الموازنة ..أمراض مزمنة

ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2886 - 2010 / 1 / 12 - 00:06
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

في هذه المرة نجحت وزارة المالية ومجلس الوزراء بإيصال الموازنة الاتحادية للعام الجديد في موعد مبكر الى مجلس النواب وهي المرة الاولى الذي يحدث في ذلك خلال تجربة العراق الجديد، وكالعادة لم يتم التطرق الى الحسابات الختامية لموازنة 2009 رغم إن وجود هذه الحسابات هو الشرط الدستوري المكمل لإقرار أي موازنة جديدة، وهو الشرط الذي إستعصى تحقيقه في جميع الموازنات منذ 2003، وعدم وجود حسابات ختامية هو أحد الامراض المزمنة التي تعاني منها الموازنة العراقية العامة، ورغم التفاؤل بإمكانية تخفيف حدة أحد هذه الامراض (أي تأخير إقرار الموازنة) لكن يبدو إن ذلك التفاؤل كان في غير محله او انه كان ابكر مما يجب، ففي موازنات الاعوام السابقة كانت الحكومة تتقاسم مع البرلمان فترة التأخير إلا إن تنازل الحكومة ووزارة المالية عن حصتهما من التأخير لم ينسحب على الكتل النيابية التي احتفظت بحصتها من الزمن بعدما إستنفذت وقتا طويلا في معالجة العقبات التي إعترضت إقرار قانون الانتخابات.
هذه المرة كان تأخير الموازنة مبرر جزئيا بمشاكل قانون الانتخابات لكن يبدو إن الكتل النيابية إنتظرت حتى حان الموعد الدوري لأحد الامراض المزمنة وهو (حمى الصفقة الكبيرة) وهي حمى دورية تأتي مع كل القوانين المهمة وفي مقدمتها الموازنة واذا كانت الموازنة السابقة قد أقرت في صفقة مع قانون العفو العام فإن قانون السلوك الانتخابي أصبح هذه المرة هو الاشد حضورا في مناورات إقرار موازنة 2010 رغم وجود انكار سياسي لإنتظار مثل هكذا صفقة، ومع ذلك فإن القضايا الاخرى المثارة في وجه اقرار الموازنة هي جميعها من النوع المزمن.
كان من المتوقع أن تسهم السنوات المتعاقبة بالعمل في إنجاز الموازنات العامة ومناقشتها في تسهيل إنجاز الموازنة هذه المرة وعدم حشرها في الموسم الانتخابي وتعريض الوضع الاقتصادي الى مزيد من الضغوطات التي بدورها تزيد من الضغط السياسي، وكان من المتوقع أيضا أن تكون العلاقة بين الكتل النيابية والجهات التي تعد الموازنة أكثر انفتاحا وانسيابية بحيث تمرر الكتل الى الجهات التنفيذية رغباتها وخططها كما إن الجهات التنفيذية تمرر الى الكتل النيابية الوقائع والارقام والاعذار بحيث تكون النقاشات والمماطلة أقل وطأة خاصة وإن معظم الكتل النيابية وخاصة الكبيرة منها لديها وزراءها الذين يمثلونها في مجلس الوزراء ويمكنهم حمل أفكار الكتل الى الجهات التي تعد الموازنة بشكل مسبق، وكان من المتوقع أن تتوقف كثير من المؤسسات والوزارات والمحافظات عن المطالبة بمزيد من التخصيصات المالية في وقت تعجز فيه عن تنفيذ المشاريع وانفاق المخصصات لتعويد في نهاية العام المالي للمطالبة بإعادة تدوير الفائض.
توقعات كثيرة تفرضها إستحقاقات التعلم من التجربة وعدم السقوط في الفخ بشكل دوري عبر إجراءات مسبقة تقي الموازنة الاتحادية من وعكات الامراض المزمنة التي إستعصت على العلاج ومن ثم استعصت على الترويض، لكن كل تلك التوقعات لم يتحقق منها شيء.

#ساطع_راجي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات