أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 30 من رواية تصبحون على غزة














المزيد.....

الفصل 30 من رواية تصبحون على غزة


حبيب هنا

الحوار المتمدن-العدد: 3048 - 2010 / 6 / 29 - 13:12
المحور: الادب والفن
    


30
الجو شديد البرد ، لكن السماء صافية إلا من غيوم مبعثرة تتحرك بهدوء في قبته ، والأرصاد الجوية لم تأت على ذكر سقوط أمطار ، ويبدو أنها عن عمد تركت الأمر معلقاً لاحتمالات التقلب ؛ والبحر شديد ارتفاع الموج لكنه غير مخيف .. هادر ، غاضب يطحن نفسه بعناد متواصل قبل وصوله إلى الشاطئ . منظر خلاب استوقفهم كثيراً.. تأملوه تبعاً لانعكاسه على مخيلة كل واحد منهم . وكان ثلاثتهم يتساءلون بصمت ، لكنه موحي وعميق .. هكذا انعكست الصورة على وجوههم .. أمواجاً تتكسر ، رغم غضبها الجامح ، عند أقدام رمال الشاطئ دون أن تخلف أثراً من دمار أو تمس واحدة بأخرى رغم وصول الهياج ذروته .. ربما كانت تحاول سباقها لتلقي بهمومها على الشاطئ، أو ربما كي تمسك بها قبل أن تهرب وتتسرب إلى أعماق الأرض ! .
وأغلب الظن ، أن إسماعيل الذي يشاهد بحراً بهذا الهياج لأول مرة لم يستطع الصمود طويلاً دون أن يتساءل :
- هل البحر غاضباً من الناس حتى يضرب الشاطئ كي لا يجلسوا عليه ؟
- رد إبراهيم على ابنه :
- لا يغضب البحر سوى من نفسه !
- كيف، ولماذا ؟
- لا أعرف بالضبط يا ولدي ..
- وهل تغضب أنت من نفسك ؟
- أحياناً ..
- لماذا ؟
- عندما أقوم بعمل خاطئ متسرع أغضب من نفسي لأنني لم أفكر فيه جيداً قبل القيام به ..
- وهل هو قام بعمل خاطئ متسرع ..
قاطعته ريتا قائلة :
- كفا يا إسماعيل . لا تغضب أبيك بأسئلتك الكثيرة . ثم أننا هنا من أجل التنزه لا من أجل الأسئلة .
صمت إسماعيل فيما أخذ الأب بالضحك، وهو يقول :
- حين تكبر يا ولدي ستكتشف هذه المسائل بنفسك . فهناك أمور لا يمكن الإجابة عنها لأننا لا نعرفها تماماً !
انطلقت السيارة تحملهم صوب حائط برلين الذي كان يوماً يفصل بين شطريها الوطن .. وقفوا عند أقرب نقطة منه، وأخذهم النظر إلى ما كان .. فجأة همست ريتا متسائلة :
- في الوقت الذي يحتفل فيه الألمان كل عام بمناسبة إزالة الجدار وتوحيد ألمانيا كي تصبح ما كانت عليه قبل التقسيم ، ينهض جدار كي يقسم الوطن في الضفة الغربية ويحرم المواطن الفلسطيني من الوصول إلى أهله ، والمزارع إلى أرضه ، والطالب إلى مدرسته ..
صمتت لحظة ثم أضافت :
- متى سنفرح ونحتفل ؟ ألم يرالعالم ما يجري داخل الوطن حتى يواصل دعم إسرائيل على هذا النحو ؟ ولماذا يرتفع صوته مطالباً باحترام حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالتعارض مع سياسته؟ إن ما يحدث يؤكد أن العدالة الوحيدة التي يفهمها العالم هي فقط تلك التي تنطوي على المحافظة على مصالحه !
رد عليها إبراهيم وفي صوته رنة أسى :
- لا تفتحي عقولنا على أبواب الوجع . ما يحدث لسنا بحاجة إلى إعادة الحديث عنه ، فقد سئمنا تكرار نفس القول في كل مرة . العالم ظالم ولم يعد يسمع صوت الضعفاء ، ينبغي أن نفكر جدياً بوسيلة كيف نجبره على السماع مرغماً ، أن يلهث وراءنا مكرهاً من أجل أن يصغي لصوت العقل، من أجل أن نحتكم لمنطق هادئ يفضي إلى نتائج ملموسة بعيداً عن منطق موازين القوى وقدرته على إلحاق الهزيمة بأي مشروع يتعارض مع مصالحه . ينبغي أن يصل لقناعة بأننا وحدنا الذين نمتلك مفاتيح الاستقرار في كل بقعة تتواجد فيها مصالحه . عندئذ سيكتشف أننا أقدر على إفشال مشاريعه من محافظة إسرائيل عليها ، وبهذا يمكن الحصول على حقوقنا وحسب .
- معك حق . الصمت أكثر بلاغة من الحديث في هذه المسألة ..
ذهبوا إلى مطعم شعبي يملكه سوري يقدم لزبائنه أشهى المأكولات. تناولوا الغداء وانطلقوا إلى الحديقة التي اصطاد فيها إسماعيل العصفور متوجسين خوفاً من آثارها السلبية عندما يتذكر إسماعيل ما حدث قبل شهرين ونيف ، ومع ذلك ، سارت الأمور على طبيعتها ، كأن شيئاً لم يكن . التقوا هناك العديد من العائلات العربية التي اعتادت قضاء يوم الجمعة في هذا المكان ، وتحدثوا معهم في أمور مختلفة .. تمازحوا وقالوا الكثير من النوادر .. ضحكوا بأعلى صوتهم كأن بهم لم يضحكوا من قبل .. الأطفال مارسوا هواياتهم في اللعب والركض والاختفاء خلف الأشجار ، بينما لعب الكبار الورق ومارسوا الغناء والرقص الذي أعاد للأذهان مواسم سنين مضت حسب انعكاسها على كل عائلة والقطر الذي تنتمي إليه ..
في المساء ودعوا بعضهم بعيون مدمعة لا تقوى على استمرار النظر إلى بعضها ، وفي طريق العودة عرجا على بعض الأصدقاء وقالوا لهم : لنا لقاء هناك ، وأشاروا بأصابعهم إلى حيث المكان .. بكى النساء والأطفال ، فيما الرجال كانوا يتمنون البكاء ، تحجرت الدموع في العيون والخوف بات من بكاء القلب ..
وقبل النوم كانت الأمور قد رتبت تماماً ولم يتبق سوى الذهاب باكراً إلى مكاتب شركات الطيران لحجز التذاكر وتحديد موعد السفر.



#حبيب_هنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل 29 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 28 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 27 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 26 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 25 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 24 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 21 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 20 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 19 من رواية تصبحون على غزة
- الأول من أيار
- الفصل 18 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 17 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 15 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 14 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 13 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 12 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 11 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 10 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 9 من رواية تصبحون على غزة
- الفصل 8 من رواية تصبحون على غزة


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 30 من رواية تصبحون على غزة