أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - هل الحبْ ضعفٌ في الشخصية















المزيد.....

هل الحبْ ضعفٌ في الشخصية


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2719 - 2009 / 7 / 26 - 09:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يقال علمياً : أن الحب هو إرتكاس الضعفاء على الأقوياء , فهل هذا التعريف صحيح 100% أو 50%؟
وهذا يعني أن الحب ضعف في الشخصية بحيث يعشق الضعيف القوي.

ويقول المتنبي:
يحبُ العاقلون على التصافي
وحبُ الجاهلين على الوئام ِ.

وهذا يعني أن المتنبي يطلب الحكمة والعقل من الحب , وهذا مستحيل فالحب ليس فيه منطق ولا فرضيات علمية بحتة , إنه عبثي يقلبُ الموازين , ينزلُ من السماء وأحياناً يطلع من الأرض , الحب ليس تجارة وكما غنى الشاعر النبطي :

(جيت أشتكي ع الزين

عند قاضي العذاره

حَبْحَبْني على الخدين شو هالجَساره!!!!!!

الحُب نظرة عين معها إشاره

تلقاها بين إثنين مثل الشراره

الحب يا محبوب ماهو شطاره

إقلوب إتناجي إقلوب وتحكي أسراره

والحب ليس له علاقة بالجمال , فمن الممكن أن يكون سببه جمالاً روحياً غير ظاهر للعيان ومن الممكن أن يكون سببه إرتكاس الضعفاء على الأقوياء , أي ضعفاً في الشخصية, فالإنسان بشكل عام يعشق الأقوى منه ويقلده حتى في حركاته , ومن الممكن أن يكون الحب بسبب عداوة بين إثنين , فالذي يكره والذي يعشق كلاهما يفكرون بالذي يعشقونه أو بالذي يكرهونه , فأن تكره شخصا وتفكر به ليل نهار , تماما كالذي يعشق شخصا ويفكر به أيضاً ليل نهار , والموضوع أصلاً مرتبطٌ بالإهتمام , فالذي يكرهك تجده مهتماُ بك , والذي يحبك تجده أيضاً مهتما ًبك.

والحب ليس له علاقةبالطول أو بالقصر , وأذكرُ مرة أن أحد أصدقائي , دوشني جداً وهو يتحدث لي عن معشوقته , فكلما فتحنا موضوعاً يربطها بالموضوع , فهو يربطها حتى في الحديث عن السيارات , فإذا تحدثنا عن السيارات قال لي : سيارتها جميلة جداً , وإذا تحدثنا عن الأزياء قال بنطالها أجمل بنطال , وإذا تحدثنا عن الفاكهة قال خدودها..وإذا تحدثنا الرياضة قال : صدرها ملعب كرة قدم , وإذا تحدثنا...إلخ وذات يوم رأيتها فأصبتُ بفاجعة من هول ما رأيت , فعاتبته على المبالغة الكبيرة , فقال لي : إنت يا جهاد بالرغم من أنك شاعر غير أنك لا تفهم بالجمال , وضحكت منه جداً , لعلمي طبعاً أن الحب أعمى وأطرش وأخرس وأهبل , فأنا أقدر الوضع الذي هو به , إن الحب بنظري مرض نفسي وحالة إدمان مزمنة , وأكثر الناس قدرة على العشق هم الفنانون والمبدعون والأدباء والكتاب , لأنهم يرون معشوقاتهم برؤيا ليست عادية , فمن المستحيل أن يرى العاشق محبوبته كما يراها الناس, هذا إذا كان العاشق عادياً فكيف إذا كان شاعراً أو فنانا.
فهل الحب ضعف في الشخصية وتقليد شخصية الأقوى من قب الأضعف ؟ هل كان يرى في معشوقته أشياء تنقصه فعشقها ؟

وأذكرُ مرة أنني سمعتُ مقابلة على المذياع مع الشاعر المصري الراحل (مأمون الشناوي) قال فيها : أن أحد الشعراء ذات مرة كان يمر بشارع السيدة زينب في القاهرة , وكان ينظر إلى عمارة وبالضبط إلى الدور الرابع بها , فكان يرى فتاةفي النافذة , أو شكل بشكل فتاة تلوح له بيدها , فأصبح يتعمد المرور من ذاك الشارع يومياً وإستمر بذلك عاماً كاملاً وتخيل نفسه معها يخرج للنزهات , وذات يوم قرر التعارف عليها عن قرب , فتبين له أنه لايوجد من أصله فتاة بل أن تلك التي تخيلها لم تكن فتاة بل (بلاص-جره) يضعها صاحب المنزل في الشباك لكي يحصل على ماء بارد منها , أما التلويح باليد فقد كانت قطعة قماش يضربها الهواء فتتحرك , والشاعر المسكين ألف ديوان شعر كامل متوهما ً أنها فتاة تحبه وتلوح له بيدها ,وهنا يدخل تعريف الحب على تعريفات المتنبي بقوله:
يحبُ العاقلون على التصافي

وحبُ الجاهلين على الوئام ِ.

الحب ظاهرة غريبة , والغريب فيه أنه مازال حتى اليوم مهبط وحي الشعراء والأدباء والفلاسفة , حتى في المجتمعات التي ذهبت منها القيم وقالت : الحب هو إرتكاس الضعفاء على الأقوياء .

مازال أدب الحب أكثر من ناحية الكم من أدب الحرب , ومازالت الأغاني العاطفية تبتز الأوطان والوطنية , مازال الأدب المرئي يقدم أفلاماً وإدراما تفوق في عددها وعدتها الدراما الأخرى , مازال العشاق في تزايد, وما زلنا نطلبه رغم أن ناره ولهيبه وآلامه أكثر من أفراحه , فأنا أتحدى كل العشاق إذا كانوا نعموا في الحب بقدر ما شقوا وتعسوا به , الحب حركة نفسية تتزعم النفس والوجدان ويجعل حياتنا فيها سعادة ويجعل حياتنا في تعاسة .

لقد رأيتُ مرة شاباً معرفة وليس صديق بمعنى الكلمة للصداقة , هو شاب معرفة ليس إلا , والمهم في الموضوع أنه ركض في الشارع وقفز من فوق السيارات وطار بالهواء ولولا السيارات توقفت له لمات دهساً كل هذا بسبب كلمة قالتها له محبوبته من أنها تحبه كما يحبها .

الحب ليس نظرية بيولوجية ولكنه يتحكم بنا بيولوجياً , إنه يجعلنا أيضاً في حالة توسع في الأوردة والشرايين ,حتى أن بعض العشاق من الذكور إذا تزوجوا لا يستطيعون في ليلة الدخلة فض بكارة معشوقتهم بسبب حرارة الحب الزائدة وما تبعثه في الجسم وفي الجهاز العصبي.
للحب قانون واحد , وهو أنه ليس له قانون ثابت , فهو كبير يقرب المسافات البعيدة ويجعلنا في حالة من الهستيريا .

جربوا أن تعشقوا , ولو حتى ذبابه , جربوا أن تفكروا ليلاً بمعشوقتكم , جربوا أن تناموا وانتم تحلمون بالوصل , جربوا لحظة أن تقفوا بين العينين أو أن تتخيلوا أنفسكم بين النهدين , جربوا مرة واحدة معنى السهر ومعنى التفكير وما معنى الحب؟
الرجال الذكور كتبوا عن الحب أضعاف ما كتبت النساء , ولا يوجد عمل أدبي نسوي بحجم أدب الرجال عن الحب ,إلا في الغناء , فحتى اليوم لايوجد على وجه الأرض أو على مر التاريخ غمرأة غنت للحب بمشاعر صادقة إلا أم كلثوم , هذه المرأة العربية التي جعلت ديغول في فرنسا يقول : امرأة تغني للحب إلى شعب مهزوم بعد نكسة ال 67, ولم يظهر غير أم كلثوم في الشرق , فهي قد كانت وما زالت أعظم أهل زمانها , ولهذا أسباب منها أن المرأة مازالت في الشرق وفي الغرب ترفض التعبير عن الحب لأسباب إجتماعية , وفي الغرب أو في المجتمع المدني تغيرت الصورة كثيراً وليس نهائيا, ولكن في الشرق الصورة مازالت معتمة , ومازالت الأنثى لاتستطيع التعبير عن أشواقها نظراً لأن ذلك يعتبر دعارة , أن تصف المرأة معشوقها , وقد قرأت مرة قصيدة من الأدب المكشوف(الفاحش) لطالبة مصرية تتحدث عن حبيبها كيف جاءها إلى بيتها وفض بكارتها , وقد طردت الطالبة من الجامعة في القاهرة نظراً لأنه عيب ومخل بالشرف وبالآداب العامة وكانت هذه القصة سنة 1985 على ما أعتقد ولست متأكذا ولكنها على الأقل في فترة الثمانينيات .

ربما أنه صحيح عند بعض الفئات من الناس وليس بالضرورة أن يكون صحيحاً عند كل الناس, وليس من الضروري أن يكون مناسباً لكل الأمزجة.

فأنا بالنسبة لي الحب: هو تعبير عن حالة تقدمية تطوري ة إجتماعية , فأنا من وجهة نظري أن العاشق الحقيقي هو الذي يرى في معشوقه سماءاً مناسبة صافية لأفكاره ومزاجه , فتعريف الحب بأنه إرتكاس الأقوياء على الضعفاء هو نظرية رأسمالية, ولربما أن نجد تعريفاً آخر للحب غير تلك التي تتحدث عن الأقوياء والضعفاء , ففي المجتمع الرأسمالي التقليدي لا توجد نظريات للحب , بل توجد مصالح مشتركة , حتى أن الغالبية من البنات والشباب يتزوجون اليوم بناءا على إسم العائلة أو الشهرة التجارية, أو الشهرة الشخصية , فالحب مفقود الوجود وليس له منابع يشع منها وليس له, بحور وأشواق الماتاعين نفسيا وجسديا وعقليا وقلبيا وعاطفيا وشهوانيا .

إن الحب الحقيقي هو الذي يفتح السماء والأرض والقلوب والعقول , وهو الذي يجعل لحياتنا قيمة ومعنى وقيمة , فأنا كإنسان بلا حب لا أستطيع أن أعيش , فلولا الحب لمتُّ قهراً أو منتحراً , وكما غنت سميرة توفيق في الماضي :(لو حطوا عليّه حراس بحبوني حراسي ..أولته لوز وسُكر وآخرته آخ يا راسي).
الحب وما أدراك ما الحب , إنه يعيدنا في كل لحظة إلى أيام المراهقة , في كل مرة نحب , نشعرُ بها وكأننا مازلنا بعد أطفالاً , فالعاشق كلمة واحدة صغيرة ترضيه وأخرى صغيره تجعله في حالة غضب وثوران هائجة , وكلمة أخرى تجعله طوال النهار مبتسماً وكلمة أخرى تجعله تعيساً , كلمة أخرى تخرج من بين شفاة المحبوب تجعله في عالم عجيب مثل (ألس في بلاد العجائب) ونظرة من طرف عين المحبوب تجعل المُحب في حالة أمل غريب وعجيب , ونظرة واحدة تجعله طوال الليل خائفاً , إن الحب هو عالم العوالم.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خاتم قُدسي على حفة كُرسي
- الاعجاز العلمي في القرآن
- المرأة وقسوة البداوة والقوانين
- ماذا لو كان شكسبير فعلاً عربيا؟!
- مشاكل الناشطات النسويات
- 90% من المسؤولين العرب جواسيس
- ماذا تعرف عن الشيوعية1
- نفاق إجتماعي 1
- زوج مطيع لزوجته
- رسالة حب ليست للنشر
- المرأة متميزة عن الرجل بالعاطفة والحب الكبيرين
- قاطعوا الدول الإسلامية
- حوار ممل يومي بين الناس
- أصل عقد الزواج
- مهنتي
- مساواة الذكر مع الأنثى؟ أم مساواة الأنثى مع الذكر؟
- ديموغرافية السكان وإنعكاساتها على المرأة والرجل
- المساواة بين المرأة والرجل وشروط التأنيث الجديدة
- مراحل نمو الرجل المسلم
- حبيبتي قمة باردة


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - هل الحبْ ضعفٌ في الشخصية