أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسماء محمد مصطفى - البعض طار الى عش التناقضات ، ولم يهبط بعد !















المزيد.....

البعض طار الى عش التناقضات ، ولم يهبط بعد !


اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 3045 - 2010 / 6 / 26 - 12:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فيه شيء من كذب او ازدواجية حيناً .. نلمسه في موقف او كلمة او حتى نصيحة ، يتجسد مثلاً في وصولي يدعي ارتقاء السلالم بنزاهة او اجتهاد ، او في امرأة تخاف فأراً وتخيف اقوى عشاقها ، او في شخص يعلم سواه القيم النبيلة لكنه لايطبقها في أفعاله ، او في سياسة الكيل بمكيالين ..

هو ليس بشعاً دائماً فقد ينطوي على حكمة او نلمسه في ظاهر ضعيف يخفي وراءه أعماق صلبة .. إنه التناقض ..

هالة من التناقضات في السلوكيات والأقوال والأفعال ، تملأ العالم بأسره ، فالحياة نفسها تجمع بين المتناقضات .. الخير والشر .. الصواب والخطأ .. الحار والبارد .. الأبيض والأسود .. وعلى ذكر هذين اللونين نبدأ لقطاتنا عن التناقض بأغنية ( أبيض او أسود ) للمطرب الأمريكي الراحل مايكل جاكسون الذي عكس فيها ايمانه بعدم وجود فارق بين البيض والسود ، وإنه ليس عنصرياً ، ومع ذلك تعاطى حقناً لتغيير لون بشرته الأسود الى الأبيض ، ولتذهب الأغنية الى سلة التناقضات !
إن أشد التناقضات مرارة تلك التي تكون مع النفس .. إنها أشبه بالضحك القسري في أشد حالات المرارة .. فقد يتصرف الإنسان تحت ضغط ظرف ما او رغبة ملحة بطريقة لايؤمن بها ..

وقد نجد التناقض في شخص يدعي شيئاً ويتصرف على نحو معاكس تماماً ، كالأب الذي يعلّم أبناءه القيم الخلقية العالية ، في الوقت الذي ينضح هو بالبشاعة خارج حدود بيته .. ونراه أيضاً في آخر ينتقد سلوك غيره علناً ، إلاّ إنه وفي قرارة نفسه يتمنى أن يتصرف مثله ! ونجده أيضاً في متدين غير مرن وغير معتدل حين يتشدد في نصح أفراد أسرته او مجتمعه بأداء الفرائض التي يؤديها هو على أكمل وجه ، لكنه في الوقت نفسه يرتكب أفعالاً قبيحة ، كأن يسرق أموال الناس او ينم او ينافق او يطعن في شرف الناس او يدخل بيوتهم من غير أبوابها !! بل حتى يشاهد القنوات الإباحية !!

مثلما يتجسد التناقض في شخص يدعي التقدم وايمانه بالأفكار التقدمية لكنه آخر شخص يطبق ما يدعيه في تعامله مع أفراد أسرته ، كأن يمنع بناته او أخواته من إكمال تعلميهن الجامعي خوفاً عليهن من إقامة العلاقات العاطفية في الجامعة ! في الوقت الذي يتزوج من خريجة جامعية !
ونراه أيضاً في آخر يبدي إعجابه بالعصريات والمثقفات من النساء ، لكنه يحجم من زوجته ويمنعها عن تطوير نفسها !!
بل إن التناقض يتجسد أيضاً في رجل يطارد المتحررات اوغير المحتشمات ويبدي إعجابه بهن بينما يخفي زوجته عن أعين الناس ، بل يخونها وهو مرتاح الضمير ، لكنه يقلب الدنيا وينتفض لرجولته إذا خانته هي !!

وكذلك نجد التناقض في شاب يقيم عشرات العلاقات العاطفية العابرة مع بنات الناس ، او العلاقات الماجنة مع بنات الهوى ، لكنه يمنع أخته من حقها في الحب وإن كان طاهراً ، بل يجن جنونه إذا ما رآها مع شاب !! ونجده أيضاً يحافظ على بنت جاره ويخاف عليها حتى من أن يكلمها لكنه يتمادى مع بنات غير جيرانه !! وكإنهن لايستحقن منه الاحترام كبنت الجارالتي ربما فوق رأسها ريشة دون سواها !!، وقد يقول قائل إنها حقوق الجار وواجبات احترامه ، ونقول أليس الأولى أن نراعي حقوق الناس وواجبات احترامهم جميعاً وليس الجار فقط ؟!
كما نجد التناقض في شخص يساعد أرملة وأيتاماً تحت عنوان فعل الخير لكنه لايبرّ بأمه ، وهنا يكمن الرياء .

وترتبط التناقضات السلوكية بطبيعة التربية البيتية والمجتمعية والمفاهيم والتقاليد والعادات التي يفرضها المجتمع على الفرد الذي قد ينزع في داخله الى نقيضها فضلاً عما يراه المرء من مظاهر ازدواجية حوله منذ نعومة أظفاره فيتأثر بها ، الى جانب ما تتطلبه المصلحة الذاتية من أن يكون البعض متناقضاً في رغباته وسلوكياته .
التناقض يتمثل في أخوة متناقضين كالأخوة كرامازوف .. وفي أمزجة متعاكسة وأفكار وأخلاق متضادة بين أبناء أسرة واحدة بينما تلقوا التنشئة البيتية نفسها .. وفي ممثل طيب يمثل أدوار الشر وبالعكس .. وفي سياسي متجبر ظالم يصرع أقوى الرجال لكنه يتحول الى طفل ضعيف بين يدي عشيقته !! بل إن التناقض يبلغ قمته في عالم السياسة نفسه .

إن بعض الحقائق تكشف عن تناقضات ما ، فاينشتاين عبقري الرياضيات كان تلميذاً ضعيفاً في مستواه الدراسي ، وإحسان عبد القدوس مناصر الحب في رواياته رفض فكرة زواج ابنه من ممثلة معروفة يحبها ، ذلك إن الواقع شيء ومافي رواياته شيء آخر ! كما إن برنادشو التقى تشرشل في لقاء كشف عن تناقض حجميهما وطبيعة حياتهما ، فالأول كان نحيلاً ـ قد يحسب الناظر اليه أن في بلاده مجاعة ـ والثاني كان بديناً ـ يعرف الناظر اليه سبب تلك المجاعة ـ !
حتى في الحب هناك تناقضات .. أليس أجمل مافي الحب عذابه !! أليس الحب أن تتمنى السعادة للحبيب ، لكنك قد ترفض أن يمضي مع سواك وإن كانت سعادته هناك .. أي إنك ترفض أن يسعد على حساب سعادتك .. المحب كريم مانح ، لكنه قد يكون أنانياً أيضاً .. والحب نبل ورفعة لكنه في الوقت نفسه يتسم بالأنانية .
ومع إن الضعف والقوة على طرفي نقيض لكنهما يجتمعان في معادلة حب شعرية للشاعر المعروف أنسي الحاج حين يقول في قصيدة له : ( ضعف حبنا وحده هو القوة ) ..

والنقائض الشعرية قصائد مشهورة لشعراء هجاء تبادلوا فيها مشاعرهم المتناقضة .
ونقيض الشيء منجذب اليه كما هو متعارف عليه مغناطيسياً . ولعلاقة الرجل مع المرأة نوع من تناقض حين تسود فيها لعبة القط والفأر ـ وعذراً للتناقض في التشبيه ـ .

توفيق الحكيم أشار في كتابه يقظة الفكر الى إن التناقض خلق من ضلع المرأة . قال ذلك حين فاجأته امرأة بالقول : ( منظر فأر يرعبنا ، ولايفزعنا أن نمسح على وجه أسد .. توافه الأمور تبكينا ، ونتجلد أمام أفظع الامور .. هكذا نحن النساء ) ..
والتناقض أن يكون اللاوعي أحياناً هو قمة الوعي . بهذه الجملة أختم هذا الموضوع ، تاركة للقراء استحضار تناقضات أخرى في كل مجالات الحياة ـ عسى أن يبحثوا معي عن سبل لعلاج التناقضات ، هذا إذا كان ذلك ممكنا ً في مجتمعات مريضة بالتناقضات ولاتستطيع الحياة إلاّ بها ـ فيما أهبط من عش التناقضات بسلام آملة ألا أكون متناقضة مع نفسي !



#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)       Asmaa_M_Mustafa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا نحن دولة ( نايمة ) ؟!
- أنا او .. أنا
- حين يخذلك صديق او مُحب !!
- أوراق للريح .. للضمير .. للإنسان
- قطراتُ دمع ٍ ومطر ٍ وندى
- هل يضرب المرضى الفقراء رؤوسهم بالحائط ؟
- أمس كأنّه الآن .. في صورة تذكارية
- أوراق للريح .. او للمسؤول
- رسائلي الى حبيبي
- من غير زعل : بين الإتفاق والاختلاف في الرأي نقاط وأسئلة ..
- معك أشعر بأنني معي .. و .. ( من كلِّ دفتر ِ عشق ٍ .. سطرٌ ) ...
- غارة نسائية : لسنَ عوانسَ .. إنما أنتم (عانسون)!!
- ذلك المكان الذي نحب ..
- يادفء صوتكِ فيروز .. في ليالي الشتاء الباردة .. // المطر يغس ...
- من غير زعل : حرب القناعات
- بين الحب والحرب : مكانٌ داخل نفسي .. خارجها
- حين يكون للصمت على الشفاه صدى
- الطبيعة تعزف موسيقاها ، والقلب كذلك ..فماذا لو خلا العالم من ...
- تذكرة الى مدن الحب (1)
- إنعشوا الحب


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسماء محمد مصطفى - البعض طار الى عش التناقضات ، ولم يهبط بعد !