أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - بالأمس فقدتُ مَلاكيَ الحارسَ














المزيد.....

بالأمس فقدتُ مَلاكيَ الحارسَ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2772 - 2009 / 9 / 17 - 19:17
المحور: الادب والفن
    


ها هو يرقدُ الآن. وبالرغم من غرابة أقداره، فقد عاشَ. لكنه ماتَ عندما فقدَ ملاكَه. يحدثُ الأمرُ ، من تلقاء ذاته، هكذا ببساطة، مثلما يأتي الليلُ حينما يولّي النهار. تلك هي الجملة الأخيرة من رواية "البؤساء" Les Misérables للفرنسي العظيم فيكتور إيجو. هل لكلٍّ منّا ملاكٌ يحرسنا، فإن ولّى عنا ضِعنا؟ هل هذا الملاكُ ماديٌّ؟ أم هو قيمةٌ فلسفية ربما نسميها الرغبة في الحياة مثلا؟ فإن تخلّى عنّا، أو تخلينا عنه، لم تعد الحياةُ راغبةً فينا، أو ربما فَتُرَتْ رغبتُنا نحن في الحياة فسعينا نحو الموت سعيًّا حتى دون أن نفطن إلى ذلك؟ يقول الفلاسفةُ إن الشخصَ حين تضربه سيارةٌ ويموت، فهذا ليس قضاءً وقدرا، بل إنه انتحر. شيء ما جعله لم يرَ السيارةَ، أو سلكَ الكهرباء العاري، أو القطار، فلقي حتفَه، أو بالأحرى ذهب إلى حتفِه راغبا مختارًا. ولا يجوز أن نذكر مفردة "ملاك" دون أن نتذكر مسرحية السويسريّ فريديريش دورنمات Dürrenmatt Friedrich التي كتبها عام 1953 وعنوانها Ein Engel Kommt nach Babylon أو "الملاكُ يهبط في بابل". حينما هبط ملاك من السماء ومعه هدية أرسلها الربُّ لأفقر رجل في بابل، ولم يكن هنا من هو أفقر من الشحاذ عاقي. هذا الرجل العجيب الذي يأبى إلا أن يتسول لكي يعول الشعراء والفنانين والفقراء، ثم يلقي بما يفيض من مال في النهر كي يظلُّ فقيرًا أبدًا فلا يكفُّ عن التسول! أما الهدية السماوية فلم تكن إلا ملاكًا أنثى (مَلاكةً؟) من أجمل ما يكون.
أما في الديانة المسيحية فيُقال إن ملاكا حارسا يرافق الطفلَ بعد تعميده مدى الحياة ليحميه ويؤازره. فما الذي يحدث إن تخلى الملاكُ عنا؟
ميجل آنخيل ساباتا Miguel-angel Zapata شاعر أمريكي من بيرو، من مواليد 1959. يُدرّس الأدب الأسباني بجامعة Hofstra بنيويورك. كتب قصيدة عنوانها I no Longer Have a Guardian Angel، يحكي فيها كيف أنه فقد ملاكه الحارس. تاه منه في السهول. القصيدة مكتوبة بلغة الشاعر الأم أي الأسبانية. وفي الأسبانية، مثلما في العربية، الملاكُ ذكر! على أن القصيدةَ في ترجمتها الإنجليزية جعلتِ الملاك أنثى، رغم أن الإنجليزية ليس بها تذكير وتأنيث، عكس بعض اللغات مثل الألمانية والأسبانية والعربية طبعا. ولا شك أن المترجم أراد أن يخلق بهذا التأنيث نوعا من المجاز والتورية. فقد يكون هذا الملاكُ محبوبةَ الشاعر، وقد تكون أية قيمة عليا معنوية مثل الخير والنقاء والجمال والعدالة والفضيلة. شأن كل قصيدة جميلة عميقة لا معنى محددا يغلقُ القصيدةَ في تأويل واحد وحيد. المعنى دائما في قلب القارئ. أقدّم لكم هنا ترجمتي القصيدة وهي من ديوانه الأخير "عصفورٌ في بيت بسبعة أفنية" A Sparrow in the House of Seven Patios. على أنني بطبيعة الحال اعتمدتُ "ذكورية" الملاك، للأسف، وفق لغتنا! وهي بعض لصوصية الترجمة وخيانتها. فليسامحني القارئ، والشاعر، ولتسامحني الملاك(ـة) الإنجليزية.
(لم يعد لي ملاكٌ حارس)
ما عاد لي ملاكٌ حارسٌ.
في يوم غير متوقع
تاه ملاكي في السهول وهو يبحث عن السلام والوفرة.
وبالرغم من كل شيء،
ظلّتْ حركةُ السماء دافقةً.
وأنا
استمررتُ في المشي عبر الغابة
بعينين مفتوحتين،
وبين الحين والحين
أشعرُ في الهواء بشيء من الأبدية.

لابد أن ملاكي الحارس
- بسبب كل هذا الحب الهائل للجُزر-
كان يرقبُ أعماقَ البحر،
تلك التي، بشكل أو بآخر،
هي الوجهُ الآخر للسماء.
أعلم أنه لم يكن واقفا فوق قمة نيبو
يمعنُ في تأمل الوقتِ لكي يأتي.
ملاكي الحارسُ
له شعرٌ طويلٌ أسودُ،
وعيناه تتبعانك أينما ذهبت.
حينما يقودُ دراجتي يطير شعرُه مثل حريق هائل
حتى يلفت أنظار كل المجاورة.
لا أحد ثمة بوسعه أن يراه سوى كلبي،
ذاك الذي يخفضُ رأسَه
حينما يمرُّ الملاكُ فوق نبات إبرة الراعي القاني.
وأنا لم يعد لي بعد الآن ملاكٌ حارس
الآن أسير وحيدا
في الشوارع المعتمة المسوّرة بأشجار الصنوبر،
على أنني أشعرُ أن ثمة
من يرقبني
من بعيد.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مينا ساويرس، موحِّد القطرين!
- شوارعُ تُغنِّي بالفرح
- ذاك الذي غبارٌ عليه
- القتل صعب يا هنادي!
- يا صغيرتي، ليس كلُّ فأرٍ -جيري-
- أنا في طبلة المسحراتي!
- كيف يقرأ هؤلاء؟
- ترويعُ الأطفال، والاسمُ: مُلْتَحٍ
- الحضورُ موتًا،
- المِصَحْيَاتي
- السلطانُ والخُّفُّ الجِلديّ
- يا مباحثَ بلدنا، أحبيِّنا
- أنا أستطيعُ، والناسُ تحبُّني
- الفِتْنةُ ليست دائمًا أشدَّ من القتل!
- للجريدةِ مآربُ أخرى
- لغةٌ -قايلة- للسقوط
- حتى الضفدع!
- أوباما، وغرفةُ الجلوس
- أجملُ قارئ في العالم
- فلتقصّ الشريطَ تلك السيدة!


المزيد.....




- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - بالأمس فقدتُ مَلاكيَ الحارسَ