أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن كم الماز - كتب أحرقت مرتين














المزيد.....

كتب أحرقت مرتين


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2818 - 2009 / 11 / 2 - 08:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان مصير كتب المحلل النفسي النمساوي الأصل فيلهلم رايتش ( 1897 – 1957 ) غريبا , و لعل هذا المصير الغريب كان في الواقع انعكاسا لطبيعة العصر الصاخبة و حقيقة القوى التي تنازعته . بدأ هذا المحلل النفسي حياته بطفولة مضطربة فقد فيها والديه انضم بعدها إلى الجيش النمساوي في الحرب العالمية الأولى ليعود بعد نهاية الحرب لدراسة الطب في جامعة فيينا و ينهي سنوات الدراسة الست في أربع . عندها كان التحليل النفسي الفرويدي يشهد صعوده السريع و سرعان ما أصبح الطبيب رايتش محللا نفسيا لكنه خلافا لأستاذه اعتنق الماركسية , و اعتبر أن مصدر الكبت الجنسي كان هو الأخلاق البرجوازية و البنى الاقتصادية – الاجتماعية التي تنتجها . لكن رايتش , الذي كان قد انضم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي النمساوي عام 1928 و بعد ذلك إلى الحزب الشيوعي الألماني عام 1930 عندما انتقل إلى برلين , انتهى في دراسته لظاهرة النازية الصاعدة في كتابه سيكولوجية الجماهير للفاشية , الذي صدر عام 1933 , إلى أن الفاشية كانت عرضا للكبت الجنسي و أدان أيضا الشيوعية السوفيتية كفكر تسلطي بطريركي , و سرعان ما طرد رايتش بعد صدور كتابه هذا من الحزب الشيوعي الألماني . ما أن وصل النازيون إلى السلطة حتى حظروا كتابه بينما هرب هو على الفور متخفيا كسائح إلى النمسا المجاورة ثم إلى اسكندينافيا قبل أن ينتقل إلى أمريكا عام 1939 , و كانت كتبه بين تلك التي أحرقها النازيون في حفلهم الشهير عندما أحرقوا كتب كل من اعتبروه من غير الآريين أو معاديا لروح الشعب الألماني . في عام 1934 طرد رايتش أيضا بسبب أفكاره الراديكالية من الجمعية السيكولوجية العالمية . في أمريكا التي وصل إليها تعرضت كتبه "للاغتيال" مرة أخرى عندما طبعت من جديد بعد أن "عدلت" ( جذريا في أغلب الأحيان ) للتخفيف من أفكاره الراديكالية السابقة , مثلا أحد أهم كتبه "الجنس في الصراع الثقافي" و الذي حمل اسما ثانويا "نحو إعادة بناء اشتراكية للبشر" و الذي صدر لأول مرة عام 1936 غير اسمه في الطبعة الانكليزية لعام 1945 إلى "الثورة الجنسية" و استعيض فيه عن رفضه القاطع لمؤسسة العائلة في الطبعة الألمانية بموقف أكثر تسامحا تجاه العائلة . في مرحلة لاحقة أثناء وجوده في أمريكا افترض رايتش أنه قد توصل إلى اكتشاف شكل من الطاقة , سماه أورغون Orgone , اعتبره الطاقة الكونية الأولية و افترض أنه موجود في الأثير و اخترع أجهزة لتركيز هذه الطاقة لمعالجة الأمراض التي افترض أن فقدان هذه الطاقة هو سببها . بسبب ماضيه الشيوعي استجوب مكتب التحقيقات الفيدرالي رايتش عند قدومه إلى الولايات المتحدة قبل أن يتوصل إلى أنه لا يشكل خطرا على أمن الولايات المتحدة , لكن وكالة الغذاء و الدواء الأمريكية دخلت في نزاع قانوني معه بسبب أجهزته لتركيز طاقة الأورغون و عندما رفض الدفاع عن نفسه في المحكمة صدر قرار قضائي بمنعه من نشر أو بيع تلك الأجهزة و أية منشورات عن الطاقة التي زعم اكتشافها , و بسبب مخالفته لهذا الأمر القضائي حكم عليه بالسجن لمدة سنتين , بعد أن رفض مرة أخرى مناقشة نظريته معتبرا أن المحكمة ليست المكان المناسب لمثل هذا النقاش . في 26 يونيو حزيران 1956 قام موظفو هيئة الغذاء و الدواء بإحراق عدة أطنان من كتب رايتش و أوراقه , و كرروا ذلك في مناسبتين أخريتين , بعد أكثر من عقدين على قيام النازيين بإحراقها لأول مرة . أما رايتش نفسه فقد توفي أثناء نومه في السجن قبل أيام من استحقاق الموعد الذي يمكنه فيه أن يطالب بإطلاق سراحه بسبب قصور في القلب . قيل الكثير عن صحة مزاعم رايتش , لكن من المؤكد أن هذا الرجل لم يجد أي تسامح من أي من القوى التي انتقدها , على اختلافها , و أنها لاحقته بضراوة , أساسا بسبب انتقاده لها , بينما كان عدم تسامحه مع أي شكل من أشكال التسلط البطريركي من أهم مزاياه و ربما مصدر كل الصعوبات التي واجهها في حياته , مما قاله رايتش أثناء محاكماته تلك في الولايات المتحدة "إنني أطالب بحقي في أن أبحث في الظواهر الطبيعية دون أن تكون هناك مسدسات موجهة إلى رأسي . كما أني أطالب بحقي في أن أكون مخطئا دون أن أشنق بسبب ذلك" .

مازن كم الماز

المصادر :

www.wilhelreichmuseum.org
www.orgoneinstitute.de





#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا تكلم الدردري
- الفقراء و المجازر
- في نقد السياسة العربية
- عندما تحدث الدكتورعماد فوزي الشعيبي عن الديمقراطية
- إيريكو مالاتيستا : ضد الجمعية التأسيسية كما ضد الديكتاتورية
- كارل كورش : عشرة أفكار عن الماركسية اليوم ( 1950 )
- باول ماتيك : استعراض لكتاب كروبوتكين عن المساعدة المتبادلة
- عن قضية التكفير
- بين المعري و الفلاسفة المسلمين
- أنطون بانيكوك : رسالة إلى مجلة اشتراكية أو بربرية
- إذا عكسنا السلطة السائدة
- عندما تكون السياسة ممارسة غبية للكذب
- إننا ندعوك إلى شعلة المقاومة !
- وجهتا نظر حول الاشتراكية لجوناس هيلمر
- بيان المبادرة الأناركية النقابية عن اعتقال أعضائها
- احتفظوا بلقب الشيوعي !!!
- لماذا يجب عدم المشاركة في الانتخابات البرلمانية العراقية الق ...
- عن الحملة ضد قانون الأحوال الشخصية السوري
- حوار مع صديقي المؤمن
- مرة أخرى عن اليسار في الإسلام


المزيد.....




- ماذا نعرف عن -أعمق- قصف هندي داخل حدود باكستان غير المتنازع ...
- للمرة الثانية.. سقوط مقاتلة أمريكية بـ60 مليون دولار في البح ...
- المستشار الألماني ميرتس يدعو ترامب لعدم التدخل بسياسة ألماني ...
- إيران: كيف تعود أوروبا إلى المشاركة في حل النزاع النووي؟
- اشتباكات عنيفة بين الهند وباكستان تسفر قتلى وجرحى بين البلدي ...
- جولة رابعة من المباحثات النووية بين طهران وواشنطن قد تنطلق ف ...
- لجنة أممية: قصف مستشفى -أطباء بلا حدود- بجنوب السودان جريمة ...
- رويترز: واشنطن قد تبدأ اليوم ترحيل مهاجرين إلى ليبيا
- إسلام أباد تعلن إسقاط عدة طائرات هندية بعد قصف نيودلهي مواقع ...
- إيران تتهم إسرائيل بالسعي لجر أميركا إلى كارثة في الشرق الأو ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن كم الماز - كتب أحرقت مرتين