أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - المعارضة السورية: والدرس الكبير















المزيد.....

المعارضة السورية: والدرس الكبير


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2666 - 2009 / 6 / 3 - 09:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


انهارت المعارضة السورية، بكافة تياراتها وفصائلها وأحزابها وشخوصها وإعلاناتها، القومية والسلفية والديمقراطية والخلاصية والجهادية والتجارية والمافيوزية اللصوصية الإفسادية على نحو مفجع ومفزع وبائس يثير الشفقة والحزن، وشبت الملاسنات الكلامية والمنازعات الشخصية، والحروب الكلامية والمواجهات الإنترنتية والاتهامات التخوينية، والتنابز بالألقاب، وظهرت الشلليات والعائليات والمحسوبيات والعشائريات والقبليات والفضائيات العائلية والتكتلات الشخصانية والنرجسيات المرضية والأنانيات الورمية والانزياحات الما قبل وطنية، والانهيارات العقائدية، والانكشافات الهزلية، والهزائم المدوية، والإفلاسات الأخلاقية، والاندحارات التاريخية، التي عكست الصورة الحقيقية للمجتمع الذي نعيش فيه قبل أي شيء آخر، والذي ليس من السهل تغييره، والانتقال به فجأة، وهكذا، ووضعه، مع المنظومة الاسكندنافية بجرة قلم لأن هذا المثقف أو ذاك الفصيح اللوذعي اكتشف، فجأة، أن هناك استبداداً وممارسات لا ديمقراطية في المجتمع السوري، منشؤها الأساسي مجتمعي، وعقائدي، وفكري، وتاريخي تراكمي، ليس وليد وابن لحظته. والأنكى من ذلك هو ما يحاول البعض إشاعته على نطاق واسع، ومنذ فترة ليست بقصيرة، وارتبط إلى حد كبير بتاريخ هذه المعارضة، هو الإيهام والزعم بأن كل هذه النقائص السياسية والمجتمعية والسلوكية التي تعيشها مجمل المنظومة الشرق أوسطية، وهي ليست محصورة بالمجتمع السوري، هي مرتبطة بشخص، أو مجموعة، وفئة ما من الناس، وجدت على السطح في ظرف وزمن تاريخي ما. وهنا هل يحق لنا أن نتساءل لماذا تعيش، إذن، معظم نظم ومجتمعات الشرق الأوسط القديم، والحديث القادم على الطريق، في نفس المناخات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهل هي وليدة وابنة لحظتها، أم يمكن رد الأمر لعمق بعيد في التاريخ؟

ثم ليس في أبسط المقولات الفكرية والمدركات الماركسية الأساسية والتي لا تدخل في باب التنظير، والذي يمكن صياغته قولاً، بأن النخب المجتمعية والسياسية والاقتصادية العليا وطبيعة العلاقات والآليات السائدة فيما بينها، في أي مجتمع، ما هي إلا انعكاس مباشر وتلقائي لطبيعة وحال وآليات وعلاقات الطبقات والشرائح المجتمعية الدنيا؟ ولن تكون بأية حال سوى نسخة لا يمكن فرزها عنها. وبالمقابل فالمنطق يقول، عندما تكون مجمل العلاقات الدنيا على تلك الدرجة من المثالية والتأسيس العلمي والكمال فلن يكون هناك ثمة مبرر مجد للحديث عن أي تغيير لأنه سيكون عندها تحصيل حاصل. لماذا تغيب هذه الحقيقة الماركسية الناصعة عن تناول وتحليل الواقع السوري، ويهرع البعض لتأكيد وترديد وسلق الاستنتاجات والخلاصات السريعة والجاهزة المحفوظة كعلب السردين وتقديمها على الفور حين الإحساس بجوع ورغبة لمقاربة الشأن السوري، واجترارها في كل معترك بحيث فقدت فاعليتها وزخمها، ولم يعد لها أي معنى، ناهيك عن بعدها عن المنطق والواقع؟

كما كان لغياب أية آليات ديمقراطية في معالجة مجمل التطورات والنقاشات والسجالات التي دارت مؤخراً على هذه الساحة حيث سادت الصبيانيات والولدنات والمناطحات والتخندقات، التي نعذرها ونتفهمها بحق، وهي لا يمكن أن تكون إلا كذلك، لأنها مجرد انعكاس ونتاج للآليات والعلاقات والتفاعلات وردود الأفعال المجتمعية ذاتها التي تعيشها مجتمعاتنا منذ مئات السنين ، والتي تحفل بالآفات الفكرية، والعلل العقلية المزمنة، والتشرذم والانقسام القبلي والعشائري والديني والقومي جنباً إلى جنب مع الدكتاتورية والاستبداد والفساد وتجذره في صميم المجتمعات. ولم يحدث أنه كان هناك فترة زاهية أو ناصعة أو تجربة ناجزة ومتكاملة في أصل هذا التاريخ يمكن استنساخها والرجوع إليها وتقليدها والتعويل عليها، وهذا لا يعني أنه لا يجوز تغييرها أو أن هذا مجرد دعوة للركون إليها، ولكن للقول والتدليل على أن الأمور ليست بتلك الطريقة والشاكلة التي يحاول البعض أن يقدمها، ويحلل على أساسها الواقع السوري، بشكل خاص، والواقع الشرقي أوسطي من ورائه بشكل عام.

ومن أطرف ما ظهر مؤخراً، وعلى هامش الحرب الدائرة بين القبائل الحقوقية الانشطارية السورية التي تعكس انقسامات أفقية وعامودية حادة، هو الاكتشاف المذهل للبعض ودعوته لإحلال ميثاق للشرف تعمل وتلتف عليه هذه القبائل والمعارضة، من جديد. والسؤال الذي يحضر لأي متابع، في هذه الحال، هل كانت تلك المعارضة وجحافل القبائل الحقوقية الأخرى تعمل طوال تلك الفترة الماضية من دون هذا العامل، ومن دون أن ندري نحن، ويا غافل "ألك الله"، كما يقول المثل؟ وهل هذا هو ما ينقصها فقط؟ أم أن هناك ثمة أشياء كثيرة وخطيرة تنقص تلك القبائل، وقد يكون الشرف في آخرها؟

لقد ظهر الكثير من أمراض وعلل هذه المعارضة، ولم تتقدم قيد أنملة، وتبين بما لا يدع مجالاً للشك بأنها تعاني ذات الاستعصاءات السياسية والاجتماعية وإشكاليات الديمقراطية والاستبداد والدكتاتورية التي يعيشها الشرق الأوسط برمته، وهي انعكاس طبيعي لأزمات بنيوية متجذرة في عمق هذه القيعان المجتمعية وليست وليدة لحظة راهنة بل سمة عامة لمجتمعات ما زالت تعيش في أروقة القرون الغابرة، وليست رهينة لا بشخص ولا بفئة أو بنظام بعينه.

إن أي تحليل ومقاربة للتاريخ والمجتمع لا تنطلق من تلك الرؤى العلمية والآليات الجدلية والتاريخية المعقدة والمركبة العميقة، وتأخذ في الحسبان عوامل نشوء وتطور ورفعة، كما انحطاط وتخلف المجتمعات، ستبقى قاصرة ومتخلفة وفاشلة عن أداء دورها، ومصيرها الضمور والتلاشي والاضمحلال. والدليل أمامنا، وهو هذا الانهيار والتداعي المريع للمعارضة السورية، وعدم مقدرتها على التخلص من تلك الرؤى الارتجالية الجاهزة والمبسـّطة، التي لا تقدم ولا تؤخر، ولا يمكن أن تأتي بأية نتيجة، وتحديداً، على ذاك النحو الهزيل والسطحي الذي تعاملت به مع أزمات وعلل ومشاكل المجتمع السوري، نازعة عنها وعنه كل تلك الأسباب التاريخية، وعزلها لكل الشروط الأصلية التي تقف، بالمطلق، وراء معظم، إن لم نقل كل ما تعاني منه مجتمعاتنا الشرق أوسطية من تخلف وديكتاتورية وانحطاط وفساد واستبداد، وليس سوريا منها استثناء. وحين تتسلح بنزع التنوير والرؤى العلمية الشاملة والحقيقية، ومقاربة الشأن السوري من منظور وطني وإنساني علماني أصيل، فلا بد ستكون النتائج غير كل ما رأيناه، حتى الآن، من تخبط، وتراجع، وفشل مريع.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصحوة المسيحية 1-2
- هل تفلت المعارضة السورية من المحكمة الدولية؟
- هل تكون أفغانستان مقبرة الأمريكان؟
- كيلو: أخطأ ام أصاب؟
- شكراً لمحكمة الحريري؟
- طرائف من العالم: لغز السروال الزهري!!!
- هل هناك أمل بإعادة تأهيل الأصولي؟
- إيروتيك تشاينا
- مذبحة التاميل: لا نفط عندك تهديها ولا مال
- لماذا تشوش سوريا على فضائيات المعارضين؟
- الصحوة الكويتية: لا للإسلاميين ونعم للمرأة
- ثورة البراقع اللامرئية
- -أماه: أني أرى الأنشوطة تقترب من عنقي-: القصة الكاملة لإعدام ...
- إفلاس المعارضة السورية
- الحرب على الفئران والخنازير
- من قتل الحريري إذن؟
- انهيار النظام القضائي العربي
- الخنازير وأمراضها
- العدالة المأجورة
- العرب والتخلف الإليكتروني


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - المعارضة السورية: والدرس الكبير