أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - مازن كم الماز - منشقون رودولف باهرو : منشق في الشرق و في الغرب















المزيد.....

منشقون رودولف باهرو : منشق في الشرق و في الغرب


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2873 - 2009 / 12 / 30 - 01:05
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


منشقون 1

إنهم منشقون , أو بالأصح بشر احتفظوا بعقولهم في وقت سيطرت فيها هستيريا جامحة على عقول الآخرين , احتفظوا بقدرتهم على قول الحقيقة في وقت أصبح فيه قول الحقيقة مستحيلا في مواجهة القمع الهمجي للسلطة أو سيطرة ثقافة القطيع أو "تخريفا" بالنسبة للحقيقة السائدة المفروضة , يقول جورج أورويل "كلاب السيرك تقفز عندما يفرقع سوط المدرب , و لكن الكلب المدرب جيدا هو ذاك الذي يقوم بحركته البهلوانية عندما لا يكون هناك سوط" ( من كتاب أحاديث مع نعوم تشومسكي , مكتبة العبيكان , ص 142 ) .

رودولف باهرو
منشق في الشرق و الغرب


ولد رودولف باهرو في ألمانيا عام 1935 و انضم إلى الحزب الاشتراكي الموحد الحاكم في ألمانيا الشرقية عام 1954 و تدرج ليصبح مساعد تحرير صحيفة شبيبة ألمانيا الحرة التابعة لحزب السلطة , في عام 1967 نشر مقالة اعتبرها الحزب الحاكم افترائية و أدت إلى إبعاده عن الحزب . قضى باهرو السنوات العشرة التالية يعمل في منظمة عمالية في مصنع للمطاط و أنهى خلالها شهادة الدكتوراه ( عن تدريب الأخصائيين في مؤسسات الدولة ) . صدم باهرو لقمع ربيع براغ و بدأ يطور نظرة نقدية للنظام القائم من وجهة نظر يسارية راديكالية , و أخيرا كتب نصا نقديا ضد النظام القائم سماه "البديل عن الاشتراكية القائمة في أوروبا الشرقية" و قام بتهريب نسخة منه إلى ألمانيا الغربية حيث نشر هناك , يعتبر هذا الكتاب أحد أوائل النصوص التي ساهمت في التأسيس لما يمكن تسميته بالاشتراكية البيئية أو الخضراء . كشف باهرو في نقده أن الطريق "غير الرأسمالي" للتصنيع في أوروبا الشرقية قد اتبع نفس الأفكار و الأهداف و الأساليب الرأسمالية الغربية , و كشف كيف أن الطبقة العاملة في كل من الشرق و الغرب كانت تستغل العالم الثالث و بيئة الأرض على حد سواء , مكرسة انعدام العدالة في العالم في سبيل الحفاظ على امتيازاتها الخاصة . رأى باهرو في تقسيم العمل في البيت و المعمل أساس القمع و الاضطهاد و استعرض الوسائل الممكنة لإلغائه و إعادة بناء المجتمع من الأسفل إلى الأعلى اعتمادا على التسيير الذاتي للأحياء و المعامل , أراد باهرو تحويل اشتراكية الدولة البيروقراطية إلى شكل تشاركي من الشيوعية لا يحافظ فقط على البيئة بل يستبدل ثقافة الاستهلاك الرائجة بثقافة أكثر إنسانية و حرية تقوم على تحقق الذات الإنسانية من خلال مؤسسات اقتصادية و سياسية تشاركية و حرة و عبر انتقال روحي ضروري لتغيير مفهوم الذات الإنسانية نفسه .
بعد نشر الكتاب قامت السلطات الألمانية الشرقية باعتقال باهرو في آب أغسطس 1977 و حكم عليه في الثلاثين من يونيو حزيران 1978 بالسجن 8 سنوات بتهمة الخيانة و إفشاء أسرار الدولة , دافع عنه يومها المحامي غريغور غيسي عضو الحزب الحاكم الذي كان يدعو لمزيد من الانفتاح السياسي و الذي سيصبح قائدا بارزا في حزب الاشتراكية الديمقراطية الذي نشأ بعد انهيار الحزب الاشتراكي الموحد الحاكم و الذي ما زال حتى اليوم من أبرز قادة حزب اليسار الألماني . أصبح رودولف باهرو لبعض الوقت شاغل الصحافة الليبرالية في الغرب , لكن هذا الاحتفال المنافق سرعان ما انفض من حول هذا المنشق الألماني الشرقي , عندما اكتشفت هذه الصحافة الليبرالية حقيقة هذا المنشق الراديكالي الذي لم يمارس التصفيق للنظام الرأسمالي في الغرب كما رفض أن يمارس ذات التهليل للنظام القمعي في بلاده ألمانيا الشرقية , الذي رفض شرور الرأسمالية الغربية بقدر ما رفض شرور النموذج الأوروبي الشرقي من الاشتراكية و تطلع إلى بديل مختلف , فانفضت من حوله لتنتهي إلى حصاره كالعادة بالصمت و التجاهل . شكل باهرو بالنسبة لليساريين في الغرب و المنشقين اليساريين في الشرق احتمالا جديا لاتخاذ الحركة الماركسية و العمالية أبعادا جديدة . بعد تصاعد الاحتجاجات على اعتقاله قامت السلطات الألمانية الشرقية بإطلاق سراحه في أكتوبر تشرين الأول 1979 و أبعدته إلى ألمانيا الغربية . في ألمانيا الغربية انضم باهرو إلى حزب الخضر الوليد و اعتبر ناطقا بلسان التيار الجذري في الحزب الذي كان يتراجع لصالح التيار الإصلاحي الذي هيمن أخيرا على الحزب , كان باهرو يسعى إلى تعاون الحمر ( اليساريين ) مع الخضر , لتشكيل حركة جديدة خارج نطاق الإيديولوجيات السائدة , و انتقد لهاث الخضر وراء السلطة و رغبتهم في تحقيق برنامجهم عن طريق الانضمام إلى السلطة أو النظام القائم , كانت قضية التغيير عنده تقوم على تطوير وعي الناس لا التنافس على أصواتهم مع السياسيين التقليديين لكسب موقع ما في مؤسسة السلطة القائمة . كانت الممارسة السياسية لليسار الراديكالي , وفقا لباهرو , تقتصر حتى ذلك الوقت على النضال في سبيل السلطة , محكومة بالتالي بمنطق العدو و الصديق , نحن و الآخر , لكن بالنسبة لباهرو كان التغيير يشترط ثورة ثقافية لا سياسية فحسب , لذا كان يجب تغيير الممارسة السياسية الراديكالية , القضية لم تكن السلطة بل الإجماع , الذي ما زال يميل لصالح الحفاظ على الوضع القائم , و الذي يلهث خلف وعود و تصورات النظام الصناعي الرأسمالي , الذي يجب استبداله بإجماع جديد في سبيل اقتصاد تشاركي جديد , أراد باهرو من اليسار الراديكالي أن يوسع و يعزز و ينظم هذا الوعي المعارض ليتحول إلى حركة ثورية ثقافية تقوم بالتغيير . أخيرا ترك باهرو الحزب عام 1985 قائلا "الخضر أسوأ من مجرد كونهم بلا فائدة , لقد أصبحوا جزءا من النظام لدرجة أنه على الرأسمالية أن تخترعهم إذا لم يفعلوا هم ذلك" . أصبح بعدها باهرو محاضرا في العلم البديل الذي اعتبره ضرورة لمواجهة ثقافة الاستهلاك السائدة .
في عام 1990 عاد باهرو إلى ألمانيا الشرقية و شارك في تأسيس حزب الاشتراكية الديمقراطية الذي حل مكان الحزب الاشتراكي الموحد الحاكم سابقا و عاد لمهنة التدريس في جامعة هامبولدت ليحاضر عن المخاطر التي تهدد النظام البيئي , و شارك في المبادرات الجماعية للحفاظ على البيئة مثل القرية البيئية قرب دريسدن و في تأسيس المعهد الاجتماعي البيئي في برلين .
في عام 1994 شخصت إصابة باهرو باللوكيميا , عاش بعدها لثلاثة سنوات . توفي باهرو في الخامس من ديسمبر 1997 .
كان باهرو من أوائل من انتقدوا الآثار المدمرة لبيئة الأرض للنظامين الصناعيين الحديثين : اشتراكية الدولة البيروقراطية و الرأسمالية , و اعتبر أن كلا من النظامين يقومان على سياسات تطور غير محدودة تعتمد على موارد كوكبنا المحدودة مما يعني تدميرا مؤكدا لهذا الكوكب و لبيئته .
تشير بعض الإحصائيات اليوم إلى أنه لو قام سكان الأرض بالاستهلاك بذات معدل استهلاك كبار المليارديرات أو أكثر أثرياء الأرض غنى لانتهت موارد الأرض خلال فترة تتجاوز بالكاد العشرة دقائق , هذه الحقيقة المفزعة لا تشير فقط إلى فداحة انعدام العدالة في النظام القائم بل إلى الطابع التدميري لهذا النظام , عندما يقوم سادة هذا النظام و المنتفعين منه بدفعه دون توقف نحو نهايته و نحو دماره النهائي , عوضا عن أن يفعل ذلك ضحاياه الذين لا يفتقرون فقط لامتيازات أولئك السادة بل و يضطرهم هذا النظام للعيش في حالة فقر مادي و معنوي للحفاظ على امتيازات السادة , هذا يجعل قضية الانعتاق من الظلم الاجتماعي و السياسي للنظام الرأسمالي أو لاشتراكية الدولة البيروقراطية هي في ذات الوقت , كما قال ذلك باهرو منذ وقت طويل , قضية بقاء البشرية ذاتها.........

مازن كم الماز

المصادر
1 ) Rudolf Bahro ( 1935 – 1997 ) : A Tribute , //home.ca.inter.net/~greenweb/Rudolf_Bahro.html
2 ) The way forward : red or green ?
www.iol.ie/~mazzoldi/toolsforchange/zine/imb96/toc.htm
3 ) Rudolf Bahro on Wikipedia
4 ) http://www.democracynature.org/dn/vol4/hart_melle_bahro.htm#_ednref1






#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان الحركة السوريالية العربية 1975
- تلفن عياش
- حديث عن المعارضة السورية
- حدود النقد المسموح به اليوم في سوريا
- عن الوثيقة السياسية لحزب الله
- عن النسخة الجديدة من قانون الأحوال الشخصية
- السلطة في مواجهة الثقافة لرودولف روكر
- سيرة حياة الأناركي الأرمني الكسندر أتابكيان
- تحية إلى الحوار المتمدن
- عندما انتقد المسيري مفهوم الاختلاف عند دريدا
- هي مباراة كرة قدم
- عن مفهوم المواطنة
- الديكتاتورية -العلمانية- التابعة : نموذج أتاتورك المنسي
- مصدر العنف في الرأسمالية المعاصرة
- من أجلك أنت
- كتب أحرقت مرتين
- هكذا تكلم الدردري
- الفقراء و المجازر
- في نقد السياسة العربية
- عندما تحدث الدكتورعماد فوزي الشعيبي عن الديمقراطية


المزيد.....




- ” استعلم عن موعد الصرف واستفيد من الزيادة” الاستعلام عن روات ...
- “متاح الان” موقع التسجيل في منحة البطالة الكترونيا 2024 بالج ...
- بُشرى سارة للجميع زيادة رواتب الموظفين في العراق! 2.400.000 ...
- “عاجل بشرى سارة اتحدد أخيرا” موعد صرف رواتب المتقاعدين في ا ...
- مد سن المعاش لـ 65 لجميع موظفين الدولة بالقطاع الحكومي والخا ...
- زيادة الأجور تتصدر مطالب المغاربة قبيل عيد العمّال والنقابات ...
- حماس تدعو عمال العالم لأسبوع تضامن مع الشعب الفلسطيني
- “وزارة المالية 100 ألف دينار مصرف الرافدين“ موعد صرف رواتب ا ...
- جددها الان من هنا.. اليكم رابط تجديد منحة البطالة في الجزائر ...
- “880.000 دينار فوري مصرف الرافدين“ وزارة المالية العراقية تُ ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - مازن كم الماز - منشقون رودولف باهرو : منشق في الشرق و في الغرب