهب مثلي في ذلك مثل أي انسان ينتظر أن تأتيه وسيلة للنقل تأخذه إلى سفرٍ بعيد ..والريح ارتدت ملابسها كما أرتديتها أنا والسماء لبست الغيوم لباساً لها والرياح تحتضن الأشجار والأشجار لبست الأوراق وكلُ وليفٍ حنّ إلى وليفه وكل مسافر عاد من سفره إلا أنا ما زلتُ مسافرا في مهب الريح وما زالت التحديات قائمة وما زالت الأحداث تتصاعد صعودا باتجاه الشمس والسماء,حتى الأفاعي ارتدت جلودها الجديدة وباقي الحيوانات الضارية خرجت أنيابها ونبتت مخالبها كما ينبتُ العشب, والعصافير تذهب في هجرات متتابعة مسافرة إلى حيث الدفء وتعود من سفرها الطويل وأنا ما زلتُ على الطريق أنتظر أن تأيني برقية عاجلة تطالبني بالسفر, والناس تذهب وتعود من السفر وأنا وحدي على الطريق أنتظر وكل أصدقائي ذهب كل واحد منهم في وجهته وركب في القيطار الذي انتظره وكل واحد أخذ دوره في الحياة على خشبة المسرح إلا أنا دوري تأخر جدا والظاهر بأن انتظاري سيطول والظاهر أيضا بأن مشواري طويل وبعيد جدا , فأنا لم أعد أحسب خطوتي بالأمتار ولا بالكيلومترات بل أحسبها بالسنين ففي كل سنة خطوة واحدة علماً أن غيري قد حقق قفزات هوائية وطفرات زمنية بعيدة جدا, أنا بللني المطر وأحرقتْ وجهي أشعةُ الشمس , ففي الشتاء أموتُ وأسناني تصتكُ على بعضها من شدة البرد وفي فصل الصيف يحترقُ وجهي من أشعة الشمس , وتعبت أقدامي من المسير الطويل وتعب القلب من الحب الدفين وتعبَ العقلُ من التفكير وتعبت أُذني وتعبت عيني من كثرة ما شاهدتُ في حياتي من مشاهد رعب وأفلام واقعية.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل السليم في الجسم السليم
- الكذب على الأطفال
- الانتخابات لعبة حقيرة
- الأرض المحروقة
- الشفافية مصطلح أردني
- فاقد حاسة الذوق
- الدراجة حررت المرأة والمصنع حرر الرجل والمرأة
- الأصحاء عقليا
- غير قابل للتطور
- أستطيع الإرضاع
- يا ديّان
- أكلت نصيبي
- سرقوا نظارتي
- أنا المستفيد من تخلف المرأة
- هزي يا نواعم
- وسام الحمير من الدرجة الأولى
- أمي توصيني على الحكومه
- متى سنصبح مثل العالم والناس؟
- الحلم الوردي
- المرأة هي المجتمع المدني


المزيد.....




- جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و ...
- -ورقة مساومة-.. الآلاف من المدنيين الأوكرانيين في مراكز احتج ...
- -مخبأة في إرسالية بطاطس-.. السعودية تحبط محاولة تهريب أكثر م ...
- -غزة.. غزة-.. قصيدة ألمانية تستنطق واقع الفلسطينيين وتثير ال ...
- بسبب هجومات سيبرانية.. برلين تستدعي سفيرها في موسكو للتشاور ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- بوتين للحكومة في اجتماعها الأخير: روسيا تغلبت على التحديات ا ...
- مصر.. اتحاد القبائل العربية يحذر من خطورة اجتياح رفح ويوجه ر ...
- تقرير: مصر ترفع مستوى التأهب العسكري في شمال سيناء
- بعد ساعات على استدعاء زميله البريطاني.. الخارجية الروسية تست ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - ما زلتُ أنتظر الرحيل