أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - الحلقة الثالثة من السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى(3) ((الهذيان الأول))















المزيد.....

الحلقة الثالثة من السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى(3) ((الهذيان الأول))


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3083 - 2010 / 8 / 3 - 01:43
المحور: الادب والفن
    


الحلقة الثالثة من السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى ( 3 ) (( الهذيان الأول ))

مايدهش في هذه البقعة من الارض هي تلك الروائح المختلطة... التي تتدرج بين رائحة الشواء ... والطبخ ... وخشب محروق وعطور مربكة للسكون ... أن ذلك مدعاة للدهشة التي دهمتني و عندما نظرت في فحوى ذلك ،لم أميز ما وراء الدهشة ... . رغم أن أنين الاشجار المقطوعة والمحترقة وصراخها المستغيث الذي قد حير حتى الحجر والحيوان ، دفعني لأن أقول ان هذه البقعه من العالم وعلى مرّ التاريخ لم تكن إلا قدرا هائلا لطبخ شسء ما ... ولما أشرت الى الاشجار المقطوعة بفظاظة والموضوعة تحت القدر ... وذلك الجيشان الذي يثور ويخفت بين حين وأخر والروائح العطرية المنبعثة من الاشجار المحترقة... وروائح الشواء والسلق المتصاعدة من أبخرة القدر ... ماكان على الآ أن أؤمن بما قلت أيمانا ورعا مسلحا باسف ملحوظ و عند خلط أنين الاشجار على دوي المدافع ورنة الفؤوس وروائح الخشب العطرية وعفن الجثث الملقاة على الطرقات والدخان المتصاعد من حرائق هائلة وأزيز الفوران ورائحة الشواءوالسلق التي تزكم الانوف خصوصا بعد التواء أعناق الجميع إلى هذا العالم المحترق أستطاعوا اخيرا أن يروا بوضوح معالم القدر ورجل طويل جدا وجافٍِ جدا يقف ، يحمل بيده ساطورا ومهرسة جنب هذا القدر الهائل ... .
في الماضي كنت مشغولا بصمتي ... والحيوان كان مشغولا بحذره ... والريح بواجباتها الكثيرة والشمس والقمر دائبان على ضبط الساعة ... ولم ننتبه جميعا لما يجري لكنني لم ادع مجالافي الأمر للشك او الريبة ... أو التملص من ملاحظة ذلك وبعد ماعلمنا بكل ذلك لم يعد مايدهش الجميع الطبخ وروائحه والجيشان وفورانه ... وحرائق الشجر ... الموضوعة تحت القدر كان المذهل والمدهش بالنسبة لنا جميعا وانا أيضا هو السؤال المنتصب كافعى الكوبرا لماذا هذه البقعة بالذات ... كانت ولازالت قدرا لطبخ شيء ما ... هل هي مطبخ هذا الرجل الطويل جدا والجافي والمعمر بقدر التاريخ ... الواقف منذ قرون لايحرك شفتيه بما هو حق ... لكننا نسمعه أحيانا يغني ويدندن اثناء الطبخ ... واحيانا يبكي بكاءا مرّا على مالايتوقع من مذاق ...
ـ مراعاة لهذه الدهشة والذهول ايضا هي هذه الغيوم من الكدر التي هبطت على هذه البقعة من الارض ... ولاننا لانريد ان نعلم ماذا يطبخ ولمن الوليمة ... ربما تعرف ذلك الاشجار الواقفة منذ الازل ترقب بصمت مايجري وهي ترى الفاس تهوي على جذوعها دون ان تستطيع اسماع عويلها وهذه هي روح الكدر ...كما أن هذا كله هو الهذيان الذي يجب ان يهذى ... وباصرار وتوق كامل لمعرقة ماعلافه غيوم الكدر الهابطة علينا بالابخرة المتصاعدة من هذا القدر رغم اننا شعب طباخ .. يطبخ دائما للاحياء والموتى ... لابل احيانا يقدم الطعام للاموات مفضلا جوع الاحياء ... وباعتقادي ان ذلك راجع الى ان الاحياء يمكنهم تدبير امورهم ماداموا احياء لكن الاموات المساكين اموات لايستطيعون تدبير امورهم ... فكيف يعيشون في قبورهم ... دون طعام مطبوخ ... وموجود سلفا هذا اضافة الى أنهم أسرى حساب محتمل على كل مافعلوا في الحياة .
أن دواعي الكدر تاتي احيانا بلا أنذار مسبق ومن غير ان نتوقع ، هذا ماآمنا به طوال حياتنا لكننا مخطئون فلا شيء بلا دوافع ولاوجود للفجأة ... فهي أسم لايعني معناه ... كانك تسمي بنتا بالهيفاء وهي مربوعة ذات قوام كالكرة ... ولطالما اعتقدنا ان الفجأة هي كما إنك تقع في جبّ واثناء سيرك في طريق مستقيم ... وممهد ... ومعبَّد ... وفي وضح النهار او ذاك وانت سائر في الطريق بامان الله وحفظه عائداً الى بيتك واذا باحدهم يصفعك على قفاك بشدة، في هذه الحالة يقال انك تفاجأت، الحقيقة هي ليست كذلك بالمرة..، فلو انك تصورت خيطاً رفيعاً مرمياً على الارض ملتوياً دون قصد ، هل تتوقع ان ينقطع الخيط من وسطه.. طبعاً ستقول لا.. واذا وتر الخيط نفسه بشدة.. هكذا امام عينيك ولوحده.. ثم انقطع من وسطه.. فان تلك مفاجأة .. محكومة بقواعد سحرية.. ، لكنك اذا امسكت طرفي الخيط وشددته بقوة سينقطع بالطبع دون ان يتسبب ذلك باي شعور بدهشة او مفاجئة لانك ببساطة تتوقع ذلك.. ذلك ان الخيط لا علاقة له بالقطع ان ذلك يرجع الى سحر مدهش مفاجيء او يديك اللتين قستا عليه فقطعتاه ، وذلك مالا يدهش ولا يفاجيء بهذا المعنى ان سقوطك في الجب ليس فجأة ذلك أنك كان عليك ان تفكر بامكان وجود جـب وسط الطريق دون اتعاب ذهنك بالتفكير في كيفية وجوده.. لانك لو لم تفعل ذلك لكنت حشرة بعيون لا ترى الاشياء على حقيقتها .. ولانك لو توقعت لما وقعت، كذلك في صفع احدهم لقفاك بشدة ان ذلك لا ينبغي ان يكون فجأة ذلك لانك لو شغلت ماكنة التوقع.. والتوجس والحذر لأمكن التفاتك قبل لحظة من صفعك لتتلافى تلك الصفعة ذلك لسبب جلي وبسيط هو ان كل ما موجود خارج كيانك لم تعد مسيطراً عليه بعد ان شغلت نفسك بما يشغلك فانت لا تعلم لكنني اعلم ان ذلك الذي صفعك على قفاك بشدة لم يكن مخطئاً او شريراً لأنه حسبك ذلك الوغد الذي أهانة في شباك التذاكر عندما كان يريد ان يحصل على بطاقة دخول وصادف ان قفاك شبية بقفا ذلك الوغد تماماً، أو ربما حسبك صديقاً حميماً قد تبادلتما الصفعات على القفا من قبل فهي اذن لسيت مفاجأة لانك يجب ان تجري حساباتك على هذا الاساس لكنك لشدة جهلك بما يجري حولك اعتقدت أنها مفاجئة . أن الشريك الذي يملك سهما بالموضوع هو أنت ، صدقني ماكان يحدث ذلك لوانك اتبعت نفس القواعد التي قامت عليها الشركات متعددة الجنسيات .. تلك النسبة 51/49 .
ان ماليزيا لاتتفاجأ بأن تكون الادارة من حصة امريكا ذات الواحد والخمسين سهما .. / لو أنك أتبعت القواعد ولم تحد عنها ... خصوصا في مثل هذه الظروف هذه الايام ... كيف كان لك ان تحيد عنها مع علمك اثناء مرورك بزقاق يقبع في وسطه كلب شرس لم تصل اليه أيدي أمانة العاصمة بعد، ان تتفاجأ اذا هجم عليك ذلك الكلب وعضك بفخذك ، سيكون جوابك لا ... أنني كنت أتوقع ذلك ... مااريد قوله ان دواعي الكدر لاتاتي فجاة ... لكننا كسولون لانبحث عن الدواعي .. لماذا لاتدعنا أن نفهم دواعي الكدر دون ان تدعي بان لنا القدرة على تبديده ، لعل ذلك يخفف من وطاة المفاجأة وبما يمكننا ذلك من احتماله ...
ان دواعي الكدر تنسخ نفسها وتبيض وتلد وتنشطر وتنفجر وتسيل بميوعة وتنضح وتسقط من عل وتنبثق من أسفل وتفوح كرائحة وتتكدس كازبال وتتفاقم كالذباب في مدن يبول الناس فيها على بعظهم ويتبرزون في الفسحات المقابلة لابواب بيوتهم ... ويتبادلون رمي الازبال كل قبالة باب جاره وهم جميعا يعلمون بما يفعلون ويجيدون فعل ذلك بوقاحة .
لقد تغاضوا عن فكرة العدوان بسبب ان فكرة رمي ازبالك في بابك فكرة قذرة .. أقذر كثيرا من ان ترميها في باب جارك ... وهو كذلك يفكر مثلك تماما لذلك جرى اتفاقا ما حول ذلك ، جميعنا يهتف ... أننا لسنا متوحشين لسنا حشرات ... لذلك فأننا قد قطعنا شوطا لمحاولة أستكناه دواعي الكدر ... الذي يتساقط من حولي راسما مايشبه ذلك الاثر الذي تتركه سيارات نقل المياه الثقيلة من أمام البيوت الى الشوارع ... وهي تصنع خيطا غليظا من رطوبة نتنة على وجه الاسفلت المندثربسبب أن الحكومات لا تريد إنشاء شبكة تصريف لقذارات شعبها الذي دأب على إنتاجها مبينا فخره بذلك أمام شعوب العالم.
بعدما هبطت من الطابق الثالث في العمارة التي بها الطبيب وقد كان حائرا بما يجب أن يفعل والحمى تتصاعد بوتيرة مضطردة ... مع شعوري بالكدر ... الذي تعددت أسبابه ... حتى اوصل الحمى في جسدي الهزيل الى ان تتبوأ أعلى مراقيه .. كذلك عندما ساصل الى البيت سانام ملتفا بكدري ... ولينشغل اخي بما يكدره ولتنشغل امي بما يكدرها ... كل له كدر ... تنوع كثيرا ... لكنه ... كدر ... في الاخر و علمت إن كل ما سلف هو بتأثير الحمى، أرجو قبول عذري، كان من الواضح إنني أهذي



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى- الحلقة الثانية
- السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى
- العنقاء بغداد -قصيدة
- قرار السيد الوزير -قصة قصيرة
- مرثية-لبغداد
- ذات الوشاح
- السر-قصة قصيرة
- سلاما لبغداد- قصيدة
- صديقي فارع الطول-قصة قصيرة
- رهاب- قصة قصيرة
- وظيفة محترمة - قصة قصيرة
- حصيات شيرين الجميلات- قصة قصيرة
- مياه ضحلة- قصة قصيرة
- ريب الضباب-قصيدة
- الفقاعة-قصة قصيرة
- يوميات
- سل الفؤاد-قصيدة
- مولعون بالوهم
- مسامير الأوغاد - شعر
- احلام


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - الحلقة الثالثة من السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى(3) ((الهذيان الأول))