|
جميل أن نسميها منافسة أنتخابية ولا نسميها معركة أنتخابية
هادي الخزاعي
الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 08:28
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
العراق في هذه الأيام ترتقي فيه أفضل ما انجزته البشرية على كل الصعد من اجل خير الأنسان وضمان أختياراته ، ألا وهو الصندوق الأنتخابي .
أن هذا الصندوق البسيط ، هو ثمرة جهد بشري سياسي وأجتماعي كبير كما نعرف جميعا ، وهو بسحنته الزجاجية الشفافة الهادئة ، وقد صار القبلة التي يحتكم أليها الأنسان ، عندما يريد ان يبلور خياراته بالذي يريد ، بهيئة قصاصة بيضاء تحوي أسم من يختار دون سواه ، ليمسك بزمام الأمور وأدارة المرفق الذي من اجله جرى الأختيار . وسيرورة العملية برمتها يفترض أن تجري بلا ضغط أو أكراه أو ترهيب .
وهذا الأختيار الجمعي لم يولد ولادة قيصرية فمخاضاته كثيرة وطويلة حتى تبلور وصار بهذا القبول من لدن الناس ، حينما تريد ان تختار من يرأسها .
هذا الصندوق الشفيف قد سار أثناء المخاضات الصعبه بطرقات وعره ، حتى وصل الى حالته التي نتعامل بها الآن . فحل بذلك محل السيوف والخناجر والسموم وفوهات المدافع والبنادق وكواتم الصوت والطائرات وكل ما له علاقة ، وعلى مدى الدهور ، بقعقة الحرب أو الأختيال أو التدمير من أجل أن يعتلي عرش السلطة جبار او متكبر او سارق سلطة او متهور بهره الكرسي .
رغم أن هذا الصندوق لم يُثبتْ أركانه بعد ، في كل بقاع الأرض ، إلا انه تعدى كونه ظاهرة على صعيد العالم ، ولكنه أستحال الى قاعده تعتمدها كثير من شعوب الأرض في أرساء الديمقراطية ببلدانها وفق معايير ما يفرزه هذا الصندوق من أسماء أو أرقام .
أن ظاهرة الصندوق الأنتخابي في العراق ليست جديده ، فالظاهرة الأنتخابية دخلت العراق عبر أختيار مجلس الأعيان في العهد الملكي ، وأستمرت الظاهرة ولكن بشكل مشوه، خصوصا في عهد الدكتاتورية ، حينما كانت تجري عملية الأنتخاب أو البيعة للرئيس ، أو للدكتاتور ، اوأنتخابات المجلس الوطني ، حتى جاء عام 2003 ، فأخذت هذه الظاهرة شكلا جديدا يقترب من شكلها الصحيح ، لولا التزوير والتلاعب الذي جرى حتى آخر عملية أنتخابية ، التي هي أنتخابات مجالس المحافظات . ولكن على العموم ، نأمل أن تترسخ ظاهرة الصندوق الأنتخابي في العراق ، لاسيما أنها تجري وفق مقاييس الأنضباط الأنتخابي وفق المعايير التي تنطبق وشرط الديمقراطية التي تزكي ديمومتها الرقابة الوطنية التي تتأتى من قبل منظمات المجتمع المدني ، والمجتمع الدولي بمنظماته المدنية المختلفه ، والأهم من ذلك كله ، ان المواطن رغم حداثة عهدة بصندوق انتخاب شفاف ، إلا إنه قد أقبل عليه بكل ما يملك من أرادة ، وبأي درجة من درجات الوعي .
أن مكملات العملية الأنتخابية وأحد مقوماتها الأساسية ، هي فترة الدعاية الأنتخابية للمرشحين . وتزخر مدن العراق اليوم بوسائل الدعاية الصورية والمكتوبة والمسموعة والمرئية التي يترشح منا كل شي ، الصالح والطالح . ولكن مع شديد الأسف فأن كثير مما يترشح هو الطالح الذي يلغي الآخر ، وقليل القليل مما يترشح يكون صالحاً .
أن الظاهرة الأنتخابية ظاهره حضارية كما أسلفنا ، والتنافس ـ وليس التناحر ـ هو الذي يجب أن يسود بين المتنافسين . فيكون الحوار الهادئ صفة وشكل التحاور بين المتنافسين ، عبر مفردات ودودة ودالة على حسن نيتهم .
ولكننا نسمع في التصريحات والخطب ـ ويا ليتنا لا نسمع ـ غير مفردات تجرح أنساية الأنسان الذي وضع ثقته بالصندوق الأنتخابي فتطيح به ، كمفردات حرب انتخابية أو صراع أنتخابي أو معركة أنتخابية وسواها من المفردات الشبيهة ، وهي لا تختلف عن الأدوات التي تستعمل للأتيان بدكتاتور أو خلافه مما أوردنا كالبندقية والمدفع او السم او الأختيال او الطعن بالظهر .
ما ضر المتحدث لو قال " في حمى المنافسة الأنتخابية .... الخ " بدلا من مفردات صراع أنتخابي أو معركة أنتخابية ؟!
أليست ( المنافسة ) مفردة تليق ومكانة الأنتخابات ؟ ولكننا في العراق ، ونحن في بداية العملية الأنتخابية لا نسمع من أفواه وتصريحات من يتصارعون فعلا من أجل الوصول الى السلطة ليس إلا ، غير هذه المفردات التي لا يشم منها غير رائحة القتل والدم .
ما اجمل لو نسمع من جميع المساهمين في الأنتخابات الوطنية العراقية ، وهم يدلون بتصريحاتهم او يطرزون الصحف بكتاباتهم ، وهم يستعملون كلمة ( منافسة أنتخابية ) بدلا من المفردات القارعة لطبول الحرب التي يتداولونها ، فلا يتركون في نفوسنا غير الرعب الذي ينأينا عن الأدلاء بأصواتنا . فيخسرون ونخسر ويخسر العراق .
#هادي_الخزاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ظلامة ام على ابنها الشهيد الشيوعي
-
حتى انت يا علاوي
-
قائمة أتحاد الشعب فقيرة . مرشحوها كادحين ، ولكنهم أغنياء بال
...
-
وجع على العراق
-
مليوصه يا نوري المالكي
-
وعي الأختيار عند الناخب ، وحده ينقذ العراق
-
لماذا ضمت القائمة العراقية أسماء 73 مجتثا ؟!
-
ماذا لو تكرر مجلس النواب العراقي ؟!
-
مهمة هيئة المسائلة والعدالة ، ليست مهمة آنيه
-
رثاء مسرحي عراقي ابتلعته وحشة المنفى
-
قاسم محمد باقٍ فاعمار الكبار طوال
-
فضائية اليسار العراقي حلم ينتظر التحقق!
-
من الذاكره بمناسبة يوم المسرح العالمي
-
نلسون مانديلا ، اوباما، ونحن !!
-
الشارع العراقي والأنتخابات البلدية
-
الداد يا بغداد
-
شهداءنا نار ازلية تنير الضمائر
-
فنان من بلاد الرافدين
-
هل أنصف الدستور العراقي المرأة ؟ نعم . ولكن.
-
لنتضامن مع الأيزيديين في الشيخان وبقية مناطقهم في كوردستان ا
...
المزيد.....
-
رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس
...
-
مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
-
الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا
...
-
إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
-
إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
-
مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا
...
-
تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
-
سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث
...
-
ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع
...
-
بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع
...
المزيد.....
المزيد.....
|