أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود عبد الرحيم - الشعوب المهزومة من الداخل وانتصاراتها الزائفة














المزيد.....

الشعوب المهزومة من الداخل وانتصاراتها الزائفة


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2904 - 2010 / 2 / 1 - 16:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ليس غريبا ان يذهب نجلا الرئيس مبارك الى انجولا لحضورمباراة نهائي كأس الامم الافريقية، أو أن يتوجه رئيس الجمهورية بنفسه مع اركان نظامه الى المطار لاستقبال اللاعبين،كما لو كانوا جنودا منتصرين عادوا للتو من حرب الاستقلال أو تحرير القدس، أو علماء صعدوا القمر، وصنعوا القنبلة النووية ،وليس غريبا كذلك ان يكرس الاعلام السلطوي نفسه لهذه الحملة الدعائية ،وان يصبغ عليها صفات البطولة والانتصار والانجاز التاريخي.
فهؤلاء مستفيدون مباشرة من مثل هذه التضخيم لحدث لن يقدم ولن يؤخر، ولن يضيف أي شئ لرصيد مصر السياسي او الثقافي او حتى الاقتصادي.. مستفيدون مباشرة من حالة الالهاء المتعمد للجماهير، وتبديد طاقاتها ،والتنفيس عما في داخلها من كبت ، وصرف انظارها بعيدا عن همومها الحقيقية وقضاياها الملحة ، واستحقاقات التغيير التى يهال عليها التراب ، وحالة الفساد المستشري، والانهاك المنظم للوطن والمواطن المصري، وضياع الاستقلال والمكانة.
لكن ماذا عن الغالبية التى لا مصلحة لها من قريب أو بعيد من وراء هذه الضجة ،وهذه المعارك المصطنعة والنصر الزائف؟! أليس من العبث أن يخرج الالآف من ابناء الشعب الى الشارع من اجل كرة قدم ،ولا يخرجون من اجل حقوقهم المنتهكة
معيشيا وامنيا .. ان يسهروا حتى الصباح في الشوارع يصيحون ويهللون من اجل فوز في مباراة ،ولا يتظاهرون من اجل تغيير اوضاع يعترف القاصي والداني بانها مزرية ، ونظام يقود مصر الى حافة الهاوية؟!
من المؤسف حقا ان نرى هذا الانجراف الجماهيري، والانسياق وراء الاعلام السلطوي الذي دأب مؤخرا على اختزال الوطنية في مثل هذه الاحداث الرياضية ،والعزف على هذه الاوتار الشريرة والالحاح عليها ،وتسويق افكار من قبيل ان التشجيع الكروي بهذا الهوس المبالغ فيه ،دليل على الوطنية وحب الوطن ، وان رفع العلم امر واجب في مثل هذه المناسبات التى رفُعت بغير حق الى مستوى معارك التحدي والكرامة ،على نحو يبتذل من قيمة وقدسية هذا الرمز الوطني الجليل.. عنوان الاستقلال والسيادة ،والتعامل معه بمنطق "الموضة" ،على غرار موجة العلم الامريكي والعلم السعودي والعلم الفلسطيني التى سادت لبعض الوقت ، ثم تلاشت،فضلا عن تشويه الشعور بالانتماء الذي يجب ان يكون لصيقا بالمواطنين صبح مساء ،وفي كل موقع وموقف ،ويُترجم في سلوكيات يومية ومعادلة الحقوق والواجبات ، وليس تحويله الى امر عابر يحكمه منطق ال"هوجة" الفوضوية ، واحتفالات تفريغ الشحنات السالبة المختزنة ،بفعل الواقع المحبط والحريات المفقودة والعدالة الغائبة.
من يريد ان يبرهن على وطنيته وانتمائه لهذا البلد عليه ان يتحرك لايقاف تشويه صورة هذا البلد الذي وصفه اخر تقرير لمنظمة "هيومان رايت ويتش" بانه "دولة بوليسية" تقمع الحريات.
من يريد ان يرفع العلم الوطني عليه ان يعرف متى وأين على نحو يحفظ له هيبته ووقاره ؟وقبلها عليه ان يقف في وجه انتهاكات السيادة المصرية التى اخرها.. السماح بلجنة الحريات الدينية بالكونجرس الامريكي بالتحقيق في حادث نجع حمادي ذي الصفة"الطائفية" ،بل وفتح الباب لمثل هذه التدخلات الخارجية بسياسات تمييزية على المستوى الديني والطبقي ،وخلق مناخ من الاحتقان العام والنزعات المتعصبة ، المترافقة مع التوظيف السياسي الكثيف للدين ورجالاته.
من ينتمي الى هذا البلد حقا عليه ان يعطي الاهتمام المادي والاعلامي والجماهيري للعلماء والمفكرين والادباء والفنانين صناع النهضة في اي مجتمع ،وقيمتها الحقيقية المضافة ،وليس الى لاعبي كرة لا يمثلون اية اضافة ذات معنى لتاريخ ومستقبل هذه الامة.
ان الشعوب المهزومة من الداخل.. فاقدة الوعى هي وحدها التى تستجيب لمنطق الحشد وسلوك القطيع.. لا تعرف فقه الاولويات وتغرق في الثانويات ،وتوافه الامور، فيما تولي وجهها بعيدا عن قضاياها المصيرية، وما ينتظرها في غدها ،وكأنه ليس لها من الامر شئ، ولا يعنيها.
الشعوب المهزومة المستجيبة للقمع والاستغلال ذات القابلية للاستعباد هي التي تخوض معارك افتراضية، وتبحث عن انتصارات زائفة يمنحها بعض السلوى،والشعور بالتحقق الوهمي ولو لبعض الوقت.
واخيرا اقول للجميع حكومة وشعبا .. اتقوا الله في مصر، وكفى عبثا ولهوا بها
وبمصيرها.. يكفي ما وصلنا اليه من انحدار، واتساع لحجم مثلث التخلف باضلاعه الثلاثة الجهل والفقر والمرض ،على نحو يضعنا في مؤخرة العالم الثالث ،وليس الاول.. فمصر بتاريخها وامكاناتها لا تستحق هذه الوضعية بأي حال من الاحوال.



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتانياهو واوباما والترويج العربي لبضاعة السلام الفاسدة
- -الكرامة التركية-و-السيادة المصرية-و-اسرائيل-
- فاتورة شيخوخة الحكم.. ومصير مصر المجهول؟!
- التخلص من الاذيال وابقاء رأس السمكة في مصر
- هدايا النظام المصري لنتانياهو والتشوية المجاني لصورة مصر
- جدار مصر الخانق لغزة والحق الذي يراد به باطل
- حين يروج فلسطينيون لمشاريع صهيونية ويُحتفى بالمطبعين؟!
- وهم-المخُلص- والهروب من استحقاقات التغيير في مصر
- اللاعبون بالنار ولو ذهبت مصر للجحيم
- اعلان الدولة الفلسطينية وخطاب الوهم وربما التواطؤ العربي
- لو فعلها عباس لاعتبرناه بطلا وغفرنا له ما تقدم!
- حين يصير التطبيع مُبررا والرفض مُستهجنا والاختراق من الداخل
- معركة النقاب مواجهة لشرور الاصولية
- دراما رمضان: فقدان البريق ودوران في المربع الضيق
- -اهرام التطبيع- واصدقاء اسرائيل في مصر
- مسابقات رمضان: صياد رأسمالي وفريسة مخدرة بوهم الثراء
- -الفرح- رؤية انهزامية وتوسل لواقعية مزيفة
- -الغرباء- سؤال الهوية المهددة من الذات والاخر
- صيف الصحراء:استدعاء ماضوي يمزج المدح بالبداوة
- يوليو2009: عن اي ثورة نتحدث؟!


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود عبد الرحيم - الشعوب المهزومة من الداخل وانتصاراتها الزائفة