أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الجنديل - البالون ...قصة قصيرة














المزيد.....

البالون ...قصة قصيرة


أحمد الجنديل

الحوار المتمدن-العدد: 2943 - 2010 / 3 / 13 - 18:42
المحور: الادب والفن
    


الـبالـون

منتفخ كبالون مصمم للإعلان والدعاية ، متكور على بعضه بطريقة مضحكة ، أسنانه تحفر قبره دون ضجيج .
التفت إلى الحشد الواقف أمامه ، أطلق من عينيه الشبيهتين بعيني جرذ صغير نظرات التعالي ، تجشأ بصوت مسموع ، حمدل واستغفر بلسان جعلته الخمر رخوا على الدوام ، ليت ( لبنى ) حاضرة هنا لتراه وهو يركب أعنـّة ثروته ليذل الجميع ، أغمض عينيه ، تناهى إلى سمعه صوت قادم من رئيس العمال :
ـــ اخرجوا بسرعة ، ودعوا الأستاذ يأخذ قسطا من الراحة .
لم يلتفت إليه ، يعرفه جيدا من خلال نبرة التملق التي اعتاد على إطلاقها ، شاركه في السرقة منذ كانا صغيرين إلا أنه جبان ، ترك السرقة وامتهن النفاق ، صوت آخر دخل أذنيه بعناء :
ـــ كان الله في عون الأستاذ ، فهو لا يستطيع مواصلة عمله .
تحرك رمشاه ، وتباعد جفناه قليلا ، ومن فتحتيهما أطلق نظرة قصيرة عرفه على الفور من خلالها :
ـــ انه منافق آخر وجبان .
كانت ( لبنى ) التي تذله طوال الليل حاضرة في رأسه ، تمنى لو تراه وهو يجلد كلّ هؤلاء بسياط مشاريعه ، هذه الليلة عليه أن يقدم لها هدية ثمينة ، قلادة من الذهب الخالص مرصعة بالماس الثمين ، صوت الخطى الراحلة من أمامه يسمعها جيدا ، وجوه صفراء أنهكها المرض ، وأخرى سلب عافيتها الجوع ، وثالثة متورمة من الشبع بفعل نفاقها ، ولابدّ من الحيطة والحذر لكي يتمكن من جمع المزيد لسحب ( لبنى ) إليه ، لا أحد ينافسه عليها سوى هذا القرد الذي امتلك اكبر شركات العقار ، استطاع أن ينتصر على زبائنها باستثناء هذا الوغد الزنيم .
بدأ لغط يرتفع في الساحة الخارجية للمشروع ، تناهى إليه صراخ أحد العمال :
ـــ أربعون يوما ولم نستلم أجورنا ، هذا ظلم .
انفرجت أسنانه عن أسنان متخاصمة :
ـــ إنها لا تريد التخلي عن هذا الخنزير .
الأصوات تتعالى في الخارج على شكل هتافات :
ـــ أمس استدانت زوجتي من أختها ثمن الدواء .
تلاه صوت آخر :
ـــ لقد تركت طفلي الرضيع يعاني من الإسهال الحاد .
تمتم في سرّه :
ـــ فليذهب الجميع إلى الجحيم ، ولابدّ من الفوز على ( لبنى ) .
ـــ هذا ظلم ، لسنا شحاذين ، كنـّا نعمل من الصباح وحتى المساء .
امتدت يده نحو كرشه المتهدل على فخذيه :
ـــ سأقدم لها مع القلادة أصنافا من الخواتم الثمينة .
صوت خشن يلعلع من بعيد :
ـــ نحن جبناء ، يبنون عروشهم بدمائنا وعرقنا ، ونحن لا نتحرك .
تذكر مستلزمات الليل ، امتدت يده لتضغط على الجرس ، دخل رئيس العمال مسرعا ، منحه إشارة سريعة .
الاحتجاجات تتعالى بقوّة من حشود العمال ، نهض من مكانه بتثاقل ، فتح الباب ، رفرف طائر الصمت على المكان ، تناثرت جموع العمال في كلّ صوب ، ركض سائقه باتجاه السيارة المخصصة له ، احتـّل مقعده فيها ، تحركت بهدوء ، ارتفع الحاجز الحديدي إلى الأعلى ، انزلقت السيارة من تحته وابتعدت عن المكان .
اللغط تحول إلى صراخ ، خرج رئيس العمال إليهم ، صاح بهم بانفعال كاذب :
ـــ لقد ذهب الأستاذ ليجلب لكم أجوركم .
خيـّم السكون على المكان ، ليست المرّة الأولى التي يسمعون فيها هذه الوعود .
ارتفعَ صوت رئيس العمال بقوّة :
ـــ أقسم لكم ، أن الأستاذ كان حزينا من أجلكم ، أما رأيتم إمارات الحزن تغزو وجهه ، وكيف نهض مسرعا ليجلب أجوركم من المصرف .
ارتسمت الابتسامة على الشفاه الذابلة ، وتسلل الأمل إلى النفوس المجدبة ، ودعا الجميع للأستاذ بطول العمر والعافية .



#أحمد_الجنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتابات باللون الأحمر
- جفاف ..قصة قصيرة
- حكايات ذاكرة.. قصة قصيرة
- الأقلام والخيول
- الوصيّة ... قصة قصيرة
- السفينة .. قصة قصيرة
- الجناة ومزبلة التاريخ
- أمريكا وحقوق الانسان
- بلد العجائب والغرائب
- بلا وطنية ولا حياء
- أنا وفكتور هيجو وجبار أبو الكبة
- الانتهازي الخطير .. قصة قصيرة
- ايقاعات راقصة لعازف حزين
- الهجرة الى مواسم الرعب .... قصص قصيرة
- كم أنت رائعة ياناهده 0000!!!؟
- الثلوج تلتهم النيران ... قصص قصيرة
- الدفاع عن حقوق المرأة ...... ( بلقيس حسن انموذجا )
- العراق بين شرعية الاحتلال واحتلال الشرعية
- التنوع في الكتابة ( جاسم عاصي انموذجا )
- أنهار الخوف .. قصص قصيرة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الجنديل - البالون ...قصة قصيرة