|
يا الرايح
مصطفى العوزي
الحوار المتمدن-العدد: 2490 - 2008 / 12 / 9 - 06:38
المحور:
الادب والفن
صيف 1999 ، تحول بيتنا بقرية الصيادين إلى مصطاف اجتمع به كل الأخوة ، أخي ماجد جاء من لندن ليقضي عطلته الصيفية هنا ، و لسان حاله ينطق بكلام مفاده مقارنة عجيبة سخيفة بين لندن عاصمة أوربية من قلب دول الشمال الفاخرة ، و بين قرية الصيادين المدينة الذيل في بلد جد متواضع من دول الجنوب المسكينة ، طبعا لم نكون لنتفاعل مع مقارنته السخيفة و ذلك لسبب بسيط هو أننا كن نرغب في قضاء أيام الصيف بدون تحريك الجراح العميقة ، أختي أمينة بدورها لحقت بماجد بعد أيام قليلة من قدومه ، هي الأخرى قدمت من الشمال و من فرنسا تحديدا ، كن جماعة نعشق الليل ، و تكل خاصية أهل القرية الساحلية ، نقصي الصباح من معادلة الحركة ، و بعد الظهيرة نروح على الشاطئ نسبح و نمارس ألعاب عشوائية ثم نعود للبيت لنرتح قليلا ، في الليل نجوب أطراف القرية ، لينسحب الجميع بعدها إلى البيت ماعدا أنا و ماجد ، فقد كنت أصحبه في لياليه الخمرية ، نقصد محل بيع الخمور في أول المشوار ، يشتري ما يكفيه الليلة ثم نعود إلى البيت ، نجلس في الحديقة ، أرخي أذناي لسماع كلامه الشيق ، و أغاني ثلاثي الراي الجزائري طه ، خالد و فضيل تطرب سمعنا ، أكثر ما كان يستهويني من أغنيهم يا الرايح وين مسافر ، هي في الأصل أغنية الدحمان الحراش ، تمت إعادة حياكتها بأدوات جديدة زادت من رونقها و جماليتها ، عايشة التي كان خالد يلح عليها بأن تسمعه ، هي أيضا أغنية جميلة كان يروقني سماعها ، و بين الرايح و عايشة كان ماجد يحدثني عن لندن ، عن ضبابها و صحوها ، أكثر ما كان يروق ماجد الحديث عنه هو ليالي لندن الماجنة ، بعد العمل كان ماجد يفضل دوما السهر رفقة بعض الأصدقاء هناك خصوصا الجزائريون منهم : اسمع مصطفى الجزائري شخص طيب ، أحسن من الليبي و التونسي حكمه هذا لم يكون ليحرك في ساكنا خصوصا و أني لم أكون لأعرف عن كل هذه الدول شيء سوى أنها جميعا دول في شيء ما يسمونه المغرب العربي ، لكني اليوم أعرف معنى ذلك ، طبعا لكل شعب خصائصه ، الليبي مواطن بليد جدا و التونسي مواطن محتل و مخادع ، هذا ما استنتجته لحد الساعة ، طبعا من خلال مباريات كرة القدم ، و من خلال تأمل رؤساء هذه الدول ، و أيضا من حصة النكت التي نسمعها كل يوم ، و رغم كم دروس التاريخ و الجغرافيا التي تلقينها منذ ولوجنا حجرات الدراسة لم تغير تلك الصورة النمطية التي كونها في أذهاننا عن إخواننا في ليبيا و تونس . ماجد يقول أن مغني الراي هم أهم ممثل للمواطن العربي المهاجر في أوروبا و في باقي العالم الأول ، أما السفارات و مجالس الهجرة فما هي إلا قاعات أفراح يستقبل فيها المسؤول هناك معارفه من مهاجرين مقربيين أو أصدقاء في تلك الدول ، ماجد لا يعترف بسفارة بلده بلندن ، قال لي أنه أصلا لا يعرفها ، و لأنه يحمل جنسية بريطانية فقد تم قطع الحبل السوري بينه و بين أي مؤسسة تنتمي إلى المغرب سواء في الداخل أو في الخارج ، حتى الأكلات المغربية لم يعود يطيقها ، سخطه على البلد أيام تواجده فيها جعل كل ما يأتي منها ينبتق قرب عينيه بلون أسود قاتم . و لهذا طبعا قرر منذ أخر زيارة له عدم العودة إلى المغرب ، لقد خطفته لندن الساحرة من بلده الكئيب ، الفودكا و البيتزا و الشقراوات مؤثرات رائعة للغاية لن تسمح له في التفكير مرة ما في العودة إلى المغرب ، و لن يعلن بمقولة كالتي أعلن بها مغني الراي مامي عندما قال : بلادي هي الجزائر و تمنيت نروح ليها ساير أيضا لن يتفيق مع طه ، فهو قد راح لكنه لن يولي ، و يبقى الأمل الوحيد لنا هنا هو أن نقول له عندما تتاح لنا فرصة الحديث معه عبر الهاتف : ماجد متى ستعود ؟
#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات مهاجر سري : الهجرة بعيون من عاشوها
-
سجارة مارلبورو
-
أوراق من زمان البستان
-
تجربة موت
-
ودعا أية
-
عندما يسطع شمس الهند يحق لنا الافتخار و التقليد
-
العالم بين 1929 و 2008 / 1
-
مئة عام من العزلة : رواية الصراع بين الواقع و الخيال التي بي
...
-
مئة عام من العزلة رواية الصراع بين الواقع و الخيال
-
رجال في المغرب
-
يعني
-
البكور
-
يوم مواطن
-
سعيد
-
خلف الأصوار
-
حوار مع الكاتب و الصحفي المغربي المقيم بألمانيا محمد نبيل
-
ممنوع .... و شكرا
-
الاتصال ألية من أليات العولمة
-
جلباب المستعمر
-
أقزام زمن العولمة
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|