أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - شباب اليوم يعاتبون:وطني حبيبي الوطن الأكبر















المزيد.....

شباب اليوم يعاتبون:وطني حبيبي الوطن الأكبر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2852 - 2009 / 12 / 8 - 00:08
المحور: حقوق الانسان
    


في عمودي الأسبوعي بجريدة "المصري اليوم"، كتبتُ مقالا عنوانه "طيورُ الجنّة تنقرُ طفولتَنا". عاتبتُ فيه قناةً فضائية مخصصة للأطفال لأنها تبثُّ أغنيةً من التراث المصريّ بعدما استبدلت بكلمة "مصر" كلمة "القدس"، فخرجتْ تقول: "اسلمي يا قدسُ إنني الفدا/ ذي يدي إن مدّتِ الدنيا يدا/.../ لكَ يا قدسُ السلامُ/ وسلامًا يا بلادي..". القصيدةُ كتبها الشاعرُ مصطفى صادق الرافعي، ولحّنها الموسيقار "علي صَفَر" وكانت النشيدَ القوميَّ المصريَّ بين عاميْ 1923- 1936. شدونا بها صغارًا في طابور الصباح بمدارسنا، ولا تزالُ النشيدَ الذي يؤديه طلبةُ كلية الشرطة المصرية حتى الآن. وافقني البعضُ، وهاجمني البعضُ. أما الذين أيّدوني فمصريّون غيورون على ذاكرتهم ونوستالجيا طفولتهم. يرون مثلي أنّ قطعةً من تاريخهم لا يجبُ المساسُ بها، ولو بإحلال اسمٍ شريفٍ وغال هو "القدس" محلَّ كلمة "مصر". وأما المهاجمون فيرون أن القدسَ أهمُّ من مصرَ وأولى، ولا ضير أبدًا في هذا الإحلال، بل هو أفضل. وأقول لهم، إن غضبي منبعه، ليس فقط حبيّ مصرَ وغَيرتي على تراثها، بل أيضًا حبٌّ للقدس عميقٌ وتقديرٌ له. لأن القدسَ جميلٌ، لا يصحُّ أن نغنّي له ما غنيناه لغيره. ولأنه جميلٌ لا يصحُّ أن نهديه وردةً اِنتُزعَت من أرضِ سواه. الجمالُ لا يصحُّ أن يُقابَل إلا بالجمال، والقرصنةُ الفنية وتحريفُ الكَلِمِ عن موضعه عملٌ ليس جميلا. من حق القدس أن نكتبَ له، له بحقّه الخاص. ولم ينضبْ معينُ الشعراء بعد ليكتبوا عن القدس. ثم هل أجملُ وأرقى مما غنّت عصفورةُ الشمس فيروز للقدس؟
شيء مشابه حدث بالأمس ثانيةً. الأوبريت العظيم "الوطن الأكبر"، الذي كتب كلماته الشاعرُ أحمد شفيق كامل، الراحل عنّا العام الماضي، ولحّنه الموسيقارُ محمد عبد الوهاب، وغنّته في الستينيات الماضية، كوكبةٌ رفيعة من نجوم الغناء العربي: عبد الحليم حافظ، صباح، شادية، نجاح سلام، نجاة الصغيرة، وردة الجزائرية، قامت مجموعةٌ من الشباب المصري بغنائه، بعد استبدال كلماته بأخرى. على إنني لم أنزعج ولم أغضب. بل تحوّر حزني إلى تفهّم وتقدير. أولئك شبابٌ شعروا بانكسار حُلمهم الذي وُعِدوا به قبل أربعين عامًا؛ فراحوا يعاتبون الذين لوّحوا بالحلم، ثم بأيديهم كسروه. استبدلَ الشبابُ الجدد مفردةَ "النصيب"، بمفردة "الحبيب"، حال ندائهم الوطن العربي! فالحبُّ اختيارٌ واقتناعٌ وفرحٌ، فيما "النصيبُ" قدرٌ مقدور لا خيارَ فيه. وهنا تكمن كارثةٌ ذات خطر. أنْ يشعرَ شبابُ العرب الراهن أنهم مجبرون على عروبتهم، لا مختارين لها.
إليكم كلماتُ الأوبريت، في ثوبه الجديد، "الحزين" كما كتبها الشاعر المصري "محمود عبد الله"، الذي لم يتحمل رؤية محبوبتِه: مصرَ، ورهانِه: الوطن العربي، في تلك الحال التعسة؛ فنقض القصيدةَ الأصل ونسج كلماتٍ جديدةً تناسبُ الراهنَ، ثم دخل الأستوديو وسجلها على نفقته الخاصة، بتوزيع جديد مع الحفاظ على اللحن الأصل. وقد قوّستُ الكلمات المستبدلة:
"وطني (نصيبي) الوطن الأكبر/ يوم ورا يوم (أزماته) بتكتر/ و(انكساراته) ماليه حياته/ وطني (بيُنهَب وبيُستَعْمَر)/ وطني وطني/ وطني يا (حارق) حبّك قلبي/ وطني يا (همّ) الشعب العربي/ ياللي (هويت) بالوحدة الكبرى/ بعد ما شفت جمال الثورة/ إنت (غريب)/ (صوتك بعيد)/ عن الوجود كلّه/ عن الخلود كله/ يا وطني/ (صعب يا جرح) يا مالي قلوبنا/ (صعب يا حلم ومات في حياتنا)/ (ساكتة يا جامعة يا خادعة) شعوبنا/ (فاشلة يا أسوأ شيء) في حياتنا/ (يا خِلاف دايم بين أخّين)/ بين (إيران) وبين البحرين/ في اليمن ودمشق وجدّة/ نفس الغنوة (لأتعس) وحدة/ (فُرْقِة) كل الشعب العربي/ قوميتنا اللي (بنمحيها)/ اللي حياتنا (دمار) حواليها/ يا وطن (حارق أهله وناسه)/ (جنّة بينعم فيها أعاديها)/ شوفوا (العراق) بعد العدوان/ (وبكره سوريا والسودان)/ (سكت) الشعب (وخطوته تاهت)/ (ضاع الحق وكفّته مالت)/ (لما اندفن الحلم العربي)/ وطني يا (أغنى) وطن في الدنيا/ وطني (يا ممنوع) م الحرية/ (يا وطن مسلوب مدخراتك)/ (ياللي في إيد الشر ضحية)/ الصوت صوتك (ناطق غربي)/ مش صدى شرقي ولا صدى (عربي)/ ياللي (بتُنهَب قدام عيني)/ ياللي (في قلب الذل راميني)/ انت (نصيبي) يا وطني العربي/ وطني يا (راضي) على استعمارهم/ وطني يا (شارب) كل (مرارهم)/ (ليه بتخيّب طننا فيك؟)/ (ليه بتخاف) إنك تواجههم؟)/ الاستعمار (وياك دي بدايته)/ (بيك راح يجي زمانه ووقته)/ (في لبنان وفي السودان)/ (بيقسّم جيش الطغيان)/ وده من (صمت) الشعب العربي/ وطني يا (ثروة حيتان ناهشينها)/ (وطني يا غنوة الغرب ساجنها)/ (إمتى كرامتك ترجع ليك؟)/ (مدخراتك مين هايصونها؟)/ وطني يا (منهوب) عِزّه وخيره/ يا وطن باني المجد (لغيره)/ ياللي (مالكش في أي ريادة)/ يا وطن كله (هوان وبلادة)/ وطن (السلب) الوطن العربي/ وطني يا زاحف (لانكساراتك)/ يا اللي حياة (الذل) حياتك/ في (دارفور) وفي (غزّة الحاير)/ لسه هاتكمل (تصفيّاتك)/ إحنا وطن (على طول مِتْهَدِد)/ إحنا وطن (يُلْطُم ويعَدِّد)/ وطن (الشجب) الوطن العربي/ وطني (نصيبي) الوطن الأكبر"
ثم تأتي اللفتةُ الأجمل في هذا العمل الموجع. أنْ أنهى الشاعرُ، المكسورُ في رِهانه المنهزم في حُلمه، أوبريته المُرَّ بمقطع أصيل من الأوبريت الأصليّ، من أجل ألا ينمحي من ذاكرة النشء الجديد، ثم ختمَ العمل بمقطعٍ فاتن، مُحبٍّ ومُعاتب، بصوتهم الجماعيّ الشَّجيّ الخافق، هكذا:
"وطني حبيبي الوطن الأكبر/ يوم ورا يوم أمجاده بتكبر/ وانتصاراته ماليه حياته/ وطني بيكبر وبيتحرر/" "وطني غُنانا ليك وعشانك/ كلمة حق وعلى ألحانك/ وسط الخوف والموج العالي/ نحلم توصل برَ أمانك/ من غير دوشة ولا شعارات/ زمن اليأس أهو عدّى وفات/ شَمَّرْ يللا وابني معانا/ فَجَّر طاقة نور جوّانا/ تجمع كل الشعب العربي/ وطني حبيبي الوطن الأكبر/ وطني تعال نعيد حساباتنا/ يللا نعوّض كل ما فاتنا/ إيد على إيد وبِعزم حديد/ نحمي ترابنا ونبني حياتنا/ إفتحْ ياللا كل حدودك/ حَدِّدْ هدفَك وإعلا بصوتك/ لسه طريق المجد في إيدك/ حَقِّق ياللا كل وجودك/ واِجمعْ كل الشمل العربي"
هل أحتاجُ بعدُ أن أكتبَ كلماتِ القصيدة الأولى "الحُلم"؟ أعلمُ أنها محفورةٌ عميقًا على سطوح أرواحنا، على الأقل بالنسبة لجيلي وما سبقته من أجيال. على إنني أطرحُها ها هنا للأجيال الجديدة، من باب التوثيق أولا، وثانيًا للمقارنة بين الما-ينبغي وبين الحادث، بين الحلم والرهان وبين تسرّب الحلم وخذلان الرهان.
"وطني حبيبي الوطن الأكبر/ يوم ورا يوم أمجاده بتكتر/ وانتصاراته ماليه حياته/ وطني بيكبر وبيتحرر/ وطني وطني/ وطني يا مالي بحبّك قلبي/ وطني يا وطن الشعب العربي/ ياللي ناديت بالوحدة الكبرى/ بعد ما شُفت جمال الثورة/ إنت كبير/ وأكبر كتير/ من الوجود كلّه/ من الخلود كله/ يا وطني/ حلو يا مجد يا مالي قلوبنا/ حلو يا نصر يا كاسي رايتنا/ حلوة يا وحدة يا جامعة شعوبنا/ حلوة يا أحلا نغم في حياتنا/ يا نغم ساري بين المحيطين/ بين مراكش والبحرين/ في اليمن ودمشق وجدّة/ نفس الغنوة لأجمل وحدة/ وحدة كل الشعب العربي/ قوميتنا اللي بنحميها/ اللي حياتنا شموع حواليها/ جنّة بتضحك للي يسالم/ وجحيم ثاير على أعاديها/ شوفوا بيروت بعد العدوان/ الاستعمار فين والطغيان/ كبر الشعب وقوته سادت/ وبور سعيد حكايتها اتعادت/ عاش البطل الشعب العربي/ وطني يا أغلى وطن في الدنيا/ وطني قلعة للحرية/ أنت الباني مع البانيين/ وأنت الهادم للعبودية/ الصوت صوتك حرّ وعربي/ مش صدى شرقي ولا صدى غربي/ ياللي ترابك كحل لعيني/ ياللي هواك عطره بيحييني/ أنت حبيبي يا وطني العربي/ وطني يا ثورة على استعمارهم/ اِملا جزايرك نار دمّرهم/ لو نستشهد كلنا فيك/ صخر جبالنا راح يحاربهم/ الاستعمار على إيدنا نهايته/ راح م الدنيا زمانه ووقته/ لا في الجزاير ولا في عُمان/ تهدى الثورة على الطغيان/ إلا بصبر الشعب العربي/ وطني يا جنّة الناس حاسدينها/ على أمجادها وعلى مفاتنها/ ياللي قنالك رجعت مِلكك/ وأنتَ لخير الدنيا صاينها/ علّيْ السد وخُدْ من خيره/ صَنَّع وازرع وابني في نوره/ ياللي عُلاك في قلوبنا عبادة/ يا وطن كل حياته سيادة/ وطن العِزَّة الوطن العربي/ وطني يا زاحف لانتصاراتك/ يا اللي حياة المجد حياتك/ في فلسطين وجنوبنا الثائر/ هانكمّلك حرياتك/ إحنا وطن يحمي ولا يهدد/ إحنا وطن بيصون ما يبدد/ وطن المجد يا وطني العربي."- جريدة "الحياة" اللندنية - 2009-11-14





#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سور في الرأس، سأسرق منه قطعةً
- التواطؤ على النفس
- حاجات حلوة، وحاجات لأ
- التخلُّص من آدم
- بلال فضل، وزلعةُ المِشّ
- الثالثُ -غير- المرفوع
- كريستينا التي نسيتُ أنْ أقبّلَها
- أعِرْني عينيكَ لأرى العالمَ أجملَ
- أنا عيناك أيها الكهلُ
- التردّد يا عزيزي أيْبَك!
- قطارُ الوجعِ الجميل
- بوابةُ العَدَم
- الشَّحّاذ
- الإناءُ المصدوع
- الملاكُ يهبطُ في برلين
- ناعوت: الإبداع العربي الراهن فرسٌ جموح والحركة النقديّة عربة ...
- تحيةٌ للشيخ طنطاوي
- بالأمس فقدتُ مَلاكيَ الحارسَ
- مينا ساويرس، موحِّد القطرين!
- شوارعُ تُغنِّي بالفرح


المزيد.....




- الأونروا: آثار كارثية منتظرة حال تنفيذ إسرائيل أي عملية عسكر ...
- مصدر فلسطيني: حماس تتجه إلى وقف مفاوضات تبادل الأسرى بعد تهد ...
- -انتحل صفة غير صحيحة-.. فيديو اعتقال مواطن في الرياض والأمن ...
- مدير الأونروا في غزة: المكان الذي وجه الجيش الإسرائيلي بعض س ...
- الداخلية الروسية توضح أسباب إصدار مذكرات اعتقال بحق سياسيين ...
- تعرف على صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية وآليات إصدار مذكرا ...
- وسط تحذير من مجاعة -شاملة-.. الأونروا تتهم إسرائيل بتعطيل دخ ...
- -العندليب الأسود-.. بيلاروس تنفذ اعتقالات في قضية تجنيد مراه ...
- الأونروا تحذر من الهجوم الإسرائيلي على رفح: العواقب مدمرة عل ...
- منذ 7 أكتوبر.. ارتفاع حصيلة الاعتقالات الضفة الغربية لـ8590 ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - شباب اليوم يعاتبون:وطني حبيبي الوطن الأكبر