|
سعيد
مصطفى العوزي
الحوار المتمدن-العدد: 2295 - 2008 / 5 / 28 - 09:46
المحور:
الادب والفن
ربما نمت قليلا ، هكذا أقول لنفسي و لكل من أعرفه كل يوم ، و قد يكون الأمر بكل ما فيه ليس إلا وحيا من خيال ، استفقت هذا الصباح ، و كان أول ما قمت به هو فتح النافذة لأطل على الخارج لمعرفة أحوال الجو التي لم أتمكن من رأيتها البارحة في نشرة الأخبار ، عادة عندما أفتح النافدة أقف قليلا قبل أن أطل فكما اعتدت منذ الطفولة الهواء هو مصدر كل الأمراض العضوية ، لكن اليوم لم أقف وقفتي هذه فالجو حار و لا داعي للخوف من الهواء ، ألقيت النظرة المعتادة ، و رأيت أن الوقت لازال باكرا على نهوض كسول مثلي فقررت العودة إلى الفراش لأنم بعد الوقت مرة أخرى ، لكن صوت و ضجيج الورشة القابعة أسفل الدار لم يكون ليترك لي مجالا للنوم الهادئ ، فبدأت في سب و شتم كل عمال الورشة في قرري نفسي ، و عند تأكدي من أن نومي الآن ضرب من العبث ، قررت تركه ، و عدت مرة أخرى أطل من النافذة و أبتسم لحظي العاثر هذا الصباح ، فكيف لي أن أنام و عمال الورشة كل بمطرقته يضرب بها أطراف السيارة لتستقيم ، و أنية المواد المختلطة بين رجليه يداعبها فبل الانحناء عليها و أخد البعض منها ليضعه على جزء صفيحة السيارة المتضرر ، لمحت سعيد فتى حسن صاحب الورشة ، ناديته ، رفع عيناه في و ابتسمت له ، هذا الصبي الذي يمر بي مساء ليقترض مني درهمين أو أكثر على أساس أن يردها لي عند نهاية الأسبوع عندما يصرف له صاحب الورشة أجرته الأسبوعية ، مرة قررت أن أسأله لماذا انقطع عن الدراسة ، لكن لم أفعل ذلك لأني أعرف مسبقا السبب ، فأنا لحدود الساعة لم أنسى أني بدوري انقطعت عن الدراسة و تهت بين مهن عديدة قبل أن أعود إليها بشق الأنفس، لم أسأله و لن أسأله لأن السؤل فقط لا فائدة منه و إن قدم الجواب المقنع، سعيد هذا مضحك في تصرفاته ، مرة قدم عندي لأقرضه كالعادة ، و كانت معي حينها إحدى زميلات الدراسة ، فرقت لحاله ، و ببراءة الفتيات الرومانسيات ، فتحت محفظتها الخاصة و ناولته عشرة دراهم ، لكنه رد عملها هذا بقول جاف ، أنا لست متسولا ، فضحكت أنا للموقف ، و ضحكت الزميلة و ضحك هو بدوره و خرج مسرعا بعدما احمرت وجنتاه و استشعر هزالة الموقف ، قلت ساعاتها لزميلتي ، و الله انه محق ، الصبي ليس شحاتا ، ثم انه يشتغل ، و ليست هذه المرة الأولى التي يقترض مني فيها مالا ، و هده سنة ينتهجها معي لمدة لا تقل عن سنة ، فلا أرى داعي لأن تستعرضي عضلات عواطفك مرة أخرى أمام الناس ، الأفضل لكي أن تنتقي الفرص المناسبة لدلك ، غضبت زميلتي من كلماتي هذه و من شدة انتقادي لها ، و أيضا لأن كلامي كان فظا للغاية ، فتركتني و خرجت غاضبة دون أن تقول لي مع السلامة ، فاستشعرت أنا حجم خطئي و قررت مصالحتها و الاعتذار منها ، و قلت لنفسي سأكلمها الآن عبر المحمول و أقدم اعتذاري و الذي كالعادة لبد و أن يتضمن كلمات جميلة و عذبة ، ظروفي المادية لا تسمح لي بتقديم داك الاعتذار الكلاسيكي الذي يكون عادة على شكل هدية ، فبيني و بين الدرهم هذه الأيام أميال و أميال ، و للأسف لم أتمكن من تقديم الاعتذار ساعتها ، فكان علي أن أقدمه لها بعد يومين و نحن في الجامعة نقاوم الساعات في انتظار الامتحان ، عاد سعيد بعدما غادرت زميلتي و هي غاضبة ، و سألني عن سبب غضبي فقلت له بنوع من رمي المسؤولية المعتادة في : بسببك و بدون أن يرد على اتهامي أو أن يستفسر عنه ، قال لي : أنا متأسف ضحكت ساعاتها و طلبت منه أن يحضر لي قارورة ماء من الورشة ، فقد بلغ العطش مني مبلغه في هدا اليوم الحار الذي قاد أغلب أبناء الحي إلى الشاطئ لتبريد الأجساد و التكيف مع الجو الحار ، أحضر لي سعيد قارورة الماء فارتويت منها ما يكفي و عدت لحاسوبي الذي شغلني عنه سعيد و قبله زميلاتي التي غضبت لسبب بسيط هو أنني أهنتها للأسف .
#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خلف الأصوار
-
حوار مع الكاتب و الصحفي المغربي المقيم بألمانيا محمد نبيل
-
ممنوع .... و شكرا
-
الاتصال ألية من أليات العولمة
-
جلباب المستعمر
-
أقزام زمن العولمة
-
نحن و مستوى السيغار
-
حب على ضفاف الجامعة
-
الحب في زمن الزيت الغالي
-
صورة مغربي الخارج كما تصور في الأذهان
-
زمن الأجساد المغرية
-
لحظة سينما بوعي المستديرة
-
لن أصمت
-
و تستمر العزلة لأزيد من مئة عام
-
التراجيدية الوطنية
المزيد.....
-
مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم -
...
-
أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل
...
-
مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
-
دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي
...
-
بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي
...
-
رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم
...
-
إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا
...
-
أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202
...
-
الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا
...
-
متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|