أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مازن لطيف علي - الدكتور داود كباي .. شخصية عالقة في الذاكرة العراقية














المزيد.....

الدكتور داود كباي .. شخصية عالقة في الذاكرة العراقية


مازن لطيف علي

الحوار المتمدن-العدد: 3116 - 2010 / 9 / 5 - 10:50
المحور: سيرة ذاتية
    


مثلما نجد بوابات أضرحة أولياء الله مخضبة بالحناء نذرا أو أملا بشفاعة أو عرفانا في رد طلب وأداء نذر ، فان باب عيادة الدكتور (كبايه) كانت تتسم بالأمر عينه بالنسبة للعامة ،ولاسيما في مدينة العمارة. وحينما رحل الى بغداد، كانت جموع "أهل العمارة" على موعد مع حافلة خشبية منذ العام 1965 يعلن قائدها(كبايه..كبايه)،مساء كل يوم خميس في وسط العمارة، ويشرع بتسجيل الناس ليغادروا بهم الجمعة مبكرا. وتذهب الجموع الى بغداد لمعايدة بركة الدكتور كبايه والعودة أدراجها مساء مكللة بالشفاء المؤزر بعد علاج نذهب الى أنه يبدأ من إيمان العامة بقدرات الطبيب الروحية واعتقادهم بملكاته ويقينهم المسبق بالشفاء. ولم يستحصل منهم مبالغ ولاسيما فقراؤهم، بل بالعكس كان يقدم لهم الدواء مجانا في أكثر الأحيان.
كل العراقيين في العقود التي سبقت انقلاب البعث يتذكرون بشغف تلك الشخصية الألمعية التي كادت أن تكون أسطورية في القدرة على إشفاء الناس من أمراض عضال، حتى نسجت حولها قصص الإعجاز وأنواع الخرافات، وكاد الرجل غير راغب أن يتبوأ مقام الأولين والصالحين، في مجتمع يئن الفاقة بكل شيء. فلاتزال الاجيال تتناقل اخباره وافضاله على ابناء أهل العمارة، حيث كان داود يملك بيتاً من طابقين في منطقة التوراة في المدينة، حيث يشغل الطابق الاول هو وشقيقته، اما الطابق الثاني كان يشغله كعيادة لمعالجة المرضى، حيث يأتون من قرى العمارة من الحلفاية ومسعيدة والميمونة والطوّيل والمجر وحتى هور الحويزة .وكان يقدم لهم بالمجان المبيت في بيته تلطفا وكرما عراقيا. ومازال كبار السن في العمارة يتذكرون كيف التقى الدكتور داود في احدى مقاهي العمارة برجل ومعه طفلته التي كانت فاقدة للبصر وكان كباي حديث العمل في مجال اختصاصه، ولم تمض سوى سنتين على إجازته كطبيب، وكانت الطفلة عمياء منذ الولادة ولاينفع معها علاج . حيث قال له كباي انه يمكن علاجها ويعيد النظر اليها ، واجريت لها عملية مجاناً ،وتكللت بالنجاح وعاد للطفلة نظرها ومنذ ذلك الحين أشاع شهرة ونسجت قصص عن كرامات الدكتور داود كباي في المدينة.
اشتهر الدكتور داود كباي(1915-2003) في بغداد والعمارة باسم (داود كبايه) . واسم كباي "GABBAY" جاء من مهنة الجابي بالعبرية، وهي مهنة من يقوم بجباية التبرعات للكنيس أو المعبد اليهودي، ويقوم بادارة حساباته. واسم عائلته كباي تداوله اليهود السفرديم الشرقيوين وليس الإشكناز الغربيين ،وثمة عائلةكباي ببلدان الشرق الاوسط مثل ايران والهند وقد يكون اصل عائلة كباي من اصل عراقي حدث وأن نزحوا شرقاً منذ العهود القديمة.
تخرج الدكتور داود من الكلية الطبية العراقية في دورتها الخامسة العام 1938. ولم ينجح علميا كطبيب بقدر نجاحه الاجتماعي، وحببه في قلوب الناس. حيث انتقل الى بغداد عام 1964 ،وافتتح عيادته في منطقة البتاويين.ولا نستغرب شغفه بالعمارة وأهلها، فالوجود اليهودي قديم فيها، والنبي العزير(عزرا) احدى دالات القدسية لهذا المكان.
ونعلم من ان جمعية الاتحاد اليهودي(الإليانس) فتحت أول مدرسة للبنات في العمارة عام 1910، ولم نسمع أن بادر لذلك الفعل الحضاري الخير سلطان الترك أو باشا مندوب عنه أو رجل ميسور أو إقطاعي مترع بما كسبه من الفلاحين، أو معمم دين من مسيري الأوقاف أو جامعي الزكاة والخمس.. وبعد انتقاله الى بغداد، استقر في دار جديدة واصبح مقراً لعيادته وواصل اهل العمارة الحضور الى عيادته الجديدة. وقد تعرض كباي عام 1961 الى مداهمة بيته في بغداد من طرف رجال الامن بذريعة انه جاسوس لاسرائيل وتمت مصادرة امواله (واحد وعشرون ألف دينار عراقي) الموجودة في الدار .وتم توقيفه عدة ايام حتى اخرج بعدها بكفالة، ما دفعه أن يذهب الى وزارة الدفاع حيث مقر الزعيم عبد الكريم قاسم . وكان كباي زميله في الدراسة وبعد استقبال حار ومقابلة حميمة للزعيم وحوار خواطر وذكريات عن ايام المدرسة، تساءل الزعيم عن حاجته فاستل وصل المصادرة ليريه إياه. وسرعان ما بادر الزعيم الى كتابة ملاحظة على الورقة،وأوعز الى مرافقه وصفي طاهر وسلمه قصاصة من الورق كتب عليها " يعاد المبلغ الى الدكتور داود فانا اعرفه ولايمكن ان يتجسس على الدولة".
بعد انقلاب البعث على السلطة عام 1968 بدأت المضايقات الشرسة للدكتور كباي حيث اوقف عن الخدمة في وزارة الصحة بحجة انه كان يصف مادة الكورتيزون الى مرضاه واعتقل في قصر النهاية عام 1969 من تلك السنة السوداء بالنسبة ليهود العراق وأحرارهم على العموم، حيث تعرضوا لابشع حملة وزجوا في السجون واعدم عدد منهم ومن ضمنهم شباب لم يبلغوا السن القانوني. لقد عانى كباي واجبر على تحمل عطش شديد اضطر ان يشرب من جرائها بوله!.كل تلك المآسي دفعته أن يهرب من العراق سيراً على الاقدام من قصر النهاية ثم سافر إلى إيران ثم وصل الى لندن وقام بممارسة مهنته بصورة شخصية لليهود المقيمين في لندن لانه لم يعد يهتم بتحصيل التأهيل الانكليزي لممارسة الطب في لندن، وكان يعمل كطبيب احتياط في بعض العيادات البريطانية من أجل ديمومة العيش.
كان الكثير من العراقيين والعرب يأخذونه بصورة شخصية للتشاور مع الاطباء في شارع هارلي، ويذكر المرحوم يعقوب يوسف كوريه انه التقى به عام 1974 في لندن وذكر له انه كان من احد مرضاه الذين يعالجهم في بغداد وتشكر منه وذكر له بمرارة انه اودع اموالاً امانه عند بعض معارفه الذين أنكروها عليه تباعا.
كان كباي ينفث الحسرة في لندن عن الطريقة غير اللائقة التي لاقاها في وطنه العراق، وعادة ما أعاد على مسامع ملتقيه الذكرى الطيبة وخواطر عن طيب الناس، التي انقطعت عام 1969 بعد وطأة غمة البعث، وانتهت بعدما اجبر قسراً للتوقف عن مهنة الطب.



#مازن_لطيف_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توفيق التميمي يوثق تاريخ شارع المتنبي في كتاب جديد
- استعراض تحليلي لثلاثية (العراق والمستقبل) لميثم الجنابي
- طبعة جديدة لكتاب -محنة يهود العراق بين الأسر والتهجيرالقسري- ...
- كتاب جديد للدكتور ميثم الجنابي عن المختار والحركة المختارية ...
- فيصل الاول ويهود العراق
- عن صالح نعيم طويق وابداعه في الصحافة والترجمة
- اسحاق بار موشيه .. أول يهودي يكتب مذكراته عن بلاد الرافدين
- لامبان في كتاب جديد : اصل الحجاب وثنيّ ولا علاقة له بالاديان ...
- رشيد الخيُّون.. تجربة عقلانية في نقد الأصولية الإسلامية
- العراق واليابان في التاريخ الحديث .. التقليد والحداثة
- يهود العراق .. ذكريات وشجون
- نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي
- كاظم مرشد السلوم : التدخل الحكومي أسهم في تدهور السينما العر ...
- مقام التحول.. هَوَامِشُ حَفريّةُ عَلَى المتنِ الأدُونِيسيّ
- تاريخ التعليم في العراق واثره في الجانب السياسي
- الإعلامي محمد السيد محسن : الإعلام التلفزيوني اخذ مني الكثير ...
- طبعة بغدادية جديدة لكتاب البروفسور ميثم الجنابي- الإمام علي ...
- محمد شرارة .. من الإيمان إلى حرية الفكر
- عمارة .. ومعماريون
- العراق ..الشعب والتاريخ والسياسة


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مازن لطيف علي - الدكتور داود كباي .. شخصية عالقة في الذاكرة العراقية