أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - أوباما وأمريكا والإسلام















المزيد.....

أوباما وأمريكا والإسلام


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2674 - 2009 / 6 / 11 - 09:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد كان الخطاب المشحون بالعاطفة الذي ألقاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما من على مدرج جامعة القاهرة، عظة دينية وجدانية، تخاطب القلب أكثر مما تخاطب العقل، وهو بشقه السردي المحكي ليس، بالتأكيد، برنامجاً عاماً وعملياً، غايته أن يعالج ويتصدى لجملة من أزمات ومشاكل سياسية، واجتماعية تهم الشارع العام، أو بشكل رئيس آخر، اقتصادية، لاسيما أن العالم، قاطبة، ما زال يترنح تحت وطأة ترددات لأعنف زلزال مالي تشهده البشرية حتى يومها هذه. ولقد كانت الغاية الأولى والأخيرة من هذه الخطبة، بالضبط، هي تهدئة روع المسلمين الساخطين على سياسات الإدارة الأمريكية السابقة الاستفزازية مع فريق المحافظين الجدد ( صاروا قدماء)، والذين لم يتركوا وراءهم أي أثر أو مثقال ذرة يمكن أن يترحم الناس من خلالها عليهم، أو يستذكرونهم بأي قدر من الخير. وكان هذا الخطاب بشقه الإجرائي والبروتوكولي، واحداً من الوعود الانتخابية الكثيرة التي بدأ أوباما الوفاء بها الوعد تلو الآخر. وأما بشان الشق الوجداني، فقد كان لأوباما ما أراد، وتأكد هذا من خلال الاستجابات العاطفية التي كان يتلقاها، مع كل آية قرآنية، أو حديث نبوي كان يتلوه، وهو ينظر من دون تركيز، على الأثر الانفجاري الطاغي الذي كانت كلماته تتركه في نفوس مستمعيه.

غير أن الجانب الأهم واللافت، في خطاب أوباما هو قوله بأن الإسلام هو جزء من القصة أو التاريخ الأمريكي على ما أذكر، وإن لم تخني الذاكرة، ومن دون العودة للخطاب. وهنا يكون السيد أوباما، قد أظهر الغاية الفعلية من خطابه بشكل علني وصريح وهي التجامل الصرف. وإن كنا نتفهم الغايات الدبلوماسية وحملات العلاقات العامة التي ينبغي عليه القيام بها للتخفيف من آثار الحقبة البوشية، فإنه لا يمكننا تفهم محاولته للي عنق الحقائق والتاريخ، ويمكن الجزم، بأن الإسلام لم يكن، يوماً، وأصلاً، جزءً من تاريخ أمريكا الحقيقي الذي أرسى أسسه، بالتأكيد، مهاجرون مسيحيون، في البداية، لم يكن من بينهم إلا ما ندر من المسلمين، والمعروف بأن كل الأماكن التي دخلها المسلمون عبر التاريخ أنتجت "نمطاً حضارياً"، بعينه، معروف تماماً، ومختلف، بالمطلق، وبالشكل والجوهر، عما أنتجته ثقافة وفكر المهاجرين الأمريكيين الأوائل الذين أرسو الأسس والدعامات للحضارة الأمريكية المعاصرة، شئنا، أم أبينا، سرّنا أم أزعجنا مثل هذا الكلام. فـ"التوليفة" الثقافية التي قامت عليها الحضارة الأمريكية، على العموم، لم يكن للثقافة الإسلامية فيها أي نصيب وإلا لكان المسلمون قد أقاموا حضارتهم "الأمريكية" الخاصة بهم. كما لم يكن من بين كبار صانعي التاريخ الأمريكي من هم من المسلمين، سياسة، وعلماً، وثقافة واقتصاداً ...إلخ. وأمريكا، في النهاية، هي في المنظور والفهم التقليدي الإسلامي ، شأنها كشأن أي بلد آخر غير مسلم، هي دار حرب وقتال.

ويشكـّل الأمريكيون المسلمون، والبالغ عددهم 7 ملايين مهاجر، ما نسبته 2% من مجموع السكان البالغ أكثر من ثلاثمائة مليون جلهم من المهاجرين والمستوطنين الجدد، وأغلبهم من الـ WASP أي العرق الأبيض الأنغلوساكسون البروتستانت، White Anglo-Saxon Protestants الحاكم والمسيطر على مفاصل السياسة، والاقتصاد، والسينما والمجتمع. وقد بدأت الهجرات الأوروبية، كعمليات نزوح كبرى من شواطئ القارة العجوز عبوراً للأطلسي، وبلغت ذروتها في القرنين السابع والثامن عشر، بعدما ضاقت أوروبا بأهلها بسبب الكثافات السكانية، والأزمات الاقتصادية، والحروب الدينية وتسلط الكهنوت المسيحي ورجال الدين الذين وصلوا لمرحلة بيع قطع من الجنة للمؤمنين الأوروبيين. ولا يمكن لهذه النسبة الضئيلة، والتي وصل إليها المسلمون اليوم فقط، وبعد جملة من التسهيلات وتسهيلات في الهجرة والانتقال أن تفعل الفعل الذي أراد أوباما أن يوحيه لمستمعيه. لا ننكر أن هناك اليوم من هم من المميزين في أمريكا، في مجالات مختلفة وفي صفوف الجالية المسلمة تحديدا، ولمـّح، مثلاً، أوباما، ومن بعيد، إلى محمد على كلاي، كأحد المتفوقين في مجال الرياضة لكن أية مساهمة مبكرة في تاريخ أمريكا فهي من باب المجاملة وتطييب الخواطر ورأب الصدع وتأتي في نطاق حملة العلاقات العامة التي يقوم بها أوباما ليس إلا. فلقد خلا جميع ما عرفناه ومرّ علينا، أكاديمياً، وأدبياً، في دراستننا الجامعية الاختصاصية الأولى، من أي ذكر لأي شيء يتعلق بالإسلام. أما إذا كان الرئيس أوباما يقصد عن دور أصوات المسلمين "العظيم" والكبير فعلاً، في ترجيح فوز الرئيس جورج بوش الابن، في الولاية الرئاسية الأولى ضد منافسه الديمقراطي، ونائب كلينتون، آلبرت غور، فإن أوباما محق فقط في هذه الجزئية، وهم يستحقون الشكر على ذلك، وفعلاً كان لهم مساهمة، وأية مساهمة في التاريخ الأمريكي، الحديث، لكن، وليس القديم.

وفي الحقيقة، وباعتراف أوساط إسلامية فاعلة، فإن الإسلام، مسلمي أمريكا لم يظهروا إلى السطح بشكل بارز إلا في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وإنه بالتالي تلميح خبيث من أوباما يحمل أثراً مزدوجاً، وإن وجود 1200 مسجد في أمريكا، حسب خطاب أوباما، أيضاً، تم بناؤها بالمعظم، بعد ازدهار الحقبة البترولية، وبتبرعات سخية من دول بترولية، لا يجعل المسلمين أصحاب تاريخ أمريكي حقيقي ساهموا في بناء تلك الإمبراطورية الأقوى في التاريخ التي استلزمت بالتأكيد، ثقافة، وفكراً، ومناهج حياة، ورؤى لا تتوفر اليوم، كما لم تتوفر في السابق في التاريخ الإسلامي بشكل عام، وإن كنا نحترم، ونقدر، ونقر بخصوصيات وحقوق هذه الأقليات المسلمة، في العيش وحرية الاعتقاد واللاعتقاد وممارسة حياتها الطبيعية والدينية في أي مكان من العالم.

وحين يتكلم أوباما عن الإسلام فهو ينظر إليه ككتلة ثقافية وفكرية ومنظومة سلوكية وعقائدية متجانسة، وفي هذا مجافاة كبيرة لواقع الحال، وقد لا يتفق معه فيها حتى كثير من المسلمين الذين يصرّون على اختلافهم، وتمايزهم بعضهم عن بعض، عقيدة، وسلوكاً، وشعائر وطقوس، وهو بذلك يسقط عن هذه الأقلية الأمريكية المسلمة الأمريكية واحدة من أهم خصائصها التي آل إليها الإسلام بعد تاريخ طويل من الصراع العقائدي، والسياسي المرير.

لا يمكن إخراج خطاب الرئيس أوباما، وبالمطلق، من سياقه، العاطفي الوجداني البروتوكولي. وقد يكون أفلح في هذا، ولن ننكر عليه قدراته البلاغية والخطابية المميزة التي أنتجت تلك الملحمة الخطابية التاريخية غير المسبوقة، ولكن حين نضعه تحت مجهر النقد والتمحيص، فإن الأمر سيبدو غير ذلك بالتأكيد، وعلى درجة حادة من الفروقات والاختلاف الكبير، وفيه من المغالطات، ومجافاة الواقع، الشيء، الكثير، والكثير.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوباما: المسلم أم اليهودي؟
- هل دخل أوباما دائرة الخطر؟
- يا بلاش، مقال ب 2000 دولار
- المعارضة السورية: والدرس الكبير
- الصحوة المسيحية 1-2
- هل تفلت المعارضة السورية من المحكمة الدولية؟
- هل تكون أفغانستان مقبرة الأمريكان؟
- كيلو: أخطأ ام أصاب؟
- شكراً لمحكمة الحريري؟
- طرائف من العالم: لغز السروال الزهري!!!
- هل هناك أمل بإعادة تأهيل الأصولي؟
- إيروتيك تشاينا
- مذبحة التاميل: لا نفط عندك تهديها ولا مال
- لماذا تشوش سوريا على فضائيات المعارضين؟
- الصحوة الكويتية: لا للإسلاميين ونعم للمرأة
- ثورة البراقع اللامرئية
- -أماه: أني أرى الأنشوطة تقترب من عنقي-: القصة الكاملة لإعدام ...
- إفلاس المعارضة السورية
- الحرب على الفئران والخنازير
- من قتل الحريري إذن؟


المزيد.....




- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- المقاومة الإسلامية بالعراق تستهدف قاعدة -عوبدا- الجوية الاسر ...
- “وفري الفرحة والتسلية لأطفالك مع طيور الجنة” تردد قناة طيور ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - أوباما وأمريكا والإسلام