أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - *مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 1-3















المزيد.....

*مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 1-3


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 910 - 2004 / 7 / 30 - 13:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


النظام الشرق أوسطي يواجه موجة من الرفض بسبب كون المشروع إسرائيلياً خاصة من أنصار جبهة الرفض لدولة إسرائيل في المنطقة أو من الدول التي ما زالت لم توقع معاهدات سلام مع إسرائيل. والدعوة لعدم مناصرة المشروع الإسرائيلي ( نظام الشرق أوسط الجديد) ينطلق من كونه سيلغي الهوية العربية وسيضفي الهوية الإقليمية على المنطقة.
وبرأينا هناك مغالطة منهجية في هذا التوجه كون الهوية العربية دلالة عن القومية والشرق أوسطية دالة جغرافية تضم عدداً من الهويات القومية.
لذا، فإن المنطلق غير سليم يضاف إلى ذلك إن القومية العربية ليست شعباً صغيراً قابل للصهر والاندثار شانه شأن القوميات الصغيرة أو القابلة للاندثار بدليل إن الهيمنة العثمانية على المنطقة وسياسة (التتريك) التي اتبعتها لمدة خمسة قرون لم تسفر عن إنهاء مقومات هذا الأمة وكذلك الاستعمار الفرنسي على الجزائر الذي استغرق قرناً من الزمن لم يفلح في سياسته في (فرنسة) الشعب العربي في الجزائر.
وعليه، فإن الشعوب العربية ليست أقزاماً كما يحلوا لحكام العرب تصويرهم، إنهم أمة كبيرة لهم تاريخ تحسد عليه. إما ما آلت إليه أمورهم في الوقت الحاضر فتتحمله الحكومات العربية نتيجة سياساتهم الذيلية وجهلهم بتاريخهم وحضارتهم وبالتالي فإنهم أقزام أمام أسيادهم من الأمريكيين والإسرائيليين، ويخشون من أي تغير في شؤون المنطقة بغية إبقاء الأمور كما هي عليه مستورة بأشكال التعاون الخفي مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ويعتقدون إن مظلة الصراع العربي- الإسرائيلي ما زالت تشكل الحماية لهم من شعوبهم التي كرهت نغمة أولويات الصراع العربي- الإسرائيلي على الديمقراطية والتنمية في الوطن العربي.
لذا، نجد أن سياسة الانفتاح على النظام الشرق أوسطي الجديد المفروض على المنطقة من خلال الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن لا يواجه بسياسة الرفض التي لا تقدم ولا تؤخر في سياق فرض المشروع على المنطقة عالمياً. وإنما يجب أن تستند إلى فرض الصياغات العربية منهجياً على النظام الجديد بحيث أن يصبح المشروع شكلياً إسرائيلياً (نتيجة سياسة القطب الواحد المفروضة على المنطقة من قبل أمريكا) وجوهرياً مشروعاً عربياً يحقق الطموحات العربية ريثما يستعيد الوطن العربي مكانته في النظام الدولي الجديد.
وتأسيساً على ما سبق، فإننا سنناقش أهم محاور النظام الشرق أوسطي الجديد وما هي التعديلات التي يجب أدخلها عليه ليتواءم والمصالح العربية في المنطقة ومن أهم تلك المحاور هي:
أولاً: إشاعة الديمقراطية إقليمياً واحترام حقوق الإنسان كفيلة بمنع الحروب والصراعات
تعاني أغلب البلدان العربية من غياب الديمقراطية، وإن أغلب أنظمتها أنظمة شمولية ( قمعية) والإنسان العربي يقبع تحت هذا الظلم وانتهاك حقوق الإنسان منذ إنشاء الدول ( الوطنية) بعد الحقبة العثمانية سليلة القمع والاضطهاد للشعوب العربية. إن الإنسان العربي مهمشاً من قبل الأنظمة العربية، فلم يأخذ رأيه لا في الحرب ولا في السلام. وتتصرف الأنظمة العربية في العموم ليس بوحي ذاتها وأنظمتها الشمولية فحسب وأنما تتلقى معظمها أوامر خارجية لإبقاء الوضع كما هو عليه لاستمرار السيطرة والهيمنة خاصة على منابع البترول والمنطقة بشكل عام. والشواهد والقرائن، تشير إلى أن بقاء أغلب الأنظمة العربية في الحكم مرهوناً بتنفيذ سياسات الدول العظمى وخاصة أمريكا.
من واقع تلك الخريطة السياسية حول الديمقراطية يتبين لنا، بأن الشعوب العربية لا تتحمل أية مسؤولية عن القرارات التي تم ( أو يتم) اتخاذها من قبل الحكام العرب حول الحرب أو السلام في منطقة الشرق الأوسط.
و [بمجرد أن يقفز الحاكم إلى السلطة بطريقة أو بأخرى وتحت ستار التهديدات الخارجية التي تهدد البلاد سواء كانت تهديدات قائمة أو متوقعة يتمسك بالسلطة ولا يتنازل عنها أبداً إلا إذا أقصي بالقوة أو إذا أزهقت روحه بفعل القدر أو البشر. وبفرض نفسه على الشعب في ظل دساتير وقوانين تحقق له ذلك، وفي ظل انتخابات واستفتاءات زائفة لا معنى لها. وفي ظل الأحكام العسكرية وقوانين الطوارئ وبطاريات من القوانين الأخرى ذات السمعة السيئة].
إذاً، هذا التهميش المنظم للمواطن العربي من قبل الأنظمة العربية دفع قطاعات واسعة من الشعوب العربية إلى الانفكاك عن مؤسسات الأنظمة العربية أو الهجرة أو اللا مبالاة لما يحدث. إما القطاع الذي حاول أن يحتج أو يمارس ضغوطاً على الأنظمة العربية فكان مصيره إما الإعدام وإما السجن.
[من أخطر مزالق السياسة العربية الحديثة، إن كثيراً من القادة العرب تولدت لديهم استهانة بجماهير أوطانهم. وقد اعتمدوا نوعاً من الازدواجية خطراً، إذ أصبحو يتصرفون على النحو الذي تمليه عليهم الظروف أو الأقوياء لكنهم أمام جماهيرهم يقول لهذه الجماهير ما يتصورن إنه موافق لهواها. وذلك يضع فجوة عميقة بين الفعل والقول وبين المكتوم والمعلن. وفي هذه الفجوة العميقة تسقط المصداقية ويضع الحد الأدنى اللازم من الاحترام لأي نظام ].
ولم يقتصر سجل أنظمة الحكم العربية على ذاك التهميش للمواطن العربي فقط، وإنما سجل هذه الأنظمة بات من أسوء سجلات الأنظمة الفاشية لانتهاكات حقوق الإنسان في العالم. وأصبح المواطن العربي منتهك الكرامة، تعترض سبيل حياته الطبيعية كتلة من الأجهزة البوليسية والأمنية التي تتدخل حتى في شؤون حياته الشخصية. ولم تنفع المذكرات والاحتجاجات والمناشدات التي تقوم بها المنظمات العربية والعالمية المختصة بحقوق الإنسان لمراعاة حقوق الإنسان والالتزام بمقررات جنيف الخاصة بحقوق الإنسان.
و [ لا انفكاك لنا من حالة التردي والانقسام التي نعيشها ولا سبيل للتصدي للعدوان الهمجي المستمر على الوطن والمواطن من قبل التحالف الاستراتيجي الأمريكي-الإسرائيلي إلا بفك الأسر المضروب على حركة المواطن في كل مجتمعاتنا. إن انتشار القوانين المقيدة للحريات والقوانين الاستثنائية وهيمنة أنظمة الطوارئ والمحاكم الاستثنائية والخاصة وإصدار استغلال القضاء ومهنة المحاماة وغياب سيادة حكم القانون وانتشار ظاهرة التعذيب والتصفية الجسدية في أقطار وطننا الكبير تسببت في غياب مخل للمواطن العربي عن دائرة الفعل والمشاركة. إن درء التهديدات التي نتعرض لها لا يتم إلا عن طريق التصفية الكاملة لهذه الترسانة من القوانين الجائرة وإطلاق الحريات وتصفية المعتقلات وإطلاق سراح المعتقلين والمسجونين السياسيين وإشاعة الديمقراطية في ديارنا].
لقد فشلت أغلب النظم العربية في تحقيق العدالة الاجتماعية، بسبب غياب الديمقراطية. وأدى هذا إلى حالة من التمزق والتشتت خاصة بشأن القضايا المصيرية، فآلية اتخاذ القرار وماهية هذه الأنظمة بشكل عام تنزع إلى الفردية والمزاجية ودون دراسة أو تمحيص بقضايا لا تتحمل الاجتهادات الشخصية. إذًا، فإن الهوة بين الحاكم والمواطن واسعة بحيث لا يمكن جسرها بغرض الوفاق الاجتماعي وإقامة الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات الدولية والإقليمية.
و [الديمقراطية ليست هي النظام الشرعي الوحيد للحكم فإذا حددت الديمقراطية نفسها لتحقيق أغراض سياسية فحسب فهي ديمقراطية الأقلية. إذ لا بد أن تكون الديمقراطية وسيلة وليست غاية سياسية تعمل مع غيرها من الوسائل الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق حياة أفضل للأغلبية والمقياس الحقيقي للديمقراطية يكون بالقدرة على دفع مجموعات اجتماعية في جسم الحياة السياسية].
إن النظام ( الشرق أوسطي الجديد) الذي طرحته إسرائيل يتناول مسألة الديمقراطية في المنطقة، بشكل محاكاة ( أو تناغم) مع مطالبات الشعبية في الوطن العربي. وتنطلق إسرائيل ( من وجهة نظرها) في تلك الاطروحات على أنها دولة ديمقراطية في المنطقة.
لذا، يتعين عليها أن تكون بؤرة لتشع المفاهيم الديمقراطية في الوطن العربي الذي تسوده الأنظمة غير الديمقراطية. لقد أصابت إسرائيل بطرحها هذا جزءاً من الحقيقية وليس الحقيقية كلها. واعتقد أن مشروعها جاء في قسمه مطابقاً لطموحات المواطن العربي، لكنه يتنافى والحقيقية من وجهتي النظر العلمية والأكاديمية.
فإسرائيل، ليست دولة ديمقراطية كما تدعي!!. وقبل طرح الحجج على ذلك، يتوجب ( علينا) النظر إلى نصف الكأس الممتلئ بغية إصابة كبد الحقيقية وعدم اعتماد مبدأ إلغاء وجهة النظر المغايرة وعملاً بمبدأ الأنصاف والحياد العلمي في طرق أوجه القضايا الخلافية من وجهة نظر أكاديمية.
نعم، يعتمد النظام في إسرائيل مبدأ الانتخاب الحر للمواطنين في اختيار حكام إسرائيل. وهذا، لا خلاف عليه وهو أحد سمات الديمقراطية في أنظمة الحكم. لذا، أشرنا سابقاً إلى أن الشعب الإسرائيلي لا يريد السلام لأنه صوت لحكومة إسرائيلية معادية للسلام. وأشرنا إلى أن المواطن العربي غير معني لا بالحرب ولا السلام في المنطقة لأنه مغيب ومهمش من قبل الأنظمة العربية.
إذاً، فإننا لم تغفل الجزء المملوء من الكأس بالماء!!. ودعونا ننظر إلى الجزء الفارغ من الكأس!!.
إن الديمقراطية لها أسس ومعايير تحقق للمواطن العدالة الاجتماعية والأمن والعيش الكريم وترفض كل أشكال التميز العرقي والأثني والعنصري وغيرها من أشكال الاضطهاد. لنعود إلى سؤالنا السابق هل إسرائيل دولة ديمقراطية؟!!.
بالمعايير التي ذكرناها، إسرائيل ليست دولة ديمقراطية لأن اعتماد وجه واحد من اوجه الديمقراطية كتعبير عن أسس الديمقراطية يسقط حجة الالتزام بمبادئ الديمقراطية.
[فإسرائيل (الديمقراطية) شعار كاذب لأنها بلد تغيب فيها الديمقراطية. إذا يعتمد نظامها على أشد أنواع الأنظمة تفرقة على أساس عنصري فهي تفرق في المعاملة بين العرب عموماً وبين الإسرائيليين عموماً أيضاً، ثم تفرق في المجتمع العربي بين عرب الخط الأخضر ( عرب 1948) وبين عرب شرق الخط الأخضر (عرب 1967) ثم تفرق في المجتمع الإسرائيلي بين اليهود من أصل غربي ( الأشكناز) وبين اليهود من أصل شرقي (السفاردم) ثم لا تتورع أن تطبق نظام التفرقة المقيت بين السفاردم أنفسهم فتقرق بين اليهود من أصل سوفيتي وبين غيرهم من اليهود الشرقيين، وبذلك فالحكم هناك للصفوة من الأشكناز].
إذاً، نسف أحد مبادئ الديمقراطية ألا هو العدالة الاجتماعية يلغي الوجه الأخر التي يمكن لدولة إسرائيل الالتزام بها في حياتها السياسية.
وعلى العموم، لا يمكن الفصل بين الحرية السياسية كوجه من أوجه النشاط السياسي عن الحرية الاجتماعية لأن الثانية هي التي تحدد المساحة الحقيقية للحرية في النظام السياسي.
[فالحرية السياسية إذاً، لا يمكن فصلها عن الحرية الاجتماعية. فلا يمكن للمواطن أن يتمتع بحريته الحقيقية في التصويت إلا بضمانات ثلاثة: أن يكون حراً من الاستغلال، وإن يكون لديه الفرص المتساوية والمتكافئة للحصول على نصيبه من الثروة الوطنية، وإن يعيش حياة آمنة في يومه وغده. وبدون هذه الضروريات الثلاثة لا يمكننا القول بأن الحرية قد تحققت للمواطنين أو بأنهم يعطون أصواتهم في الانتخابات بطريقة سليمة تكفل لهم الاشتراك الحقيقي في رسم سلطة الدولة التي ينتمونها].
وعليه، فنحن مع الصياغة الواردة في المشروع الإسرائيلي ( الشرق الأوسط الجديد) حول مفهوم إشاعة الأنظمة الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط. ولكن، ليس بالنموذج الإسرائيلي وإنما بالنموذج الديمقراطي الحقيقي الذي يضمن العدالة والحقوق لجميع شعوب المنطقة وعلى قدر المساواة والمسؤولية المترتبة على حجم وتأثير شعوب المنطقة.
وإن دول ( الشرق الأوسط الجديد) بما فيها إسرائيل بحاجة إلى إعادة صياغة أنظمتها السياسية بشكل ديمقراطي يحقق السلام والرخاء لجميع شعوب المنطقة دون استثناء.
ثانياً: التعاون الاقتصادي والتنمية للمشاريع المشتركة تحت إطار منظمة إقليمية
تسعى إسرائيل من خلال مشروعها الشرق أوسطي، إن تندمج في المنطقة وتفتح لها الأسواق العربية بعد أن ضاقت بها حدة التنافس في الأسواق الأوروبية. وإن الأسواق العربية لا تستقبل البضائع الإسرائيلية مباشرة وإنما يتوجب إعادة ترخيصها باسم دولة أخرى وعبر تلك الدولة يمكن أن تدخل السوق العربية ليس لأن الحكومات العربية تقاطع إسرائيل فحسب بل إن الحكومات العربية تخشى شعوبها في حال تداول البضاعة الإسرائيلية مباشرة في الأسواق العربية.
وهذا لا يكلف إسرائيل بشكل كبير فحسب، بل إن البضائع الأوروبية المنافسة ستكون أرخص ثمناً. وتخشى أوساطاً سياسية واقتصادية من غزو إسرائيل للأسواق العربية وسيطرة الاقتصاد الإسرائيلي على الاقتصادي العربي في حال إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل خاصة إن آليات النمو الاقتصادي والتبادل التجاري في الوطن العربي متخلفة قياساً بالنجاح الذي حققه الاقتصاد الإسرائيلي.
والمؤشرات الاقتصادية تشير إلى أن الدخل القومي الإسرائيلي في العام 2002 بلغ 100 مليار دولار أمريكي وبلغت نسبة النمو الاقتصادي فيه 10% لنفس العام، وهو يساوي إجمالي الناتج القومي في كل من: مصر؛ والأردن؛ وسوريا؛ ولبنان؛ والسلطة الفلسطينية، وبلغ الاحتياطي من العملات الأجنبية لإسرائيل 24 مليار دولار .
ويعتقد (( شمعون بيريس)) [ إن حجم الدولة أو تعداد سكانها لم يعد الآن ضرورياً لتأكيد قوتها، فالقوة في العصر الحديث تعتمد على عنصرين هما: الاقتصاد والتكنولوجيا].
وبالمقابل فإن إسرائيل حصلت على إعانات مالية منذ العام 1948 بلغت 350 مليار دولار من أمريكا والدول الأوروبية.
بمعنى آخر، أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا أصبحتا عاجزتان عن تسديدة فواتير المساعدات والإعانات المتزايدة لإسرائيل وأعلنت البعض منها صراحةً على ضرورة اعتماد إسرائيل على نفسها لأن الاقتصاد العالمي يمر بفترة ركود وأنها غير قادرة على تحمل مزيداً من الأعباء.
اعتقد إن (الخشية) من (الغزو) الاقتصادي الإسرائيلي غير مبررة، لأن الدول العربية واقتصادياتها ليست هشة بدرجة إن يمتطيها الاقتصاد الإسرائيلي وإلا فإن الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية كان لها الأولوية بذلك لأن رأس المال العالمي لا يعرف القيم ومصالحه وقيمه حيث يتواجد الربح والسوق.
وفيما يتعلق الأمر، بالتكنولوجيا المتقدمة التي تمتلكها إسرائيل قياساً بما هو موجود في الوطن العربي. فاعتقد إن دولة صغيرة كإسرائيل لوحدها غير قادرة على تحديث عالم كالعالم العربي حيث المساحة وعدد السكان ولربما تكون إسرائيل كدولة في المنطقة شانها شان سنغافورة وهونكوك تعيد استنساخ التكنولوجيا العالمية ولما لا في حال تكون تلك التكنولوجيا متوفرة وبأسعار رخيصة وفي متناول اليد!!.
يبقى، أن نشير إلى أن الكفاءات العربية المنتشرة في العديد من المرافق العلمية الأوروبية والأمريكية حال توفر الفضاء الديمقراطي والاستقرار والأمن في الوطن العربي فإنها قادرة أن تكون رديفاً قوياً للكفاءات الموجودة في الوطن العربي وبالتالي فإن الهيمنة الإسرائيلية في هذا المجال قد تكون محدودة التأثير والفاعلية .
الأمر الأخير الذي يجب الإشارة إليه، إن البضائع الإسرائيلية تحتاج إلى أن تخوض صراعاً ومنافسة كبيرة لتصل إلى يد المستهلك لأن فترة الصراع الطويل بين العرب وإسرائيل وسجل إسرائيل الدموي في الذاكرة العربية لن يمحى بالسهولة التي تحلم بها إسرائيل أو أي نظام عربي بدليل الإخفاق الذي تعانيه البضائع الإسرائيلية في السوق المصرية بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود من السلام بين البلدين.
إما بخصوص التنمية، فلقد فشلت أغلب النظم العربية في تحقيقها في بلدانها، لأن التنمية لا تقتصر على وجه واحد من أوجه النشاط العام وإنما هي تفاعل حقيقي بين المشروع التنموي وآلية التنفيذ والتطوير وألا وهو الإنسان. وفي حالة إخفاق آلية التنمية عن إنجاز مهامها، فإن أسس التنمية برمتها تخضع للفشل العام. كذلك أخفقت البلدان العربية في إيجاد تنسيقاً فيما بينها بشان التعاون في إقامة المشاريع التنموية المشتركة, وإن أحد المعوقات لهذا التنسيق هو اختلاف النظم السياسية في البلدان العربية وغياب الأمن والاستقرار الاجتماعي للمواطنين.
و [ لا يمكن تحقيق التنمية إلا في ظل تحقيق الأمن الذي لا يمكن تحقيقه إلا ببناء قاعدة وطيدة للتنمية. وهذه المعادلة صعبة لا يمكن تحقيقها بجهود إقليمية فحسب بل أيضاً بجهود عالمية مكثفة تقوم بها كل من الدول المتقدمة والمنظمات العالمية المختصة].
وهناك العديد من المشاريع التنموية المهمة لبلدان الشرق الأوسط معطلة بسبب الصراع العربي- الإسرائيلي، إضافة إلى عدم وجود سيولة مالية لتنفيذها. لذا، فإن تدخل المنظمات الدولية للمساعدة في الجانبين المالي والتكنولوجي لتنفيذ تلك المشاريع خاصة المشتركة منها سيدفع المنطقة نحو مزيد من الاستقرار والأمن. كما أنها ستحقق مزيداً من التنسيق بين دول الشرق الأوسط.
وتتطلب مشاريع عديدة جهوداً مشتركة لتنفيذها خاصة على المستويين الإقليمي والدولي. وإن عملية التنسيق لإنجاز تلك المشاريع يجب أن يسبقها إبرام معاهدات نهائية للسلام، وتلك المعاهدات يجب أن تكون عادلة لجميع شعوب المنطقة لضمان استمرارها وعدم شعور أحد الأطراف بالغبن أو إنه مجبر على التوقيع عليها. وهذا، قد يدفع أحد الأطراف الذي يشعر بالغبن أن يتنصل من المعاهدة في حالة تغير الظروف الإقليمية والعالمية لأنها تخل بأمنه القومي.
[فالنظام الإقليمي الذي يبنى على العدالة أكثر من أن يبنى على القوة لا يمكن أن يستمر تحت مظلة نظام عالمي جديد مبني على عدم العادلة باستخدام القوة وعدم المساواة. وإن مفتاح حل التناقضات في المنطقة وغيرها هو تعزيز القانون الدولي وإعادة بناء سلطان التنظيمات الدولية وإعادة تصحيح أسس العلاقة بين الشمال والجنوب والشرق والغرب ].
* فصل من كتابنا (ملف المياه والتعاون الإقليمي في- الشرق الأوسط الجديد) توزيع دار الحصاد، دمشق 2003.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- *مواقف دول الشرق الأوسط من النظام الشرق أوسطي 2-2
- *مواقف دول الشرق الأوسط من النظام الشرق أوسطي 1 -2
- نصائح مهمة للكاتب للتعامل مع دور الطباعة والنشر في الوطن الع ...
- محنة الكاتب والقارئ العربي
- محنة الكاتب مع أجهزة الرقابة الحكومية والسلفية على الثقافة
- أساليب الغش والخداع التي تمارسها دور الطباعة والنشر مع الكات ...
- محنة الكاتب مع دور النشر في الوطن العربي
- السيد مقتدى الصدر بين غياب الرؤية وفشل الهدف
- حرية الاختلاف تنهل شرعيتها من الديمقراطية
- .!!النظام الديمقراطي: هو حصيلة روافد من دم العلماء والمفكرين
- ازمة الثقافة العربية انعكاس لسياسة القمع وغياب الحرية في الو ...
- أزمة النقد الأدبي في الوطن العربي
- الطاقة الإبداعية وخيارات التوظيف!!
- الصراع بين المؤسسة الدينية والسلطة السياسية على قيادة الدولة ...
- آليات سلطة الاستبداد وشرعية دولة القانون
- محطات من السيرة الذاتية للشاعر- بايلو نيرودا
- صراع الأجيال في الوسط الثقافي!!
- أسباب الاحتلال ونتائج الاستبداد في أجندة المثقف!!
- تساؤلات في زمن الخراب عن: المثقف وصناعة الأصنام والقمع والإر ...
- الإرهاب والاحتلال نتاج السلطات القمعية والتيارات الدينية الم ...


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صاحب الربيعي - *مناقشة وتحليل للنظام الشرق أوسطي 1-3