أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - أن ترسمَ كطفل














المزيد.....

أن ترسمَ كطفل


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3008 - 2010 / 5 / 18 - 11:13
المحور: سيرة ذاتية
    


أصغر فنان تشكيلي في مصر في الرابعة من عمره
الأمُّ الذكيةُ، والأبُ النحّاتُ الفنان، تركاه يهرقُ الألوانَ على حوائط البيت البيضاء، ويشخبط ما حلا له، بأقلامه الصغيرة، على الطاولات والمقاعد منذ اشتدَّ عوده النحيل وانتصبت قدماه الدقيقتان على الأرض بقليل ثبات في عامه الأول. لم ينزعجا من تلوّث الجدران والوجوه والملابس والشراشف بالأسود والأحمر والأزرق. تركاه يلهو بعصاه على رمال الشاطئ ليرسم الوجوه والمراكب والأسماك، تركاه يعبث بعلبة ألوان الشمع، والقلم، كيفما شاء له العبث، دونما رقابة متحفزّة كالتي نعهدها من الأمهات والآباء في مراقبتهما الهلوع لأطفالهما مخافةَ الخطر والتلوّث، ولكن بكثير من المراقبة الواعية الفرحة ببذرة فنٍّ صغيرة آخذة في التشكّل والنمو، وبعض رهان وأمل أن فنانًّا صغيرًا يشبُّ بين أركان البيت. فهل كانا قد قرأا كتاب "النقطة الصغيرة"، "ليتل دوت كوم" Little.com، الصادر العام 2000 عن دار أندرسون، للبريطانيّ رالف ستيدمان؟ أغلب الظن لم يفعلا، لكنها الفطرةُ الذكية فعلت. حمزة علاء الحارتي طفلٌ مصريٌّ في الرابعة من عمره. لاحظت أمُّه أن عالم اللون والقلم اجتذب طفلها منذ عامه الأول، ثم أكدت هذا الكشف معلّمة حضانته "Honey Bear"، في مدينة نصر بالقاهرة، فتركاه لعالمه ينهل من فطرته ويصبُّ على الورق أفكارًا ومشاهد صغيرة وعميقة.
أما رالف ستيدمان Ralph Steadman، فرسام كاريكاتور ومصمم أفلام كارتون بريطانيّ شهير من مواليد العام 1936. أصدر كتابه ذاك الذي أراد عبره أن يشجّع الروح المتمردة العنيدة لدى الأطفال، ويغذّي لديهم رغبتهم الغريزيةَ في تلطيخ الملابسَ والجدران البيضاء وأثاث البيت، قائلا: "يشعرُ الأطفالُ ببهجة عارمة حين يصنعون دوائر." وعبر الكتاب، نرى كيف استطاع الفنان العجوز أن يقبض داخله على روح طفل يرسم. تحكي القصة عن "النقطة" التي تقوم عليها لغةُ عالم البرمجيات والشبكات العنكبوتية. استطاعت النقطةُ أن تخلِّصَ جسدها النحيل من شَرَكِها العنكبوتيّ وتفرُّ حينما أُغلِق الحاسوب، لتركض وتملأ العالم بالفوضى واللعب. تركضُ لتقابل أصدقاءها خارج فضاء الحاسوب فتحتسي معهم الشاي، وتبادلهم اللعب. في بعض الأحيان تكون النقطةُ ممتلئة بالحبر الكثيف، وفي أحيان أخرى تكون مضمخة باللون. ثمة جنود في ملابسهم البيضاء يقفون عند سفح التلّ. لا يروق لها هذا. تودُّ النقطةُ المشاكسة أن تملأ الجنود بالحبر، ثم تراقصهم، فهي تجيد الرقص، بعدما شعرت بالخجل من نفسها لتلطيخها ملابسهم الرسمية. ولأن الخطَّ سيتكون من ملايين النقاط، والشكل يتكون من خطوط، فقد استطاعت النقطة الصغيرة في ركضها ولهوها أن تملأ العالمَ بالرسوم والأشكال.
دخلتُ قاعة "راتب صديق"، في أتيلييه القاهرة بشارع كريم الدولة، وقد جذبتني اللوحاتُ المعروضةُ تحملُ عبث الطفولة كلًَّها ورعونتها. في البدء، ظننته أحدَ الفنانين الكبار وقد تعلّم درس بيكاسو حين قال: "في بداياتي، كنتُ أرسم مثل رافاييل، لكن الأمر استغرق عمري كلَّه من أجل أن أتعلم كيف أرسم مثل الأطفال!" كان هذا كشفَ بيكاسو العظيمَ، بعد مشاهدته بعض رسومات أطفال، فكشف بعينه الفنانة أن ثمةَ عمقًا ورؤية تكمن داخل تلك الخطوط العفوية الطائشة. ثمة فنٌّ غيرُ مثقل بالمعرفة والتعلّم ودراسة قانون الخط والمساحة والكتلة والنور والظلال والتجسيم. المعرفةُ في أحيان كثيرة تكون ضدًّا للفن، وإلا ما عرفنا فنانين عظامًا لأنهم فطريون. أن ترسمَ كطفل فذاك معناه أن تُطلِق العنانَ الحُرَّ للطاقة البدائية، الخلقَ الفطريَّ العفويَّ، واللعبَ التلقائي غير الواعي الذي يشحن رسوم الأطفال بالحيوية والبهجة. قرأتُ مرّة، ونسيتُ القائل، أن تعريف الفنَّ الرفيع، هو ذاك الذي يخرج من الطفل الكامن داخل الرجل الناضج، الطفل الذي بعدُ لم يُلوَّث بالحياة والواقع والقانون. طوال وقت تجوالي في المعرض، وبينما أفكر في كل هذا، كان ثمة طفل ضئيل يركض هنا وهناك، فاندهشتُ كيف تسمح إدارة الأتيلييه بلهو الأطفال في حرم الفن والجمال، الذي الصمتُ فيه والهدوءُ جمالٌ؟! ثم سألتُ عن اسم الفنان، لأكتشف أن هذا الطفل الذي لا يتوقف عن الركض واللهو هو صاحب اللوحات، التي استضافها أتيلييه القاهرة على هامش معرض النحّات الفنان علاء الحارتي، والد الطفل الموهوب حمزة. الحياة اللندنية



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سعد رومان ميخائيل يرصّع اللوحات العالمية على جداريات دار الأ ...
- هزْلُهم... فنٌّ
- أعمدةُ الجمال، بين رسالة والساقية
- أن تصطادَ عصفورًا من النيل، فأنتَ إذن إبراهيم أصلان
- عاطف أحمد، فنانٌ من بلادنا
- الفنُّ تكسيرًا للصورة النمطية للعرب
- قرطبة مدينة الشعراء والتاريخ المزدوج
- كهاتين في الجنّة
- الشِّعرُ في طرقات قرطبة
- فاطمة ناعوت والسعي وراء تأنيث العالم
- لهو الأبالسة، وفنُّ القراءة
- هكذا الحُسْنُ قد أمَر!
- ساعةُ الحائط
- سهير المصادفة
- ولكنْ، كلُّنا في الهَمِّ مِصرُ! (2)
- الجنوب كمان وكمان (3)
- أطفالٌ من بلادي
- رسالةٌ من الجنوب (1)
- معرض الجنايني بالأقصر، يمزجُ الشعرَ بالتشكيل
- اطلبوا العِلمَ، ولو في التسعين!


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - أن ترسمَ كطفل