أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الفتاح المطلبي - رشد المجتمع















المزيد.....

رشد المجتمع


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3142 - 2010 / 10 / 2 - 16:34
المحور: المجتمع المدني
    


مع بداية وجود الأنسان على هذا الكوكب كان القتل هو السبيل الوحيد للرد على الخصم مهما كانت الخصومة صغيرة ، تخبرنا القصص كيف أن( قابيل قتل هابيل) لسبب تافه و في تلك الحقب و ما تلاها لم تبزغ بعد إنسانية الأنسان بل كان كأحد دواب الأرض ألأخرى.
كانت الأنسانية آنذاك في طفولتها والآساطير التي تسجل سيرة ذلك الزمن الغابر أن ردود الأفعال كانت تتسم بالجهل و العفوية اللتين هما جناحا الطفولة فالطفل عندما يلعب بالنار و يحرق نفسه ، يفعل ذلك بعفوية فطرية و بجهل تام بعواقب فعله و لكنه عندما تحرقه النار و ينقذه منها رد الفعل الإنعكاسي عند ذاك يسجل تجربته القاسية في دماغه الطفولي المسطح ليكتسب ما يصطلح عليه بالخبرة وعند ذاك سيفكر مرتين قبل أن يلعب بالنار مرة أخرى و هكذا كانت المجتمعات في عصر طفولتها كالطفل الذي يلعب بالنار.
لست هنا بصدد سرد صفحات من التاريخ و لكنني سأشير و بشكل مختصر إلى السلوك الجمعي البشري إبان العصور المبكرة، فمنذ نشأة الإنسان و استئناسه لأخيه الأنسان و شروعه باتخاذ كهف أقرب لكهف أخيه تشكلت التجمعات التعاونية الآولى في عمليات الصيد و مجابهة الأخطار وكانت هذه الممارسات التعاونية تفضي في كثير من الأحيان إلى استحواذ الأقوياء على الغنائم و طرد الأفراد الأضعف و كان هذا السلوك تقوده الطفولة المجتمعية بجناحيها الجهل و العفوية الفطرية المستندة إلى خامات الغرائز الأولى غير المشذبة بالخبرات بعد ، ذلك جعل الأنسان الأول يدرك الخطر الجديد القادم من أخيه الأنسان ليبدأ تشكل منظومة الولاءات الفردية للمجموعة التي يهددها الخطر ذاته وهنا بدأ المجتمع الإنساني بالخروج من طفولته نحو مرحلة المجتمع الصبي أو الصبا الإجتماعي.
امتدت مرحلة الصبا الإجتماعي حقبا طويلة تخللتها نجاحات و إخفاقات إجتماعية ا و لكن كما هو معلوم إن مرحلة الصبا بمفهومها الفردي هي المرحلة التي يبدأفيها الصبي بممارسة النزعة الأستكشافية لما حوله و اختبار مواطيء أقدامه بحذر تحكمه غريزة حب البقاء و من ثم توطين الثقة بالنفس تصاعديا مع مرور الزمن، أما الصبا ا لإجتماعي فتكون المجتمعات في مرحلته هشة التكوين لا تتقن عملية صياغة و صناعة الأهداف المجتمعية الواضحة فتراها تجمعها الأخطار و تفرقها النزاعات المصالحية ، كان الفرد في تلك المجتمعات إبان صباها لا ينزع للعقل بل كان العقل منفيا إلى منطقة الأهمال و السبات بفعل تواجد الغرائز و حضورها الفاعل في ساحات الفعل الإنساني المختلفة لذلك فإنها (الغرائز) تقود المجتمعات إلى مهاوي متنوعة و كوارث كبرى قد تفقد خلالها نصف افرادها في نزاعات على البقاء و النزوع إلى الإستحواذ الإقتياتي الحيواني و النزعة الفطرية لقيادة القطيع وقد ميزت هذه المرحلة حركة الهجره و التنقل الواسع بين أسقاع الأرض من الشرق الذي يعتقد أنه الموطن الأول للإنسانية نحو الغرب .
المجتمعات في سن المراهقة: مرحلة المراهقة عند الكائن الفرد تبدأ باختلالات هرمونية واسعة و كأنها ثورة عارمة على مرحلة الصبا التي لم تعد مقنعة فتنطلق تلك الهرمونات محرضة أحيانا و مثبطة أحيانا أخرى مخلفة هيجانا و ثورانا في الأعضاء و الأنسجة ولا يقر ذلك الهيجان حتى يستقر كل ذي شأن بشأنه من الناحية البنيوية و الوظيفية ، و في حالة مراهقة المجتمعات يمكن استعارة ما يحصل في جسم الكائن الفرد و إلباسه لبنية المجتمع إبان مراهقته ، يقول بعض علماء الإجتماع إن المحرك للإختلالات في البنى الإجتماعية إبان مراهقتها هو الحاجة للخدمة أوالحاجة لأشباع مطلوبات المجتمعات من الخدمة و كذلك شح الموارد الملبية لأشباع تلك الحاجات مما يؤدي إلى فوضى اجتماعية تؤول بدورها لحركات اجتماعية واسعة و نزوع الى استحواذ مجتمعات على ملكيات مجتمعات أخرى و في أحايين أخرى يغزو مجتمع مجتمعا آخر من أجل استخدامه في تنفيذ التحولات الكبرى كما كان يحصل فيى عمليات السبي الكبرى كالسبي البابلي و الحروب من أجل استرقاق المجتمعات الضعيفة و تسخيرها كأيدي عاملة توفر الخدمة المطلوبة للمجتمع المستحوذ ، ذلك جرى في مرحلة مراهقة المجتمعات.
رشد المجتمع: تنقسم هذه المرحلة الى قسمين
أولا- مخاض يسبق الرشد الإجتماعي: يقول عالم الإجتماع (توماس هوبز) إن المجتمع المدني مر عبر سلسلة من المراحل للوصول إلى ما هو عليه الآن فقد كان في حالة حرب دائمة و مزرية الكل ضد الكل و أشر مبررا لذلك أنه من أجل التخلص من حالة الخوف الدائم من الموت انتج ذلك الخلوص إلى نوع من التفاهمات و الإتفاقات و القيم و الأعراف مهدت لإنشاء مؤسسةاصطناعية تسمى الدولةو اشار في هذا الصدد الى أن الأصل في الموضوع هو سيادة الحق الطبيعي الذي يتيح لكل شخص أن يفعل ما يشاء لحفظ حياته و عبر تنازل كل شخص عن سلطته و قواه الخاصة لصالح شخص أو مجلس حكومي لضمان الأمن و السلام و قد حصل ذلك عبر تنظيم العلاقات بين الأفراد وحسب منظومة من القواعد عملها حفظ المصالح و رغم إن أرسطو أشار إلى أن الإنسان مدني بفطرته أي أنه يمتلك القابلية الفطرية للإجتماع لكن ذلك لا ينفي عنه صفة الصراع من أجل التقدم و التمركز و البقاء فيما أشار ماركس الى أن المجتمع قسمان هما المجتمع السياسي و المجتمع المدني و اشار الى ان المجتمع المدني هو ساحة الصراع الطبقي التي تلقي بظلالها على المجتمع السياسي متأثرا هذا الأخير بإفرازات هذا الصراع و موجها له
ثانيا: الرشد الإجتماعي- يسبق الرشد الإجتماعي عملية ترميم و هيكلة المجتمع بعد تلك المخاضات و يطلق على هذه العملية بالتنشئة الإجتماعية( socialisation )و هي عملية تربوية طويلة يحدث من خلالها ترميم و ترقيع النسيج الإجتماعي و قيادته للإنحياز للعقل باعتباره قاعدة الرشد الإجتماعي و يحصل ذلك عبر تنشئة الفرد ثقافيا بما تعنيه كلمة الثقافة من الكل المركب الذي يشمل المعارف و المعتقدات و الفن و الأخلاق و القوانين و الأعراف و العادات التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضوا في المجتمع . ومن خلال تكامل هذه العملية تتولد في المجتمع المثقف سلطة الرشد الإجتماعي التي تكون أشد تأثيرا و قوه من السلطة السياسية، و يؤكد عالم الإجتماع ( الكس دوتوكفيل) على وجود هذه السلطة التي تختلف عن نمط السلطة السياسية المتمثلة بالقهر و الإستبداد و يؤكد على إنها ستكون أقوى من سلطة السياسة من حيث إنها تعمل على جعل الأفراد نسقا منسجما و متشابها بنمطية متشابهةو منعزلة لا شأن لها سوى بتحقيق الرفاه و المتعة على مستوى الفرد و حصر اهتمام الأفراد بتنمية التواصل فيما بينهم باعتبارهم هم كل المجتمع و يسمي ( دوتوكفيل ) ذلك بالنزعة الفردية الناتجة عن النظم الديمقراطية.
من تداعيات ذلك يبزغ نوع آخر من السلطة المدنية التي يشوبها الطابع السياسي تكون بالمرصاد للعمل على تصحيح السلوك السياسي للطبقة السياسية في حالة الأنحراف عن أهداف المجتمع الراشد، و يقر ( ماكس فيبر) عالم اجتماع الماني ، بوجود هذا النوع من السلطة ذات الطابع السياسي و التي تمارس في المجتمعات الحديثة الديمقراطية و من خلال مؤسسة الدولة التي خولها المجتمع عن طريق الممارسة الديمقراطية.
من كل ما تقدم نستطيع القول على ان المجتمع الراشد هو الذي يستطيع إنشاء الدولة و الحفاظ على ديمومة استقرارها بمجموع مؤسساتها السياسية و القضائية والعسكرية و الإداريةو الإقتصادية التي تنظم فعاليات ذلك المجتمع ضمن رقعة جغرافية ذات حدود واضحة تسمى وطن,.


هامش:عبد الغفار شكر- نشأة المجتمع المدني
الشامل – مفهوم المجتمع



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلقة العاشرة من سيرة المحموم( الهذيان الرابع)
- صديقي الأبلق
- الحلقة التاسعة من سيرة المحموم (9)
- صندوق البريد رقم 66
- الحلقة الثامنة من سيرة المحموم في زمن الحمى (8 )
- إندحار القطيع
- الحلقة السادسة من سيرة المحموم في زمن الحمى ( 6 )
- الحشد- قصة قصيرة
- الحلقة السابعة من سيرة المحموم في زمن الحمى(7)
- عندما أكلني الذئب
- الحلقة الخامسة من سيرة المحموم
- علبة أمي الفارغة- قصة قصيرة
- الحلقة الرابعة(4) من سيرة المحموم في زمن الحمى
- الحلقة الثالثة من السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى(3) ((ال ...
- السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى- الحلقة الثانية
- السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى
- العنقاء بغداد -قصيدة
- قرار السيد الوزير -قصة قصيرة
- مرثية-لبغداد
- ذات الوشاح


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الفتاح المطلبي - رشد المجتمع