|
هل تفهم ؟!! - قصة قصيرة
ماهر طلبه
(Maher Tolba)
الحوار المتمدن-العدد: 3076 - 2010 / 7 / 27 - 09:39
المحور:
الادب والفن
هل تفهم ..؟!! لم يكن موجودا في يوم من الأيام .. لكن أباه في شهادة الميلاد دمغه بالاسم والنوع ، وفي بطاقته العائلية دمغه بالترتيب العائلى وقال له .. "أنت كنت ولم تكن من قبل ... هل تفهم ؟" ... لم يفهم " ماذا تقصد يا أبتي ؟!" ... " فقط تذكر أنك بأمر الأب كنت .."... * * * " بي كنت فأعرف قدري .. جلني .. وأعمل من أجلي ... أطعمني من كدك وعرقك ... " .. هكذا قال له الأب فأخذ الفأس وذهب إلى الأرض البور ، وضربها بالفأس .. فانتفضت فزعا ... " من هذا الذي يشق باطني بفأسه؟! .. " .. قالت " أنا .. " ... قال " ماذا تريد ؟... " ... قالت " لا أريد لك شرا ، لكني سألقي في داخلك بذرتي التي لملمتها من الأيام ، فتنبت وتصيري خضراء ، زينة للناظرين وطعاما للجوعى " ... قال " منذ زمان طويل لم يأت من يفعل هذا .. آخر من فعلها قُتل ، أخذني قاتله ، أكل من داخلي الكثير ، ثم تركني حتى صرت إلى حالتي تلك ... " قالت " أبي لن يقتلني .." قال " فإني أشتاق إلى بذرتك إذن ، فألقها .. " قالت .. وانفتحت بضربات الفأس قنواتها .. " يا أبتي .. ألقيت اليوم بذرتي في الأرض ، وسقيتها ماء الحياة " " فقط تذكر أنك بأمري كنت " * * * على السرير جلس الأب ، فتقدم منه حاملا بشائر الأرض ، ثمارا نضرة ... " كل يا أبتي .. أمرتني أن أطعمك وها أنا ذا أطيع ، فأرض عني " .. قال الابن " نلت بركتي يوم وضعت بذرتك في أرضي البور فخلقت فيها الحياة تلك التى وهبتها لك ... " قال الأب.. والتهم كل ثمار الأرض " يا بني أريد المزيد ، أمامك الأرض واسعة ، فاسع في مناكبها ، وانفخ في قلب البور الحياة وأطعمني تطعني .. " قال الأب فأخذ الفأس وذهب يوسع من مساحة خضرته حتى شبع الأب ، وفاض خير الأرض .. " الثمار على الأشجار لا تجد من يأكلها ، فهل أتوقف ؟.." ... قال الابن " لتبن خزانا يخزن فيه مازاد من ثمار الأرض ينفعنا في وقت الشدة " .. قال الأب " وكيف البناء وأنا أعمل في الأرض طوال النهار .؟!.."... قال الابن " ليكن النهار للزرع ، والليل للبناء "... قال الأب " لكني متعب يا أبتي .. " " تذكر أنى خلقتك ...... وتعبت ، لكن لم أتوقف قط حتى أتممت الخلق ، وصبرت .." قال الأب " لكنى أسمع أنك في يوم ما قد ملكك التعب فاسترحت " " تذكر أنك بأمري كنت ، فاطعني .." * * * أخذ من الأرض الطين ، ومن النهر الماء .. صب من ماء النهر على طين الأرض وبدأ البناء ... " يا أبتي ... اليوم رفعت الجدران تصد الريح وجاء ميعاد الأرض " " واليوم ألقيت السقف يحجب ضوء الشمس " " واليوم أتممت البناء فانظر يا أبتي وتعجب " ... قال الابن " خلقت فأحسنت الخلق ، املأه من ثمار الأرض وأغلقه " ... قال الأب " يا أبتي ، ملئ الخزان ومازالت ثمار الأرض على الأشجار لا تجد من يأكلها " ... قال الابن " ليكن خزانا آخر وآخر وآخر .. حتى تُسْتَوعَب كل ثمار الأرض " .. قال الأب " يا أبتي قَتَل القمر السهر ويريد النوم " ... قال الابن " سيأتي وقت النوم فلتصبر وتذكر أني حين خلقتك ....... وتعبت لم أتوقف حتى أتممت الخلق ... فأصبر وأطعني ... " * * * "يا أبتي كل خزان الأرض ملئت بالثمار ، ومازالت الأرض تعطي وتعطي ... " قال الابن " دع الآرض ، أهملها حتى يتوقف عطاؤها ولتكن الخزان محل عمل لك " .. قال الأب " ثمار الخزان تتزايد وثمار الأرض تسد الطرقات " .. قال الابن وخيوط القلق ترتسم على وجهه " اعمل " .... قال الأب وداخلته غيوم الغيب " ثمار الخزان تتزايد والأرض مازالت تعطي ... اليوم سُدّت أبواب الخزان " .. قال الابن وخيوط القلق تحجب عن عينيه الرؤيا " اعمل " ... قال الأب وتحرك تاركا كرسيه يفكر علّه يمحو غيوم الغيب ... "يا أبتي الثمار تمنعني الخروج .. سُدّ الباب علينا " ... قال الابن " يا بني .. أنا أوجدتك وأنت أوجدت الثمار ... هذا من عملك فتوقف .." قال الأب " خُلقت لأعمل .. أمرتني فأطعتك .. فكيف التوقف ؟!... فوق قدرتي ما تطلب " قال الابن " في قدرتي ما أطلب ...هذا خنجري أوجدته لهذا اليوم " .. قال الأب وهو يدفع بخنجره في الصدر المفتوح . " خلقتك .... ، وعدم تعود من جديد " .... من هول الصدمة تراجعت الثمار عن الباب فزعا .. ضحك الأب وانشرح صدره ، ومد يده يأكل من ثمار الطريق ... واليوم انسحبت الثمار من الطرقات وصار براح ... ضحك الأب وانشرح صدره ، ومد يده يأكل من خزان الأرض حتى فرغت عندها سقط السقف وانهدمت الجدران ... ضحك الأب ورفع رأسه .. فرأى الرقعة الصفراء تبتلع الرقعة الخضراء تفنيها ، والبور يسود ، كانت الأرض تبكي وتموت ، عندها أحس الأب بالجوع ، فنظر في خارطة الأيام ... " آن آوان الابن " .... قال .. وفي شهادة الميلاد دمغه بالاسم ، والنوع ، وفي بطاقته العائلية دمغه بالترتيب العائلى .. وقال له .. " أنت كنت ولم تكن من قبل ... " ..... هل تفهم ؟!!!!
ماهر طلبه http://mahertolba.maktoobblog.com
#ماهر_طلبه (هاشتاغ)
Maher_Tolba#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فستان وبدلة - قصة قصيرة
-
صديقى وحديث النمل
-
الثمن - ثلاث قصص قصيرة جدا
-
ابناء الأسد - قصة قصيرة
-
تلوين - قصة قصيرة
-
حلم /قال :هذا انا وهذه أنت فلما لا..
-
جن سليمان وقصص قصيرة جدا أخرى
-
خيال علمى - قصة قصيرة
-
مصباح - قصة قصيرة
-
شيوعية - قصة قصيرة جدا
-
حج - قصة قصيرة
-
ليلة انتظار الموت
-
ملل .. قصة قصيرة
-
العهد المفقود - قصة قصيرة
-
الهامش - قصة قصيرة
-
يوسف والحلم
-
الضرير والديك - قصة قصيرة
-
حديث عبده الصامت
-
الفار الذى اكل القط
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|