أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - المهمة















المزيد.....

المهمة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3040 - 2010 / 6 / 21 - 23:49
المحور: الادب والفن
    


المهمــــــــة

الكثير مثلي ينتظرون ، كل يوم ، مع تنفس كل صباح نتقاطر إلى المكان الذي نعرفه جميعا،ننتظر و كان شأننا أن ننتظر ولا عمل لنا غير ذلك، إذن كما علمتم نحن منتظرون ، هكذا وجدنا، ....بعضنا ينتظر لا يتزحزح عن مكانه مثل حجر و هذا المنتظر الحجري خلال انتظاراته المفتوحة يقلب تنوعات مصيره ابتداء من القلع و الانفصال عن كتلته إلى الإلقاء في قعر ما ثم التفتت و الذوبان في عفونة ذلك القعر الذي صار في لحظة ما مصيرا ، البعض الآخر ينتظر كفكرة في رأس تمارس مخاضها العسيرو تعاني تحولات نضجهاو هي مختفية في حدود ذلك الرأس تمارس انتظارا من نوع ما ،بعضنا ينتظر لأنه ببساطة لا يجيد غير ذلك ، لا ...لا الأمر لا يتعلق بالإجادة فالكل صنع لينتظر ، الحبر في رأس القلم ينتظر لا يخرج متبجحا بلونه الداكن إلا بعد انتظار، لا يتحرك إلا بفعل فاعل و سيزاول انتظاراته عندما يندحر الفاعل ، هكذا إذن و بموازاة هذا المنوال كلنا منتظرون، في عالم الإنتظار لا تدعي المعرفة ، فإنك لن تعرف أبدا أي شيء حتى فيما يخص أتفه التفاصيل ، و ليس لك خيال لتستثمره ، لأن من يمتلك خيالا لا ينتظر ، انه يتحرك بمراكب خيالاته ولا يعرف الإنتظارأما في عالم الإنتظار فليس لك إدعاء المعرفة ، لأنك لو فعلت سوف لن تكون من المنتظرين، ففي عالم الإنتظار يكون ذلك زائفا منذ البداية، لذلك لا محاولات من هذا القبيل ، المنتظرون ليس لهم أن يحاولوا ، إنهم محاطون بلحظة مبهمة لا تفصح عن نفسها لمنتظر من المنتظرين و في لحظات نادرة من زمن الإنتظار الميت ربما تلتصق بهم تهمة العجز و الاستسلام طواعية إلى ( المابعد) المجهول ذلك المغلف بالوساوس و التكهنات التي تقول إن المنتظرين متيقنون تماما أن لا جدوى من تقليب التراتيب أو فرز الاختيارات ذلك ببساطة لأنهم منتظرون هكذا كلنا نحن المنتظرون عندما يدحرنا الإنتظار بصريره المدمر نتوغل فيه نقبع في زواياه التي لم يتشكل لها معنى بعد و العجيب إن كل الزوايا قد تركت لنا لنمارس فيها انتظارنا و ذلك كل ما يمكن عمله لحد الآن و هكذا كنت قابعا في زاوية من تلك الزوايا أزاول فيها انتظاري كما تفعل الأحجار ، زاويتي المفضلة التي كانت مهملة كما أنا تنتظر من يعبث بدقائق زمنها وكان انتظاري على سطح واضح الميل ، لا يبدو أنه يحصنني من السقوط المريع نحو هاوية ما إلا على قدر تلك المواهب المتعلقة بالإنتظار والتي كانت تميزني كحجر منتظر لا تعنيه كل قوانين الحركة التي طالما ا نتظرت من يعبث بها ، و ليس لي أن أصف الخوف و الهلع و اليأس ذلك لأنها مراحل فد تجاوزتني كمنتظر و إنني أعلم وذلك شيء ليس علي ادعاؤه إن انتظاري سيفضي إلى حضيض ما ، و كل ذلك في لجة انتظاري الذي لاأعرف ماذا بعده و بذلك يزداد تصلبي كحجر .
و تحت ظل هذه الظروف التي طال سردها تحرك حبر لقلم بلحظة من لحظات انتصار فاعل ما و بدأ برسم الأمر ، شعرت بقدرته الفائقة على التدخل في اللحظات التي نسميها حاسمةو هي ليست كذلك بالمرة في عالم الإنتظار لكنه و بسهولة مخزية اقتلعني من انتظاري ، جعلني بين حرفين ، قال لي إبحث لي عن خطيئة ، كنت مأخوذا بقدرته و رغبته القاهرة التي دحضت كل حججي فلم أعد حجرا صنعته الإنتظارووجدت في تلك اللحظة قدمي تسيران على تلك المسافة المحدودة بين الحرفين و في جوف دهشتي اكتشفت إنني أحد اصطناعاته ، هو من صنعني و أحاطني بجيوش شروطه و ليس له إلا أن يأمر فأطيع قال لي إبحث لي عن خطيئة ثم لفظني خارج قوسه إلى فضاء أعده لي منذ قبل صنعي وعلمت بما يريد إذ تركتني قدرته على القنص لقضائي و كنت مأخوذا بخيوط القدرة و اهتزازات القوس و رهبة العبور إلى عالم إن لم تكن فيه مدفوعا فأنت مجذوب لا ريب في ذلك و هكذا لامسني برد الرعب فانتفضت مشمرا عن بصيص الوعي الذي منحني إياه حين كلفني بمهمة البحث عن خطيئة لا يراها و هذا أعجب ما في الأمر إذ إنه يراني في كل لحظة مسحوبا أو مدفوعا، لكني و الحق يقال قد انحرفت و بخبث و أنانية استخدمت بصيص الوعي في الإنتقال المغلق عبر متاهات الشد و الجذب و في تلك المتاهة أتذكر ما كلفني به لكنني لا أملك نفسي المدفوعة و المجذوبة نحو عوالم قد صنعها قبلي و هذه روحي المتمردة كبالون ينفصل عن أرضه لم تزل بين مصائد الأكوان التي صنعها قبلي و التي تناثرت في كل مكان ، لا قدرة لي على البحث عن خطيئة أحد ، فأنا قد شغلتني نفسي ، أخطائي المولودة توا متذكرا في الوقت ذاته إنه قد كلفني بما يريد و رغم محاولاتي إلا أنني أسير هذا الفضاء الذي علمني اتساع رغبته و ضئالة روحي المتوأمة مع روح نملة في صقيعها، قال لي لا عذر لمن أُنذر و رغم محاولات روحي إلا أن الأمر قد آل إلى ضياع داهم ينتاب طرقي دون سابق إنذار فأنزلق عبر دهاليز الوهم و أنساه و لطالما تشبثت بحبال الخوف و نتوءات المحبة الخالصة له إلا أنني بعد قليل من الطمأنينة أنساه فأجدني في بركة غرور مائع نافخا أوداجي معجبا بظلي المديد ذلك الظل الذي خلب لبي فاتجهت إليه لا أنظر إلى سواه و العجيب أن كثيرين مثلي قد انشغلوا بظلالهم لكنهم يصرخون بي و يصيحون ثم يراقبون ظلالهم بإعجاب واضح يصيحون بي و يذكرونني أن لا أنسى (ما) أنا و من أنا و في ذروة انتشائهم بظلالهم المديدة أترك فريسة لهواجسي، ينسون المهمة و ينسونني و مع تنفس كل صباح جديد تزول ظلالهم و يزول انتشاؤهم و يبدون حائرين حتى تدور الشمس من جهة أخرى فيرقبون بزوغ ظلالهم من جديد و هكذا يتعالى اللغط و الصراخ فأهرع صوب حبال الخوف و الرهبة أتشبث بها و كلما غزتني سنة من النوم و تراخت قبضتي على حبال الخوف و خيوط الرهبة يصرخون بي و بقيت على هذا الحال طوال عمري القصير كفقاعة ذات مصير محتوم ، و هكذا بعد كثير من الوهم قررت أن لا أتقاطع مع ظلي أو ظلالهم و أن لا أسمح للزاعقين و ضاربي الطبول الذين يضنون أنهم وجدوا هنا ليذكرونني بالمهمة عند ذلك قررت أن لا أحابي أحدا و عندما اجتزت كل الطرقات دون العبور على الظلال اكتشفت بعد كثير من الوهم أن تقاطعي مع الظلال هو الذي يعطيها الحياة و القدرة على زجري و الصراخ في وجهي لذلك عندما مررت دون النظر إلى الجوانب لم يكن في الشارع الممتد غيري و عندما تعبت جلست ممددا ساقي على دروب غير مطروقة تغريني و تدعوني إلى عوالم المنتظرين لكنني صرخت و كنت أواصل صراخي البائس حتى تردد في كونه المنصرف كليا عني و أدرك أو ربما فعل ذلك إنني قد نفضت كل ما لدي و لم أعد إلا صدى واه لا يؤثر على اتجاه إرادته التي صنعها عبر تصور مسبق و لم تفلح معي، ترى هل كان ذا خطيئة أو ربما خطأ و عند هذا الشك المتردد بين الخطيئة و الخطأ انتهيت وكان الحجر الذي كنته قد تفتت ، لم يعد لي إلا أن أنظر إلى حيث وجب أن أنظر.... ، في تلك اللحظة كان وجهي يقابل سماء ليلية ساكنة و النجوم كأنها ملايين العيون تراقبني و على الجهتين من اليمين و الشمال مخلوقات هائمة يحركها الوهم نحوي، أدركت الآن إنني تعب و أن لا جدوى من البحث ، حاولت أن أجمع شتات الأصوات المهدورة أصنع منها صرختي الأخيرة قبل الأنطفاء لكنها لم تخرج إلا همسا و كأن حبال صوتي قد اجتثت جميعا ، قلت هامسا و التعب باد علي ، يا سيدي لم أجد لك من خطيئة ، أنا خطيئتك الوحيدة و قد غفرتها لك قهقه ضاحكا ثم من قلمه المقوس خط ّ علي خطوطا حتى اختفيت حيث يجب أن أكون في عالم الإنتظار فأنا منذ البداية حتى النهاية كائن منتظر .




#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إغتيال الحمامة
- الدغل
- ميسان


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - المهمة