أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 6 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..















المزيد.....

الفصل 6 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..


حبيب هنا

الحوار المتمدن-العدد: 2776 - 2009 / 9 / 21 - 19:35
المحور: الادب والفن
    



6

تطايرت الكلمات من شفاهنا متقاذفينها مثل كرة تنس بين مضَربَين .وطرنا خلفها على أجنحة الحب الذي لم نعهد مثلها من قبل ، هي تردد شطراً من غناء " كاظم الساهر " وأنا أكمل الشطر الآخر …
وحين صمتنا ، كانت الموسيقى قد توقفت ، فأعادتنا إلى صحاري قبور الأحياء الذين يتقاسمون نصف ممات الأموات ، قبور وذكريات وأكاليل ورد وضعت فوق أضرحتهم لحظة الوداع ، ثم ذبلت دون عناء النظر إليها، أو وضع خرطوم ماء بجوارها ، سنة وراء سنة حتى تلاشت من الذكرى وصار إحياؤها درباً من دروب إغراق الحاضر وإثقاله بهموم الماضي الذي لا ينفع و لا ينفخ في جيوب المستقبل ، أو يبشر بخير ..
عندها تركت نفسها بين يدي كي أطويها كما أشتهي !
تقهقرت إلى الخلف .. عدت إلى ريعان الشباب ، عندئذ وجدتني أحمل طفلة بين يدي لا يتجاوز عمرها خمسة أعوام !
توقفت عن الحديث . نظرت إليها في نفس اللحظة التي سيطرت فيها على مشاعري فكرة حمقاء دفعتني أن أرمي السؤال في وجهها رمياً :
-هل أحببت رجلاً آخر قبلي أو بعدي أو الآن ؟ رجلاً توسمت فيه غير ما هو موجود فيّ !؟؟
انتفضت مثل ديك ذبيح يلفظ أنفاسه الأخيرة ،ورمت في وجهي صرختها المدوية :
-تأخر سؤالك خمسة عشر عاماً ربطتني خلالها بحبال ثلاثة نسجتها من مشاعر وأحاسيس وتأزر بين غطاء وفراش ، ثم علقتها في سقف غرفة فوق سرير في مستشفى خلصت على ملاءته روحاً من روح ، وقرأت في أذن كل واحد منهم أولى كلمات الله ..
صعقت .. طويت نفسي مثل قطعة قماش بالية . إذ كيف لي أن أعيش مع اثنتين في نفس اللحظة ! .. قبل هنيهة كنت أخاطب " غادة " ، أتقاسم معها الزعتر وغناء " الساهر "؛ والآن أكتشف أنني أرمي سؤالي أمام " لينا " .. هل أصبت بمرض خلط الأمور وعدم رؤيتها بوضوح عند المفترقات الحرجة ؟ وكانت مسافة العمر في دهاليز الأيام قد تجاوزت سن اليأس ، فبت لا أقدر على التمييز بين العشيقة والزوجة !
نظرت إليها بتمعن ، فإذا بها ترتدي غلالة رقيقة تستر الجسد ، ولكنها تشي عما تحتها من كنوز ! قلت في سريّ : إن أكثر شيء يصيب قلب الزوجة بالإضافة إلى الكلمة الناعمة ، والتبختر في الشارع متشابكي الأصابع مع زوج تحبه ، هو التردد على الأماكن العامة دون صحبة الأطفال ، التمايل والحديث الهامس الذي لا يصل إلى مسامع الآخرين ، بغض النظر عن نوعه . باختصار : الشطحات الرومانسية على متن سيارة هو سائقها ،وزوجها، و عشيقها ، ويده تلامس يدها فيصير لمتعة التنـزه وخلع هموم الأيام الماضية معنى الانتصار والقوة بعد الحصار والتبرم بين الجدران الأربعة ، ومناكفة الأطفال في البيت، وعدم انصياعهم لكل ما يطلب منهم التقيد به من تعليمات لا تروق ولا تتفق مع سلوكهم الطفولي ، تماماً مثل التنـزه بين مساحة اللون وظله في لوحة فنية قاتمة .. ذهبت إلى مكتبي صبيحة اليوم التالي متأخراً بعض الوقت ، فإذا بها تنتظرني عند السكرتيرة .. نظرت إليها، فبدت ساعتها مستحيلة ، متمنعة، لا تغويها الكلمات رغم عذوبتها وتحليقها في السماء .. دخلت مكتبي فلحقت بي وبقايا انكسار في داخلها تحاول ترميمه .. وعندما غادر " مصباح " لسبب لا أذكره ، قمت أصنع القهوة بنفسي ، غير أنني بعد لحظات ، وأنا أنظر إلى القهوة خشية أن تفور ، نمت بجواري حركة خفيفة دفعتني للنظر بالاتجاه الذي جاءت منه ، فوجدتها تنظر إليّ باستهجان وعلى محياها ظل ابتسامة مداعبة .. قلت متسائلاً :
- ماذا وجدت ؟ إنساناً يصنع القهوة بنفسه ، فهل هذا شيء مضحك ؟ !
وخيم الصمت علينا ، ولم يقطعه سوى صوت كوب سقط من يدي وتناثرت شظاياه في الأركان الأربعة .
نظرت إليها في نفس اللحظة التي بدأت تتحدث فيها كمن تكلم نفسها :
- ماذا حدث؟ رجل يصنع القهوة وحبيبته تنظر إليه ، فيحدث
أن تنتصب كل الذكريات الماضية أمامهما غريبة جافة كأنها فقدت الحياة . وخضراء يافعة كأنها تجدد انطلاقتها الأولى ! هل كل الصبايا هكذا ، أم أنني أنا الوحيدة التي أصاب الحب منها مقتلاً ، فصارت تتعقب الحبيب في الاتجاه الذي سار إليه ؟
شربنا القهوة واتفقنا أن نلتقي مرتين في الأسبوع ، السبت و الأربعاء ، من الساعة الواحدة بعد الظهر حتى الرابعة . في المرة الأولى يكون لي معظم الحديث ، وليس لها الحق سوى بالسؤال أو الاستفسار ، وأحياناً إذا كانت هناك مشكلة ملحة بحاجة إلى أخذ رأيي فيها أو مساعدتها في الحل ، وفي المرة الثانية نتبادل المواقع .
وكنت عندما أتحدث أ أسرها ، فتبدو مأخوذة بسعة أفقي ، وبطلاقتي في الحديث ، وقدرتي على الإقناع ، كما لو أنها لم تر في الوجود كله رجلاً آخر بهذه المواصفات . كانت كطفلة أمام شاشة تلفاز يعرض رسوماً متحركة ذات قصة ومغزى قادرة على الوصول إلى طفولتها ومعالجتها درامياً .
كنت أصيغ من ركام التفاصيل أجمل القصص . وكانت تراني بليغاً قادراً على الوصول إلى قلبها ، فيزداد حبها ، وتزداد بي تعلقاً !
وذات أربعاء ، كان الحديث لها ، قالت وهي مرتبكة :
- أنت تعرف صديقتي " إيناس" .. ؟
- نعم أعرفها .
- أعربت لي عن قلقها بسبب هذه العلاقة .. قالت :
- إنها تخشى عليّ من ألسنة الناس إن هم رأوني في أماكن لم يعتادوا رؤيتي فيها مع شخص لم يسبق لهم أن رأوه .
ولكني امتعضت وقلت لها :
- إنك رجل متزوج وتحب زوجتك بلا حدود ، ثم إن هذا الاعتراف منك كان أمامها في أول لقاء كان بيننا عندما جئنا إلى المكتب نحن الخمسة .
غير أن ردي لم يمنعها من مواصلة الحديث :
- الناس لهم ظواهر الأمور . وظاهرها يوحي بأنك على علاقة مع رجل متزوج : فهل تقبلين بأن يقولوا : خطفت الرجل من أحضان زوجتة وأطفاله الثلاثة ؟
وكان ردي عليها قاسياً :
- إنني لا أتعــدى على حقوق أحد ! ومع ذلك ، فقلبه كبير
ويتسع لنا نحن الاثنتين! وإن أردت الزواج فلن أجد أفضل منه ..
نظرت إليها بتفرس كمن يحاول سبر صدق كلماتها ، ولكن ،في نفس اللحظة اشتعل الشبق في داخلي .. ردت على النظرة بأحسن منها .. قلت في سري :" لا أنا " الفضل بن العباس " ، ولا هي " خثعمية " حسناء تعرف كيف ترد على التحية ، ولا " محمد" بيننا كي يفض اشتباك الأعين البصري " !
وتعمدت إهمال كلماتها الأخيرة ، لسبب أجهله ، ربما بغيه إشعارها بعدم أهمية ما دار بينها وبين صديقتها، وربما لأنها آخر مرة قابلتني فيها في المكتب مع صديقتها " إيناس " ، قالت يومها : لا أعرف لماذا جئت إلى هنا ؟ فقط رغبت في المجيء ! عندها كان ردي عليها فيه نوع من جرح لكبريائها :
- عساك أن تكوني متعلقة بي ، فأنا متزوج !
ضحكت " إيناس " ، وضحكت أنا ، فيما هي امتقع لونها فصار وجهها أشبه بوردة قطفت منذ يوم ! لحظتها تحللت أيام الحب الجميلة كأنها تعكس صورتنا في مرايا مقعرة ، فأثارت في النفس النفور ، وبتنا لا نقوى على اللقاء بنفس الإقبال الذي كان بيننا . صار كالثمرة المرة التي تترك طعمها العلقمي في الحلق مهما تناولنا بعدها من أطيب الثمار .. !!



#حبيب_هنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل 5 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 4 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 3 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 2 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ...
- الإنتفاضة العشيقة الزوجة ...رواية
- مازال المسيح مصلوبا فصل :9_10
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 16
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 15
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 14
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 13
- فصل من رواية : صفر خمسة تسعة 12
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 11
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 10
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 9
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 8
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 7
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 6
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 5
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة4
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 3


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 6 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..