أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - نضال نعيسة - العدالة المأجورة














المزيد.....

العدالة المأجورة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2634 - 2009 / 5 / 2 - 10:05
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


لم نكن نتوقع في يوم ما أن تصل الأمور إلى هذه الحالة من الرثاثة والانحدار والإسفاف في التعاطي مع قضايا جد حيوية وهامة ولاسيما الجنائية والقضائية منها، بحيث بات الشك والريبة يواكب أية "حركة" قضائية دولية. بالمناسبة، يعتقد على نطاق واسع، أن الحرب المقبلة على صعيد هذه "المحكمة الخاصة" بآل الحريري، سيكو، فقط، من أجل الإبقاء على حياة هذه المحكمة، وضخ الدم في عروق لجانها القضائية، بعد سلسلة الضربات القاصمة، والفضائح المجلجلة التي واكبتها منذ يوم الجريمة الأول.

فقلد كشف الإفراج عن الجنرالات اللبنانيين الأربعة، وما تلاه من تصريحات صدمت الرأي والوجدان الشعبي العام، من قبل بعض الجنرالات المفرج عنهم، عن خضوع النظام اللبناني لابتزاز علني لم نعهده من قبل بهذا الشكل الفج، وانحداره إلى نوع رخيص من الـ"مأجورية" بكل ما للكلمة من معنى. وأنه لمن المبكر جداً التعويل على أية عدالة، أو مبادئ ومثل عليا يرفعها هذا النوع من القضاء. فلقد سقط، مثلاً، مع رفيق الحريري حوالي العشرين شخصاً، لم يأت أحد على ذكرهم، وبالكاد نستطيع أن نتذكر اسم واحد منهم، وذلك لسبب بسيط لأن ليس لدى أي من هؤلاء ملايين الدولارات الفائضة، لكي ينفقها على إقامة محكمة "خاصة" وعدالة "مأجورة" به، وطاقم قضائي كامل يستطيع أن يصرف عليه من الباب للمحراب بما فيه، طبعاً، الفراشين والسكرتيرات، تعيد له "حقيقة"، وعدالة مفقودة يبحث عنها. ولسان الحال، ها هنا، يقول من كان لديه الأموال والفلوس، فإن بإمكانه التقاضي والحصول على كافة حقوقه، وهناك ضمانات مطلقة بأن ينال "عدالة" ، وحقيقة إن كان يبحث عنها، ومن لا يتوفر لديه المال لذلك، فلن يرى أية عدالة، وستكون الحقيقة بعيدة عنه، وليذهب إلى الجحيم هو ودمه، و"ليضرب رأسه بأقرب جدار منه".

إن الوجه الأقبح للمحكمة الدولية المختصة بقتلة الحريري، وبغض النظر عن بعدها العدلي والقضائي، ومع التأييد الكامل لكشف حقيقة هذه الجريمة البشعة وبدافع إنساني حقيقي، ولو جه الله والعدالة، لا وجه دعائي وتجاري أو سياسي بحت، وهو جانب قلما ينظر إليه، ها هنا، هو أنها محكمة من أجل شخص واحد من بين مجموعة كبيرة سقطت معه، أي محكمة "خاصة" من أجل فرد واحد، وأنشئت بفائض ماله الخاص، ولولا الأموال، لما وجدت النور على الإطلاق، ولما بحث أي كان عن أي قاتل في أي مكان. وإلا لماذا لم يكن هناك أية محاكمة للكشف عن قتلة "زملاء" الرئيس الحريري الذين سقطوا معه في يوم التفجير في نفس المكان، هل لأن ليس لدى ذويهم المال الكافي لتمويل محكمة، أم لأن موتهم لا يهم كثيراً أحداً في هذا العالم الظالم، بما فيه العدالة الدولية، أم أن القضاة الدوليون، لا يتحركون إلا بـ"الريموت كونترول الدولاري"، الذي يحركهم، ويغريهم على البحث عن العدالة من بين آلاف الكيلومترات. ثم، وبنفس السياق، والتساؤلات الساذجة والبريئة المنغصة، لماذا لا تقام المحاكم الدولية من أجل مئات الآلاف من المساكين والضحايا العراقيين الذي سقطوا في حرب وحشية شرسة هوجاء شنـّها الثنائي من مجرمي الحرب بوش-بلير على العراق، وسط صمت العدالة الدولية وخرسها، وصرف نظرها عن مذبحة، وعملية إبادة كبرى كانت تجري أمام نظر ومرأى العالم الذي يدعي التحضر والتمدن وعدالته انتقائية مأجورة وعوراء، بنفس الوقت. بل ماذا عن أحدث مذبحة دولية ذهب ضحيتها حوالي الألف وستمائة ضحية ثلثهم بالضبط من الأطفال، مع آلاف الجرحى الآخرين، في مجزرة غزة الأخيرة، وشعبها المحاصر، والتي لم تجد أحداً "يمول" لهم محكمة تعيد لهم شيئاً من كرامة وعدالة مفقودة، فيما أبطال تلك المجزرة، يسرحون ويمرحون في قلب العالم الحر، ويفرش لهم السجاد الأحمر، ويعاملون بكل احترام. ونفس الأمر ينطبق على العدوان الهمجي الذي استهدف لبنان في صيف العام 2006، وذهب ضحيته أيضاً ألف ومائتان من الضحايا، ناهيكم عن آلاف الجرحى الآخرين من شتى الأعمار.

لقد أظهرت هذه التطورات والممارسات الدولية القضائية، وبشكل واضح بأن العدالة الدولية باتت مأجورة، إلى حد ما بكل معنى الكلمة، ولمن يدفع، لتمويل محكمة وقضاة، "جاهزين"، للعمل من أجل تحقيق العدالة، والقضايا التي لا "تمول" لن يحقق فيها أحد، ولن تستلهم "عدالتها" أحد على الإطلاق. فإلى أين نحن ماضون في ظل هذا الهمجية القضائية الدولية العنصرية "الخمس نجوم"، التي لا تلتفت إلى فقراء الضحايا، الذين يسقطون، هنا وهناك، ويبقى هدفها تحقيق العدالة، وكشف الحقيقة للأغنياء، والأغنياء فقط؟ إنها العدالة المأجورة، التي تباع وتشرى بالدولارات.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب والتخلف الإليكتروني
- تحوّلات إيران الكبرى: هل تعترف إيران بإسرائيل؟
- استقبال الفاتحين الأبطال: عودة نجاد وأردوغان!!!
- أيُ الوصفات تفيد؟
- هل دماء ابن لادن شيعية؟
- فقه الجنس: برامج إباحية، أم وعظية؟
- اعترافات مصريّة خطيرة
- القاهرة وحزب الله: من يتهم من؟
- المطلوب من إخوان سوريا
- سقوط بغداد: عِبَرٌ وغموض وتحديات
- من الوحدة والتضامن إلى إدارة الخلافات العربية
- انهيار جبهة الخلاص السورية
- أنسنة العولمة
- أبو عنتر في ذمة الله
- في سجال خطوة إخوان سوريا
- خرافة الاقتصاد الإسلامي
- هل تتخلف الدول الدينية؟
- هل يكره النصارى المسلمين؟
- أوباما والعودة للشرق الأوسط القديم
- جوزيف فريتزل: صدمة أوروبا الجنسية


المزيد.....




- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - نضال نعيسة - العدالة المأجورة