أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - وهم الدولة ووهم الدولة الكبيرة














المزيد.....

وهم الدولة ووهم الدولة الكبيرة


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2832 - 2009 / 11 / 17 - 14:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إحتفل قبل أيام قادة الثورة المخملية التشيكوسلوفاكيين بالذكرى العشرين لحراكهم الذي أطاح بالنظام الشمولي وقاد لاحقا الى تقسيم دولة تشيكوسلوفاكيا لتظهر دولتان خفيفتان على اللسان "تشيك" ، "سلوفاكيا" وثقيلتان في حساب إحترام حقوق الانسان وتوفير الرفاهية والاندماج في البنى الدولية وتعزيز السلام والاستقرار، وما زلنا نسمع نقدا لتجربة الثورة المخملية تلك وهو نقد يعيب عليها تقسيم الدولة الكبيرة الى دولتين.
تجربة تشيكوسلوفاكيا تعطينا تصورا مغايرا للإرث السياسي في الشرق الاوسط الذي يرى في كل إنقسام أو إنشطار سياسي عذابا ما بعده عذاب، وهذا الارث نفسه يرى في صورة الدولة الكبيرة المترامية الاطراف آملا مدغدغا للمشاعر وحلما مقدسا لا يجوز المساس به ويعتبر الحدود المرسومة خطوطا إلهية لا يجوز تحريفها أو تعديلها حتى لو كان من وضعها مجرد قنصل أو ضابط مخابرات، ولا ترى الاحزاب وقادتها في منطقتنا،هدفا أهم من بناء دولة كبيرة، وعندما تتصاعد حمى المشاعر القومية أو العقائدية يكون الاتجاه لبناء دولة عالمية، لا تغيب عن حدودها الشمس وأينما أمطر الغمام جاء خراجه لعاصمة تلك الدولة.
الدولة الكبيرة حلم الزعماء بينما الدولة السعيدة حاجة الشعوب، وغالبا ما أنتصر حلم الزعماء على حاجة الشعوب التي تتحول الى مجرد وقود لتغذية الحلم وهو ينتهي بكارثة أو سلسلة من الآلام التي تذيب الشعب والدولة معا في معظم الاحيان.
التاريخ القريب يسجل سلسلة طويلة من تجارب الدول الاستعمارية والقومية والعقائدية الكبيرة التي إنحسر نفوذها داخل مساحات جغرافية محدودة وعاشت شعوبها حياة أفضل مما عاشته أيام التوسع، إبتداء من الجارة تركيا وانتهاء بكل دول أوربا الغربية، بل تحول جزء من إرث الماضي التوسعي عبء أخلاقيا وسكانيا لا خلاص منه رغم التراكم الرأسمالي الذي تحقق لتلك الدول أبان قرون التوسع.
الدولة الكبيرة السعيدة وهم، ذلك إن قيام الدولة نفسه (أي دولة) هو نتاج سلسلة من الممارسات العنفية التي تتعرض لها مكونات المجتمع (طبقات، شرائح، طوائف، عشائر، قوميات، حرف..) فكل هذه المكونات ستكون مضطرة للإرتباط بالدولة، وهذه الدولة هي جهاز هلامي قائم على الوعود والعنف فيما يشبه المثيولوجيا التي تلزم أتباعها بأنماط سلوكية معينة على أساس تنفيذ وعود غير محددة الملامح ودون آليات إلزام.
كافحت وتكافح مجتمعات كثيرة من أجل الحصول على دولة ولا مبرر لهذا الكفاح إلا أمرين، الاول هو الظلم الواقع على هذه المجتمعات من دولة قائمة فعلا فترى المجتمعات المضطهدة خلاصها في بناء دولتها الخاصة، والامر الثاني هو سيادة الايمان بإن وجود وإنتظام الحياة الاجتماعية رهن بوجود الدولة، وبصورة أكثر وضوحا، إن وجود دول تحكم المجتمعات الاخرى تلزم أي مجتمع ببناء دولته الخاصة وإلا فإنه سيصبح جزءا من دولة ما قائمة فعلا، وبإستثناء الفوضويين لم يتصور أي فكر سياسي إمكانية قيام مجتمع إنساني حديث خارج إطار الدولة، فصارت الدولة حتمية إجتماعية وتاريخية للتطور الانساني.
الدولة تبرر وجودها بسلسلة من الوعود بالامن والعدالة والرفاهية، وهي وعود تشكل إطارا مثاليا يحيط بوجود ظاهرة الحكم، أو سيطرة الانسان على الانسان، هنا لابد من تجاوز الخدعة التي تسيطر على العقل النظري فالدولة ليست سوى جهاز بيد الحكام لممارسة السلطة والحصول على وظائف الحكم ومنافعه، وهذا الجهاز جاء من مثالب أخلاقية هي الجشع وحب السيطرة والعنف، فصار لا بد من جهاز يحمل صفة الحياد الوهمي ليسيطر على هذه المثالب ويقننها أو يروضها، فيكون الناس بين خيارين إما الفوضى الناجمة عن ظلم بعضهم لبعض أو الخضوع لسلطة حاكمة تمتلك حرية كبيرة في جلب المنافع لنفسها عبر قوانين تسنها هي نفسها، وحتى إن أشركت الناس في صنعها فهو شراكة وهمية حيث لا مساواة في المعرفة والقوة، وبالتالي تكون مشاركة الناس مجرد إستجابة منفعلة لا مبادرة فاعلة وهو ما يختص به الحكام.
البشر يدفعون ثمنا كبيرا لوهم الدولة جراء عدم إحترامهم لبعضهم البعض ولعدم ثقتهم ببعضهم البعض، وكذلك جراء جشعهم وإستهتارهم بالحياة الانسانية وإذا كان لا بد من وهم الدولة لإستمرار الحياة فمن الغباء الايمان بحتمية إرتباط الامن والعدالة والرفاهية بوجود الدولة الكبيرة، فهي لا تعني إلا جهازا حاكما أكبر يحصل على منافع أكبر لأعضائه ويكلف مواطنيه (أو رعاياه) جهودا وأموالا أكبر.




#ساطع_راجي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخاطر الانتخابات القادمة
- هل العراق جديد؟
- دائرة كركوك المغلقة
- فوضى أمنية
- لغز العبوات اللاصقة
- هدية خاطئة
- الاجندات الخارجية
- ماذا بعد الاستجوابات؟
- السلطة من أجل السلطة
- ويسألون عن المهجرين!!
- موازنة 2010
- الدولة وخطابها المفكك
- أحكام بالفشل
- مرحلة المكاشفة
- إستنفار دبلوماسي
- الموصل..أزمة نموذجية
- ما بعد الاربعاء الدامي
- رغم إنها متوقعة وبائسة
- مشهد سوداوي
- جيش المعتقلين المرعب


المزيد.....




- للمرة الأولى.. أطباء أسناء يركّبون سنًّا لدب بني
- أمل عرابي: دفاع ترامب عن نتانياهو يؤكد وجود مصالح سياسية مشت ...
- تفاعل الأوساط السياسية الإسرائيلية مع دعوة ترامب لوقف محاكمة ...
- روسيا تطوي صفحة اتفاق نووي مع السويد عمره 37 عاما
- البرش: الاحتلال يكثف هجماته على مراكز الإيواء وإصابات منتظري ...
- إلغاء جلسات محاكمة نتنياهو بعد مشاركته في جلسة سرية بالمحكمة ...
- لماذا أفريقيا أولوية لإيران بعد الحرب؟
- شاهد.. بوغبا يبكي خلال توقيع عقده مع موناكو الفرنسي
- الاحتلال يصعد بالضفة ويعتقل العشرات بالخليل واعتداءات المستو ...
- إيران تشكك في التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار وتؤكد جاهزيتها ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - وهم الدولة ووهم الدولة الكبيرة