أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - قراءة في القصة العراقية















المزيد.....

قراءة في القصة العراقية


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2995 - 2010 / 5 / 4 - 18:57
المحور: الادب والفن
    


الكتابة هي المنفى
والغربة هي الوطن
- قراءة في القصة العراقية-
بقلم: وديع العبيدي

العلاقة الاشكالية التي تربط الفرد العراقي بواقعه تمثل إحدى المعضلات الاجتماعية الفكرية والنفسية الآخذة في التفاقم, أثر اتساع الشقة بين الانسان والبيئة من جهة والتنامي المضطرد للحاجات البشرية من جهة أخرى. هذه الاشكالية ليست وليدة ظرف آني أو مرحلة محددة, وانما هي حصيلة تراكمية لبناء تخريبي [سالب/خاطئ] لم يجد اليد التي توقفه أو توقف تماديه عبر عشرات القرون والعقود. وبالتالي فأن الحديث السهل عن المسؤولية الثقافية ودور المثقف في المجتمع, القصد منه تحديد جهة معينة وتحميلها مسؤولية الخراب الشامل وبالتالي تبرئة النظام السياسي الشمولي الذي ما فتئ ينقضّ على الانسان وينهش البنية الاجتماعية لتسويق مصالحه الذاتية وأيديولوجيته المريضة. هذه العلاقة تستند إذن إلى: واقع مريض غير طبيعي بالمقارنة بالبيئات الاجتماعية الأخرى؛ شخصية اجتماعية مرضية غير طبيعية بالسياقات المتعارفة في علم النفس والمجتمع. والمضي في دراسة ومعالجة هذه الاشكالية المزدوجة من اختصاص جهات أكادمية معنية. أما ما يخص هذه الدراسة فيتوقف عند أثر هذه الإشكالية على المنتج الثقافي العراقي وخاصة السرديّات.

القصة العراقية.. مفارقة أم امتياز..
من المفارقات النقدية الشاخصة اختلاف السرديّة العراقية عن قريناتها في البلدان الأخرى المجاورة والبعيدة ما خلا أمثلة محددة. تتمثل هذه المفارقة في كل مستويات السرد وتقنياته على العموم. فعلى الرغم من وحدة البدايات والجذور التي تربط القصة العراقية بالقصة العربية واستيلادها عبر النموذج الغربي أواخر القرن التاسع عشر, فأن الاستجابة المحلية العراقية اختلفت عنها في سوريا ولبنان أو مصر. هذا الاختلاف يتركز في نمط التعامل مع الواقع في المقام الأول وفي المقام الثاني البعد عن التناول أو المعالجة التاريخية. وبعد قرن من الانتاج السردي العراقي لا يشكل التاريخ ثيمة سردية في العراق، أما على صعيد تقنيات تعاطي الواقع فما يزال البون أو المفارقة بيّنة لدى المقارنة مع القصة السورية أو المصرية أو الجزائرية. وتتجاوز المفارقة البعد الاقليمي والثقافي إلى بيئات ثقافية أخرى كالروسية والأوربية عموماً القائمة على المدرسة الواقعية والواقعية التاريخية، والتي مثلت مرجعيات خصبة للمثقف العراقي. ولا يجوز النظر إلى هذا البون بالمعيار التفاضلي وإنما من منظور التمايز والسمات الوطنية الخاصة.
[الرواية الايقاظية] هو الاصطلاح الذي استخدمه الناقد والمؤرخ الأدبي العراقي لوصف بدايات الرواية والقصة في العراق اعتماداً على طبيعة التقنية المستخدمة في السرد. هذه التقنية السردية تمثل باكورة الوعي الثقافي العراقي لهذه الاشكالية الضاربة في القدم. وإذا أمكن ترسيخ هذه الحالة نقول أنها تقنية الهروب من الملامسة المباشرة إلى التعامل عبر وسيط، الذي يمثل [الحلم] وسيلته هنا. وقد استمر [الحلم] وسيطاً عملياً لترجمة أفكار وتبعات الكاتب عن واقعه في نماذج أكثر حداثة. ففي غير حالة يكتشف القارئ أن كل ما قرأه انما كان مجرد حلم أو كابوس سرعان ما ينتهي أو ينكشف مع استيقاظ البطل/ المؤلف، كما في قصة [المسخ] لحسين التميمي مثلاً وليس حصراً. ويمكن لدراسة أكادمية متخصصة مراجعة المدونة السردية العراقية واستنباط جملة التقنيات الوسيطة أو الهروبية التي درج عليها السارد العراقي خلال قرن من الزمان.

خصوصية المجتمع العراقي
هذه المفارقة السردية كانت منذ البدء إذن نتاج الازدواجية الثقافية التي تحكم المثقف العراقي والتي تصل حدّ الانفصام عن الواقع والمجتمع. وهي حالة لا نجد لها مثيلاً اقليمياً لاختلاف الأرضية أو تفاوت الوعي الاجتماعي واتجاهاته.
ان المجتمع العراقي الذي يصرّ كثيرون على النظر إليه ضمن جماعة اجتماعية وثقافية أخرى انما هو نسيج وحده وله من التقاطعات الداخلية والاقليمية ما غفل المؤرخون عن تشخيصها باستخدام الأدوات العلمية والأكادمية المناسبة. وضربت الحكومات ذات التوجهات الاقليمية عن أخذ السمات الوطنية والخصائص الذاتية للمجتمع العراقي بنظر الاعتبار خدمة للمصالح الايديولوجية المريضة. وبالتالي فأن المثقف العراقي كان الشاهد الوحيد على الواقع، ولكنه شاهد محكوم بالخرس أمام هيمنة أنظمة شمولية ووسائل اعلام ديماغوجية وظيفتها القفز على الواقع وتزوير الحاجات الانسانية. وهذا يشير إلى وجود حركتين أو تيارين داخل المجتمع العراقي، التيار التقليدي العام والمدعوم أو الموجه بالنظام الرسمي، والتيار الليبرالي الحداثوي ذات التوجه الوطني المستند للروح العلمية والعالمية والبعيد عن الشوفونية والأيديولوجيا. لكن هذا الاختلاف لم يتطور ويصل إلى درجة الصراع أو الاحتدام إلا في زاوية سياسية ضيقة في خمسينيات القرن الماضي وزاوية طبقية سياسية في أيلول 1961 عقب رفض الملاكين الكرد تطبيقات قانون الاصلاح الزراعي رقم 80. وفي الحالين تمّ مصادرة الخطاب الثقافي الوطني لصالح القوى التقليدية المتحكمة.
يتكون المجتمع العراقي دمغرافيا من قوميات وأعراق وأديان وطوائف ومذاهب وفئات اجتماعية وطبقية متفاوتة ومتباينة في ثقافاتها وتوجهاتها وخصائصها الذاتية، وتعتقد كل منها باستقلاليتها كوحدات اجتماعية وحقها في تحقيق كيان اجتماعي ثقافي وأحيانا سياسي والمحافظة على استقلالها وخطابها الخاص. وقد شمل الجزء الأكبر من أولئك ضمن اللوائح الدولية والدستورية الخاصة بحرية العرق والعقيدة والمعتقد. أما الكيانات الاجتماعية التي لا تدخل ضمن ذلك فقد بقيت مموّهة ضمن النسيج العام رغم كونها هي المكونة الاساسية والمؤثرة في جملة الحركة الاجتماعية. ويمكن تصنيف هذه الوحدات حسب الاصول الاجتماعية والجغرافية الى البدو وأهل الأهوار والغجر والقرى الزراعية والمدن الدينية والمدن العصرية. ولكل من أولئك مرجعية جغرافية وثقافية لغوية مميزة. ان من خصائص المدنية والحضارة عدم وجود جماعات خالصة منغلقة على نفسها، ولا يوجد بلد أو دولة في التاريخ المعاصر ضمن هكذا مواصفات. وتاريخ البشرية هو تاريخ هجرات وانزياحات سكانية حسب الظروف الطبيعية والسياسية. وتلعب عوامل الاقتصاد ممثلة بالمياه والزراعة وطرق المواصلات أبرز عوامل الجذب السكاني. وفي هذا الاطار يمكن مقارنة الجغرافيا البشرية للعراق بأقاليم أخرى مثل شبه جزيرة العرب أو اقليم وادي النيل المحاط بموانع طبيعية وصحراوية. بل أن تراكم الهجرات الى وادي الرافدين وحجمها على مدى الزمن غطى على سكان البلاد الأصليين وثقافتهم. ان السؤال الذي يخطر هنا وشغل بعض المؤرخين هو: من هم السومريون؟ أو أين هم اليوم بالأحرى؟. ان ه-ا الشعب الحضاري القديم والمبدع تعرض للاستئصال على أيدي المهاجرين الذين صاروا سكان البلاد ومسحوا من قبلهم. الصراع من أجل الكلأ والبقاء كان وراء أقدم ممارسة عنصرية قومية وثقافية في تاريخ البشرية. ومن المجحف ان شعوباً وحضارات مثل سومر وبابل وأكد لا تجد من يمثلها أو يمثل رموزها وثقافاتها. بالتأكيد أن بقية باقية من أولئك ذابوا في التحولات الاجتماعية اللاحقة وأن بعض ملامح ثقافاتهم ولغاتهم ذابت في المكونات اللاحقة بالنتيجة. وهذا ما يمثل معادلة معكوسة الأطراف، لأن المنطق يحتّم انضمام اللاحق للسابق وذوبان الدخيل في المقيم، وهو ما ينتج خصائص وسمات تطور طبيعي لمجتمع تطور عبر التاريخ ضمن سياقات مرحلية طبيعية أو منطقية مقبولة. وهي حالة غير موجودة في عراق اليوم ولا يمكن استيلادها بعد هذا الزمن البعيد من المحق والاسئصال. [تحت جلد كل عراقي سومري يصيح]. هذا صحيح مائة في المائة. ولكن كيف السبيل إلى ذلك السومري. هذا السؤال يبدو مرة أخرى مهمة المثقف العراقي لوحده.
علينا إذن مراجعة الخصائص والسمات الذاتية لكل المرجعيات والهويات المتصارعة على أرض العراق – حسب اصطلاح سليم مطر- وعندها لا يجوز الغاء أو تناسي الخصائص والسمات الذاتية لأهل العراق القديم سومريين وأكديين وبابليين وكلدوآشوريين. عندها يمكن الوصول إلى قواسم مشتركة عظمى لإعادة صياغة خطاب وطني وهوية ثقافية مجتمعة.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محرّم غير الحرام
- زمان يا حليمة..
- دروس في أنانية الأنثى
- قليلاً مثل الموت
- عن.. الترجمة الشعبية
- عن طحلب الدهيشان
- أين خبز الملائكة؟!..
- من مركزية الجماعة إلى مركزية الفرد
- حديث.. مع امرأة
- المرأة السعودية وحقوق الانسان
- الهجرة.. (و) العلاقة بالأرض..
- كيمياء المعادلة الاجتماعية (الحياة المُشترَكة)
- إزدواجيتنا..
- نصفان..!
- ولكن ما هو الواقع؟!..
- السعيد في العزلة (شقي)..
- المكان هو المنفى.. الوطن هو الغربة!.. (6)
- (الانسان والمكان -5-)
- الألم ونظرية التوازنات الذاتية
- أنا أتألم.. أنا إذن موجود!..


المزيد.....




- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن
- فنانون ينعون الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- قبل فيلم -كشف القناع عن سبيسي-.. النجم الأميركي ينفي أي اعتد ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - قراءة في القصة العراقية