أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عدنان عاكف - الحكومات العراقية في الأربعينات والقضية الفلسطينية















المزيد.....



الحكومات العراقية في الأربعينات والقضية الفلسطينية


عدنان عاكف

الحوار المتمدن-العدد: 2610 - 2009 / 4 / 8 - 10:56
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


نعود مرة أخرى الى مقال السيد شامل عبد العزيز " الباشا وستالين " المنشور على الحوار المتمدن ( 2601 – 30 /3/2009 )، لنتعرف على مواقف الحكومات العراقية من القضية الفلسطينية. يقول الكاتب :
" سوف نعتمد على مجموعة السيد عبد الرزاق الحسني ( تاريخ الوزارات العراقية ) الجزء السابع والجزء الثامن في مواقف الحكومة العراقية في العهد الملكي حتى يتبين هل نحن على حق في ما ذهبنا إليه أم لا ؟ وما هي المواقف التي كانت تتبناها الحكومة العراقية في تلك الفترة ومن خلال أهم قضية ألا وهي قضية فلسطين ..."..
يبدأ الكاتب باستعراض المواقف تجاه " أهم قضية " من مقررات مؤتمر بلودان، التي كان من بينها توصية الى الحكومات العربية بالدخول في مفاوضات مع بريطانيا حول القضية الفلسطينية. وافقت حكومة لندن على ذلك الطلب، لكنها اتخذت قرارا آخر بحق فلسطين ، مما أغضب الحكومة العراقية، فأصدر مجلس الوزراء في 15 آب بيانا شديد اللهجة يحتج فيه على تصرفات الحكومة البريطانية، وخاصة اعلانها عن خطة جديدة تجاه فلسطين ، وأعلن البيان بأن " الحكومة العراقية ليس في وسعها الموافقة على الدخول في مفاوضات مع الحكومة البريطانية " ما لم تتأكد من مجموعة من النقاط، منها :
ترفض التفاوض مع اليهود ولا تعترف بأي حق للهيئة الصهيونية العالمية في فلسطين . ولا تعترف بأية صفة رسمية للحكومة الأمريكية في موضوع فلسطين... عدم الاعتراف بقرارات اللجنة الأنكلو – أمريكية، ولن تقبل بالخطة المقترحة من الخبراء الانكلو – أمريكيين التي أعلنتها الحكومة البريطانية مؤخرا .. تستنكر الاقتراح بتعويض عرب فلسطين وتقديم القروض للدول العربية . وترى الحكومة العراقية عدم الرد على الحكومة البريطانية إلا بعد أن تتجلى الحالة في مؤتمر وزراء خارجية الدول العربية الذي سيعقد في الإسكندرية ..(1)
للتذكير فقط كل ما ذكره الكاتب يتعلق بفترة زمنية محصورة بين مؤتمر بلودان ( 8- 12 حزيران 1946) و15 آب من نفس العام، أي شهرين فقط. والآن لننتقل الى الفقرة الثانية التي أوردها السيد شامل نقلا عن الحسني، وليسمح لي القارئ ان أنقلها كما وردت في مقال الكاتب :
" أما ما ورد في الجزء الثامن من نفس الكتاب، (تاريخ الوزارات ) صفحة 69 :
يتضح من كتاب الإسناد الملكي بتأليف الوزارة السعيدية العاشرة أن مهمة هذه الوزارة كانت تنحصر بالدرجة الأولى في قضية فلسطين وصرف كل الجهود والإمكانيات لإنقاذها من محنتها وتنفيذ مقررات مجلس الأمة الصادرة في 28 تشرين الثاني ..
وكانت مقررات مجلس الأمة تقضي بتوجيه الحكومة للقيام فورا بما يلي :
أولا . وضع خطة سياسية عربية موحدة مقرونة بتأييد صريح قطعي من ذوي الحل والعقد والمسئولين في الدول العربية . تُعين بصراحة ووضوح الأعمال الخاصة التي ينبغي القيام بها للقضاء على أية محاولة لتكوين دولة يهودية في فلسطين ومن ضمن ذلك الخطة التي يجب إتباعها لمقاومة أي قرار تتخذه هيئة الأمم المتحدة لتكوين دولة يهودية في فلسطين ." (2)
الكاتب مهد لمقالته بسيرة ذاتية للباشا، والتي أشار في نهايتها الى أسفه على العراق الذي خسر هذا الرجل الذي " تكالبت عليه ما يُسمى القوى الوطنية ( وكأن الرجل لم يكن كذلك) والأحزاب الثورية ووصفوه ونعتوه بأقبح الصفات من خيانة وعمالة وغيرها كثير."
جدير بالذكر ان الوزارة السعدية العاشرة، المشار اليها أعلاه تم تشكيلها في 6 كانون ثاني 1949 ودامت حتى 10 كانون أول من نفس العام.
كما لاحظتم ان الكاتب كان يسعى من خلال ما نقله عن الحسني ان يعرف ان كان هو على حق أم لا ؟ ويعني ان كانت الحكومات العراقية في العهد الملكي، وخاصة (حكومة نوري السعيد ) قد انتهجت سياسة وطنية قومية للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني ؟ شخصيا وجدت صعوبة في الإجابة على استفسار الكاتب. هل من المعقول ان نبني حكما بشأن مواقف الحكومات العراقية من المشكلة الفلسطينية بناء على ما ورد في فقرتين ، من الواضح إنهما تتعلقان بمرحلة زمنية قصيرة ؟ ثم ان النص الذي أورده خالي من أية تواريخ يمكن ان تساعدنا في الحكم وإعطاء الجواب الصحيح. ولكن اذا كان المُراد هو إصدار حكم، انطلاقا من هذا النص وبمعزل عن كل ما حدث قبل وبعد هذه الفترة فاني استطيع القول وبضمير مرتاح ان الكاتب كان على حق وان الموقف القومي الأصيل للحكومة العراقية آنذاك لا يقل ثورية ووطنية عن المواقف الثورية والتصريحات النارية التي كان الزعماء العرب يطلقونها قبل عقدين من الزمن، مع كل أزمة وكارثة كان يتعرض لها الشعب الفلسطيني. هذه المواقف الثورية المسئولة قد اختفت اليوم، بعد ان وضعت الأنظمة العربية عقلها في رأسها وعادت الى رشدها.. أما اذا كان الكاتب يرغب بالحصول على جواب حقيقي سليم قائم على النقد الموضوعي والتقييم الذي يستند الى الوقائع والوثائق، فلا بد من الرجوع الى تلك الوقائع. وقبل القيام بهذه الرحلة الى الماضي أستطيع ان أخبر القارئ مسبقا: اللاءات الثورية الخمس التي وردت في بيان مجلس الوزراء والتي تذكرنا (بلاءات) القمم العربية تحولت جميعها الى (نعمات). خمس ( لا ) تحولت الى خمس ( نعم ) خلال أقل من خمسة أشهر لا غير.
الوزارة السعدية العاشرة :
لتكن بدايتنا من الفقرة الثانية. دعونا نبدأ من التسلسل التاريخي للأحداث المشار اليها في هذه الفقرة. تم تشكيل الوزارة السعدية العاشرة، كما ذكرنا في يوم 6 كانون ثاني 1949 واستمرت حتى 10 كانون أول من ذلك العام. والقرار 181 القاضي بتقسيم فلسطين، كان قد صدر يوم 29 تشرين ثاني 1947، أي ان الوزارة شُكِلتْ بعد ان " وقع الفاس بالراس " بنحو سنة و37 يوم. أما إسرائيل فقد تم الإعلان عن تأسيسها في 14 أيار 1948، أي قبل صدور كتاب الإسناد الملكي بنحو سبعة أشهر. وهذا يعني ان الحديث الذي ورد في تلك الفقرة كان يدور عن خطط وإجراءات ينبغي اتخاذها لمنع وقوع أحداث كانت قد وقعت قبل حين... ماذا يعني هذا؟ ربما كانت تلك المهمة التي أنيطت بحكومة الباشا أصعب مهمة تجابه حكومة في العالم. كيف يمكن للباشا ان يضع " خطة دقيقة وواضحة لتحديد الأعمال الخاصة التي ينبغي القيام بها للقضاء على أية محاولة لتكوين دولة يهودية في فلسطين ومن ضمن ذلك الخطة التي يجب إتباعها لمقاومة أي قرار تتخذه هيئة الأمم المتحدة لتكوين دولة يهودية في فلسطين "اذا كان قرار الأمم المتحدة قد صدر قبل عام، وان الدولة اليهودية قد تشكلت ونالت اعتراف الكثير من الدول؟ كل هذا يعني ان كتاب الإسناد الملكي وما وردت فيه من وعود بشأن إنقاذ فلسطين، ومقررات مجلس الأمة في تشرين الثاني، والتهديدات الصاروخية التي أطلقها الباشا في كلمته التي ألقاها فور الإعلان عن تشكيل الوزارة الجديدة، كانت، جميعها، مجرد كلام لا معنى له أصلا ... وإذا كان للكاتب وجهة نظر أخرى فليخبرنا بها مشكورا... أعتقد ان هناك لغز محير، وأعتقد أيضا ان من حق القارئ ان يطالب السيد شامل بحل هذا اللغز، لأنه الوحيد القادر على حله. أو قد يكون الأستاذ عبد الرزاق الحسني قدوقع في خطأ غير مقصود في تدوينه للأحداث التي أشار اليها!
أكد نوري السعيد في كلمته الأولى، بعد تشكيل وزارته العاشرة بانه سيعمل على تطبيق ما ورد في كتاب الإسناد الملكي، وانه " سيضع نصب عينيه بالدرجة الأولى قضية فلسطين بغية إنقاذها من محنتها !!." (3) ومن أجل ان يجسد وعده في أرض الواقع أُعلن حالة الطوارئ والإحكام العرفية، لأن مؤخرة الجيش العراقي في فلسطين كانت بحاجة الى حماية من الأعداء في الداخل، المتمثلين بالشيوعيين والقوى الوطنية الأخرى التي ساهمت في انتفاضة كانون 1948. فأعلن في البرلمان ان هدف حكومته ( ان تصفي الحساب مع الشيوعيين وتكافح الشيوعية حتى نفسها الأخير في البلاد ) (4)
لم تسنح الظروف القاهرة، مع الأسف، للباشا ان يُنقذ فلسطين من نكبتها، كما وعد، لأن العين بصيرة واليد قصيرة. وقد بقيت يده قصيرة باتجاه فلسطين حتى وفاته. لكن يده كانت طويلة وجبارة حين كان يتعامل مع الحركة الوطنية ، لذلك كان عند وعده بشأن من كان يهدد مؤخرة الجيش. وقد بدأ بالشيوعيين، الذين اعتقل منهم المئات، وأمر بإعادة محاكمة فهد ورفاقه من قيادة الحزب، وصدر بحقهم حكما بالإعدام، وبعد مرور بضعة أيام تم تنفيذ الحكم ، وعلقت جثث الشهداء لبضعة ساعات في شوارع بغداد. وقد تمت إعادة المحاكمة وتنفيذ حكم الإعدام تحت إشراف السفير البريطاني، الذي أصر على وجوده كي يتأكد من ان كل شيء يجري وفق الدستور، والأصول الديمقراطية. وجدير بالذكر ان العراقيين في مرحلة تشكيل الدولة الجديدة قد استوردوا المبادئ الأساسية لدستورهم من الدستور البريطاني في عشرينات القرن العشرين، وكان بالفعل دستورا متطورا، لولا ان الباشا وزملائه من الذين تناوبوا على حكم العراق قد تخلوا عن كل ما هو جيد فيه وطعموه بمواد وفقرات جديدة تتيح لهم الحكم بالإعدام على كل من يروج لأفكار، يعتقدون انها خطيرة وهدامة، وفق مبادئ الديمقراطية.
لم تكن الحقيقة بحاجة إلا لبضعة أسابيع لتتجلى بكل أبعادها، والحقيقة، كما يقول الأستاذ حامد الحمداني هي " إكمال المؤامرة التي صاغتها بريطانيا، ونفذها الحكام العرب لتصفية القضية الفلسطينية وتثبيت الكيان الصهيوني ". ويستند الحمداني الى آراء العديد من الشخصيات السياسية التي عاصرت تلك الأحداث. منها ما ورد في مذكرات زميل الباشا ورفيق دربه طيلة أربعة عقود، وأحد أقطاب النظام الملكي ، الذي شغل أعلى المناصب ( وزير دفاع، ورئيس وزراء، ورئيس مجلس الأعمار من 1953 الى 1958) السيد طه الهاشمي :
" إن ما جاء في الكتب المتبادلة بين الأمير عبد الإله ونوري السعيد من التنويه بقضية فلسطين إنما قصد به ذر الرماد في العيون، وأنا أتوقع أسوأ النتائج من هذه الوزارة، فسيبدأ الاعتقال والسجن، وكم الأفواه إلى أن تستقر الأمور في العراق، وسيشجع الملك عبد لله على اقتطاع الأرض العربية فلسطين ليضمها إلى إمارته شرق الأردن ". (5)
ولست أدري ان كان القارئ سيقبل بشهادة السيد كامل الجادرجي، أم سيعتبرها باطلة، لكونه من بين الشخصيات التي تكالبت على الباشا:
" إن عودة نوري السعيد إلى الحكم في أوائل كانون الثاني 1949هي من الأحداث البارزة في فترة ما بعد الوثبة، وقد اعتبرت عودته تصفية نهائية لآثار وثبة كانون الثاني 1948، وعودة سيطرته الكاملة على الحكم ". (6)
وأول خطوة اتخذتها الحكومة بشأن دعم الشعب الفلسطيني هي اتفاقها مع الملك عبد الله على سحب القوات العراقية من فلسطين. وما ان تم ذلك حتى أعلن عبد الله عن تسليم اللد والرملة الى القوات الصهيونية. وبسبب هذا الموقف تم اغتياله. ولا أظن ان الكاتب سيرفض شهادة المؤرخ عبد الرزاق الحسني الذي كتب عن قرار نوري السعيد بسحب القوات العراقية :
" لقد كان سحب القوات العراقية من فلسطين من القضايا الخطيرة، لأنها تتصل بشعور الشعب العربي الناقم على حكومات الدول العربية في كافة عواصمها، وكانت الحكومات العراقية المتعاقبة تخشى الإقدام على مثل هذه الحركة فاستطاعت الوزارة السعيدية العاشرة أن تقوم بهذه المهمة مستفيدة من وجود الأحكام العرفية في البلاد ". (7)
واذا كان الكاتب وغيره يمكن ان يشكك بموضوعية السيد الحمداني حين اعتبر مهمة الحكومة التي شكلها نوري السعيد هي إكمال الطبخة الصهيونية الاستعمارية بشأن تصفية القضية الفلسطينية، فان السيد الحسني في الفقرة أعلاه يؤكد بوضوح على ان ما ذهب اليه الحمداني هو الحقيقة. حتى الساسة الذين وقعوا معاهدة بورثسموث لم يتجرءوا على سحب القوات، فسلم الأمر بيد " رجل المهمات البريطانية الصعبة "، كما يقول الحمداني.
تبقى هناك نقطة أخرى لا بد من الإشارة اليها، وتتعلق بقضية تهجير اليهود من العراق. لقد سعت الحكومة ومعها القوى القومية العربية الشوفينية على تهجير عشرات الآلاف من اليهود ، وبذلك حققت ما كانت تسعى اليه المنظمات الصهيونية داخل العراق وخارجه. لقد انخفض عدد اليهود في العراق من 110 ألف في عامي 1948-1949 الى عشرة آلاف في عام 1951. أي ان الحكومة العراقية ساهمت بتعزيز القدرات اليهودية في فلسطين بنفس العدد الذي كان يطمح اليه مشروع ترومان، الذي نص على تهجير 100 ألف يهودي الى فلسطين . كان اليهود يشكلون 2.6% من مجموع سكان العراق عام 1947م في حين أن نسبتهم انخفضت إلى 0.1% عام 1951م. (8). وقد تطرق الى هذا الموضوع فيما بعد السيد محمود عباس ( أبو مازن ) وركز على الخصوص على تعاون المنضمات الصهيونية والسلطات العراقية والبريطانية، فكتب يقول :
" لذلك فقد كان من الصعب بل من المستحيل إقناع هذه الجالية بضرورة الرحيل ، فالتجأت الحركة الصهيونية الى العنف والتآمر مع بعض السلطات المحلية والقوى الأجنبية التي كانت في ذلك الوقت تتحكم بمقاليد البلاد ، وكانت صاحبة مصلحة سياسية في تهجير هذه الجاليات لبناء الدولة اليهودية بإمدادها بالقوى البشرية اللازمة..". (9)
مؤتمر بلودان :
ما ورد ذكره في الفقرة الأولى التي استند اليها الكاتب يدور عن ردود فعل الحكام العرب تجاه موقف بريطاني أمريكي واحد، ويقتصر على المرحلة الزمنية التي نشطت خلالها اللجنة الأنكلو – أمريكية التي أنيطت بها مهمة جمع الحقائق عن العلاقة بين العرب واليهود في فلسطين، ولكن في واقع الأمر كانت مهمتها هو الإعداد لتقسيم فلسطين وتنفيذ المخططات الصهيونية. أما الهدف الثاني المباشر لهذه اللجنة هو منح الشرعية لمشروع ترومان القاضي بالسماح بتهجير 100 ألف يهودي الى فلسطين. قامت اللجنة بزيارة القاهرة والأردن وسوريا والعراق والسعودية واجتمعت الى حكوماتها والى معظم الأحزاب السياسية في هذه البلدان. في حين دعا الشيوعيون في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين الى مقاطعتها، لعدم تمتعها بأية صيغة شرعية، وحذروا من نوايا القائمين عليها. أصدرت اللجنة تقريرها في آذار 1946، وقد كان منحازا لليهود ودعا الى تقسيم فلسطين وإقامة دولة يهودية. وقد عم الغضب جميع البلدان العربية. ومن أجل امتصاص غضب الشعوب العربية تحركت الحكومات، ودعت، كعادتها، الى مؤتمر قمة، فكان مؤتمر بلودان، الذي عقد في حزيران 1946. كان المؤتمر مجرد جعجعة في فنجان، ومسرحية هزيلة كان يراد منها ذر الرماد على العيون وإنقاذ الحكومات العربية، من المأزق التي وجدت نفسها فيه بعد الإعلان عن توصيات اللجنة. ان تحرك الحكومات العربية ومطالبتها حكومة لندن بعقد اجتماع معها جاء في سياق نهجها الخاطئ للتمادي في تعاونها مع السلطات البريطانية، في حين ان الوضع كان يتطلب ان تقطع فورا كل اتصالاتها مع بريطانيا وتطالب بنقل القضية الفلسطينية الى الهيئة الدولية. لم يكن مؤتمر بلودان ومقرراته ليختلف عن مؤتمرات القمم العربية التي عاصرنا الكثير منها...
هل تريد عزيزي القارئ ان تعرف المزيد عن مؤتمر بلودان الرسمي وما دار فيه ؟ أترك الحديث للكاتب محمد خليفة وهو يحدثنا عن آخر مؤتمر، في مقاله الطازج الساخن، " القمة العربية: خطابات مجردة " الذي خرج توا من التنور :
" تعتمد القمم العربية على خطابات مجردة، عائمة، غائمة، لا توجه أي تحليلات أو فحوصات عميقة إلى واقع المجتمعات العربية الداخلية وما فيها من مشكلات وكوارث وانسداد عن التطور. فتسود المجاملات السياسية والوصول إلى تعاون مجرد في السياسة الخارجية في المنطقة وليس في العالم ككل. وكذلك لا تخلو من مشاكسات هي تعبير كذلك عن الأنظمة وخاصة العسكرية الشمولية وما فيها من مراهقة. ..".(10) هذا تقريبا صورة مقاربة لما دار في مؤتمر بلودان مع بعض الاختلافات الطفيفة المتعلقة ببعض التفاصيل، والناتجة عن اختلاف الظروف بين زمن انعقاد قمم الأمس وقمم اليوم. قد يتهمني البعض بتهمة " تزوير الحقائق "، مرة أخرى، لذلك دعونا نستمع الى ذكريات شخصيات مهمة شاركت في هذا المؤتمر ، كما وردت في مذكراتهم. وجدير بالذكر ان المؤتمر كان مجرد اجتماع لوزراء الخارجية العرب، ولكن أطلق عليه اسم " مؤتمر بلودان الثاني ".
بعد مرور أربعين عاما على ذلك المؤتمر كتب الزعيم الفلسطيني أحمد الشقيري يقارن بين مؤتمر بلودان الأول، الذي عقدته المنظمات والأحزاب السياسية العربية في عام 1937 ردا على صدور تقرير لجنة بييل البريطانية، وحضره 400 مندوب وبين المؤتمر الثاني الذي عقد في 1946:
" في المؤتمر الأول كانت تتجلى المصارحة والمكاشفة والشجاعة. بينما اتسم المؤتمر الرسمي بطابع التهامس وراء الكواليس والاجتماعات الجانبية – لا لدرء الخطر عن فلسطين ولكن لدرء الخطر الذي تلقيه فلسطين على عاتق الدول العربية... فقد كان كل وفد يقول في الداخل غير ما يقول في الخارج للصحافة والتجمعات الشعبية ..". (11)
أما رئيس الوفد العراقي د. فاضل الجمالي الذي كان وزير الخارجية آن ذاك، وهو الوجه الناصع في تركيبة الحكومة العراقية منذ الثلاثينات، والذي لم يخفي حماسه يوما بمحاربة الشيوعيين العراقيين " إخوان اليهود " فقد كان في مذكراته أكثر صدقا وشجاعة ودقة وبلاغة في وصف المؤتمر:
" كان طبلا فارغا له صدى بعيد وفي داخله لا شيء "(12)...
وكان رئيس وفد الحكومة السعودية الأمير فيصل الأشجع والأكثر صدقا مع النفس ومع الشعب العربي من المحيط الى الخليج. لأن الرجل لم يكن بحاجة الى كتم مشاعره عشرات السنين كي يقول رأيه بصراحة، بل واجه جميع الوفود المشاركة وقال ما كان يعتري في نفوس الجميع، وطالب الحكومات العربية بتغليب العقل على العواطف " وإعلان الاستسلام لقوات أمريكا وبريطانيا، وطلب الرحمة والإنصاف منهما، وعدم توريط عرب فلسطين بأي صدام مع هاتين الدولتين ". ولكنه عاد فيما بعد وأعلن :" امشوا فاننا نمشي معكم ولن نتخلف، وما انا من غزية ان غزت ".. ( وغزية هذه قبيلة، والمثل يضرب عندما لا تُقبل النصيحة، ولكن بعد فوات الأوان، وحين لا ينفع الندم. وفي الأصل هو قول للشاعر دريد بن الصمة، قاله بعد ان نصح أخاه بأن يأخذ الحذر من أتباع قبيلة تضمر له العداء فلم يمتثل للنصيحة، فقتلوه وهو في غفلة، فقال بضعة أبيات منها هذا البيت :
وما أنا إلا من غـَزية ان غـَوتْ/
غـَويتُ وان تـَرشد غـَزية أرشدِ
أما بشأن تهديد الحكومة العراقية للحكومة البريطانية الذي ورد في بيان مجلس الوزراء في 15 آب والقاضي في رفض الحكومة العراقية التفاوض مع الحكومة البريطانية قبل تحقيق الشروط المذكورة في البيان، فان حكومة بغداد أعجز من ان تتحمل غضب بريطانيا " الصديقة " فعادت الى مفاوضاتها بدون تحقيق أي من تلك الشروط. فلم يمض شهر على بيان مجلس الوزراء حتى بدأت المفاوضات من جديد في لندن حيث افتتحت في 10 أيلول بين بريطانيا والحكومات العربية وممثلي القيادة الفلسطينية وممثلي المنظمات الصهيونية. واستمرت المفاوضات بضعة أيام وانتهت بالفشل. ثم استأنفت في شباط 1947 بحضور مندوب الهيئة العربية العليا وممثلي الوكالة اليهودية، وانتهت بالفشل أيضا..
ومما يثير الدهشة ان الحكومات العربية والقوى القومية التي التقت مع اللجنة الأنكلو – أمريكية، التي أنجزت الخطوات الأخيرة في تهيئة الوضع لصدور قرار التقسيم، امتنعت عن مقابلة اللجنة التي أوفدتها الأمم المتحدة في 1947 للتحقيق بالمشكلة الفلسطينية. مع العلم ان هذه اللجنة كانت تضم في عضويتها ممثلي دول صديقة ومساندة للحقوق العربية، مثل يوغسلافيا وجيكوسلفاكيا والهند وايران.
ما قبل مؤتمر بلودان :
من يقرأ بيان مجلس الوزراء العراقي في 15 آب يظن ان بريطانيا لم تكن قد كشفت عن نواياها وخططها تجاه فلسطين، في حين ان هذه النوايا كانت معروفة للجميع. ويمكن القول ان المحطة الأخيرة في المرحلة الأطول والتي جرى التمهيد والإعداد خلالها لمشروع تقسيم فلسطين وتأسيس الدولة اليهودية.
لن نعود الى الوراء لنبدأ بوعد بلفور، ولا الى المساعدات المادية والمعنوية الكبيرة التي قدمتها بريطانيا للمنظمات الصهيونية على المستويين العسكري والمادي حيث مدت تلك المنظمات بالسلاح والمال وفتحت باب الهجرة أمام يهود العالم للانتقال الى فلسطين. كل ذلك كان يمهد لتهيئة الظروف الملائمة لفرض مشروع التقسيم وإقامة الدولة اليهودية ، وفرضه بالقوة لو تطلب الأمر. وهل نسي العرب مشروع بييل الذي تقدمت به بريطانيا لتقسيم فلسطين في عام 1936، والذي جوبه برفض شديد من قبل مختلف القوى السياسية في الوطن العربي، والذي تجلى في مؤتمر بلودان الشعبي في عام 1937؟
سعت القوى الاستعمارية والمنظمات الصهيونية منذ العشرينات ان تصور القضية الفلسطينية بكونها معركة بين العرب واليهود. وفي هذا الاتجاه كانت تصب مساعي الحكومات العربية وتوجهاتها. وقد انساقت وراء هذا الاتجاه أحزاب وتنظيمات عربية قومية مختلفة. وقد أفلحت هذه الجهود والمواقف، وبدرجات متفاوتة، في التأثير على الرأي العام العربي والعالمي وساعدت على إخفاء جوهر القضية. وقد لعبت بريطانيا دورا مميزا في ترسيخ هذا النهج، لكونه كان يصب في مصلحتها، وعلى الخصوص كانت تسعى لتمديد فترة الانتداب على فلسطين بحجة ان انسحابها سوف يؤدي الى حروب بين العرب واليهود. في حين سعت القوى اليسارية في العالم العربي، وفي مقدمتها الشيوعيون على التأكيد بان جوهر الصراع ليس بين العرب واليهود بل بين الشعب الفلسطيني والاستعمار البريطاني، لذلك فان الجهود يجب ان توجه في هذه المرحلة نحو تحقيق الهدف الأول : " إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، ومنح الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير ".
كشف الحزب الشيوعي عن عقم السياسة التي تنتهجها الحكومات العربية والقوى التي تثق بها، وعن مدى خطورة تلك السياسة على فلسطين، وهي سياسة المفاوضات والانتظار والاعتماد على النوايا الحسنة لدى الدول الاستعمارية المنتدبة. وأكد ان الحديث عن تحييد بريطانيا وكسب رضاها كالركض وراء السراب. وطالب بالوقف الفوري لجميع المفاوضات التي كانت تجريها الحكومات العربية مع الحكومة البريطانية، ومقاطعة اللجان التي شكلتها الحكومات الغربية والشروع فورا بعرض قضية فلسطين على مجلس الأمن والأمم المتحدة. ان نقل القضية الى الهيئة الدولية سيحولها من مشكلة قائمة بين العرب واليهود، كما كانت تصورها المفاوضات الجارية مع بريطانيا، الى إطارها الصحيح. ومما شك ان طرح القضية على الهيئة الدولية سوف يكسبها تأييد وتعاطف قوى التحرر في العالم والدول الصديقة...
حتى بعد فشل المباحثات التي جرت في لندن في الفترة بين أيلول 1946 وشباط 1947، واصلت الحكومات العربية ثقتها بلا حدود بموقف " بريطانيا الصديقة "، وربطت عرض القضية على الأمم المتحدة بموافقتها. (13) وفي الوقت الذي كانت فيه الدوائر الاستعمارية تهيأ طبختها الأخيرة لاغتصاب فلسطين كانت الحكومات العربية منهمكة في عقد الأحلاف المشبوهة. في تلك الفترة بالذات عقدت الاتفاقية العراقية التركية والاتفاقية التركية الأردنية والاتفاقية البريطانية المصرية. وجميع تلك الاتفاقيات تمت بتوجيه من بريطانيا وتحت إشرافها. وفي تلك الفترة بالذات بدأ العراق بالتمهيد لبدء المباحثات بشأن اتفاقية بورتسموث، وكانت الجهود تبذل أيضا لتحقيق مشروع سوريا الكبرى والكتلة الشرقية...
بدأت المفاوضات بين ممثل بريطانيا وزير خارجية العراق ، نوري السعيد عام 1940، وعن طريقه بالقيادة القومية الفلسطينية، ومنهم جمال الحسني الذي كان يقيم في تلك الفترة في العراق (14). كانت بريطانيا ترفض أي حديث عن إنهاء انتدابها في فلسطين.لذلك فان المفاوضات كانت تدور بالأصل حول مشاريع رجعية مشبوهة.مثل حل المشكلة الفلسطينية ضمن المشاريع الوحدوية التي كانت بريطانيا تسعى لتحقيقها. وذروة ما بلغته المطالب العربية خلال مباحثات نوري السعيد والفلسطينيين تلخصت في تحديد الهجرة بنحو 75 ألف والبدء في وضع دستور الحكم الذاتي وإصدار عفو عام... مقابل استخدام السعودية والعراق نفوذهما لتخفيف الدعاية المتعلقة بفلسطين (15).. وفي الوقت الذي كانت الحكومات العربية، وفي مقدمتها نوري باشا منشغلة في تخفيف الدعاية المتعلقة بفلسطين كانت حكومة جلالة الملك في لندن تضع اللمسات الأخيرة لتنفيذ مشروعها، التي بدأت بإعداد العدة له منذ نهاية القرن التاسع عشر، وهو المشروع الذي كان من الممكن ان لا يرى النور لولا الجهود المحمودة التي بذلها أكثر من ملك وأمير وقائد سياسي عربي...
فعلا كان السيد حامد الحمداني موفقا في عبارته البليغة :
نوري السعيد رجل المهمات البريطانية الكبرى !!!

المصادر :
(1) شامل عبد العزيز : الباشا وستالين، الحلقة الأولى. الحوار المتمدن؛ 2601، 3/30/2009
(2) المصدر السابق
(3) حامد الحمداني : نوري السعيد بجل المهمات البريطانية الكبرى ، الحلقة 11/16 ؛ الحوار المتمدن، 2399- 9/9/2009
(4) جاسم هداد : محطات من حياة الرفيق فهد ؛ الحوار المتمدن، 1504 – 29/3/2006
(5) مذكرات طه الهاشمي – الجزء الثاني، ص. 254
(6) مذكرات كامل الجادرجي – ص. 267
(7) عبد الرزاق الحسني : تاريخ الوزارت العراقية – الجزء الثامن- ص. 74
(8) http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D9%87%D9%88%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82
(9) http://www.almawsem.net/diwan01/abomazen.htm
(10) محمد خليفة : القمة العربية خطابات مجردة ؛ الحوار المتمدن – 2605؛ 3/4/2009
(11) أحمد الشقيري : أربعون عاما في الحياة العربية والدولية ؛ ص 70
(12) للتفصيل حول قرارات مؤتمر بلودان العلنية والسرية، والتي تضمنت تهديدات عنترية لضرب المصالح البريطانية والأمريكية في المنطقة، وما كتب عنها راجع: د. ممدوح الروسان : العراق وقضايا الشرق العربي القومية 1941 – 1958
(13) د. الروسان مصدر سابق، ص 156
(14) د. أميل توما : ستون عاما على الحركة القومية الفلسطينية؛ ص 180
(15) د. الروسان، مصدر سابق، ص 200



#عدنان_عاكف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خُصْيَة اليهودي
- الباشا والقضية الفلسطينية - 1 -
- جنة الملوك بين الواقع والتزييف
- حدث في مثل هذا اليوم
- الشاعر البابلي والحلم الطوباوي
- عن السياب والشيوعيين مرة أخرى
- لميعة عباس عمارة تكتب عن السياب والحزب الشيوعي
- هل تتعارض الاشتراكية مع الطبيعة الإنسانية ؟؟
- الزمرد وعيون الأفعى
- صبري حافظ يكتب عن السياب الشيوعي -2 -
- صبري حافظ يكتب عن السياب الشيوعي -1 -
- لماذا الاشتراكية ؟ - 1 -
- اشتراكيون وليبراليون
- الحزب الشيوعي العراقي والقضية الفلسطينية
- عبد الناصر بين أضراس شامل عبد العزيز
- الأوربيون تعلموا الغزل من أسلافنا! أيعقل هذا ؟
- لماذا تراجعت قضية المرأة في العالم العربي ؟؟
- في الاشتراكية العلمية : الاشتراكية والبرمجة الوراثية
- - والقلب ما طاب جرحه - !
- في الاشتراكية العلمية : الطبيعة الإنسانية وكيف تتغير


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عدنان عاكف - الحكومات العراقية في الأربعينات والقضية الفلسطينية