أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - حصيات شيرين الجميلات- قصة قصيرة














المزيد.....

حصيات شيرين الجميلات- قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3058 - 2010 / 7 / 9 - 01:41
المحور: الادب والفن
    



أظن غالبا و أنا أحسن الظن في كل الأحوال ، قل أن ذلك موهبة أو أي مسمى تسميه ، إنني أظن أنكم لا تعرفون عني شيئا و حق لكم ذلك فأنا في الواقع نكرة ، لست ذات شأن ، كأي واحد ينحشر في ما يسمونه شعب ، بلا امتياز و لا مميزات بلا شهرة ولا معنى ،سوى إنني أشكل أحد الأرقام الكبيرة في التعداد السكاني لعام1977كمامكتوب في سجل الإحصاء الرسمي و كما مؤشر على البطاقة ، إسمي غير مهم و لكنني كنت قد التحقت بدزينة من الأرقام التي سجلها الحاصي يوم 1/7/1977 حيث سؤلنا جميعا عن أعمارنا كنت في ذلك الوقت بنت الرابعة عشرة أما الآن فأنا بنت التاسعة عشرة ، كنا أنا و أمي منشغلتين بطبيخ الغداء و كنا حريصتين على أن ننهي ذلك قبل مجيء أبي و أخي الكبير من الحقل على سفح جبل ( مركه سور) كانا يزرعان أو يحرثان أو يعدان المصاطب التي يجب أن تزرع ........
أنا متأكدة من أن أبي و أخي كانا يبكيان عندما وجدا أختي الصغيرة شيرين مقتولة بطلق ناري في رأسها الصغير و نحن أنا و أمي لم نكن نعي ما يحدث فقد كان أكبر من صدمة ،.. نعم لا أنكر أننا جميعا في الجبل البعيد جدا عن العاصمة ، كنا نخاف من العسكر ، أي نوع منهم ، لكننا نخاف أشد الخوف من السيارات الجميلة التي تأتي فجأة تحمل أولئك الناس شديدي البرود كأنهم جذوع أشجار أسقطت أوراقها في وقت الخريف و المنمقين جدا و الذين يحرصون دائما على ارتداء ملابس أنيقة تجعلنا نمتليء خوفا منها و من ثم ما يتبقى من خوف نخصصه لأولئك الذين أتوا مع رجلهم المجرد من الحس ، قتلت أختي شيرين و كنا مساء البارحة نلعب أنا و هي لعبة (الدامة) حتى أنني لشدة خوفي و ذهولي لم أعر بالا لحصيات شيرين الجميلات التي انتقتهن من سفح الجبل بكثير من الصبر و الأناة و استبدلت كثيرا منهن عندما كانت تحصل على واحدة أجمل حتى صارت المجموعة بهذا الجمال الباهر ،..........
أنت لا تصدق طبعا أن حصيات شيرين كانت تجبر أي واحد على لعب ( الدامة ) عند مجرد النظر إليها ..، قلت لشدة ذهولي لم أكن أعي أين صارت حصيات شيرين الجميلات ، ربما كانت في جيب المعطف الذي ترتديه ربما بين أصابعها الصغيرة المدسوسة في ذلك الجيب على جانب المعطف الذي ترتديه ، ذلك الموشى بخيوط ذهبية قماشته من الموسلين المخطط طوليا بالإرجواني و الأزرق و الأخضر و الأصفر اللامع بحيث إن أي واحد ينظر إلى شيرين يراها مخلوقا لامعا بشدة ، خصوصا إذا كان لا يعكر صفوها شيء ، كانت كائنا لامعا ، حتى أنك ترى أنوارا لامعة متألقة في وجهها المدور الصغير و تلك النقط الثلاث الحمراء التي تشكل خديها و في الوسط أنفها الصغير كأنف أرنبة جبلية ...، لقد ماتت أمي في السجن و لم أر جثمانها ولا أعلم أين دفنوها و بقيت أنا و بعض الفتيات اللواتي اختارهن أحدهم عندما جاء ضحى إلى سجن نقرة السلمان في أقصى الجنوب ..........
كنافي الوقت ذلك لا نتشبث إلا بالحياة ..، و كانوا في بعض الليالي يرغموننا على مشاهدة القتل بطرق عبثية لمن ترفض أو التي لا تحوز رضا السجانين و المدراء و ضيوفهم ، يجبروننا على معاينة تلك الأمور على سبيل الترفيه عنهم و كنا خمس أو ست شابات مرغوبات ، أما المترفهون فكانوا كثيرين .، و في ذلك الوقت ما كان أي شيء مهما بالنسبة لنا إنما المهم هو البقاء على قيد الحياة ، و بصراحة شديدة تمليها المشاعر الآنية في ذلك الوقت كنا نحسد بعضنا بعضا على نعومة البشرة و بروز الصدر و الأرداف لذلك كنا ننفي أي شعور بالكرامة ، لأن ذلك يؤدي إلى هزالنا و اصفرار وجوهنا و بؤس ملامحنا و ربما يؤدي ذلك إلى قتلنا لأنهم ببساطة لا يريدون نساء جميلات بائسات وعلى ذلك فقد تعلمنا أن نجعل وجوهنا باسمة بالرغم من الأنين المفجع لأرواحنا و حاولنا بكل قوة أن نلجم ألمنا و نسكته كلما أمكن ذلك..
اليوم أنا بنت الأربعين ، بعد مضي واحد و عشرين عاما أقف هنا مع الكثيرين مثلي من الناجين و لا تسألوني كيف نجوت ؟ فذلك حريا بأن يجعل الألم يفقد بعض ألقه ووقاره ، نقف هنا في منطقة قرب قريتنا ، حيث كشفوا الآن عن مقبرة جماعية ، وما كان عسيرا علي أن أرى بقايا ثوب شيرين , ومعطفها المصنوع من قماشة الموسلين و الموشى بشرائط ذهبية و المخطط بالأزرق و الأرجواني و الأخضر و الأصفر التي كانت تلمع و لم تعد كذلك كان الأمر واضحا لأن الجمجمة الصغيرة و بقايا جديلة شقراء كانتا لشيرين و من المناسب جدا أن أقول لم يجسر الدمع على الخروج من المآقي لحد هذه اللحظة و عندما مددت يدي بين بقايا معطف شيرين كانت حصيات شيرين الجميلات لا زالت هناك ، التقطتها و عندما صارت الحصيات بيدي انفجرت الدموع التي كانت قد جفت منذ زمان بعيد ، ضممت الحصيات إلى صدري و صرخت ..آه ...آه ياشيرين



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مياه ضحلة- قصة قصيرة
- ريب الضباب-قصيدة
- الفقاعة-قصة قصيرة
- يوميات
- سل الفؤاد-قصيدة
- مولعون بالوهم
- مسامير الأوغاد - شعر
- احلام
- السيدة ذات الوردة البيضاء
- الطبول
- الحصن
- المهمة
- إغتيال الحمامة
- الدغل
- ميسان


المزيد.....




- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...
- بين نهاية العباسي وأواخر العثماني.. دهاليز تظهر أثناء حفر شا ...
- ظهور جاستن ببير مع ابنه وزوجته في كليب أغنية Yukon من ألبومه ...
- تونس: مدينة حلق الوادي تستقبل الدورة الرابعة لمهرجان -نسمات ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - حصيات شيرين الجميلات- قصة قصيرة