مخاطر الانتخابات القادمة

ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2825 - 2009 / 11 / 10 - 16:22
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    

الماراثون المرير الذي خاضه مجلس النواب لإقرار قانون الانتخابات سيترك آثاره على مسار الانتخابات وما يعقبها لأن تجاذبات إقرار القانون كانت على أساس الانتماءات والهويات وسبق لهذا الامر أن ترك أثره الفادح في انتخابات مجالس المحافظات على محافظة نينوى وأثرا أقل ظهورا في محافظات أخرى ونجت منه كركوك آنذاك بسبب عدم إجراء الانتخابات فيها، ومن المرجح أن تتسم الحملات الانتخابية في مناطق تعدد الهويات بالإحتقان والتخويف وإثارة النعرات، ورغم عدم وجود إستقصاءات للرأي العام تكشف عن مواقف المواطنين في المناطق المتنوعة السكان تجاه الجدل البرلماني، فإن الدعاية الانتخابية ستكون كفيلة بإثارة المشاعر ورفع حرارة المواجهة.
وبعيدا عن الصراعات القومية، فإن الكتل الكبيرة التي تفتت ستواجه شظاياها بعضها بعضا في محولة لإثبات الجدارة والتنصل من إتهامات الفشل وسوء الادارة والفساد ويبدو إن كل محاولات رأب الصدع لن تكون قادرة على تجسير الهوة بين ما تناثر من كيانات سياسية شكلت كل منها قائمتها الانتخابية الخاصة، وهي ستدعي فيما بعد حقها الحصري في تمثيل الطائفة أو المكون الاجتماعي وذلك للمحافظة على حصتها في الحكومة القادمة وهي الحكومة التي ستشهد جدالا طويلا وصعبا قبل إنجاز تشكيلها وهو ما يعني أيضا إن البلاد ستعيش زمنا طويلا في ظل حكومة تصريف الاعمال وقد تمر البلاد بأزمة أمنية صعبة كما أشار الى ذلك بعض القادة الميدانيين من العراقيين والامريكان.
تفكك القوائم من جهة وعدم القدرة على بناء قوائم ذات تمثيل تعددي حقيقية وقوية من جهة أخرى إضافة الى إثارة الاحتقانات القومية يمكن أن تشكل منظومة مخاطر جسيمة تواجهها العملية السياسية في الزمن المنظور لكنها ليست كل المخاطر فهناك الخطر الماثل في توقعات إنخفاض المشاركة الشعبية في الانتخابات وهو أمر لا تنظر إليه كثير من الاحزاب بجدية كبيرة فهي تنظر إليه على إنه ضرورة اعلامية بالدرجة الاولى، وتتجاهل هذه القوى ما يمكن أن يشكله ذلك من خطر حقيقي، فالقوى السياسية ستعتمد على المنتظمين حزبيا للوصول الى مجلس النواب وفي حالة إنخفاض الاقبال ستنخفض أيضا عتبة المقعد (سعر المقعد)، لكن الخطر يتمثل في إن البعثيين سيكونون قادرين على حشد مؤيديهم وتنظيم صفوفهم ليكون ذلك بمثابة فجوة يتسللون منها الى العملية السياسية وسيكون ذلك بمثابة إنقلاب على الديمقراطية من داخلها وبوسائلها نتيجة إنغماس القوى الحاكمة الآن في صراعاتها البينية وتجاهلها للمشاكل الوجودية التي تعترض مستقبل النظام القائم.
في كل الاحوال لا بد من إجراء الانتخابات ومعظم المخاطر التي تواجه العملية السياسية في هذه المرحلة تكاد تكون حتمية في وجودها وإن لم تكن حتمية في حدوث مسارها المأساوي، لكن هذه المخاطر تؤشر بوضوح حجم الملفات السياسية التي لم يفلح العراقيون في معالجتها رغم إنها كانت ملفات تأسيسية تتحكم بمصير الدولة العراقية ونظامها السياسي الجديد.
وفي كل الاحوال لا يمكن أن تكون هذه المخاطر مبررا لتأجيل الانتخابات خارج السقف الدستوري بل إن دعوات التمديد للدورة النيابية الحالية هي نفسها تمثل خطرا لأنها تؤشر وجود شخصيات وقوى سياسية لا تحترم النصوص الدستورية وهي تعتبر رغباتها وأجنداتها أهم من تلك النصوص وبالتالي يمكن دائما التجاوز عليها خاصة بعد مجموعة التجاوزات التي حدثت خلال السنوات الاربع الماضية.

#ساطع_راجي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل